الحرب على الأبواب، وسمعنا الطبول


خطاب الرئيس الأمريكي أمام الكونغرس حول حالة الاتحاد



هل الخطاب للرئيس الأمريكي مظاهرة عراقية أكثر عراقياً من بعض المظاهرات التي يذهب ورائها قسمٌ من العراقيين؟

أم أن التحرير قادم والديمقراطية قادمة للعراق رغماً وينالهُ العراقيون دون عناء....أم أن الثمن ســــــيكون باهظاً ولا يعلم أحد مداه أو آثارها المستقبلية..!

رغم الأخبار المسربة, الصحيحة منها والملفقة ليس لأي منه جدوى لمنع التغيير. وعلى أقطاب المعارضة المتفقة مع أمريكا أو التي لم تتاح لها الفرصة لتقرب من صاحبة القرار والقوى العظمى الوحيدة ...عليهم التريث وأن لا يتدخلوا بأمور قد ليس لهم القدرة على استيعابها بصورة وأخرى. وإذا تصور البعض أنهم في مكانة تؤهلهم للتصدي أو اللعب وراء الستار فلا يلومون إلا أنفســــــهم. أن القرار الأمريكي من أجل التغيير لن يتوقف عند حدود العراق وإنما الخطط الأمريكية بعيدة المدى ولها مســــــاحة تفوق أكثر التصورات. وأن الحديث عن قوة المعارضة أو ضعفها لا يصب إلا في جهة العدو المشترك. على الجميع أن يتخذوا موقفاً واقعيا ويدعوا التصريحات الوطنية ...وأن لا يتلاعبوا ببعض الأمور التي هم لا قدرة لهم بمواجهتها، والأكثر خطورة أن كان بعض التصرفات تتضارب وخطط أمريكا أو لا تلائم ومصالح أمريكا...أما أن تكونوا أصدقاء الأمريكان وتكونوا دعماً للتغيير الذي هم يرتئوه أم عدواً وتتصدوا صدام والدول المجاورة وأمريكا. وما هذا إلا نتيجة قراءة بسيطة لخطاب الرئيس الأمريكي.


استعرض الرئيس الأمريكي جملة من المشاريع التنموية كلقمة جاهزة للحزب المعارض هدية أو رشوة سياسية من أجل ضمان الاتحاد الداخلي للسياسة الأمريكية. وقوله بأن الاقتصاد الأمريكي تعافى ولكن يســـير ببطئ ...ما هي إلا إشـــارة واضحة بأن النتائج المســـــــــتقبلية للحرب القادمة ذا مردود إيجابي على الاقتصاد القومي وبســـــــرعة تفوق النمو الاقتصادي بدون الحرب. وقد يكون المراد من تلك المشاريع والتي كانت مطالب المعارضة الأمريكية بأن الرئيس الأمريكي مهتم بالوضع الداخلي وربطه بالسياسة الخارجية. وأهم دليل على ذلك هو إلغائه للنظام الضريبي المزدوج. وإشارته لتعزيز وسائل الطاقة واهتمامه بالبيئة ولمدى بعيد بإستراتيجية لخمسة عشر عاماً. وتخصيصه لـ 400 مليارد دولار لتحسين الوضع الداخلي. أما تطرقه لتوفير الوقود الهدروجينية كبديل للنفط هو إغلاق كل الدعوات بأن أمريكا تريد الحرب من أجل النفط العراقي. ولم يترك جانبا من جوانب الحياة الاجتماعية لــــــــسد الثغور وهتافات الأعداء. وطلبه من الكونغرس والشعب الأمريكي التطوع من أجل تطوير المجتمع ...هو نداء للاتحاد القومي من أجل مواجهة الأخطار المحتملة. هذا النوع من الخطاب ما هو تعبئة قومية للشــــــــعب الأمريكي بكل قواه...وقد نجح في كســــــب العواطف الأمريكية.

لكن عندما بدأ القول ..بأن الأباء والأجداد كرسوا حياتهم من أجل الإنســـــــانية ...كان مدخلاً إلى التعبئة السيكولوجية لمواجهة حالة قريبة للواقع المتوقع الذي لم يحدث .....بل قد يحدث..ومن أجل أن تجنبه لابد فعل شيء وأخذ الأمور بجدية.

وأعطى اليهود الأمريكان وأصدقاء إسرائيل تعهداً بأن ليس هناك دولة فلســــطينية مع وجود ياسر عرفات، حين قال ...في الشرق الأوسط نسعى إلى سلام بين إسرائيل وفلســـــطين الديمقراطية. ولم ينســــى مأساة القارة الأفريقية ومرض الأيدز ....
عند ما بدأ الحديث بأن ...هذه الأمة تقود العالم في حربها ضد الإرهاب ...صور قيادة أمريكا للعالم ونجاحه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ..يعني انتصار أمريكا على الشيوعية ...طلباً من المعارضين من الوقوف صفاً واحداً للقضاء على الإرهاب .. وبين انتصاره على القاعدة. لكنه أوجد عاملاً مشتركا بين الحادي عشر من سبتمبر وما يمكن أن يحدث من أمرٍ أكثر ضراوة لو أن كان بأيدي الإرهابيين عبوة صغيرة تحتوي على مواد نووية ماذا كان يحدث ..وأي العواقب ستفرض على الشعب الأمريكي...هي بمثابة أهمية القضاء على محور الشر وابتداءً بالعراق وعلاقته بالقاعدة.
والأمر لم يتوقف لدى بوش على القاعدة وبعض المنظمات الإرهابية، بل تطور الأمر إلى الحكومات الغير ديمقراطية التي تملك أســـلحة تدمير شامل. حيث قال بوش ...اليوم الخطر الأكبر الذي يواجهه أمريكا والعالم هي الأنظمة التي تملك أسلحة دمار شامل .. وقد تســتخدمها أو تبيعها أو تعطيها لإرهابيين لكي تســتعملها ضد أمريكا ...وأضاف بأن خطر الشيوعية مازال قائماً. وبهذا القول يريد ربط ما يسمى بمحور الشر ببعض الدول التي تحمل أيدلوجيات متطرفة ...وحكومات غير مرغوب فيها.

وقد أبدى أن الواجب الملقاة على الولايات المتحدة الأمريكية هي تحقيق الحرية التي هي موهوبة من الله . وتطرق إلى أيدلوجية القوة المطروحة من جديد في هذا القرن ..وهو يستشعر بأن قانون الغابة مفروضٌ على أمريكا وعليه المواجه .. وأن دعوته هي لحماية البلد والشعب ....وعليه يجب على الأمريكيين تحمل المسؤولية. هذه الكلمات تتحول إلى مشاريع فعلية، وسوف تعمل الإدارة الأمريكية بكل أجهزتها لضمان الأهداف التي عينها الرئيس بوش.
ومن ضمن المطالب التي عرضها في خطابه ندائه إلى مجلس الأمن ووكالة الطاقة النووية بأن يعملوا من أجل نزع أسلحة الدمار العراقية ...وهو يشير وبصورة غير مباشرة إلى أن صدام بحد ذاته سلاح تدمير شامل ولابد إزالته. ومطالبته دول العالم بأن ينظموا لأمريكا وأكد بأن أي قرار من مجلس الأمن يخالف هذه الرؤية وأهداف أمريكا فعبر عنها ..بأن مسار هذه الأمة لا تعتمد على قرارات الآخرين .. وأضاف بأنه عندما يتطلب اتخاذ قرار سوف يبادر من أجل اتخاذه ليدافع عن شعبه. وذكر إيران وكوريا ..لكن إشارته لم تكن بتهديد شديد اللهجة وذلك لأنه منشغل في مسألة أكبر ولابد له إنهاء مهماته بالتدريج، لذلك قال أنه يتعاون للتوصل إلى حل ســلمي . وبدأ الحديث عن صدام وقال.... قبل 12 عشر عاما وافق صدام على نزع أسلحة الدمار الشامل لينجو بنفســــــــه....وكأن المتفق عليه هو إعطاء صدام الأمان في حالة تنحيه عن الســــــلطة........ وأضاف بأن لدى صدام سلاح بيولوجي وكيماوي. وأن الفرصة التي أتيحت له من قبل مجلس الأمن كانت الأخيرة ويقصد قرار 1114 ...وأشار بأن مساحة العراق الكبيرة لا تعطي الفرصة الكاملة للمفتشين من العثور على كل شيء لكن كان من واجب صدام أن يقدم كل الأدلة الكافية، ولكن صدام لم يقدم أي أدلة كافية. وهذا يعني بأن ليس هناك أي دواعي لإعطاء صدام أي فرصة. لأن هناك دلائل تشير بأن صدام لديه كميات كبيرة من المواد المحظورة، وبرنامج متطور وأمور كثيرة مخفية ومختبرات نقالة لأســـلحة محظورة. وأكثر كلامه أهمية عندما أشار إلى أن صدام يتعاون مع القاعدة وقال بأن مثل هذا التعاون خطرا على الأمريكان، وقد شدد من الإشارة إلى الحالة السيكولوجية التي يعيشها الأمريكان بعد الحادي عشر من سبتمبر. وأضاف بأن الإرهابيين لم يعطوا أمريكا أي فرصة ...ولا تحذير. وربط هذا الأمر الحساس عند الأمريكيين باســـتخدام صدام الكيماوي ضد الشعب العراقي ..وصورة أجهزة الاســـــــــتخبارات العراقية كيف تعذب الأطفال أمام الوالدين ، وكيف وضع المئات من العراقيين في أحواض مليئة بمواد تبخر الأجســـــــاد. ووجه نداءً للشعب العراقي بأن العدو ليس الذين يحيطون بالعراق بل العدو هو الذي يحكم العراقيين وعليه أمريكا تريد تحرير الشعب العراقي. الذي يمكن ملاحظته من خطاب الرئيس الأمريكي ما هو إلا تصميم على توجيه ضربة وخلع الطاغية والزمرة من الجذور.
وليس هناك قرار من مجلس الأمن أو موقف من دولة تحيده عن القدوم بتنفيذ القرار المؤجل. وفي آخر كلمته توجه ليهز مشاعر الجميع عندما قال بأن أمريكا ليس لديها نوايا في استعمار الآخرين...بل من أجل توفير الحرية..والحرية ليست هدية أمريكية للعالم..إنها هدية الله إلى البشرية وأمريكا تحافظ على هذا العطاء.




عباس رضا
Abbas541@msn.com