الوساطة ام القضاء
أرض السواد - علي الشلاه*
يبدو ان بعضنا مازال الى اليوم يتعثر في قبول مفردات الدولة الحديثة ولوازمها ويحاول جاهداً البقاء ضمن قوانين بالية لاتداوي جراحاً بل تزيدها صديداً ، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمصائر اوطان وشعوب ، فحين قام الشيخ حارث الضاري امين عام هيئة علماء السنة باتهام منظمة بدر بقتل عدد من المواطنين العراقيين ( وهذه صفتهم القانونية اياً كانوا) لم يفكر هذا الشيخ- الحامل لدرجة الدكتوراة- بالقانون ولا بالقضاء بل على العكس من ذلك التجأ الى الاعلام بناءً على تعاطف بعض المنابر الطائفية المعروفة معه ، وراح بلسان مرتجف يكيل التهم الخطيرة ويجيش الجهلة والاميين طائفياً وعنصرياً عندما اضاف انهم ( أي منظمة بدر) يحاصرون الفلسطينيين الآن في البلديات ، وما ان فرغ من التهم المفتقدة الى دليل قانوني حتى وجد نفسه في ورطة كبيرة عندما طلبت بدر مقاضته امام القضاء العراقي فلم يجد والحالة هذه غير حليفه مقتدى لينقذه من ورطته عبر حديث نعلم جميعاً ان نسبة الصدق فيه تكاد تكون معدومة وأعني به حديث الوساطة المزعومة، وكأن الاتهام يخص حادث سير او خلاف على قطعة أرض وليس اتهاماً خطيراً جداً بقتل عدد من المواطنين ( الأبرياء)، وهو أمر لايلجأ العقلاء فيه الى الاعلام بل الى القضاء لوضع الامور في نصابها الصحيح ولينال المتهمون جزاءهم العادل ليكونوا عبرة لمن يعتبر من القتلة والارهابيين والخاطفين وأجنحتهم السياسية .
واذا كان ادعاء الضاري صحيحاً ،فلماذا لايمضي الى القضاء ونحن كلنا معه، أم انه يخاف مما سيعرضه الخصم على القضاء من أدلة تدينه وتدين رفاقه وخيوطه الموصولة وراء الحدود ؟
ام هل يتوهم الشيخ ضاري بأنه فوق القانون ؟ وهل يجوز له شرعاً التراجع عن مطالبة الدولة بمحاكمة المتسببين في مقتل من زعم من الناس ويكتم شهادته عنها؟ وهل هؤلاء القتلى من الفئة الف التي حصلت على مكرمة مؤتمر صحفي من الضاري وهو أمر لم ينله مئات الشهداء في النجف وكربلاء والحلة والموصل وتلعفر والمدائن وغيرها ، بل انني أزعم ان هذا المؤتمر الصحفي المشؤوم وما سبقه من مزاعم وبيانات كن سبباً في مقتل عدد من العراقيين بينهم رجال دين وفي استشهاد مثقفين واعلاميين عراقيين هما الشاعر الشهيد أحمد آدم والصحفي نجم عبد خضير في الطريق بين بغداد وكربلاء ( اللطيفية ) والذين لم يحصلوا حتى على سطر نعي واحد من الضاري لا لشيء الا لأنهما مثقفان عراقيان يعملان في صحيفة عراقية ولو كانا يعملان في قناة عربية تلمع افكار سماحته الطائفية لنالا شرف الحصول على بيان من الهيئة الموقرة التي تصدر بيانات رنانة لكل ماهو تافه من مؤخرة صدام الى زيارة فراش السفارة الهندية لأمينها العام .
انني ادعو الاخوة في منظمة بدر الى الاصرار على القضاء ليفصل في هذا الأمر حتى يتاح للشعب العراقي ان يحاسب مروجي الطائفية ومشعلي الحرائق على تصريحاتهم وعلاقاتهم بالارهاب وسمسرتهم له وبه ، وعلى استعدائهم العرب على العراقيين (من مثل التصريح بمحاصرة الفلسطينيين في البلديات مما ثبت كذبه واستغله المرتزقة الصداميون فصار يجمعون التوقيعات ضده في عدد من العواصم العربية ويهاجمون الشعب العراقي بسببه رغم انه قد ثبت ان المجرمين الذين فجروا السوق الشعبي في بغداد الجديدة هم من الاخوة الفلسطينيين ، لكن الشيخ الضاري لايدافع عن اهل بغداد الجديدة بل يدافع عن قتلتهم ، على ان لايفهم من ذلك بأننا كعراقيين نوافق على أخذ أي كان بوزر جريمة ارتكبها سواه حتى لو كان من ذوي قرباه، فالذين لا يعتدون على حرمة الدم العراقي آمنون قطعاً في بلاد الرافدين)
ولنتعلم جميعاً احترام القانون والقضاء ولانسمح لسياسة تبويس اللحى البدائية ان تنقذ مجرماً من جريمته أياً كان ومهما كانت جريمته ، فقد ولى زمن صدام وأشباهه وعلينا ان نسعى لبناء دولة حقيقية غير طائفية ولايرعبها الطائفيون واولى خطوات اية دولة حقيقية هو القضاء المستقل النزيه ولا عراق بدون ذلك .
* كاتب وأكاديمي عراقي