النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    50

    افتراضي تطبيق معايير نقد الحديث على ما تعارض من أحاديث المهديّ في كتب الفريقين

    العنوان الاصلي للبحث هو :

    تطبيق المعايير العلمية لنقد الحديث على ما اختلف وتعارض من أحاديث المهديّ بكتب الفريقين


    السيّد ثامر هاشم حبيب العميدي / 28 المحرّم الحرام 1416 هـ قـم المشـَّرفـة

    القسم الاول :


    المقدمة


    فإنّ من دواعي كتابة هذا البحث هو التطاول على الحقائق الاِسلامية الثابتة ببعض الكتيّـبات النقدية في الحديث الشريف، لاَسماء نكرة طفحت على الساحة الثقافية فجأة، مع خلوّها من أبسط المعايير العلمية لنقد الحديث، إذ لم تتّصف بشيء منها البتّة، حتّى عادت تلك الكتيّـبات عقبة كَـأْداء من عقبات التواصل الوحدوي على صعيد المجتمع المسلم، بل وأشبه ما تكون بمحاولة جادّة للقضاء على أيّ وسيلة من شأنها أنْ تقرِّب بين وجهات نظر المسلمين، وتلمّ شعثهم، وترأب صدعهم!

    وذلك لابتذال المعايير العلمية في النقد ابتذالاً واضحاً خصوصاً عند من
    يمثّل ثقافة تلقينية أصابها اليأس والاِحباط المستمرّ، مع افتقاره التامّ إلى معرفة الاَُسـس والقواعد العلمية النقدية الثابتة ـ خصوصاً في علم الحديث الشريف ـ التي تؤطّر كلّ دراسة حديثية نقدية بشروط القبـول.
    ولا عذر لمثل هذا، إذ لم تعد مسألة نقد الحديث، مسألة نسـبية تختلف باختلاف الناس وتباين ثقافاتهم.

    ومن ثَـمَّ فإنّ السُـنّة المطهّرة نفسها قد أرست بعض القواعد النقدية العامة، والتي يمكن توظيفها لمواجهة الخطأ.

    فالنبيّ الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم علّمنا مكارم الاَخلاق، وهو ـ بأبي وأُمّي ـ لم يكن فظّـاً غليظ القلب، وإلاّ لانفضّوا من حوله، وإنّما كان في مواجهته للفكر الجاهلي المتعسّف على خُلُق عظيم بشهادة السماء.
    والاَُمّة التي استطاعت أن تواجه الخطأ بهدي سيرته صلى الله عليه وآله وسلم حتّى استطاعت ـ وبمدّة وجيزة ـ أن تقيم صرح حضارة امتدّت جذورها إلى أقصى الاَرض، لَقادرة على هذا أيضاً.
    والذي يحزّ في النفس ألماً، أنّ أُمّتنا قد فقدت المواجهة الصحيحة للخطأ، وعادت رويداً رويداً إلى جاهليةٍ من نوع آخر، فيها من روح الابتعاد عن القرآن الكريم والسُـنّة المطهّرة الشيء الكثير، فما أحوجنا اليوم إلى حوار صادق، ونقد بنّاء، ورجوع حثيث إلى الكتاب والسُـنّة!

    كما أنّنا بحاجة ماسّة إلى معرفة تراثنا الحديثي، لا فرق في ذلك بين كتب الحديث السُـنّية أو الشيعية، فهي كلّها في نظر غير المسلم من تراث الاِسلام؛ وإلى كيفية تنمية المهارات العلمية والقدرات الكفوءة وتوظيفها لخدمة هذا التراث وبنقدٍ يجيد صاحبه التعامل مع الآخرين من منطلق واع يهدف إلى تحقّق غرض النقد وأهدافه، مع التحلّي بأدب الاِسلام، ونبذ التصوّرات الخاطئة، وتجنّب إساءة الظنّ وفكرة سحق الآخر!
    كلّ هذا مع إدراك أنّ التغيير المطلوب نحو الاَفضل لا يمكن الوصول إليه بنقدٍ ظالم متعسّف، يُرام من خلاله إيقاع الهزيمة بطرف من الاَطراف والانتصار لطرف آخر!

    فنقدٌ كهذا لا شكّ أنّه لا يصدر إلاّ عن نقص معرفة أو قصور ذهني في عدم التمييز بين المسائل الثابتة التي لا تقبل جدلاً، وبين المشكوكة الصحّة في كلّ أو بعض ما تتضمّن، وبالتالي فهو لا يملأ فراغاً علمياً، بل على العكس إذ يسهم بإيجاده بدعمه نمطاً نقدياً لا يرى من الصورة غير إطارها، ولا من الشخص إلاّ اسمه، ومع هذا قد يكون صادراً بحسن نيّة.
    إلاّ أنّ نمطاً نقدياً من نوع آخر لا يمكن أن يكون كذلك، ذلك النمط الذي يجعل ما عند الآخر متهافتاً ولو كان في منتهى القوّة، ويصنّف الآخرين بالصورة التي يرغبها هو، صورة ساخرة يحاول أن يمزّقها بقلمه الذي اعتاد النزول إلى الشتائم لدرجة تشعر من خلالها لذّته في الشتم والسباب!

    فتراه يعطي العناوين النقدية ـ لِما هو صواب فعلاً ـ بروزاً ظاهراً وحجماً مميّزاً، وبشكل يبرز عقدة الاستهداف، مع تأصيل الاستبداد النقدي بالرغبة الظاهرة في احتكار الموضوعات بثقافة شخصية تفتقر إلى التوازن النفسي باستعلائها على ذوي الاختصاص في نقد ذلك التراث الضخم بتعليم تلقينيٍّ جامد غالباً ما يؤدّي إلى هيمنة التصوّرات التي لا محصّل لها، والافتراضات الخاطئة في نقد الآخرين.

    كلّ هذا مع حشد الناقد الفاقد لمعايير النقد العلمية ـ سواء في الحديث الشريف أو غيره ـ لجهات أُخرى في محاولة منه لاِعلان حالة من التعبئة العامة لمواجهة الطرف الآخر بعقلية التحريض المضادّ، كما نلحظه اليوم في تذييل الكتابات النقدية أو تصديرها بعناوين التحذير!!
    وهكذا يكون التهديد المباشر، وبلغة بعيدة عن أخلاقيات النقد العلمي

    الموضوعي الهادف على درجة عالية من الفجاجة والاستفزاز، لاَنّه تأطير للعلماء بجهالة من دون تروٍّ مطلوب، ولا أشكّ في أنّ الطرف الآخر سوف لن يقابل الاِساءة بالاِحسان على هذا النحو من التشويه، وإنّما سيكون هو الآخر في حالة اسـتنفار دائم مع التحدّي المستمرّ، وهذا ما يؤكّد بطبيعته مسـيس حاجتنا إلى الرجوع إلى منابع الاِسلام الصافية، مع ضرورة تشخيص تلك الثقافات المنحرفة، فهي كجرثومة السرطان التي إذا ما وجدت بيئـتها في عضوٍ فليس له طبٌّ غير الاسـتئصال!

    كيـف لا؟! وهدفها المعلَن هو التشكيك ببعض المسلَّمات والثوابت الدينية بحجّة اختلافها وتعارضها.. ويأتي في مقدّمة تلكم المسلَّمات والثوابت مسألة الاعتقاد بظهور الاِمام المهديّ عليه السلام في آخر الزمـان.

    نعم، لقد تعرّض لهذه المسألة بالنقد مفتقرو المعايير العلمية لنقد الحديث، وتأثّر بعضهم بمنهج البحث الاسـتشراقي إزاء قضايانا الاِسلامية، حتّى أطلق ـ تبعاً لجولدزيهر، وفلوتن، وولهوسن، وغيرهم ـ خرافة فكرة الاِمام المهديّ وأُسطوريّتها!!

    وهكذا طعنوا إسلامهم في الصميم، ولم يلتفتوا إلى أنّ الاَُسطورة التي بسطت وجودها بهذا الشكل في تراثنا الاِسلامي، ومدّت خيوطها في سائر العصور الاِسلامية، وانتشر الاِيمان بها في كلّ جيل؛ لا شكّ أنّها سلبت عقول فحول علماء المسلمين، وصنعت لاَجيالهم تاريخاً عقائدياً مزيّفاً، وتلك هي الطامّة الكبرى والكارثة العظمى!

    كيـف لا؟! وفي تاريخ المسلمين أُسطورة قد أجمعوا على صحّتها!!
    هذا، مع أنّ التاريخ لا يعرف أُمّة خلقت تاريخَها أُسطورةٌ، فضلاً عن كون أُمّة محمّـد صلى الله عليه وآله وسلم هي من أرقى أُمم العالم حضارة باعتراف المسـتشرقين أنفسهم، ناهيك عن دور القرآن الكريم والسُـنّة المطهّرة في تهذيب نفوس المسلمين، ومحاربة البدع والخرافات والاَساطير التي كانت سائدة في مجتمع ما قبل الرسالة السماوية الخالدة.

    ومن هنا، وانطلاقاً من رصد المشاكل الثقافية المهمّة المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بواقع النقد وُلِدَ هذا البحث، ليكون مساهمة متواضعة بحاجة إلى النقد العلمي البنّاء، والاِضاءة، والتطوير، لعلّه يؤدّي إلى فهم إسلامي مشترك، ويغلق منافذ التشكيك بواحدة من مهمّات قضايانا الاِسلامية، وهي قضية ظهور الاِمام المهديّ عليه السلام في آخر الزمان، وعلى طبق ما أخبرت به السُـنّة النبويّة المطهّرة(*).

    وسوف أستهلّ البحث بإثبات تواتر أحاديث المهديّ، ذاكراً مَن أخرجها من الاَئمّة الحفّاظ، ومَن أُسندت إليه، ومَن قال بصحّتها أو اعترف بتواترها على نحو الاِيجاز والاختصار، ومِن ثمّ إخضاع ما وقفت عليه من الاَحاديث المختلفة والمتعارضة بهذا الشأن إلى الدراسة والنقد وعلى ضوء ما تعارف عليه أهل الفنّ من الفريقين، راجياً من السادة العلماء، والمشايخ الاَجـلاّء، والباحثين الفضلاء التماس العذر لي على ما يرونه من زلاّت وهفوات وهنات، وأن يغفروا لي ذلك، والله أَوْلى بالمغفرة.وهو حسـبي.


    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    (*) : راجع كتاب: «مقدّمة في علم التفاوض الاجتماعي والسياسي» للدكتور حسن محمّـد وجيه، إصدار سلسلة عالم المعرفة، رقم 190، الكويت 1415 هـ، فستجد فيه نماذج راقية من أدب الحوار الهادف الذي يمكن توظيفه لخدمة الاَعمال النقدية؛ والحقّ، أنّي استفدت هنا من بعض أفكاره.


    يتبع ....

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    50

    افتراضي تطبيق المعايير العلمية لنقد الحديث على ما اختلف وتعارض من أحاديث المهديّ بكتب الفريقي



    السيّد ثامر هاشم حبيب العميدي


    القسم الثاني :


    تواتر أحاديث المهديّ عليه السلام :


    إنّ المشهور شهرة واسعة بين جميع المسلمين، وعلى مرّ الاَعصار أنّه لا بُـدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت، يؤيّد الدين ويظهر العدل، وينشر الاِسلام في بقاع العالم كلّه، ويسمّى بالاِمام المهديّ.

    هذا باعتراف ابن خلدون (ت 808 هـ) الذي حاول مناقشة أحاديث المهديّ وتضعيفها، مع تصريحه بصحّة بعضها كما نشير إليه في محلّه.

    والحقّ أنّ دليل المسلمين على ذلك هو تواتر أحاديث المهديّ والجزم بصحّتها، وليس شهرتها، فقد أخرجها في ما وقفت عليه ببحث مستقلّ جماعة كثيرة من أئمّة الحفّاظ، وأسندوها إلى عدد وافر من الصحابة،

    واليك الاِشارة السريعة إلى كلّ هذا.

    فنقـول:

    أخرج أحاديث الاِمام المهديّ عليه السلام ابن سعد (ت 230 هـ)، وابن أبي شـيبة (ت 235 هـ)، والاِمام أحمـد بن حنبـل (ت 241 هـ)، وأبو بكر الاِسكافي (ت 260 هـ)، وابن ماجة (ت 273 هـ)، وأبو داود (ت 275 هـ)، وابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ)، والترمذي (ت 279 هـ)، والبزّار (ت 292 هـ)، وأبو يعلى الموصلي (ت 307 هـ)، والطبري (ت 310 هـ)، والعقيلي (ت 322 هـ)، ونعيم بن حمّاد (ت 328 هـ)، وابن حبّان البستي (ت 354 هـ)، والمقدسي (ت 355 هـ)، والطبراني (ت 360 هـ)، وأبو الحسن الآبري (ت 363 هـ)، والدارقطني (ت 385 هـ)، والخطّابي (ت 388 هـ)، والحاكم النيسابوري (ت 405 هـ)، وأبو نعيم الاَصبهاني (ت 430 هـ)، وأبو عمرو الداني (ت 444 هـ)، والبيهقي (ت 458 هـ)، والخطيب البغدادي (ت 463 هـ)، وابن عبـد البرّ المالكي (ت 463 هـ)، والديلمي (ت 509 هـ)، والبغوي (ت 510 أو 516 هـ)، والقاضي عياض (ت 544 هـ)، والخوارزمي الحنفي (ت 568 هـ)، وابن عساكر (ت 571 هـ)، وابن الجوزي (ت 597 هـ)، وابن الجزري (ت 606 هـ)، وابن العربي (ت 638 هـ)، ومحمّـد بن طلحة الشافعي (ت 652 هـ)، والعلاّمة سبط ابن الجوزي (ت 654 هـ)، وابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي (ت 655 هـ)، والمنذري (ت 656 هـ)، والكنجي الشافعي (ت 658 هـ)، والقرطبي المالكي (ت 671 هـ)، وابن خلّـكان (ت 681 هـ)، ومحبّ الدين الطبري (ت 694 هـ)، وابن تيميّة (ت 728 هـ)، والجويني الشافعي (ت 730 هـ)، وعلاء الدين بن بلبان (ت 739 هـ)، ووليّ الدين التبريزي (المتوفّى بعد سنة 741 هـ)، والمزّي (ت 742 هـ)، والذهبي (ت 748 هـ)، وسراج الدين ابن الوردي (ت 749 هـ)، والزرندي الحنفي (ت 750 هـ)، وابن قيّم الجوزية (ت 751 هـ)، وابن كثير (ت 774 هـ)، وسعد الدين التفتازاني (ت 793 هـ)، ونور الدين الهيثمي (ت 807 هـ).

    أقـول:

    ذكرنا هؤلاء الاَئمّة الحفّاظ إلى عصر المؤرّخ ابن خلدون (ت 808 هـ) الذي تناول أحاديث المهديّ بالدراسة والنقد، وضعّفها مصرّحاً بصحّة القليل منها مع أنّه لم يتناول من تلك الاَحاديث إلاّ القليل جدّاً؛ لكي يعلم عدم وجود الموافق لابن خلدون، لا قبله، ولا بعده أيضاً، إلاّ شرذمة قليلة ممّن راقها زبرج الثقافة الاستشراقية(1).

    هذا، وقد أسند مَن ذكرنا أحاديثَ الاِمام المهديّ عليه السلام إلى الكثير من
    ____________
    (1) ناقشنا هؤلاء في كتابنا: دفاع عن الكافي 1|167 ـ 611، فراجع.



    الصحابة، وأضعافهم من التابعين، وسنذكر بعض من وقفنا عليه منهم بحسب وفياتهم مبتدئين بـ:

    فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (ت 11 هـ)، ومعاذ بن جبل (ت 18 هـ)، وقتادة بن النعمان (ت 23 هـ)، وعمر بن الخطّاب (ت 23 هـ)، وأبي ذرّ الغفاري (ت 32 هـ)، وعبـد الرحمن بن عوف (ت 32 هـ)، وعبـدالله بن مسعود (ت 32 هـ)، والعبّاس بن عبـد المطلب (ت 32 هـ)، وكعب الاَحبار (ت 32 هـ)، وعثمان بن عفّان (ت 35 هـ)، وسلمان الفارسي (ت 36 هـ)، وطلحة بن عبـدالله (ت 36 هـ)، وعمّار بن ياسر (ت 37 هـ)، والاِمام عليّ عليه السلام (ت 40 هـ)، وتميم الداري (ت 40 هـ)، وزيد بن ثابت (ت 45 هـ)، وحفصة بنت عمر بن الخطّاب (ت 45 هـ)، والاِمام الحسن السبط عليه السلام (ت 50 هـ)، وعبـد الرحمن بن سمرة (ت 50 هـ)، ومجمع بن جارية (ت نحو 50 هـ)، وعمران بن حصين (ت 52 هـ)، وأبي أيّوب الاَنصاري (ت 52 هـ)، وعائشة بنت أبي بكر (ت 58 هـ)، وأبي هريرة (ت 59 هـ)، والاِمام الحسـين السبط الشهيد عليه السلام (ت 61 هـ)، وأُمّ سلمة (ت 62 هـ)، وعبـدالله بن عمر بن الخطّاب (ت 65 هـ)، وعبـدالله بن عمرو بن العاص (ت 65 هـ)، وعبـدالله بن عبّاس (ت 68 هـ)، وزيد بن أرقم (ت 68 هـ)، وعوف بن مالك (ت 73 هـ)، وأبي سعيد الخدري (ت 74 هـ)، وجابر بن سمرة (ت 74 هـ)، وجابر بن عبـدالله الاَنصاري (ت 78 هـ)، وعبـدالله بن جعفر الطيّار (ت 80 هـ)، وأبي أُمامة الباهلي (ت 81 هـ)، وبشر ابن المنذر بن الجارود (ت 83 هـ ـ وقيل: جدّه الجارود بن عمرو، ت 20 هـ ـ)، وعبـدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي (ت 86 هـ)، وسهل بن سعد الساعدي (ت 91 هـ)، وأنس بن مالك (ت 93 هـ)، وأبي الطفيل (ت 100 هـ)، وشهر بن حوشب (ت 100 هـ).

    إلى غير هؤلاء ممّن لم أقف على تاريخ وفياتهم، كأُمّ حبيبة، وأبي الجحّاف، وأبي سلمى راعي إبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأبي ليلى، وأبي وائل، وحذيفة بن أُسيد، وحذيفة بن اليمان، والحرث بن الربيع أبي قتادة، وزرّ بن عبـدالله، وزرارة بن عبـدالله، وعبـدالله بن أبي أوفى، والعلاء، وعلقمة بن عبـدالله، وعلي الهلالي، وقرّة بن أياس.

    ولا بأس هنا بإطلالة واحدة على حديث صحابيٍّ واحد فقط ممّن ذكرنا من أسماء الصحابة الّذين أُسندت إليهم أحاديث المهديّ؛ لتتبيّن طرقه وتفرّعاتها في كلّ طبقة من طبقات الرواة، مع كثرة من أخرجه من الاَئمّة الحفّاظ، وهو حديث أبي سعيد الخدري، وقس عليه أحاديث بقيّة الصحابة، التي تعرّض لبعضها أبو الفيض الغماري بتفصيل رائع، وإليك نصّ ما قاله عن الحديث الذي اخترناه.

    قال: «أمّا حديث أبي سعيد الخدري: فورد عنه من طريق:
    أبي نظرة،
    وأبي الصديق الناجي،
    والحسن بن يزيد السعدي.

    أمّا طريق أبي نظرة: فأخرجه أبو داود، والحاكم كلاهما من رواية عمران القطّان، عنه.

    وأخرجه مسلم في صحيحه من رواية سعيد بن زيد، ومن رواية داود ابن أبي هند كلاهما، عنه. لكن وقع في صحيح مسلم ذِكره بالوصف لا بالاسم كما سيأتي.

    وأمّا طريق أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد: فأخرجه عبـد الرزّاق، والحاكم من رواية معاوية بن قرّة، عنه.

    وأخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم من رواية زيد العمّي عنـه .

    وأخرجه أحمد والحاكم من رواية عوف بن أبي جميلة الاَعرابي، عنه.

    وأخرجه الحاكم من رواية سليمان بن عبيد، عنه.

    وأخرجه أحمد والحاكم من رواية مطر بن طهمان وأبي هارون العبدي كلاهما، عنه.

    وأخرجه أحمد أيضاً من رواية مطر بن طهمان وحده، عنه.

    وأخرجه أيضاً من رواية العلاء بن بشير المزني، عنه.

    وأخرجه أيضاً من رواية مطرف، عنه.

    وأمّا طريق الحسن بن يزيد: فأخرجه الطبراني في الاَوسط من رواية أبي واصل عبـد بن حميد، عن أبي الصدّيق الناجي، عنه. وهو من رواية المزيد في متّصل الاَسانيد»(2).

    وإذا ما نظرنا إلى أحاديث بقيّة الصحابة بهذه الصورة اتّضح لنا أنّ أحاديث المهديّ لا شبهة ولا إشكال في تواترها عند أهل السُـنّة، وقد صرّح بهذا الكثير من أعلامهم كما سيأتي.

    وأمّا ما يتعلّق بالشيعة الاِمامية، فهو لا يكاد يخفى على أحد أنّ الاِيمان بظهور الاِمام المهديّ عندهم أصل من أُصول الاعتقاد، ومن البداهة أنّ المسائل الاعتقادية الصحيحة لا تثـبت بدون تواترها، ولهذا فالاِطالة في إيراد مَن أخرج أحاديث المهديّ منهم مع بيان طرقهم إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيتـه عليهم السلام وصحابته الاَجلاّء رضي الله تعالى عنهم هي إطالة في الواضحات. مع أنّ البحث هو عن نقدِ وتحليلِ التعارض والاختلاف في أحاديث المهديّ عند الفريقين، إلاّ أنّ التمهيد لهذا البحث بما ذكرناه، مع بيان رأي علماء
    ____________
    (2) إبراز الوهم المكنون: 438.


    الحديث والنقّاد والحفّاظ المهرة من أهل السُـنّة بهذه الرسالة بالذات، وكشف موقفهم منها ومن أحاديثها، يعطي للبحث طابعه الاِسلامي العامّ ويبعده عن أيّ إطار مذهبي خاصّ.

    ولمّا كان تصريحهم بصحّة أحاديث الاِمام المهديّ عليه السلام ، مع قول الكثير منهم بتواترها، وإفتاء الفقهاء على المذاهب الاَربعة بضرورة تأديب منكِرها، وإرغامه على الرجوع إلى الحقّ باسـتتابته، فإنْ رجع فهو، وإلاّ أُهدر دمه شرعاً؛ لاَنّه استخفّ بالسُـنّة المطهّرة على حدّ تعبيرهم، ممّا لا يسعه صدر البحث؛ لذا سـنشير إجمالاً إلى بعض من صرّح بصحّة أحاديث الاِمام المهديّ أو صرّح منهم بتواترها، مكتفين ببيان اسمه وكتابه وتعيين موضع التصريح وعلى النحو الآتي:

    الترمذي (ت 297 هـ) في سننه(3)، والعقيلي (ت322 هـ) في الضعفاء الكبير(4)، والبربهاري (ت 329 هـ) كما في الاحتجاج بالاَثر(5)، ومحمّـد بن الحسين الآبري (ت 363 هـ) صرّح بتواتر أحاديث المهديّ كما في تذكرة القرطبي(6)، والحاكم (ت 405هـ)(7)، والبيهقي (ت 458 هـ) كما في منار ابن القيّم(8)، والبغوي (ت510 أو 516 هـ)(9)، وابن الاَثير (ت 606 هـ)(10)،
    ____________
    (3) سنن الترمذي 4|505 ـ 506 ح 2230 ـ 2233.
    (4) الضعفاء الكبير 3|253 ح 1257.
    (5) الاحتجاج بالاَثر على من أنكر المهديّ المنتظر: 28.
    (6) التذكرة: 701، وقد نقل القول بتواتر أحاديث المهديّ عن الآبري وارتضاه.
    (7) مستدرك الحاكم 4|429 و 450 و 457 و 464 و 465 و 502 و 520 و 553 و 554 و 557 و 558.
    (8) المنار المنيف: 130 ح 225، وانظر: الاعتقاد ـ للبيهقي ـ: 127.
    (9) مصابيح السُـنّة: 488 ح 4199، وص 492 ـ 493 ح 4210 و 4211 و 4212 و 4213 و 4215.
    (10) النهاية في غريب الحديث 1|290، 2|172 و 325 و 386، 4|33، 5|254..254/5/


    والقرطبي المالكي (ت 671 هـ)(11)، وابن منظور (ت 711 هـ)(12)، وابن تيميّـة (ت 728 هـ)(13)، والمـزّي (ت742 هـ)(14)، والذهـبي (ت 748 هـ)(15)، وابن القيّم (ت 751 هـ)(16)، وابن كثير (ت 774 هـ)(17)، والتفتازاني (ت 793 هـ)(18)، ونور الدين الهيثمي (ت807هـ)(19)، وابن خلدون (ت 808 هـ) اعترف بصحّة بعض أحاديث المهديّ(20)، والجزري الشافعي (ت 833 هـ)(21)، وأحمد بن أبي بكر البوصيري (ت 840 هـ)(22)، وابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)(23)، وشمس الدين السخاوي (ت 902 هـ)(24)، والسيوطي (ت 911 هـ)(25)، والشعراني (ت
    ____________
    (11) التذكرة: 701 و 704.
    (12) لسان العرب 15|59 مادّة «هَدِيَ».
    (13) منهاج السُـنّة 4|211.
    (14) تهذيب الكمال 25|146 ـ 149 رقم 5181 في ترجمة محمّـد بن خالد الجنـدي.
    (15) تلخيص المستدرك 4|553 و 558.
    (16) المنار المنيف: 130 ـ 133 ح 326 و 327 و 329 و 331، و ص 135.
    (17) النهاية في الفتن والملاحم 1|55 و 56.
    (18) شرح المقاصد 5|312، وشرح عقائد النسفي: 169.
    (19) مجمع الزوائد 7|313 ـ 317.
    (20) تاريخ ابن خلدون 1|564 و 565 و 568، الفصل 52.
    (21) أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب: 163 ـ 168.
    (22) مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة 3|263 رقم 1442.
    (23) تهذيب التهذيب 9|125 رقم 201 في ترجمة محمّـد بن خالد الجندي، وفتح الباري 6|385.
    (24) كما في: نظم المتناثر من الحديث المتواتر ـ للكتّاني ـ: 226 رقم 289، حكى عنه القول بتواتر أحاديث المهديّ.
    (25) الجامع الصغير 2|672 ح 9241 و 9243 و 9244 و 9245، و 2|438 ح 7489، وحكى عنه البلبيسي في العطر الوردي: 45 أنّه قال بتواترها في بعض 7489، وحكى عنه البلبيسي في العطر الوردي: 45 أنّه قال بتواترها في بعض كتبه.



    973 هـ)(26)، وابن حجر الهيتمي (ت974 هـ)(27)، والمتّقي الهندي (ت 975 هـ) وفي كتابه «البرهان» بيانٌ لاَربع فتاوىً لفقهاء المذاهب الاِسلامية بشأن من أنكر ظهور المهديّ في آخر الزمان وكذّب بالاَحاديث الواردة في هذا الشأن(28)، والشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (ت 1033 هـ)(29)‌، والبرزنجي (ت 1103هـ)، والزرقاني المالكي(ت (30)(31)، والشيخ محمّـد بن قاسم بن محمّـد جسوس المالكي (ت 1182 هـ)(32)، وأبو العلاء العراقي (ت 1183 هـ)(33)، والسفاريني الحنبلي (ت 1188 هـ)(34)، والزبيدي الحنفي (ت 1205 هـ)(35)، والشيخ الصبّان (ت 1206 هـ)(36)، والسويدي (ت 1246 هـ)(37)، والشوكاني الزيدي (ت 1250 هـ)(38)، والشبلنجي (ت 1291هـ)(39)، وأحمد زيني دحـلان
    ____________
    (26) اليواقيت والجواهر 2|143.
    (27) الصواعق المحرقة: 162 ـ 167.
    (28) البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: 177 ـ 183.
    (29) راجع: الاِمام المهديّ عليه السلام عند أهل السُـنّة 2|23.
    (30) الاِشاعة لاَشراط الساعة: 87، وهو من القائلين بالتواتر.
    (31) كما في: إبراز الوهم المكنون: 434.
    (32) كما في: نظم المتناثر من الحديث المتواتر: 226 ح 289.
    (33) كما في: نظم المتناثر ـ أيضاً ـ: 226 ح 289.
    (34) راجع: الاِمام المهديّ عليه السلام عند أهل السُـنّة 2|20.
    (35) تاج العروس 10|408 ـ 409 مادّة «هَدَى».
    (36) إسعاف الراغبين: 145 و 147 و 152 مصرّحاً بتواتر أحاديث المهديّ عليه السلام .
    (37) سبائك الذهب: 346.
    (38) كما في: الاِذاعة: 125 و 126، وهو من القائلين بتواتر أحاديث الاِمام المهديّ عليه السلام.
    (39) نور الاَبصار: 187 و 189، وهو من القائلين بالتواتر.


    مفتي الشـافعية (ت 1304 هـ)(40)، والقنوچي البخـاري (ت 1307 هـ)(41)، وشهاب الدين الحلواني المصري الشافعي (ت 1308 هـ)(42)، والبلبيسي الشافعي (المتوفّى في بداية القرن الرابع الهجري)(43)، والآلوسي الحنفي أبو البركات (ت 1317 هـ)(44)، وأبو الطيّب الآبادي (ت 1329 هـ)(45)، والكتّاني المالكي (ت1345 هـ) وقد نقل القول بتواتر أحاديث المهديّ عن جمع من الحفّاظ(46)، والمباركفوري (ت 1353هـ)(47)، والشيخ منصور علي ناصف (المتوفّى بعد سنة 1371 هـ)(48)، والشيخ محمّـد الخضر حسين المصري (ت 1377 هـ)(49)، وأبو الفيض الغماري الشافعي (ت1380 هـ) الذي أثبت تواتر أحاديث المهديّ بأوضح الاَدلّة وأقواها(50)، والشيخ محمّـد بن عبـد العزيز المانع (ت 1385 هـ)(51)، والشيخ محمّـد فؤاد
    ____________
    (40) الفتوحات الاِسلامية 2|211، وهو من القائلين بالتواتر.
    (41) الاِذاعة: 112 و 114 و 128، وقد صرّح بتواتر أحاديث المهديّ، ونقل عن الاَئمّة الحفّاظ القول بتواترها، فراجع.
    (42) القطر الشهدي في أوصاف المهديّ: 68.
    (43) العطر الوردي: 44 و 45.
    (44) غالية المواعظ: 76 ـ 77.
    (45) عون المعبود شرح سنن أبي داود 11|361.
    (46) نظم المتناثر: 225 ـ 228 ح 289.
    (47) تحفة الاحوذي : في شرح الحديث رقم 2331، باب ما جاء في المهديّ.
    (48) التاج الجامع للاَُصول 5|341.
    (49) نظرة في أحاديث المهديّ ـ مقال نشرته مجلّة «التمدن» لسنة 1370 هـ للشيخ المذكور، في ص 831.
    (50) إبراز الوهم المكنون: 443 وما بعدها، والمهديّ المنتظر: 5 ـ 8، وكلاهما لاَبي الفيض.
    (51) كما في: الاحتجاج بالاَثر: 299.


    إلى غيرهم من عشرات العلماء المعاصرين ممّن لهم خبرة واسعة في علوم الحديث رواية ودراية، كالمودودي في البيانات: 166، والاَلباني في مقال حول المهديّ: 644 منشور في مجلّة التمدّن الاِسلامي لسنة 1371 هـ العدد 22، والشيخ صفاء الدين كما في مجلّة التربية الاِسلامية العراقية السـنة 14 العدد 7 ص 30، والشيخ عبـد المحسن العبّاد في محاضرته عن الاِمام المهديّ منشورة في مجلّة الجامعة الاِسلامية بالمدينة المنوّرة لسنة 1388 هـ، وله محاضرة أُخرى نشرتها المجلّة نفسها سنة 1400 هـ حول الردّ على من كذّب بالاَحاديث الصحيحة الواردة في المهديّ، والشيخ التويجري في كتابه «الاحتجاج بالاَثر على من أنكر المهديّ المنتظر»، والشيخ ابن باز كما في تصديره لكتاب «الاحتجاج بالاَثر» المتقدّم، وتعقيبه على محاضرة الشيخ عبـد المحسن العبّاد، وغيرهم.

    فاتّفاق أهل السُـنّة مع الشيعة الاِمامية بشأن صحّة أحاديث المهديّ وتواترها ممّا لا مجال لاِنكاره، واتّفاقهم على أنّ الموعود بظهوره في لسان الاَحاديث اسمه (محمّـد) ولقبه (المهديّ) ممّا لا شكّ فيه؛ لشهادة جميع من ذكرنا بذلك مع صراحة الاَحاديث به أيضاً من طرق الفريقين.


    إذن، فما هو الاختلاف أو التعارض في تلك الاَحاديث الذي حمل البعض على القول بأُسطورية الفكرة وخرافتها؟!

    وهل إنّ التعارض والاختلاف بين تلك الاَحاديث تعارض واختلاف حقيقي لا يمكن إزالته بحال من الاَحوال بحيث يؤدي إلى تهافت الاَحاديث وتساقطها برمّتها، أم إنّه بَدويّ في بعض، ولا أصل له في بعض آخر؟
    ____________
    (52) كما في محاضرة الشيخ العبّاد «عقيدة أهل السُـنّة والاَثر في المهديّ المنتظر» نشرت في العدد 46 من مجلّة الجامعة الاِسلامية السعودية لسنة 1400 هـ.


    ثمّ ما هو الميزان الذي يحتكم إليه في معرفة التعارض والاختلاف الحاصلَين في أحاديث المهديّ؟

    وهل تنسجم دعوى صحّة تلكم الاَحاديث وتواترها مع دعوى اختلافها وتعارضها؟

    إنّها أسئلة ملحّة وكثيرة، وجوابها منوط بتقسيم أحاديث المهديّ إلى طوائف، لكي يتّضح من سير البحث ما اختلف منها، وما ائتلف، وما وُضِع، أو شذّ أو ضعف بحيث لا ِيمكن عدّه معارضاً أو مخالفاً للصحيح الثابت باعتراف علماء الفريقين .



    يتبع ....


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني