 |
-
العراقي والخيارات المُتاحة
العراقي والخيارات المُتاحة
كتابات - د.فالح الحُمراني
عند المنعطفات التاريخية الكبرى، وهذا ما يمر به العراق اليوم، لاتظهر خيارات كثيرة امام البشر، ويُطرح عليهم سؤال مهدد واحد: انت مع من؟ مع أي مسار واي توجه. وعذرا لانصار التعددية( انا احدهم دون شك) فقد يختصر التاريخ في تلك اللحظات الكبرى تعددية الخيارات.وهذا ما يحدث العراق اليوم. فعلى كل عراقي ان يقول، لنفسه على الاقل، دون مواربة مع أي عراق يقف؟
ان تاريخ الانعطفات الكبرى والحروب والانهيارات تشكل دليلا على ذلك. وهذا ما حدث حينما، ثار العبد سبارتكوس على قياصرة الرومان، وبَشرَ السيد المسيح برسالته في فلسطين من اجل خلاص الانسان ونشر السلام والعدالة على ارض، وظهر ماني في ارض الرافدين، وحين بشر النبي محمد برسالته على مدى 13 عاما في الجزيرة العربية، وحارب الامام علي وابنه الحسين من اجل ظلال رسالة كريمة ضببها الواقع التاريخي. ولااريد المزيد لاقول وحينما انهار اكثر الانظمة العربية دكتاتورية وقسوة وحماقة في العراق ولاحت افق بناء عراق ديمقراطي متحضر. المنعطعف التاريخي الكبير في كل تلك الحالات الحافلة كان يطلب من الفرد ان يعرب عن خياره. مع من انت؟. وبمصطلح ما، هل انت مع الحق؟.هل انت مع الحقيقة التاريخية؟. وببساطة مباشرة قد تلوح ساذجة،انت مع العدل ام مع الظلم ؟ فلاخيار اخر. ولكني اقول اليوم انت مع من ايها المواطن العراقي ( العراقي من شعر بانتماءه للعراق كوطن ومنشا وتاريخ) مع السيارات المفخخة والانتحاريين الاوباش المنحرفين نفسيا،والقتل اليومي الهمجي لابناء العراق البررة، مع المشروع السلطوي الماضوي، الذي بدأ مع اول احتلال للعراق في بداية العشرينات للعراق، وانتهى بسقوط اخر دكتاتوري ( وياريت يكون الاخير) ام العراق الجديد.مع القوى التي تتجمع لبناء دولة حديثة، يقوم حكمها على مبادئ القانون الاساسي ( الدستور)، وتفصل فيها السلطات وتكفل فيها حرية الكلمة والعقيدة السياسية والدينية. ويتحاور فيه الناس بالكلمات وليس بالمسدس. وان تلقي "نظرة غضب الى الوراء" الحافل بالدكتاتورية وتدعو لدولة لاتتعامل مع المواطن على اساس انتماءه العرقي والديني وحتى المذهبي ( سنة وشيعة) في اطار الدين الواحد " ومن ليس معنا فهو ضدنا". ام مع الحركة السياسة المتجهة نحو المستقبل لبناء دولة تتعاطى فيه الدولة مع الانسان على انه مواطن عراقي، بغض النظر عن انتماءه الديني والمذهبي والعرقي. ان تاخذ الاغلبية مصالح الاقلية. ان تكفل الحقول لمعارضة بناء، يتاح لها بحرية توجيه الانتقاد لحكم الاغلبية، وتتنافس ببرامجها الانتخابية الوطنية حقا، لجر الاغلبية لصفها، دون اللجوء للعنف والمؤامرة، ام انت مع عراق الطائفية والديكتاتورية وسيطرة الاقلية( المافيا ، المنظمة السرية، التعصب المذهبي، هاجس الخوف من الاخر) ام مع نظام يقوم على القانون.
هناك من يتحايل في التعبير عن موقفه الخاسر مع الماضي، ويزعم بطريق ثالث يرفض الحاضر والمستقبل،ولكن عقله الباطني مع الماضي، مع الاستبداد والعنف مع المذهبية. في دخيلته يبكى على اطلال الماضي الذي دمرته ارادة الشعب بمساعدة قوات اجنبية. واخر يقف متردد مع من هو،ويلتزم الصمت في الرد على تلك الاسئلة. وهناك من يتعكز وراء ما يصفه بالاحتلال للوطن، وغيرها من المصطلحات ضيقة الافق. ناسيا ان الاحتلال حصيلة حاصل وليس خيار سياسي. هناك من يخفي براسه في الرمل مثل النعامة. بيد ان الحركة التاريخية لن تصفح لهولاء، انها لفظتهم تماما وادرجتهم في ملفات التاريخ الديناصورية. انهم يتجمعون شاؤا ام ابو في خانة معارضة الحركة السياسية المتطورة نحو العراق الجديد، يعرقلون الحركة الصاعدة بانينهم.
ولابد من الاعتراف بان الحركة نحو بناء العراق الجديد مازالت تتعثر، مازالت تواجه مصاعب، ومصاعب خطرة، وان هناك اخطاء فادحة تركب يوميا في الاداء، في التكتيك وفي الاستراتيجية وفي ترتيب الاوليات والثانويات. لكن هناك قناعة ايضا بان هذه مرحلة مؤقتة، بداية تعلم ادارة دولة ديمقراطية. والارهاب والاعمال التخريبية ليس اخر من يعرقل اليوم التقدم بوتائر اكبر نحو حصول العراق على استقلاله الناجز، وتقصير امد وجود القوات الاجنبية، ليبني العراق مع دولها علاقات صداقة وتعاون مثمر ومتبادل المنفعة، فالعراق في ظل التطورات الاقليمية سيظل بحاجة ماسة لها، لضمان امنه وتطوره.لو تظافرت الطاقات البشرية التي يزخر بها العراق، على اساس بناء دولة متحضرة، فان العراقي سيحرق المراحل لبلوغها بسرعة.
فلابد ان يقول عراقي اليوم كلمته بوضوح، مع من هو؟، مع دولة الماضي التي ذهبت الى مزبلة التاريخ؟، ام عراق المستقبل الجديد؟.وكل ما بنهما سيكون موقفا دون شك.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |