حرب الناطقين باسم مقتدى الصدر تندلع - أحمد الخفاف

[07-03-2005]
يبدو أن تيار السيد مقتدى الصدر يعيش هذه الأيام أزمة تنظيمية حادة، وقد تجلى ذلك في تخبط الناطقين باسم مقتدى الصدر في تحديد المتحدثين الأصليين باسمه.. ففي حين يبدي أحد الناطقين بتوضيح عن تصريحات منسوبة لمقتدى الصدر يفنّد الآخر هذه التوضيحات ويعزل الناطق عن مهمته كناطق رسمي لمقتدى الصدر!!.. وهكذا أصبحنا أمام حرب من نوع جديد هي حرب الناطقين باسم القائد المفدى!!، فالكل يعتبر نفسه ناطقا باسم مقتدى والجميع يزعم أن له السلطات العليا في إدارة دفة تيار القائد المتنازع عليه من قبل جموع "المساعدين" و"المتحدثين" و"الناطقين" و"الوكلاء".

وبالأمس أصدر الشيخ أحمد البغدادي باسم الهيئة الإعلامية لمكتب الشهيد الصدر فرع بغداد بيانا هاجم فيه بشدة بعض الدوائر الإعلامية التي نسبت للسيد مقتدى الصدر قوله بأن عملية الحلة الإجرامية هي من صنع إسرائيل.. وقال البغدادي أن ما نسب للسيد مقتدى الصدر حول عملية الحلة الإجرامية هي تصريحات أطلقها عبد الهادي الدراجي.. وأضاف أن المذكور انقطع عن مزاولة أعماله كمتحدث رسمي للسيد مقتدى منذ شهر شعبان الماضي.. وأكد أن الدراجي لم يعد ممثلا للسيد مقتدى الصدر لا اليوم ولا في المستقبل!! وأوضح البغدادي أن الدراجي كان في السابق يدير مكتبا للسيد الشهيد ولم يعد كذلك. أما الشيخ الدراجي فلم يصدر منه أي تعليق على تصريحات أحمد البغدادي هذه.

وكان الشيخ البغدادي قد هاجم في بيانه كتّابا وصفهم بكتاب "الثالوث" من غير أن يوضح من هم هؤلاء الثالوث.. هل يقصد ثالوث النصارى وهو الأب والابن وروح القدس وهم ثلاثتهم واحد وواحدهم ثلاثة وهي من صلب عقيدة المسيحية؟..أم قصد من الثالوث تحالف قائم بين ثلاثة أطراف أو ثلاثة أضلاع أو ثلاثة زوايا.. وإذا كان كذلك فمن هم هؤلاء الذين قصدهم؟؟

أما وصفه السيد مقتدى الصدر بأنه "نائب" الإمام المهدي فهذا هو الهرج الإعلامي والمرج الفكري بعينه واستخفاف بعقول الناس.. والقول هذا يشبه إلى حد كبير قصة جهيمان العتيبي السعودي السلفي التكفيري الذي ادعى في عام 1979 بأنه هو "المهدي" ثم قضي عليه هو ورهطه المغرر بهم.. وإذا كان مقتدى هو "نائب" للإمام لمهدي والعياذ بالله.. فأين البيّنة على هذا الإدعاء والمعسول من الكلام.. أم أن وكلاء مقتدى يلقون بالكلام على عواهنه والسيد مقتدى يطرب لذلك ولسان حاله يقول لا بأس نسوق القطيع!!!.. إذا كان مقتدى لا يرضى بما يقوله الجهلاء من الأتباع بحقه وهو يعرف حقا أنه لا "نائب" ولا هم يحزنون، فلماذا لا يردعهم ويطلب منهم الكفاف عن التهريج والضحك على ذقون الناس.. أم أن السيد مقتدى قد اقتنع هو ذاته وصدّق بأنه حقا نائبا للإمام الحجة (عج)!! وإذا كان هو يرى كذلك أين تأييد المراجع العظام في الحوزة العلمية في قم ومدن إيران وحوزة النجف الأشرف وحوزة جبل عامل ورجالها الأعلام له في منصبه الجديد!.. هل يريد البعض من مساعدي مقتدى بهرطقاتهم أن يصدق مراجع الشيعة العظام رواية أن السيد مقتدى الصدر هو حقا "نائب" الحجة وهو ادعاء لم يدعه أي من عظماء الحوزات حتى يومنا هذا والجميع يعرف آخر السفراء الأربعة.. هل بات المساعدين يغردون خارج السرب ويستغلون عواطف السذج من الناس دينيا ومذهبيا اشد الاستغلال مستفيدين من الفقر الثقافي للناس!!

أما قوله بأن "الثالوث" من "الصهيونية والأمريكية" انهزم أمام ما أسماه بـ "جيش المهدي" فهو استغباء بيّن لعقول الناس الذين عرف القاصي والداني منهم إلامَ آلت إليه معارك التخريب في النجف الأشرف.. أما وصف معارك النجف بأنها "تحريرية مباركة" ففيها مغالطة كبرى وذر الرماد في العيون!!.. ووجه المغالطة فيها هو أننا رأينا أن النجف تحررت منهم وليس من الأمريكان مع الأسف.. ولم تكن الحرب "مباركة" قط بل دُمرت فيها أرزاق الناس وقتل الكثير من أبنائها وتهدمت ممتلكاتهم وهُجر الكثير من مواطنيها!!!

وأخيرا يتحتم على الشيخ البغدادي والذي يقدم نفسه بأنه الناطق باسم السيد مقتدى الصدر أن يكون رجلا إعلاميا في مسئوليته الملقاة على عاتقه وموضوعيا في مهنته قبل أن يكون جزارا يهدد الناس بقطع رؤوسها وقص ألسنتها.. ونوجه عنايته إلى أن المجرم صدام حسين كان يواجه معارضيه بالسيف أيضا وكان يهدد ويقطع رأس ولسان كل من يتفوه بحرف واحد ضد شخصه الملعونة أو ضد نظامه الديكتاتوري البعثي العفن فهل يريد أن يكون على نفس شاكلة صدام ويصر على جز رؤوس معارضي فكره ولو كانوا كتّابا وصحفيين وسياسيين ولم يكونوا مسلحين محاربين مناهضين.. هل الشيخ ببيانه الذي أصدره تأثر بسيّافة المقبور عدي.. هل تلقى البغدادي الدرس من انهيار أعتى نظام ديكتاتوري قمعي في تاريخ المنطقة أم أنه يريد أن يقصّ آثاره وحذو القدة بالقدة ليكون صداما صغيرا وليقيم لنا ديكتاتورية صغيرة هذه المرة باسم "الدين" و"جيش المهدي" و"سيف الإمام المهدي" ويعيّنون لنا من هو "نائب" الأمام المهدي المنتظر ومن هو ليس كذلك وعلى مزاجهم؟؟

أحمد الخفاف
ALKHAFAFAHMAD@YAHOO.COM