لا نعرف علي وجه التحديد من هو ذلك (الافاق) الذي خدع الرئيس الامريكي بوش الصغير و(قشمره) عندما ادخل في روعه بأن شعب العراق الجائع والمتعب سيستقبل قوات الاحتلال بالزهور والرياحين وحبات الارز. وليس من المهم بالنسبة لنا ان نشخص بدقة هؤلاء النصابين الذين اطلقوا سيقانهم للريح مجرد ان شرطيا صغيرا (علي الاغلب من شرطة المرور وليس من الامن الخاص) قد رمقهم بنظرة غضب او ازدراء فما ناموا ليلتهم هلعا وجزعا وسارعوا للالتحاق بهذه المخابرات الاجنبية او تلك باعتبارهم من (المتضررين) من العهد السابق. وما اكثرهم هذه الايام. وما تجرأوا للعودة الي العراق الا بمسافة خلف الدبابات الامريكية وبحماية الحراب الاجنبية منكفئين للسكن داخل اسوار المنطقة الخضراء يعانون من رعب موروث مستجد. هؤلاء لا يهموننا في شيء لا بالعير ولا بالنفير. وخاصة بعد ان جمعوا ـ بامتياز ـ بين صفتي الارتزاق والجبن.
المهم ان رئيس القوة (الاعظم) قد صدق ما صدق علي الاكثر بسبب بلادته وفرط غبائه. حتي (وقع الفاس بالرأس) واضحت توابيت الشباب الامريكي تتوافد عليه في عقر داره. وحسب الاحصائيات الاخيرة للبنتاغون فعدد جرحي الاحتلال بلغ عشرة الاف نصفهم ما عادوا صالحين للخدمة او حتي للعمل ولكن معوقين للابد. اللهم لا شماتة! ويوما ما سيحاسب شعب امريكا ورئيسه علي هذه الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه الامريكي بالاساس. اما عن الاستحقاقات العراقية علي امريكا فشعب العراق كفيل بها فشهيدنا بثلاثة وقسما بالله لن تذهب قطرة دم عراقية هدرا او سدي.
وقد طاش صواب امريكا (اليمين الجديد) لهول الكارثة، بدلا من الاعتراف بجرأة بالاخطاء والسفالات وتعديل المسار باعادة الامانة لاهلها من شعب العراق فقد ركب (اليمين الجديد) رأسه مصرا علي مسيرة كانت خاطئة ومنحرفة وغير مثمرة من بداياتها وبالتالي الي نهايتها. فبحثوا عن كبش فداء لتبرير رفض العراقيين (للتحرير الامريكي) وديمقراطية تقام علي السنة الحراب وعبر قانون الطواريء ومنع التجوال وجرائم التعذيب.
فما كان منهم امعانا في الجريمة والكذب الا ان ابتكروا كلمة السنة والمثلث السني و(الارهاب) السني. وليس هذا مجال مناقشة هذه الافتراءات. ونكتفي بسؤال بسيط: كيف بوسع 20% (كذا) من سكان العراق ان يدوخوا قوات الدولة الاعظم وان يجعلوا سفارتي امريكا وبريطانيا وكافة (زلم) مجلس الحكم يتخفوا وراء الجدران الكونكريتية للمنطقة الخضراء (مو عيب) ويبرهنوا بالدليل الدامغ ان امريكا وقواتها ليسوا سوي (نمور من الورق) علي الاقل في العراق.
وهل ان الكوفة البطلة والنجف الاشرف والبصرة الفيحاء من مدن اهل السنة ايضا؟ ومتي كانت بلد والدجيل مدنا سنية؟ ونفس السؤال عن بغداد وضواحيها خاصة مدينة الثورة (الصدر). ونفس السؤال عن ديالي وقراها الشامخة وبعقوبة الصامدة صمود الاساطير؟
من المؤسف انه في كل العهود العراقية المتعاقبة (او للمزيد من الدقة) معظمها، حاول الحكام اختزال المعارضة والمقاومة لنهجهم بمحاولة تحجيم المعارضة في فئة واحدة لحجب الجماهيرية والشرعية عنها. ان (سنة) عهد الاحتلال الامريكي، الحكومات المحاصرة في المنطقة الخضراء هم بالضبط (شيوعية) العهد الملكي وباشواته خاصة بعد اندلاع الحرب الباردة وعلي الاخص بعد عقد حلف بغداد السييء الصيت. و(سنة) اليوم هم (بعث) العهد الفردي القاسمي في حين ان الجميع يعرفون ان الشواف والطبقجلي ورفعت ونافع داود وعزيز شهاب ما كانوا يوما في البعث. و(السنة) اليوم هم (الجيب العميل) في النظام البعثي لغاية آذار (مارس) 1975 وسنة اليوم هم (حزب الدعوة وعملاء ايران منذ 1980 ولغاية 2003).
الصورة تتكرر وان اختلفت طبيعة الانظمة والاسماء التي يلصقونها بالمعارضة الشرعية. الاكاذيب وعمليات الاختزال يعاد انتاجها لتغطية الهروب المؤسف والضار لتقزيم المعارضة بدلا في اعمال الفكر لمراجعة النواقص والاخطاء والاستجابة لآراء الناس وافرازاته الخلافات الطبيعية والضرورية عبر الاعتراف ـ الذي لا مناص منه ـ بأن الحكم لا يملك السلطة المطلقة وان المعارضة والرأي الاخر ضروريان للمجتمعات الانسانية المتحضرة او في طريق التحضر، ضرورة السلطة ذاتها. واختزال المعارضة بفئة معينة يدل علي ضيق صدر الحاكمين بجدلية المجتمع والحق في الاختلاف وقصر نظر سياسي مريع اضر بالحاكمين اكثر مما اساء للمعارضة. وحكام اليوم ومن خلفهم سادة اليمين المحافظ الامريكي يدللون بسلوكهم الحالي ان ادعاءاتهم بالديمقراطية مزورة وناقصة وانهم ليسوا بأحسن حال ممن سبقهم وسيدفعون ثمن جهالتهم وبؤسهم الفكري ومحاولتهم لتهميش المعارضة او اختزالها غاليا واكيدا كما صنع التاريخ بأسلافهم.
فسنة اليوم هي الوصف الذي يراد به اختزال المعارضة والمقاومة لعهد الاحتلال واستبداد ومظالم وفساد الزمر الحاكمة. وهي الكلمة التي تطلق علي ارباب النزاهة والوطنية والفكر والشجاعة. انها تشمل السني والشيعي والكردي والتركماني والمسيحي ان كانوا من فصائل معارضة الاحتلال. وهي تشمل الوطني العراقي والقومي العربي والماركسي والاسلامي والليبرالي الحقيقي والقومي الكردي ان كانوا علانية يطالبون بجدولة انسحاب قوات الاحتلال وهو الحد الادني للوطنية وللاخلاص للعراق.
اما سواهم ومن يخرج من الدوائر اعلاه فهو من انصار الاحتلال والمحتمين بحرابه الاجنبية كائنا من كان ولأي مذهب او اثنية او اتجاه فكري ادعي الانتساب ولن ننخدع اطلاقا به وان اقسم الف مرة بأهل السنة والجماعة او بآل البيت، او اعلن انتسابه للثورة الايرانية او دجل باسم لينين او ادعي وصلا بالماركسية او الديمقراطية. مع التأكيد اننا لا نقطع عليهم طريق (عودة الوعي) ولكن بالقول والفعل بالفكر والممارسة. وسنكون من اول المرحبين بهم.
عندما لم تتمكن القوي المحتمية بالحراب الاجنبية ان تسجل انتصارا يذكر في الانتخابات التي اجريت بلا رقابة دولية نزيهة وبدون معرفة الناس باسماء السادة المرشحين والتي تمت في ظل الاحكام العرفية ومنع التجوال وتنزه الدبابات الامريكية في شوارع وازقة العراق ومدنه وقصباته (قارن كل هذا بالشروط الامريكية لانتخابات نزيهة في لبنان لكي تكتشف مدي النفاق الامريكي ووقاحته). حيث سجلت المقاطعة نسبة قد لا تقل عن 50% او علي الاقل 48% وبغض النظر عن التزوير والتهديد بسحب البطاقات التموينية والفصل من الوظيفة ورقابة الميليشيات مما يدل علي ان المقاطعة لم تقتصر علي سنة العراق الذين يقدرهم السيد باقر صولاغ ومن لف لفه بـ10% فقط (شدعوة هالكرم) ويدل ان شيعة العراق قد اسهموا بشكل بالغ الجدية في مقاطعة الانتخابات المشبوهة حيث يقدر الطائفيون عددهم بـ65%، ومع الاشتراك الكردي الفعال الذي بلغ (رسميا) 25% مما يعني ان المشاركة كان يجب ان لا تقل عن 90% فاذا بها لا تزيد عن (50 ـ 55).
عند هذا المنعطف الحاسم وبرغم التهريج الاعلامي الامريكي و(العراقي) فان ضرورة مرجعة الحسابات ازاء هذه الحقائق التي تفقأ العين قد باتت ضرورية لكل ذي بصيرة وان كانت لم تتعد انفه... وبدلا من الصدق في مراجعة الذات وبالتالي محاولة فتح الحوار مع اهل المقاومة وقادة المعارضة للاحتلال، فقد استمر الامريكان والانكليز وانصار الاحتلال في العناد والغي وخرجوا علينا باسطوانة مشروخة ومملة، اسموها ضرورة تمثيل السنة في الوزارة ولجنة الدستور. ولكن سنة من النمط الذين يريدون فخرجوا علينا بغازي عجيل الياور وحاجم الحسيني وفواز الجربة ومشعان الجبوري ووفيق السامرائي ومن شابههم ووالاهم من انصار الاحتلال والمتهالكين وراء المناصب ومباهجها وامتيازاتها وعمولاتها ومن لن ينبسوا بكلمة احتجاج ضد تدمير الكوفة والنجف وسامراء والفلوجة الشهيدة وماسي ابو غريب وما استهجنوا يوما تكاثر البطالة وتفاقم ازمة الكهرباء والتضخم الصاروخي والاجتثاث غير القانوني ناهيك عن الاحتلال الاجنبي. هؤلاء جميعا هم (سنة) الاحتلال ومؤازروه وانصاره لا اكثر ولا اقل.
ان (السادة) من اصحاب القرار في عراق محنة اليوم لا يضحكون علي غلا علي ذقونهم. انكم والله موضوع سخرية الساخرين وغضب الاحرار والشرفاء. عبثا تحاولون وعبثا تراهنون وبهذه السخافات وببلاده جورج دبليو بوش لن تجدوا لكم او له من الامر مخرجا. مهما بعثتم له من رسل ووساطات ومهما استجديتم منه ومن بلير المترنح في انتخابات بلاده. فالقرار في تقرير مصير العرق لن يكون لغير شعب العراق ولغير ابناء العراق وعلي غير تراب العراق.
اذا اردتم الحديث فعلا مع (اهل السنة) فما عليكم الا الاتصال بالسادة التالية اسماؤهم فهم والله يمثلون اهل السنة اكثر بألف مرة من (سني) باع نفسه وضميره للاحتلال، فلعلهم يقبلون الحديث معكم ويجعلون لكم رشاد وربما مخرجا:
1ـ الاستاذ ناجي طالب، 2 ـ الشيخ محمد جواد الخالصي، 3 ـ الشيخ مقتدي صادق الصدر، 4 ـ الاستاذ احمد الحبوبي، 5 ـ الاستاذ باقر ابراهيم الموسوي، 6 ـ الدكتور عبد الحسن زلزلة.
هذه نصيحتنا لكم (والدين نصيحة) صدق رسول الله، ولا نحسبكم آخذين بها ما دمتم أسري الوصاية الامريكية، ولكنه واجبنا الوطني والشرعي نؤديه.
هؤلاء غيض من فيض ومنهم رجال دولة بامتياز ورجال دين موحدون ومتنورون ومناضلون عربيون ووطنيون ويساريون. ولعل قائل منكم يقول ولكنهم جميعا من شيعة آل البيت وليسوا من اهل السنة والجماعة ونرد عليكم قائلين هذا صحيح من ناحية المذهب وليس صحيحا من ناحية السياسة فنحن نقوم العراقي بمعايير الوطنية والكفاءة والنزاهة والتجرد والخبرة وليس بمعايير الطائفية والعصبيات الجاهلية وليس بمعايير يريد الاوغاد الاستعماريون ان يمزقوا بها وحدتنا الوطنية ويفجروا الفتن ويكرروا مقولة (فرق تسد). وحتي من ناحية مذهبية فقد قلنا ونقول وسنبقي نردد (اذا كانت السنة اتباع نهج وحديث رسول الله فكل المسلمين من اهل السنة وفي مقدمتهم شيعة آل البيت، واذا كان التشييع هو الولاء لال البيت (الذين طهرهم الله تطهيرا) فكل معشر المسلمين من الشيعة وفي مقدمتهم اهل السنة).
واخيرا نقول لأنصار الاحتلال والمحتمين به، اتقوا الله في وطنكم وفي اسلامكم ولا تكونوا من المنافقين.
المصدر/ القدس العربي
6/5/2005