النتائج 1 إلى 11 من 11
  1. افتراضي الذكرى الثانية لوفاة عميد المنبر الحسيني ومجدده الشيخ احمد الوائلي

    في 14/7/2003 توفي الشيخ احمد الوائلي على ارض العراق التي طالما كان متعلقا بها وحالما في العودة لها خاصة بعد ان اصابه مرض السرطان اللعين في بداية عام 2002 وعاد الى العراق قبل 3 ايام من وفاته ليزور مراقد اهل البيت ويسلم الروح لبارئها وقد كحّل ناظريه برؤية مراقد الاطهار ... وليدفن في النجف حيث كان يقول دائما "أسأدفن بالنجف"!!!
    رحمك الله يا شيخنا واسكنك في فسيح جناته.


    [align=center]الشيخ أحمد الوائلي[/align]

    [align=center]مقدمة[/align]

    كلنا نعرف إن مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من المدارس الجامعة التي اهتمت بنشر علومها ومعارفها إلى كل بقاع العالم، وكسب الناس إلى هذا السلم العظيم من الترقي بالشخصية الإنسانية المسلمة.

    حتى تخرج العديد من العلماء والأدباء والخطباء الذين ذاع صيتهم وعرفت منزلتهم وخاصة في المنبر الحسيني، حتى تهاوت الناس عليهم لحسن خلقهم وتواضعهم وتوددهم إلى الناس الذي هو ضروري لكسب جماهيرية واسعة تعزز من منزلتهم، وتبتعد عن الغرور والتعالي الذي يعتبر من الحواجز التي تقطع تلك العلاقة فيتحجم فيها الإنسان ويصبح بعيداً عن الناس ولا يحسب علينا.

    ومقابل ذلك أن لا ينظر الناس إلى ذلك العالم أو المرتقي إلى السلم المنبري بنظرة من الغلو والمبالغة حتى يضعوه في صورة الرجل الخارق للعادة، لأن ذلك يقود المجتمعات المتخلفة الساذجة في تقيمها لتلك الشخصيات المرموقة والإعلام البارزة إلى تراكم فكري خاطئ والتناقض بين الارتقاء بها إلى السماء أو الهبوط بها إلى الحضيض.

    وهكذا ترى أن أهل البيت (عليهم السلام) يرفضون هذا التطرف والمبالغة في التقويم والمغالاة، والصادق (عليه السلام) يقول: ألا لعن الله الغلاة هلا كانوا يهودا، هلا كانوا نصارى؟!!

    وبناء على ذلك يعتبر الوائلي من الشخصيات المعروفة وفق المقاييس الموضوعية معرضين عن المبالغات والتهاويل التي تتحدث بها ألسنة العوام والبسطاء والطيبين من الناس بناء على ما يمثل الرجل من موقع خطابي متقدم ومركز ديني متميز وشخصية مثيرة شهيرة ومعروفة، وهو من أبرز رموز المنبر الحسيني، وواجهة في واجهات جامعة النجف الأشرف، ومؤسس المدرسة المعاصرة للخطابة الحسينية، والعميد العظيم للسلك الخطابي.

    ويعتبر الوائلي من الشخصيات الاجتماعية البارزة وله علاقات واسعة وكبيرة مع شخصيات علمية وأدبية وسياسية واجتماعية وذلك لما يتمتع به من شهرة عريضة واسعة وحصانة دينية منيعة.

    [align=center]
    ولادته وتسميته وعمره
    [/align]

    (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة، ومبشراً برسول من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين)[سورة الصف: الآية 6].

    بهذه الآية الكريمة افتتح الشيخ الوائلي مسيرة الحياة. وكان والده ينظر إليه وهو متفاؤل بولادته الذي انتزع اسمه من كتاب الله وكان وقعها مطابقاً لمقتضى الحال حيث كانت ولادته في 17 ربيع الأول بذكرى مولد سيد البشر نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) وذكرى مولد حفيده الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) فسماه أحمد بدون تردد وبلا تأمل، وكان هذا في سنة 1347 هـ.


    [align=center]نسبه وأسرته[/align]

    هو الشيخ أحمد بن الشيخ حسون بن سعيد بن حمود الليثي الوائلي. اشتهرت هذه الأسرة في النجف بأسرة آل حرج، وحرج هو اسم الجد الأعلى لها وهو أول من نزح من الغراف بلدهم الأصلي وهبط في النجف الأشرف على أثر معركة بينه وبين بعض العشائر، ففر إلى النجف واتخذها موطناً ومسكناً وملاذاً ولسان حاله:

    بقـــــبرك لـــــذنا والقـــــبور كثيرة ولـــــكن مـــن يــحمي الجوار قليل

    وتوزعت هذه الأسرة في مواطن سكناها على أماكن متفرقة ونواح شتى فقطن القسم الأكبر منها في موطنهم الأصلي في الغراف وقطنت طائفة أخرى في ناحية الحمّار من قضاء سوق الشيوخ ويعرفون بآل حطيط، واستوطن جماعة منهم منطقة الحي واشتهروا بآل باش آغا، بينما استقر بعضهم في الفيصلية وكذلك في أبي صخير وهم يمارسون مهنة الزراعة.

    وهذه الأسرة من الأسرة العربية العريقة التي امتاز بعض رجالها بالأريحية والنخوة والشهامة بالإضافة إلى بروز بعض الشخصيات العلمية والأدبية كالشاعر إبراهيم الوائلي والدكتور فيصل الوائلي وغيرهم من أعلام الأسرة.


    [align=center]نشأته ودراسته[/align]

    لقد تميزت البيئة النجفية بأنها موئل العلم والأدب باعتبارها المركز الحيوي للحوزات العلمية والدراسات الدينية، لذلك كانت رافداً مهماً في حياة شيخنا، حيث انبثق من صميم هذه البيئة المملوءة بالمفكرين والعلماء والخطباء، حتى أصبح شيخنا يمتاز بهذه الشخصية الثرية بالعلم والأدب والخطابة.

    كان قربه من تلك العقول العظيمة وفي رحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أعطت ذلك الفتى الصغير أجواء من الولاء والإيمان الزاخر بالنشاط العلمي والحيوية الدينية، حتى كانت خطوته الأولى هو التوجه نحو مكاتب القرآن الكريم ويتعلم مبادئ القراءة والكتابة ويخزن في عقله الآيات، وكان عمره حينذاك سبع سنوات.

    وكان أول أستاذ يتعلم على يديه هو الشيخ عبد الكريم قفطان الذي أشرف على تعليمه في مسجد الشيخ (علي نواية)، ثم ولج المدارس الرسمية وانتسب لمدرسة الملك غازي الابتدائية، ثم دخل في مدارس منتدى النشر حتى تخرج منها في عام 1962، وحصل على البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية، ثم أكمل الماجستير في جامعة بغداد.

    وكانت رسالته (أحكام السجون) الكتاب المطبوع المتداول اليوم، ثم قدم الدكتوراه في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة حتى نالها بأطروحته المعنونة (استغلال الأجير وموقف الإسلام منه).

    وإلى جانب ذلك توغل الوائلي بالدراسة الحوزوية وقرأ مقدمات العلوم العربية والإسلامية وتدرج فيها حتى المراحل المتقدمة على يد نخبة من أساتذة الحوزة المبرزين منهم الشيخ علي ثامر، والشيخ عبد المهدي مطر، والشيخ علي سماكة، والشيخ هادي القرشي، والسيد حسين مكي العاملي، والشيخ علي كاشف الغطاء، والسيد محمد تقي الحكيم، والشيخ محمد حسين المظفر، والشيخ محمد رضا المظفر والشيخ محمد تقي الإيرواني، وهؤلاء الأساتذة هم علية القوم ومفاخر الحوزة، وقطع الأستاذ الوائلي شوطاً من حياته الدراسية التي يعتز بها في ظل هذه الكوكبة اللامعة.


    [align=center]خطابته[/align]

    للوائلي تاريخ عريق ومجد أصيل في خدمة المنبر الحسيني الشريف فقد تدرج منذ بواكير حياته في هذا الاتجاه وتبلورت في شخصه إمارات النبوغ وسمات التفوق منذ عهد بعيد حسب ما تنص الوثائق والمستندات التاريخية والاجتماعية حتى أصبح ركناً هاماً من أركان الخطابة الحسينية، وعلماً من أعلامها، إلى أن ألقت إليه زمامها، وسلمته قيادها، بعد أن خلت الساحة من فرسانها، فكان الوريث لميدانها، واستلام عنانها، بحق وجدارة، فهو اليوم أستاذ لجيل من نوابغ الخطباء المعاصرين، ومقياس لمستوى الخطيب الناجح، والعبقرية الفذة في الأسلوب، لذلك اعتبر المؤسس للمدرسة الحديثة لخطابة المنبر الحسيني.

    إن أوليات الأستاذ الوائلي في الخطابة وارتقاء المنبر الحسيني هي في العقد الأول أو على مشارف العقد الثاني من عمره وزاول ما يعرف خطابياً بقراءة المقدمة حتى إذا تناصف العقد الثاني من عمره انفرد بنفسه، وكانت مجالسه الابتدائية في النجف والكوفة والحيرة والفيصلية من بداية الأربعينات من هذا القرن.

    واستمر يقرأ في مختلف المناطق العراقية كالبصرة والشطرة والناصرية والحلة وبغداد والمجر الكبير والسماوة والنجف وكربلاء وبعض القرى والمدن العراقية الأخرى. حتى عام 1951، وفيها دعي للقراءة في الكويت في الحسينية الخزعلية بمناسبة العشرة الأولى من شهر محرم.

    واستمر في مجلسه هذا تسع سنوات بعدها انتقل إلى البحرين في عام 1960 م حتى عام 1965 م في مأتم ابن سلّوم ثم عاد إلى الكويت واستمر حتى منتصف الثمانينات ثم مضى إلى العاصمة البريطانية وقرأ فيها مجالس عاشوراء.

    أما في العشرات الأخرى من الشهر فإنه يوزعها على أقطار وأمصار مختلفة عراقية وغير عراقية، أما في شهر رمضان فكانت مجالسه المشهودة في بغداد ثم انتقل إلى مسجد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة حتى عام 1995 م.

    وعرف عن الوائلي انه لا يقرأ في منطقة أكثر من عشر أيام حتى ينتقل إلى أخرى ويبقى الشوق إلى مجالسه، ويبقى تألقه فوق المنبر.


    [align=center]شعره[/align]
    يتميز شعر الأستاذ الوائلي بفخامة الألفاظ وبريق الكلمات وإشراقه الديباجة، فهو يعني كثيراً بأناقة قصائده، وتلوين أشعاره بريشة مترفة.

    لذلك فهو شاعر محترف مجرب ومن الرعيل الأول المتقدم من شعراء العراق. وهو شاعر ذو لسانين فصيح ودارج، وأجاد وأبدع بكليهما، وهي بحق من عيون الشعر الشعبي كقصيدة (حمد) وقصيدة (سيارة السهلاني) وقصيدة (شباك العباس) وقصيدة (سوق ساروجه) وقصيدة (داخل لندن) وقصيدة (وفد النجف) وكلها من القصائد الرائعة. ويجري الشعر على لسانه مجرى السهل الممتنع بل ويرتجله ارتجالاً.

    ورسم الأستاذ الوائلي قصائده المنبرية بريشة الفنان المتخصص الخبير بما يحتاجه المنبر الحسيني من مستوى الشعر السلس المقبول جماهيرياً وأدبياً فكانت قصائده في أهل البيت طافحة بالحرارة والتأثير.

    وللوائلي دواوين صغيرة مطبوعة تحت عنوان الديوان الأول والديوان الثاني من شعر الشيخ أحمد الوائلي، وقد جمعت بعض قصائده التي تنوعت في مضامينها في ديوانه المسمى باسم (ديوان الوائلي) والتي كانت من غرر أشعاره في المدح والرثاء والسياسة والشعر الأخواني. ومن شعره في أهل البيت قصيدة في رثاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم تطبع كغيرها في ديوان شعره مطلعها:

    أفيـــــضي فـــبرد الليل مدّ حواشيه ** وعــبّي فــــؤاد الكرم راقت دواليه

    وجاء في أواخرها:

    أبــــــا حســـــن والليل مرخٍ سدوله ** وأنـــــت لـــــوجه الله عــان تناجـيه

    براك الضنا من خوف باريك في غد ** وقد أمن المغرور مـــن خوف باريه

    وغالتك كـف الرجس فانفجع الهدى ** وهدّت من الدين الحنــــيف رواسيه

    وهي أكثر من أربعين بيتاً طبعت في كتاب شعراء الغري للخاقاني مع مجموعة أخرى من شعره القديم.

    وله قصيدة في رثاء علي الأكبر في خمس وأربعين بيتاً لم تطبع كذلك في ديوانه، طبعها السيد المقرّم في كتابه (علي الأكبر) مطلعها:

    هــــل مــــن ســـــبيل للرقاد النائي ** ليداعـــــب الأجــــــفان بــــالإغفاء

    أم إن مـــــا بـين المحاجر والكرى ** ترة فــــلا يــــألفن غـــــير جــــفاء

    أرق إذا هــــدأ الســــمير تعوم بي ** الأشــــواق فـــي لجج من البرحاء

    أقسمت إن أرخــــى الظلام سدوله ** أن لا أفــــارق كــــوكب الخـــرقاء

    فـــــإذا تـــــولى الليل أسلمني إلى** وضــــح النــــهار محـطم الأعضاء

    لا عضــــو لي إلا وفيه من الجوى ** أثر يـــــجر إلـــــيه عــــين الرائي

    قــــلق الوضين أبيت بين جوانحي ** همـــــم تــــحاول مصــعد الجوزاء


    [align=center]مؤلفاته[/align]
    لاشك أن التأليف فن قائم بذاته كفن الخطابة وكموهبة الشعر وغيرها من الفنون والمواهب الأخرى.. إلا أن الوائلي يعتبر خطيباً أفضل منه كاتباً. وهذه أهم مؤلفاته والتي تناول فيها جوانب مختلفة وطرق أبواباً شتى:

    هوية التشيع.

    نحو تفسير علمي للقران.

    من فقه الجنس.

    ديوان شعر2،1.

    أحكام السجون.

    استغلال الأجير.



    [align=center]لمعلومات اكثر عن سيرة الشيخ احمد الوائلي(رحمه الله) راجعوا هذا الموقع:
    http://www.al-waeli.com/[/align]
    [align=center][/align]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    1

    افتراضي

    احسنتم وبارك الله بكم رحمك الله شيخنا الجليل

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    الدولة
    طائر لا أرتضي الأرض مسكنا
    المشاركات
    4,759
    رحمك الله يا شيخنا أحمد الوائلي و تغمدك بواسع رحمته

    في آخر إتصال به رحمه الله و هو على فراش المرض:


    [rams]http://www.al-waeli.com/Audio/Call/Call_with_Dr_alwaeli.ram[/rams]

  4. #4
    الحسيني غير متواجد حالياً مشرف واحة المضيف والتراث الشعبي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2003
    الدولة
    خير البلآد ما حملك
    المشاركات
    1,868
    [align=center]تغمد الله شيخا الجليل برحمته الواسعة .
    مشكور أخي الكريم دستورنا ألأسلام على ذكراك لعميد المنبر الحسيني الشيخ الوائلي " طاب ثراه " .
    [/align]


    [blink]أللهمَ أحيينا حياةَ محمدٍ وألِ محمدٍ وأمتنا مماتهم[/blink]

  5. افتراضي

    شكرا لكم اخوتي ... وما هذا الا عمل يسير ولا يذكر مقارنة بما قدّمه الشيخ احمد الوائلي لنا من تجديد جوهري بالمنبر الحسيني من كيفية طرح المواضيع الى المفاهيم الانسانية التي كان يتناولها مرورا بارشادات قيّمة لحياتنا الاجتماعية فضلا عن خدماته للاسلام والتشيع.
    [align=center][/align]

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2003
    الدولة
    بـغـــــــداد
    المشاركات
    3,191

    افتراضي

    رحم الله الشيخ الدكتور الوائلي في هذا اليوم وفي كل يوم ... كان أحمد الوائلي مثال العالم الرباني والمربي المجد الملتزم صاحب ذهنية منفتحة على كل الابعاد
    مشكور عزيزي دستورنا الاسلام على أعادة ذكرى أحد أبرز رموزنا الاصلاحيين

  7. افتراضي

    العفو يا اخي " باب المعظم " ... هذا واجبنا.
    [align=center][/align]

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Aug 2003
    الدولة
    الغنى في الغربة وَطنٌ. والفقر في الوطن غُربةٌ
    المشاركات
    1,266

    افتراضي

    رحمة الله عليك يا شيخنا الوائلي

    تشرفت بالاستماع اليه كثيرا هنا في الكويت في الحسينية الجديدة

    ولكن الآن يصعب تعويض خطيب ومفكر مثله

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    187

    افتراضي

    الله يرحمك ياشيخنا ,
    هل تتمكن جميع حوزات الشيعة وعلى اختلافها ان تخرج لنا قارئ حسيني مثل المرحوم الشيخ الوائلي رحمه الله لينور الناس بما جهلو من قضية الحسين وليس اظهار الجانبالمأساوي فقط ؟
    اشك في ذلك وكم تمنيت لو تحقق حلمي ومرادي

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    الدولة
    الأحســاء
    المشاركات
    85

    افتراضي سَأُوَسِعُ المرثاة أكثر ..!!

    الشاعر جاسم الصحيّح *

    بعــد (ربع قرن) من المنافي ، عاد الخطيب الدكتور أحمد
    الوائلي (رحمه الله) إلى العراق من أجل موتةٍ تليقُ بجلاله !




    لا تطلبوا نَعْياً بِحَجْمِ مَمَاتِهِ
    كَبُرَ المماتُ فضاقَ صوتُ نُعاتِهِ

    قد كنتُ أسألُ قبلَ عاصفةِ الردى ..
    والحزنُ يَكْتُبُني بِكُلِّ لُغَاتِهِ :

    هَلْ مِنْ ضريحٍ وُسْعَهُ ، وَهُوَ الذي
    وَسِعَ الزمانَ وفاضَ عن سَنَوَاتِهِ ؟!

    قد كنتُ أسألُ .. وارتبكتُ على صدى الـ
    حَفَّارِ مُنكسِراً على مِسْحَاتِهِ !!

    فمشيتُ مقلوبَ الكيانِ كأنَّني
    راعٍ يهشُّ على عَصَاهُ بِشَاتِهِ

    وغداةَ فاضَ مُشَيِّعُوهُ ، وأغرقوا
    بالحزنِ من وادي (الغَرِيِّ) جِهَاتِهِ

    وطفَا هناكَ النعشُ فوقَ أصابعٍ
    لم تدرِ كيف تحوكُ حَبْلَ نَجَاتِهِ ..

    ناديتُ .. والموتُ المريرُ يَخُطُّني
    ويعودُ يُسْلِمُني إلى مِمْحَاتِهِ :

    يا حاملِيهِ على القلوبِ .. تَرَفَّقُوا
    بِخزانةِ الآلامِ ملءَ رُفاتِهِ

    كَنْـزٌ (عراقيٌّ) تَكَدَّسَ بالأسى
    والقهرِ منذُ أضاءَ فَجْرُ نَوَاتِهِ

    يا طالمَا لَوَتِ الجماركُ ظَهْرَهُ
    بِيَدِ الشكوكِ ، ومَشَّطَتْ فقراتِهِ

    لا تأخذوهُ إلى الترابِ فَإِنَّهُ
    تَرَكَ الترابَ لِعاَشِقِيْ شَهَوَاتهِ

    وخذوهُ للقرآنِ حيثُ تَخَلَّقَتْ
    أمشاجُهُ العَطِرَاتُ من كلماتِهِ

    هُوَ سورةُ (الإنسانِ) جَسَّدَها التُقَى
    فَتَجَسَّدَتْ في شكلِهِ وسِمَاتِهِ

    حتَّى إذا غَسَلَ الحياةَ بِزَمْزَمِ الـ
    تقوَى وعَطَّرَها بِعِطْرِ صَلاتِهِ

    حَنَّ (الكتابُ) لهُ لِيَرْجِعَ (سورةً)
    غَرَّاءَ .. شامخةً على (سُوَرَاتِهِ)

    فَخُذوهُ للقرآنِ حيثُ تَزَيَّنَتْ
    للقائِهِ الآياتُ في صفحاتِهِ !!

    ***

    وأنا سَأعقدُ من حروفيَ مأتماً
    تَتَجَرَّحُ الكلماتُ من أنَّاتِهِ

    وأذوبُ في وَهَجِ الكآبةِ مثلمَا
    قلبُ الوَلِيِّ يذوبُ في صَلَوَاتِهِ

    ها إنَّ حُزنيَ جُملةٌ عَرَبِيَّةٌ
    تَعْصَى على الإعرابِ بينَ نُحَاتِهِ

    أَ أَخَا عزائيَ .. إنْ تَبَقَّى محجرٌ
    في الأرضِ يصلحُ للبكاءِ فَهَاتِهِ

    فَتَكَ المُصابُ بِمِحْجَرَيَّ ولم أكُنْ
    أَكملتُ فصلاً من فصولِ شَكَاتِهِ

    وجَرَى قطارُ الذكرياتِ مُحَمَّلاً
    بِحقَائبِ الأشواق في عَرَباتِهِ

    لَهْفِي على ذاكَ القطارِ فطالَمَا
    حَطَّمْتُ أضلاعي فِدَى عَجَلاتِهِ

    أَيَّامَ كانَ صدى الرسائلِ بينَنَا
    يسقي دواتِيَ من جحيمِ دَوَاتِهِ

    قومُوا اسألونيَ عنهُ فَهْوَ حكايةٌ
    زَرَعَ الهوى فيها أرَقَّ نباتِهِ

    دَامٍ بأشواكِ الهمومِ ولم يَزَلْ
    يَتَفَتَّقُ الزيتونُ من جَنَباَتِهِ

    مازلتُ أذكرُ حينمَا نادَمْتُهُ
    في ليلةٍ شَرِبَتْ رحيقَ صفاتِهِ

    َفَضَ الدُجَى وأدارَ نحويَ وَجْهَهُ
    وأضاءَ مِصْبَاحَيْنِ من بَسَمَاتِهِ

    فإذَا يداهُ حمامتانِ ، وقَلْبُهُ
    طََلُّ الصباحِ يتيهُ في رَعَشَاتِهِ

    وإذَا صداهُ هواءُ فجرٍ ناعمٍ
    أَضْحَى يُوَزِّعُ في المدَى نَسَمَاتِهِ

    جِسْرٌ من الأنفاسِ يحملُ بينَنَا
    نظراتِيَ الوَلْهَى إلى نَظَرَاتِهِ

    ووجوهُنَا بالحُبِّ تَنْضَحُ كُلَّمَا
    حَدَقَاتِيَ انسَكَبَتْ على حَدَقَاتِه

    مِنْ تحتِ جلبابِ الحوارِ حَضَنْتُهُ
    بِمسامعي وغرقتُ في هَمَسَاتِهِ

    ومضيتُ أستهدي شَذَاهُ ، وأقتَفي
    قلبي المسافرَ في حديقةِ ذاتِهِ

    يا وَرْدُ .. هَبْنِيَ من لغاتِكَ في الهوَى
    لُغَةً لأكتبَ ياسمينَ حياتِهِ

    ***

    هُوَ ما يضيقُ الموتُ عنهُ ، فإنْ يَمُتْ
    جَسَداً فجُثَّتُهُ فُتَاتُ فُتاتِهِ

    عَبَرَ السنينَ ِلأَلْفِ جيلٍ قادمٍ
    وامتدَّ ينفخُ باليقينِ رئاتِهِ

    مِنْ منبرٍ مازالَ يشمخُ بالهُدَى
    حتَّى استحالَ النجمُ مِنْ دَرَجَاتِهِ !!

    مَنْ ذَا سيوقفُ ـ مِنْ صداهُ ـ مسيرةً
    تمتدُّ بالأجيالِ عَبْرَ لَهاتِهِ ؟!

    شَكَّتْ بِقُدْرَتِها الرخامةُ حينَمَا
    هَمَّتْ لِتُطْفِئَ عُنفوانَ نَواتِهِ...

    فإذَا خَلَعْتُ عليهِ رِمْشاً باكياً
    وتَرَكْتُ رمشاً للهوى ومَهاتِهِ

    ما ذَاكَ إلاَّ حينَ مَرَّ بِخاطري
    يختالُ في سِرْبَينِ من لَفَتَاتِهِ

    فَطَفِقْتُ أرثيهِ وأُفسِدُ خلوةً
    جَمَعَتْهُ في الفردوسِ بينَ لِدَاتِهِ :

    (سبعونَ) عاماً .. كلُّ عامٍ طعنةٌ
    رَسَمَتْ خريطةَ لوعةٍ في ذاتِهِ

    فَغَرِقْتُ في الوجَعِ المُدَمَّى حينمَا
    طَفَحَتْ جراحَتُهُ على مرثاتِهِ

    سَأُوَسِّعُ المرثاةَ أكثرَ .. رُبَّمَا
    تستوعبُ (السبعينَ) منْ طَعَنَاتِهِ !

    ***

    صَرَخَ (العراقُ) وقدْ رآهُ مُزَمَّلاً
    بِغَمَامةٍ سوداءَ من غُرُباتِهِ :

    مَنْ ذَا الغريبُ .. عليهِ هيئةُ نخلةٍ
    عطشَى وما شَرِبَتْ سِوى عَبَرَاتِهِ ؟!

    أَهُوَ ابنُ ماءِ (الرافدينِ) مُقَطَّراً
    من رَحْمِ (دجلتهِ) وصُلْبِ (فُراتِهِ) ؟!

    هُو يا (عراقُ) هُوَ ابنُ مائهمَا الذي
    رَوَّى صِبَاهُ وشَفَّ عَنْ زَهَرَاتِهِ

    فاغفرْ إذَا وافاكَ والتبَسَتْ على
    عينيكَ ما أَلْفَيْتَ من قَسَمَاتِهِ

    أَكَلَتْ ملامحَهُ الدروبُ فلمْ يَعُدْ
    ذاكَ الذي رَسَمَتْ يداكَ صِفاتِهِ !

    ما انفكَّ يَسْحَبُ (رُبْعَ قَرْنٍ) خَلْفَهُ
    عَبْرَ المنافي لامتحانِ ثباتِهِ
    ِ
    حَمَلَتْهُ أشرعةُ المصائرِ وانتَحَتْ
    قَدَرَ الشتاتِ فكانَ كُفؤَ شَتاتِهِ

    سارٍ علَى وَهَجِ العذابِ كَأنّهُ
    ما اختارَ بُوصَلَةً سِوى مأساتِهِ

    (أَيُّوبُ) .. شيخُ الصابرينِ .. أعارَهُ
    صبراً يشدُّ على يَدَيْ مِرْساتِهِ

    حتَّى إذا نَفَضَ الوجودُ وخَضَّهُ
    بِيَدِ الحقيقةِ فاضِحاً شُبُهَاتِهِ

    كَشَفَتْ لهُ الأيامُ عَنْ أسرارِها
    لم يبقَ منها غير سِرِّ وَفَاتِهِ


    *شاعر سعودي

    الرجاء الانتظار


    الأذكياء يناقشون الأفكار

    العقلاء يناقشون الأحداث

    العوام يتكلمون في الأشخاص

  11. #11

    افتراضي

    العراق الآن في أمس الحاجة لمفكرين وخطباء أمثال المرحوم الدكتور أحمد الوائلي رحمه الله

    بسبب فكره المتسامح وخطبه الموضوعية القرآنية.أما الآن فقد كثر بين الشيعة خطباء لا هم لهم سوى ان خديجة الكبرى تكلم جنينها وأن الحسن والحسين عليهم السلام يلعبون بالقمر وبالنجوم وغيرها من الخرافات التي لا أساس لها.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني