 |
-
اسئلة الاعسم عن مقتدى الصدر في كتابه
اسئلة الاعسم عن مقتدى الصدر في كتابه (العراق:عنف. ديمقراطية)
ربما يقف الرجل الآن وفي هذه اللحظات على ابواب «مرقد» الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه انتظاراً لـ «ابي ملجم عصره» ليغرز خنجره الاخير لانهاء حياة رجل اسمه مقتدى الصدر الذي تمرد ودون سابق انذار على كل شئ.. المرجعيات الشيعية والصدامية والسنية.. والاحتلال الامريكي مما خلق جدلاً كثيفاً حول شخصيته ومواقفه ودوافعه، ربما لم ينته هذا الجدل حتى ولو لفظ انفاسه الاخيرة او بقى سجيناً بجانب عدوه اللدود صدام حسين..!
واي تساؤلات
* هل ان السيد مقتدى الصدر قائد جيش المهدي وزعيم حركة الصدريين رجل المستقبل العراقي كما يقول عنه محللون للحرج الامريكي في العراق؟
* ام فقاعة اعلامية صنعتها مخاضة الفضائيات العربية كما يذهب بذلك صحفي
بريطاني؟
* أم هو التعبير عن حركة اصلاحية متأخرة داخل المرجعيات الشيعية العراقية، كما يزعم بذلك اصلاحي ايراني مهاجر؟
* أم هو واحد من الاوراق التي تركها صدام حسين على الرصيف وهرب كما يشير معارض شيعي منافس؟
* أم هو ظاهرة عفوية تبرز عادة الانعطافات والثورات والاضطرابات كما يرى محلل عربي؟
* أم هو موهبة سياسية فذة وطاقة فقهية فريدة اتفقت قراءة نبض الشارع العراقي كما يناقش احدهم في فضائية لبنانية؟
* أم هو اختراق شيعي للمشهد العراقي القائم على التوازن كما يفيد مراسل اجنبي في العراق؟
* أم هو لعبة ماهرة اجاد اطلاقها احد مراكز القوي في ايران كما يقول محلل في «السي. ان. ان»؟
* أم هو علم الثورة الخمينية الثانية بعد افول ثورة الخميني الاولى عام 1978م كما يدعي احد انصار الرجل؟
* أم هو بالون اختبار امريكي لرصد الارهاصات العراقية الدفينة كما يدعم محلل سايكلوجي؟
* أم هي صدمة اعلامية زائلة بزوال الفلتان الامني وعودة الامور الى نصابها، كما يقول خصم لدود للصدر؟
* أم هو مجرد سياسي ودعوي لشاب استقطب جيلا كاملاً ممن ضاقوا بالساسة والشيوخ الذين احتكروا الساحة وتصدروا المجالس، كما افاد محاضر في إحدى الندوات السياسية في لندن؟
مقتدي الصدر رئيس جيش المهدي هل هو لا هذا و لا ذاك ام هو كل هذا وذاك؟ ام ان سره في علم الغيب؟
تلك الاسئلة التي صاغها الاستاذ عبد المنعم الاعسم تحكي تماماً عن قلق التساؤل وحيرته بمثل ما تغنى عن وضع استفهام جديد من هو؟
هو مقتدى محمد صادق الصدر، من ابرز القيادات الشيعية في العراق، وهو الابن الاصغر للزعيم الشيعي محمد صادق الصدر الذي تم اغتياله على يد نظام الرئيس السابق صدام حسين في عام 1999م، ولم يكتف النظام بقتل والده بل تبعه بقتل شقيقيه مؤمل ومصطفى مما ترك اثاراًسيئة على حياة الرجل الذي يبلغ الآن حوالى «30» عاماً من عمره.
وكان نظام صدام قد وضعه بعد مقتل والده وشقيقيه تحت الاقامة الجبرية مع والدته وشقيق آخر له «مرتضى».
درس مقتدى الصدر على يد الزعيم الشيعي الايراني كاظم حسين الحائري في مدينة قم الايرانية رغم تفضيله لمرجعية النجف على مرجعية قم ويتهم البعض «الحائري» بانه القوة الروحية والملهمة لما يتخذه الصدر من مواقف خاصة وموقفه تجاه الاحتلال الامريكي.
الا ان متحدثاً باسم الحائري ابلغ الصحافيين قبل ايام ان الزعيم مقتدى الصدر لا يملك حق سن الجهاد ضد الامريكيين باسم الحائري وان الصدر يملك فقط رسالة من آية الله الحائري تعينه ممثله الديني.قبل الاحتلاللم يكن مقتدى الصدر ذائع الصيت خارج العراق قبل الغزو الامريكي للعراق في مارس
2003م، غير انه ظل باستمرار يستحضر ذكريات والده المقتول وشقيقيه وربما سيستحضر معها السكوت العراقي والسكوت الامريكي بل حتى السكوت لقيادات الشيعة تجاه الجريمة لدرجة خلقت علاقة غير مستقرة بينه وبين المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق.
وبعد الاحتلال؟
على الرغم من المرارة تجاه صدام حسين الذي نجحت الولايات المتحدة الامريكية في ازاحته عن السلطة، الا انه كان متحفظاً للوجود الامريكي في العراق ورغم السعادة بزوال صدام ومما صرح به في ذلك الوقت لسمير عبيد الكاتب الصحفي من النجف هو: «ليست لنا علاقة بالامريكان ولن نسمح باذيتهم لانهم انهوا الظالم صدام وحكمه، اما ان نكون معهم فلا» حتى حينما رأى ضرورة للتعامل معهم ذكر ان ذلك سيتم بالجهد «الذي نقدر عليه لكنهم محتلون ويجب ان يرحلوا» .
بمجرد انهيار نظام صدام ظهرت قوة الصدر حيث برزت مجموعة من المؤسسات الخيرية الشيعية الفقيرة في العاصمة بغداد وقاموا بتوزيع الغذاء، كما تم تغيير اسم اكبر حي شعبي في العاصمة بغداد من مدينة «صدام» الى مدينة «الصدر» وسرعان ما بدا الخلاف واضحاً بينه وبين المرجعيات الشيعية الاخرى سيما الزعيم آية الله السيستاني الذي كان من اكثر المؤيدين لازاحة صدام بواسطة الولايات المتحدة وكان يسمى كل الحوزات الاخرى بـ «الحوزات الساكتة والنائمة» مقابل حوزته «الناطقة» فضلا عن ما ذكرنا سابقا عن موقفه من قادة الشيعة بسبب حادثة مقتل افراد اسرته بمن فيهم و الده محمد باقر الصدر.
وكان الزعيم الصدر يرغب في الايام الاولى لسقوط صدام في انشاء حزب سياسي حينها كان مراهناً على العملية السياسية لتحقيق اهدافه فاصدر جريدة باسم «الحوزة الناطقة» الا ان قناعاته بدأت تتحول تدريجياً نحو المقاومة.
بداية التوتربعد يومين فقط من سقوط بغداد في ابريل 2003 قتل الزعيم الشيعي المعتدل الخوئى والمعروف بتعاونه مع الحكومتين الامريكية والبريطانية حينما كان في المنفى وسرعان ما اتهم انصار الصدر باغتيال الخوئي لتكون بداية التوتر سيما بعد اصدار قاضي عراقي مذكرة اعتقال بحق الصدر وازداد التوتر سوءاً بعد صدور صحيفة «الحوزة الناطقة» التي اتهمها الحاكم الامريكي بول بريمر ساعتها بتشجيع العداء ضد الولايات المتحدة هذا غير خطبه الحماسية التي تحث على تطبيق الشريعة الاسلامية وجعل الاسلام جزءاً من التشريع العراقي اضافة الى مطالبته المستمرة برحيل الاحتلال الامريكي لتصل العلاقة الى ذروتها خاصة بعد اعلان الصدر في يونيو
2003م عن تأسيس جيش اطلق عليه اسم «جيش المهدي» لمناهضة سيطرة التحالف وتعهد بسيطرة الشيعة على مدينة النجف الاشرف.
كما رفض الصدر التعاون بشكل شبه كامل مع مجلس الحكم المؤقت بمثل ما رفض الاعتراف بالحكومة العراقية المؤقتة برئاسة اياد علاوي رئيس الوزراء وقال «انها مجرد استمرار للاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة واللعنة عليه وعلى المحتل».
في وقت كان بريمر اوقف فيه مع بدايات بروز الصدر صحيفة «الحوزة»، لكن جيش المهدي سيطر في ذات الوقت على النجف الاشرف وفشلت القوات الامريكية في اعادة السيطرة على مدينة الصدر واضطرت في اكثر من مرة للوصول الى اتفاقات هشة مع جيش المهدي لم تنه المعارك المستمرة بين الطرفين ورفض مقتدى الصدر اية مساومة في الحالة التي ابتزته فيها القوات الامريكية بشطب قضية عبد المجيد الخوئي. اذ اكد انه لا يبحث عن استقلال لنفسه انما لكل شعبه، وجدد مطالبه للعراقيين بترويع قوات الاحتلال بعد ان اكد انه وصل الى قناعة ان الاحتجاجات السلمية لم تعد مجدية، بل مضى الى ابعد من ذلك حينما وجه هجوماً مباشراً على القيادات الشيعية التي لم تعبئ قواعدها ضد الاحتلال.
ووفقاً لتلك الفذلكة بات مقتدى الصدر بين عشية وضحاها رمزاً للمقاومة يحظى بدعم شعبي كبير يعترف في احد لقاءاته الصحفية ان ما حظى به ليس في داخل العراق وحسب، بل وفي كثير من البلدان الاسلامية مما يعطي على حسب اعتقاده رمزية للوحدة الاسلامية و العالمية.
وكان الرجل بدأ يزيد سعة جلبابه ليكون عالمياً بدلاً من شيعياً او عراقياً ومن
الغريب والغريب جداً ان الصدر وجد مساندة حتي من المتشددين في الطائفة السنية في مشهد يفسره الكاتب فهمي هويدي بصحيفة «الاهرام» المصرية بانها دليل على فشل المراهنة على التمايز السني والشيعي وتأكيد ان الوحدة الوطنية العراقية عميقة الجذور وابعد مما يتصور المغامرون.
ويبدو المشهد الآن وبعد ان استطاعت الشرطة العراقية المدعومة كلياً من القوات العراقية الزعيم مقتدى الصدر محاصراً من كل الاتجاهات وافادت الانباء انه تعرض لاصابات غير خطرة خلال الايام الماضية، لكنه يرفض تقديم اي تنازلات حتى آخر قطرة من دمه ضد ما يسميه الزحف الصليبي ضد الاسلام والدفاع عن المقدسات كما يقول، والدفاع عن المقدسات والاماكن المقدسة لا يجد قبولاً عند فهمي هويدي الذي يرى ان الاماكن كلها مقدسة وان قادة الشيعة عليهم المساواة في رفضهم للاحتلال ما بين المدن الشيعية والمدن العراقية الاخرى.
الظاهرة لماذا؟
بعد كل ذلك السرد كيف تكون الاجابة على الاسئلة السابقة عن شخصية الرجل
ودوافعه، والاجابة الاولى نجدها من عبد المنعم الاعسم نفسه الذي يقول «كان
السيد مقتدى الصدر يريد ان يكون جزءاً من سيناريوهات حل الازمة العراقية فانتهى الى ان يكون مشكلة من مشاكلها وقد تعجل القفز من فوق المعطيات الكثيرة المشبعة بالاحتقان وردود الفعل والتحديات فيما اخطأت الادارة المدنية الامريكية في التعامل حينما تركت له حرية الحركة ربما اكثر من اي فصيل من الفصائل الجديدة وسكتت عن سيطرته على مرافق عديدة للدولة وعلى ادارته لاكثر مناطق العاصمة ازدحاماً بالسكان... الخ
واخطأت الادارة الامريكية مرة اخرى حيث اختارت وقتاً غير مناسب لاعادة حركة الصدر الى بيت الطاعة.
ويخلص الاعسم في تحليل سابق لتداعيات احداث اليوم الى ان حركة الصدر باتت عبئاً على جميع فرقاء الازمة العراقية من المعسكر الشيعي والسياسي الذي يرى انها تعرض مكاسبه للضياع حتى الجماعات السلفية التي كانت تعول عليه في كسر الصورة الجغرافية الضيقة للمعارضة المسلحة للوجود العسكري الاجنبي في العراق ومن زاوية بعيدة يقول الاعسم ليس امام الذين صفقوا له غير ارجاء تصنيع بطل قومي جديد يتجه الى تحرير فلسطين باسلوب جديد: اللطم على الصدور وهكذا منتهى السخرية من الاعسم. ويذهب البعض في تفسيراتهم بذات الفذلكة الى ان لسن الصدر وتطلعاته السياسية التي وصلت حد تشبيهه بالخميني والثورة هي التي اوصلته الى النهاية في وقت كان فيه من الممكن التقدم اكثر في مسرح السياسة العراقية التي تفتقر الى ابطال لكنهم غير متهورين، ويستبعدون عنه انه ورقة قديمة من عهد صدام، لكنهم يعترفون ان له بعض الموهبة في قراءة المشهد، ويصفه البعض بانه اغرب رجل حينما
اسعد خصومه الصداميين ولم يكسبهم في نفس الوقت، ويتهمه البعض بعض اليد الامريكية التي اخذت له ثأر والده وشقيقيه، ويؤكد محللون انه سيجلس بجانب صدام قريباً فى احد السجون، فيما يقول الصدر نفسه: «من يعادي الاحتلال لا يضع في باله الا شيئاً واحداً وهو كما يقول السيد الوالد.. رصاصة بالرأس. . فالرصاصة هذه انتظرها في كل لحظة اذا أتت فلله الحمد ولي الشهادة اذا شاء الله ان استشهد».
الرافدين
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |