السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
من هو ( د. سعدون الدليمي) الذي أصبح وزيرا للدفاع..!
بقلم: سمير عبيد
كم كنت أتمنى أن لا تكون في هذا المكان يا صديقي الدكتور سعدون الدليمي، حيث أني أعرفك جيدا، وأعرف أخلاقك الحميدة وبعد نظرك للأمور، حيث أنت المختص في العلوم الاجتماعية، والقضايا الأمنية، والعلوم العسكرية، نعم ربما لو جئت من قبل لغيرت بعض الأمور، ولكن مجيئك الآن هو نوعا من المحرقة لك، ولكني أدعوا لك بالخير، خصوصا وأنت تمثل موزائيك العراق، حيث أنت المنحدر من قبائل الدليم السنيّة العريقة، وقرينتك التي تنحدر من العائلات العلوية ( آل ياسر) الشيعية المعروفة في الوسط والجنوب.
لقد عرفتك عن قرب الضابط المنضبط، والأكاديمي الملم بالأمور، والمحلل الإستراتيجي للقضايا الكبيرة، والعراقي الوديع والغيور والمتديّن المنفتح، لقد عملنا معا وفي فصيل واحد في المعارضة ضد النظام السابق، وكنا نردد نحن معارضون للنظام وليس للعراق، وكنّا نردد إن في داخل النظام من هم ناقمون عليه وينتظرون الفرصة للانقضاض عليه أو الهروب من المحرقة، وهم يستحقون التقدير والعرفان، وكنا ننتقد الذين ينادون بإحراق العراق والبعثيين معا، ولقد دخلنا معهم بجدالات عقيمة، كونهم لا يفرقون بين العراق والنظام، وبين البعث كفكره والبعث كممارسه، فهناك من البعثيين الذين يستحقون الاحترام والتقدير، وبنفس الوقت هناك الذين يستحقون المحاكمة ألف مرة.
لقد كنت أسمع منك الشرح المذهل عن تركيبات المؤسسة الأمنية المحيطة بشخص صدام حسين والنظام، وكنت تروي لنا كيف كنت تدرّس في المعاهد الأمنية وحلقات التصنيع العسكري قبل فرارك إلى الخارج سالما في بداية التسعينات، وكنت تشرح لنا كيف كنت ترى حسين كامل ينام أثناء المحاضرة.. وأمور أخرى ندعها للمستقبل.
فلمن لا يعرف الدليمي... يحمل السيد سعدون الدليمي درجة الدكتوراه بعلم الاجتماع، إضافة أنه يحمل رتبة ( عميد/ جنرال) في الجيش العراقي وعمل في التصنيع العسكري، تعرض الدليمي لصراع فضيع بين أفكاره التي يحملها وبين العمل الذي كان يمارسه في العراق، حيث الرجل يميل للتديّن وأحيانا للتصوّف المنفتح في كثير من الأمور، ناهيك عن هدوءه وميوله إلى الصمت في تعامله مع الآخرين، ولكنه ذكيا جدا خصوصا في مجال اختصاصه، ولقد كتب بحوثا ومقالات عديدة نُشرت في صحف المعارضة العراقية في الخارج، وفي الصحف العربية، وحضر مؤتمرات كثيرة عن القضية العراقية وحقوق الإنسان، وكان عنصرا فعالا في إنجاح المؤتمر العسكري الذي انعقد في تموز عام 2002 وكان من ضمن الذين تم انتخابهم في (المجلس العسكري).
عاش بعد هروبه من العراق في المملكة العربية السعودية، ولكنه لم ينقطع عن العمل المعارض للنظام، حيث عمل محاضرا في المعاهد السعودية الخاصة، إضافة لعمله الاستشاري في دوائر مهمة هناك، ويمتلك علاقات ممتازة مع الأطراف السعودية الحاكمة، وقد يسهل هذا من مهمته الجديدة.
التحق الدكتور سعدون الدليمي بالدورات التي فتحتها وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون) في الولايات المتحدة في أواخر عام 2002 ضمن ما يسمى بلجان الأعمار، ولكنه ترك الدورة هو والدكتور موفق الربيعي، والدكتور إبراهيم بحر العلوم ليلتحقوا بمؤتمر الناصرية في جنوب العراق في آذار 2003، وبعدها رفض المشرفين على الدورة في البنتاغون من قبول عودتهم إلى الدورة، حيث هناك نصا يمنع المتدرب من التعامل مع السياسة والصحافة والإعلام، فكيف وهم حضروا مؤتمر الناصرية، فأضطر للبقاء في العراق حتى فتح ( معهد العراق للديموقراطية) بدعم أميركي داخل بغداد وكان ولازال هو المدير لهذا المعهد، والذي يُعنى بالاستفتاءات والدراسات والبحوث.
تحدث الدكتور سعدون الدليمي كثيرا في الإعلام العربي والأجنبي، وكان من الناقمين على قرار تسريح الجيش العراقي، وكان يردد دائما عبارة ( كفى تجريب البرامج السياسية على العراقيين فهم ليسوا فئران تجارب)، وكان من المنتقدين إلى الاحتلال والتصرفات التي تمارس من قبل جنود الاحتلال، فيا ترى هل سيستمر الدكتور الدليمي بنفس النهج أم أن منصب وزير الدفاع سيدفعه إلى أمور تحرقه وتحرق العراق؟.
لا شيء أوصيك به يا صديقي دكتور سعدون إلا الرحمة بأهلك وشعبك، وأوصيك أن تكون بالمرصاد إلى الخلايا الدخيلة والقادمة من وراء الحدود و التي شوهت سمعة العراق والعراقيين، وشوهت العمل الوطني وهو المقاومة العراقية للاحتلال، والتي كفلتها جميع الدساتير والأديان، فهي فرصتك أن ترينا ماذا ستعمل..وضع العراق بين عينييك وأعمل لجدولة رحيل الاحتلال من العراق وأنت المتديّن الذي يعرف ما معنى الاحتلال والاستعمار!!!.
أتمنى لك التوفيق.. وكم تمنيت أن لا تكون في هذا الهرج والمرج حيث العراق يُستباح من الشمال إلى الجنوب!.
رفيقك سابقا
سمير عبيد
كاتب وسياسي عراقي
10.5.2005
samiroff@hotmail.com