النتائج 1 إلى 10 من 10
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    قلب كل معذب
    المشاركات
    1,093

    Cool القطيف وسبر أغوار التاريخ!!

    السلام عليكم

    [align=center]القطيف وسبر أغوار التاريخ!![/align]


    مدينة تاريخية غفل عنها الكثير من الناس ، تركت لتصارع الزمن فتغلبت عليه هجرها الكثير من المثقفين والباحثين بعضهم عنوة والآخر عن غير قصد لعدم درايتهم أو لجهلهم أصلاً بما تحتويه هذه المدينة من تاريخ مغيب وتراث منسي ... ربما نعذر هؤلاء المثقفين لهجرهم هذه المدينة العظيمة ونبرر مواقفهم لعلمنا نحن أبناء القطيف بما يدور خلف الكواليس من دسائس وخرافات وتشويه متعمد لهذا الصرح العظيم وتاريخه المجيد ولكننا لانعذرهم عندما نعلم أنهم يرون عين الحقيقة واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار ونجدهم يختلقون الأعذار الواهية التي لامبررلها لعدم دراستهم تاريخ القطيف وسبر أغوار تراثها المغيب وهذا الموقع فيه قليل من الحقائق التي غابت عن أذهان الكثير من الناس ولاسيما هؤلاء المثقفين الذين كان يجب عليهم التروي قبل إتخاذ القرار بالهجران فلا ضير الآن ولاعذر فليطلع من غفل وليتذكر من نسى وبعدها عليه إتخاذ القرار فلنكن منصفين .

    لقد وجدت تزوير وتحريف من قبل الوهابيين الذين يتنكرون لتاريخ المنطقة الشرقية ولأنهم لا يملكون الأدلة الدامغة فنجدهم يتوقفون في بحوثهم على سطوح التاريخ فقط!! فينسبون المنطقة لقبيلة بني خالد وبني عجمان وهما قبيلتان نزحتا للمنطقة في الآونة الحديثة من التاريخ لغرض اجتماعي تارة وغرض سياسي تارة أخرى . . ولكن هلموا نسبر أغوار التاريخ:


    مؤلفات سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي :
    الخليج في خرائط تاريخية (1478 - 1861)
    - The Gulf in Historic Maps ( 1478 – 1861 )
    ( طبعة ثانية )
    تحتوي على مجموعة خاصة من الخرائط الأصلية .
    الطابعون : Stream Line Press Limited Leicesters, United Kingdom
    ( جمع وإعداد )
    الطبعة الأولى : 1996
    مجموعة الخرائط الأصلية المنشورة في الكتاب هي مجموعة خرائط مقتناة عبر سنوات طوال، تم عرضها لأول مرة في الشارقة لدى افتتاح متحف الشارقة للفنون في مقره الأول ( المؤقت) في بيت السركال في حي الشويهين في الشارقة القديمة. ونظراً للإقبال الكبير، أصدره الباحث في كتاب ليضم الخرائط المطبوعة فقط، ويعود أقدمها إلى خرائط الخليج المعتمدة على نصوص بطليموس (القرن الثاني) والتي ظهرت إبان السنوات الأخيرة للقرن الخامس عشر، ولكن الخليج في الخرائط المعروفة حتى المعاصرة يبدأ مع جهود جياكومو جاستالدي اعتباراً من العام 1548 بإتاحته الفرصة والمعلومات حول البرتغاليين في الخليج .. لكن الخرائط المتعلقة بالمنطقة والناتجة عن الملاحة فيما نشرت في البرتغال وبعضها بعد وثيقة ثمينة ذات قيمة ( ظهرت قطر في خريطة مستنسخة هولندية عام 1596 ثم لم تظهر مجدداً إلا بعد رحلة سفينة بريطانية عام 1807). الهولنديون والبريطانيون طوروا وجودوا الخرائط عن المنطقة، وخصوصاً ساحل فارس وجزر الخليج، ولكن لم ينشروا خرائط إلا بعد جهود الهولنديين اعتباراً من عامي 1644 و 1646 كما في خريطة ( بيتر فانديرا) عام 1714 لمضيق هرمز. الفرنسيون في بدايات القرن الثامن عشر نشروا خرائط علمية أظهرت المنطقة الخليجية في صورتها الواقعية، بل واعتمدت بعض خرائطهم على معلومات فرنسية مترجمة عن (أبو الفدا).. وسرعان ما توفرت الخرائط في اللغات الإنجليزية ثم الفرنسية ثم الهولندية جد مهمة (نشر جوهانز فان كويلن في عام 1753 خريطة بحرية تكشف بعض غموض الساحل العربي).
    في أواسط القرن الثامن عشر توافرت معلومات أكثر وأوسع عن منطقة الخليج بعد البعثات إلى المنطقة، فلقد أرسل ملك الدنمارك بعثة إلى الجزيرة العربية نجا منها ( كارستن فيبور) الذي نشر ما يشير إلى الشارقة والكويت ( Scharedsche & Kuwait) . كما نجح في مسوحاته في خريطة عمان والتي تعتبر الأولى التي توفر معلومات عن داخل عمان .
    في القرن التاسع عشر استخدمت التقانة الجديدة والأجهزة بوساطة البريطانيين في الخليج ( 1821) بعد السيطرة على المنطقة، حيث برزت للمرة الأولى للخرائط ( الحقيقية) للمشيخات والدول بأسرها رغم بعض الأخطاء في ضبط المواقع بالدقة الكافية، التي سيتم تصحيحها وتصويبها عبر السنوات اللاحقة ( في خرائط كونستابل وستيف).
    ظلت الخرائط المتعلقة بالمنطقة تعتمد على بطليموس أو تستوحي الإنجيل أو تاريخ فتوحات الاسكندر الأكبر ولكن في ثياب جديدة .. مثل هذه الخرائط ليس لها قيمة تاريخية مباشرة ولكنها جديرة بالاعتبار في مسيرة تطور علم الخرائط .
    تبدأ مجموعة الخرائط التاريخية بخريطة تعود للعام 1478 وتنتهي بخريطة تعود إلى العام 1861. ويشتمل الكتاب على 303 خرائط في 311 صفحة إلى جانب ثبت الخرائط في ثماني صفحات من القطع الكبير في طباعة فاخرة .
    ومن الخرائط الذي يحتويها هذا الكتاب القيم خرائط تاريخية للخليج العربي تظهر وبوضوح مدينة القطيف وكيف كان الخليج يسمى ببحر القطيف!! :




    خريطة أثرية تعود لأوائل القرن السادس عشر تبين بوضوح أن ما يعرف اليوم بالخليج العربي كان يسمى «بحر القطيف» :


    في أوج حضارة فارس، كان الخليج يعرف بأسم «بحر القطيف» حسب هذه الخريطة التي تعود لأوائل القرن السادس عشر:


    خريطة أثرية تعود لأوائل القرن السادس عشر تبين بوضوح أن ما يعرف اليوم بالخليج العربي كان يسمى «بحر القطيف» :


    يتبع . .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    قلب كل معذب
    المشاركات
    1,093

    افتراضي

    نبذة تاريخية عن القطيف:

    قالوا القطيف فقلتُ غاية قصدنا


    القطيف بفتح أوله، وكسر ثانيه، على وزن فعيل، من القطف، وهو القطع من العنب ونحوه.. إنها مدينة بالبحرين هي اليوم قصبتها وأعظم مدنها (معجم البلدان – ص/378). وقد زارها إبن بطوطة وذكر أنها مدينة ذات نخل كثير (القافلة – عدد ذي الحجة 1389هـ). ولعل اسمها في الأصل محرف عن «كيتوس – Cateus» الاسم القديم الذي ذكره مؤرخو اليونان لهذه المنطقة (ساحل الذهب الأسود – الطبعة الثانية – محمد سعيد المسلم). وقد سميت القطيف أيضاً ب (الخَط) و الخُط كما يعرفها بذلك ياقوت الحموي فيقول: «الخَط أرض تنسب إليها الرماح الخطية، ومن قرى الخط القطيف والعقير وقطر. والخُط : خُط عبد القيس بالبحرين، وهو كثير النخل».
    نبذة تاريخية
    تلك هي القطيف … المدينة التاريخية التي شهدت أرضها أمماً وحضارات شتى كالكلدانيين والكنعانيين والفينيقيين والدلمونيين، حيث كانت القطيف حاضرة ذات شأن كبير في منطقة الخط والتي تعني الساحل الممتد من البصرة إلى عُمان. وحول هذا الموضوع يقول المؤرخ الشاعر الأستاذ محمد سعيد المسلم : «القطيف مدينة ساحلية، وميناء مهم في الوقت نفسه. فالميناء يستقطب النشاط التجاري، والحضارات جميعها، في الغالب، تنشأ على ضفاف الأنهار وشواطئ البحار. فنجد بغداد نشأت على ضفاف دجلة، والإسكندرية وبيروت وصيدا وصور وقرطاجة، نشأت على شواطئ البحر الأبيض المتوسط. فأغلب المدن تؤسس على شواطئ البحار لاسيما إذا كانت على ملتقى الطرق التجارية، حيث تستقطب النشاط التجاري، وتتمازج ثقافتها وشعوبها مع الثقافات والشعوب التي تتصل بها. فكانت منطقة الخليج تعتبر بوابة الشرق والغرب، في الزمن القديم، أو كما يقولون همزة وصل بين تجارة الشرق والغرب، ولذلك استقطب الخليج حركة تجارية في شرق الجزيرة العربية، وتدفقت عليه أجناس سامية كالسومريين، الذين أنشأوا الحضارة الدلمونية. وكانت مدينة القطيف عاصمة إقليم البحرين في أدوار مختلفة، ففي القرن الأول والثالث والتاسع الهجري كانت عاصمته وأزهى مدنه، وإليها كانت تنسب الرماح الخطية الشهيرة». (ساحل الذهب الأسود – الطبعة الثانية – محمد سعيد المسلم).
    ومما لاشك فيه أن الساحل الشرقي من شبه الجزيرة العربية قد لعب دوراً مهماً عبر العصور السالفة، حيث كان الملتقى الرئيسي لتجارة التوابل والعطور، التي كانت تصدر من موانئ القطيف وتاروت ودارين إلى عدد كبير من دول العالم. (وإلى هذا الإقليم كانت القوافل تتجه من قلب الجزيرة مارةً بالدهناء تنقل شتى البضائع التي اشتهرت بها المنطقة كتمر هجر، ومسك دارين، وثياب الظهران، ورماح الخط، وغير ذلك من السلع التي كانت تنتجها أو ترد عن طريقها) (جريدة اليوم عدد الاثنين 3 جمادى الأولى 1406هـ من مقال للأستاذ/ عبد الرحمن العبيد).
    نبذة جغرافية

    تعتبر مدينة القطيف وما جاورها اليوم من المدن الصغيرة والقرى، جزءاً حيوياً من المنطقة الشرقية، حيث تتربع واحة القطيف المشهورة على جانب من الضفة الغربية للخليج العربي، شمال غرب مدينة الدمام، عن خط الطول 50 وخط العرض 26,32. مناخ واحة القطيف مناخ قاري إذ تصل الحرارة في الصيف إلى نحو 44 درجة مئوية، ونسبة الرطوبة إلى حوالي 90%. أما في الشتاء فتتراوح الحرارة ما بين 18 و 25 درجة مئوية، وتهب على المنطقة خلال شهري مايو ويونيه تقرباً ، رياح موسمية حارة يطلق عليها أهل المنطقة اسم (البوارح). أما الرياح الجنوبية التي تهب على المنطقة فتسمى (الكوس) وهي رياح دافئة تحمل نسبة كبيرة من الرطوبة. أما نسبة سقوط الأمطار عليها فقليلة.
    تحتل واحة القطيف مساحة تقدر بما يزيد على 160 كيلوا متراً مربعاً تقريباً ويبلغ عدد سكانها حوالي 89000 نسمة موزعين على عدد من القرى تزيد على عشرين قرية. أما منطقة القطيف ككل فقد نمت واتسعت وأصبحت تضم عدداً من المدن، والقرى الكبيرة، يبلغ عدد سكانها مجتمعة نحو 250000 نسمة، ومن أهم هذه المدن والقرى: سيهات، عنك، القديح، صفوى، العوامية، الملاحة، الجش، حلة محيش، أم الحمام، الجارودية، التوبي، أم الساهك، أبو معن، الأوجام، بالإضافة إلى جزيرة تاروت، التي تشمل تاروت، ودارين والربيعية، وسنابس، والزور وغيرها.
    المجتمع القطيفي
    يضم المجتمع القطيفي أربع فئات هي: الصيادون، والفلاحون، والتجار، وموظفو الحكومة والشركات والمؤسسات. فالفئة الأولى تعتبر الممون الرئيسي لأسواق المنطقة الشرقية بالسمك، حيث يتم بيع وشراء كميات كبيرة من الأسماك بالمزاد العلني كل يوم في سوق القطيف، ومنه يتوزع إلى أسواق مدن المملكة، وفي الآونة الأخيرة اشتهرت مدينة سيهات بسوق السمك، حيث يتوجه كثير من المواطنين والمقيمين عصر كل يوم، لجلب مختلف أنواع الأسماك الطازجة، والتي يصطادها الصيادون المحليين.
    أما الفئة الثانية، فتنخرط في أعمال الزراعة، والتي كانت لفترة ماضية قريبة، المصدر الرئيسي لتزويد أسواق الدمام والخبر والظهران بالخضراوات والمنتجات الزراعية الأخرى. غير أن تزايد تعداد السكان في المنطقة جعل المصدر المحلي غير قادر على تلبية احتياجات سكانها من الخضراوات والفواكه. لكن هناك مؤشرات تنبئ بعودة نشاط القطاع الزراعي في القطيف إلى سابق عهده وذلك بفضل اهتمام أهل المنطقة بالزراعة، وبفضل المساعدات التي تقدمها الدولة لتشجيع هذا القطاع وتنميته ورفع مستواه.
    والفئة الثالثة، وهي فئة التجار، فتسهم بدور كبير في تنمية الاقتصاد الوطني عن طريق استيراد وتصدير مختلف أنواع السلع والبضائع.
    وأما الفئة الرابعة، وهي تمثل الموظفين العاملين لدى الدوائر والمؤسسات الحكومية والشركات الوطنية، فينخرط منسوبوها في السلك الوظيفي الحكومي والمحلي، وقد التحق الكثيرون منهم بشركة ارامكو.
    القطاع الزراعي
    حبا الله واحة القطيف وتوابعها، منذ القدم، أرضاً طيبة معطاء ومياه وافرة، فشمر الفلاح القطيفي عن ساعديه لحرث الأرض واستصلاحها وزرعها واستغلال خيراتها الممثلة في ثمار النخيل، والحمضيات والفواكه والخضراوات. وكان لاكتشاف البترول في المنطقة الشرقية من المملكة، دور كبير في صرف معظم الفلاحين عن مزاولة الزراعة، فاتجهوا إلى الانخراط في أعمال الزيت مما أدى إلى كساد الزراعة وإهمالها. وإدراكاً من الدولة لأهمية القطاع الزراعي في توفير الأمن الغذائي للسكان، قدمت الدعم السخي ووفرت الحوافز التشجيعية لهذا القطاع الهام إلى جانب تقديم الإعانات والقروض للمزارعين حتى يقوم بدوره في هذا المجال الحيوي.
    الأدب والأدباء في القطيف
    أنجبت منطقة القطيف على مر العصور نخبة من الشعراء والأدباء، استوحوا من هذه الواحة وطبيعة خضرتها ومياهها مادة شعرهم فأغنت ملكاتهم وشحذت قرائحهم … وكان من بين أولئك الشعراء البارزين طرفة بن العبد، والمتلمس، والمثقب العبدي، والشيخ جعفر الخطي، وغيرهم. وفي أوائل الأربعينات من القرن الحالي، اشتهر في المنطقة عدد من الشعراء أمثال خالد الفرج، والشيخ عبد الحميد الخطي، ومحمد سعيد الجشي، و عبد الواحد الخنيزي، وعدنان العوامي، والسيد حسن أبو الرِحي … ومن الشعراء المعدودين في ساحة الفكر والأدب في القطيف الشاعر محمد سعيد المسلم. وهناك شعرا ء آخرون كالشاعر عبد الحميد الخطي (رحمه الله) الذي يقول في قصيدة له عن القطيف:
    قالوا القطيف فقلت غاية قصدنا ألق المراسي أيها الربان
    وافيته والبدر يبسط نوره فوق الضفاف وترقص الشطآن
    وعليه من نسج المساء ملاءة صفراء باهتة بها الألوان
    والسفن أسراب تروح وتغتدي نوعان ذا وان وذا عجلان
    والشرع هامسة الشعاع كأنه نفضت جناحا في الفضا العقبان

    الأماكن الأثرية والشعبية بمنطقة القطيف
    منطقة القطيف غنية بالمواقع الأثرية التي تعكس أهمية هذا الجزء الشرقي من الجزيرة العربية في عصور سالفة متعددة. وسنستعرض هنا أهم الأماكن الأثرية والشعبية فيها:
    جزيرة تاروت

    كانت هذه الجزيرة فيما مضى موطناً للفينيقيين والبرتغاليين. كان يفصل بينها وبين مدينة القطيف مخاضة يقطعها السكان بأرجلهم عند أدنى مستوى للجزر. وبالقوارب الصغيرة عند أعلى مستوى للمد. أما اليوم فقد أصبحت شبه جزيرة يحيط بها الماء من ثلاث جهات: الشمالية والشرقية والجنوبية. أما الجهة الغربية فقد اتصلت بمدينة القطيف عبر شارع فسيح معبد ذي اتجاهين وعلى جانبي الطريق (مكان المخاضة سابقاً) أقيمت أحياء سكنية جديدة. وتقدر مساحة الجزيرة حالياً بنحو 25 كيلو متراً مربعاً. وهي تشتمل على خمس مدن وقرى هي: تاروت (المدينة الرئيسية). الربيعية، سنابس، الزور، ودارين، التي كانت فيما مضى ميناءً تجارياً مشهوراً، والتي ورد ذكرها في التاريخ الإسلامي والشعر العربي، حيث قال الأعشى:
    يمرون بالدهنا خفافاً عيابهم ويخرجن من دارين بجر الحقائب
    وأهم ما يميز جزيرة تاروت حالياً، قلعتها التي تحتل موقعا أثرياً هاماً يعود إلى الألف الثالث قيل الميلاد. وقد قامت إدارة المتاحف والآثار بالمنطقة بسح جميع الأماكن الأثرية فيها، وهي بصدد إعداد دراسة شاملة عن الجزيرة.
    ويروي الأستاذ عبد الرحمن عبد الكريم العبيد أن الجزيرة كانت تعرف بجزيرة دارين وليس بتاروت. وقد استند في ذلك إلى بعض الأقوال، منها ما ذكره الأستاذ حمد الجاسر: «ولكن الجزيرة عرفت بدارين التي كانت من أشهر موانئ شرق الجزيرة لأنها واقعة في رأس داخل في البحر تستطيع السفن بلوغها بسهولة بخلاف بلدة تاروت التي تحيط بها خلجان من البحر ليست عميقة المياه في كل وقت». (مقالة للأستاذ عبد الرحمن العبيد – بجريدة اليوم عدد الإثنين 7 رجب 1406هـ). والواقع أن اسم الجزيرة لا يغير من الحقيقة شيئاً، فهي منطقة تعاقبت عليها، في الأزمان الغابرة، حضارات وأمم متعددة.
    وفي دارين معلم تراثي، وهو منزل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أحد تجار اللؤلؤ المشهورين في الخليج، ولعل الأهمية التاريخية لهذا المعلم التراثي لا تكمن في المبنى ذاته، بل في التل الذي يحتضن المبنى. حيث عثر بجانبه على مسكوكات فضية، يعود تاريخا إلى فترة فجر الإسلام.
    قلعة القطيف
    تشير الدلائل التاريخية إلى أن سواحل المنطقة الشرقية مما فيها القطيف. التي كانت فيما مضى محاطة بسور لحمايتها من الغزاة. ربما تكون هي نفسها التي بناها «أردشير بن بابك» (226 – 241م) (ساحل الذهب الأسود).
    وقد بدأت القطيف كموطن استيطاني صغير على شاطئ الخليج العربي، ومع مرور الأيام سورت حاضرتها (القلعة) بسور يبلغ سمكه نحو مترين، وارتفاعه نحو 9 أمتار، وله أبراج شاهقة مستديرة الشكل يبلغ عددها أحد عشر برجاً وقد شكل ذلك السور أول حي من أحياء القطيف أطلق عله اسم (القلعة) وتدل الكتابات التي كانت محفورة على أجزاء من أحجاره على أنه (بني في عهد السلطان سليم الثاني العثماني في القرن العاشر الهجري، بينما يبدو انه أسس قبل هذا التاريخ بزمن بعيد) (ساحل الذهب الأسود).
    وكان للقلعة أربعة أبواب تفتح في النهار وتغلق في الليل، وهي: باب الشرق ويسمى دروازة البحر، وباب الغرب ويسمى دروازة باب الشمال، وباب الجنوب ويسمى دروازة السوق، وباب الشمال ويصلها بالكوت وهو حصن صغير: والقلعة بشكلها البيضاوي تنقسم إلى أكثر من (فريج)، أي فريق، ويجمع على (فرجان)، أي فروق، وأهمها أربعة هي :
    • فريق الخان وهو في الجهة الغربية
    • فريق السدرة وهو في الجهة الجنوبية الشرقية
    • فريق الزريب وهو في الجهة الشمالية الغربية
    • فريق الوارش وهو في الجهة الشمالية الشرقية
    سوق الخميس
    يتردد الكثير من المواطنين والمقيمين في واحة القطيف ومدن الدمام والظهران والخبر وما حولها على سوق الخميس بالقطيف الذي اتخذ اسمه من اليوم الذي يقام فيه. وهو من الأسواق القديمة حيث يجتمع عدد كبير من الباعة، من داخل الواحة وخارجها، لعرض أصناف متعددة من البضائع والسلع المصنعة محلياً منها والمستوردة.
    عيون الواحة
    اشتهرت واحة القطيف بعيونها الطبيعية. ومن العيون ما قل ماؤها حالياً، ومنها ما زال جارياً بشكل طبيعي، ومنها ما أهمل حتى كاد يتوقف جريان الماء فيها. ومن أهم العيون التي تحتضنها الواحة: حمام أبو لوزة، عين الربيانة، عين المصونة، عين المنصوري، عين أم السباع، عني المليح، عين ميالة، عين داروش، عين أم عمار، وغيرها. تلك هي واحة القطيف التي مازالت تمد أهلها وما حولها بالخير والعطاء الكثير، وستبقى واحة غنية بتراثها ورجالها كما وصفهم الشاعر العربي:
    فقد كان في أهل القطيف فوارس حماة إذا ما الحرب شدت بيذبل

    يتبع.... ..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    قلب كل معذب
    المشاركات
    1,093

    افتراضي

    [align=center]الجذور الأساسية لسكان واحة القطيف[/align]





    الموقع الجغرافي للخليج العربي بحكم كونه ممرا عالميا في الأزمنة الغابرة وهمزة وصل بين الشرق والغرب، كان ملتقى لجميع الأمم والأجناس، وقد حفل بروافد عديدة من السكان، فمن ثم ذهب علماء الآثار الى ان آثار الاستيطان البشري في المنطقة الشرقية اكثر وضوحا في أي جزء آخر من المملكة.
    فمن أول من استوطنها؟ ومن هي الأقوام التي رفدت إليها في الأزمنة السحيقة؟ وخلفت تلك الآثار؟ ومتى استقرت فيها أو هاجرت منها؟ وما هي السلالات التي انصهرت في هذه البوتقة التي زخرت بمختلف الشعوب والأجناس؟
    هذه الأسئلة وغيرها لا تزال تقف منتصبة أمام عين الباحث كألغاز واحاجي، يغلفها ضباب الصمت، ولم يعثر حتى الآن على أجوبة شافية لتلك الأسئلة، ولعل علماء الآثار الذين استعصى عليهم الحل في وقتنا الحاضر ان يهتدوا الى إجابة تكشف غوامضها في مستقبل عاجل أو اجل.
    لقد اكتشف علماء الآثار في هذه المنطقة آثارا قديمة تعود الى العصر الحجري والعصر النحاسي والبرونزي، عثروا عليها في مناطق كثيرة من الخليج العربي، وعثروا كذلك على آثار مختلفة احدث منها، تعود الى الألف الثالث قبل الميلاد وما بعده، ولكنهم لم يتمكنوا من كشف هوية أولئك الأقوام الذين خلفوها، فنسبوها الى البقاع التي اكتشفت فيها، وصنفوها حسب أعمارها وطرازها، كالعصر العبيدي وعصر الوركاء وجمدة نصر وباربار زام النار وغيرها، معنى ذلك ان تاريخ سكان هذه المنطقة يمتد الى العصور الأولى من تاريخ البشرية.
    ان الظواهر الوراثية الموجودة حاليا بين السكان تدل على ان هناك مزيجا من الشعوب نشأ بحكم التزاوج والمصاهرة منذ القدم، وترك بصماته على أجسامهم ووجوههم، فمن بياض البشرة وسمرتها، الى تجعد الشعور وانسباطها، أو سوادها وشقرتها، الى اختلاف ألوان العيون، الى استطالة الأنف ودقته، أو انبعاجة وقصره، الى غلظة الشفاه ودقتها الى كثافة اللحية أو انحسارها.. كل ذلك دلائل على ان دماء سكان هذه المنطقة كان مزيجا من دماء مختلفة كالجنس القوقازي والمغولي والزنجي بحكم اختلاطهم بالوافدين من السكان وتزاوجهم من الشعوب الأخرى.
    لقد تدفقت على هذه المنطقة موجات بشرية من جهاتها الأربع، في فترات من تاريخها، كالعنصر الحامي والسامي والاري، غير ان معلوماتنا ما زالت قاصرة عن معرفة أول من سكنها.
    واقدم ما استقصي من معلومات بان هناك ثلاثة أجناس من الإنسان البدائي الأول، وهم الجنس الدرافيدي والاور أفريقي أو الحامي ثم المنغولي، فالجنس الدرافيدي يرجع اصله سلاليا الى الهند، والحامي الى أفريقيا، والجنس المنغولي الى شرق آسيا، وهذه الأجناس سبقت الأجناس السامية التي استوطنتها، وهم الرعاة من سكان الجزيرة العربية الذين نزحوا إليها ولا نعرف من هم أصحاب الرؤوس السوداء من هؤلاء، وهم السكان الذين أطلق عليهم هذا اللقب في النصوص الاكدية.
    أما الشعوب السامية التي ظهرت في الشمال منذ فجر السلالات الأولى وازدهرت حضارتها كالسومريين والاكديين والبابليين والآشوريين والكلدانيين والفينيقيين، فيرجع اكثر الباحثين الى انهم نزحوا من الخليج العربي في فترات متعاقبة.
    وقد اشتهر من سكانها الساميين الأوائل قوم عرفوا بالكنعانيين وتحدر منهم العمالقة وهم أبناء عمليق الذين تفرعت منهم قبيلة جاشم وهي القبيلة التي يتألف منها سكان البحرين وعمان، ويقول ابن الأثير في تاريخه ان أهل البحرين وعمان هم من العمالقة الذين يقال انهم من الكنعانيين والى هؤلاء كما هو الشائع على السنة السكان يعزى حفر العيون القديمة في الواحة.
    وتحدر من الكنعانيين فئة عرفت بالفينيقيين أخيرا، هاجرت من هذه المنطقة الى سواحل البحر المتوسط الأفريقية والآسيوية، ويقول فريد وجدي في دائرة معارفه: انه في سنة 2500 ق.م أخذت سواحل البحر الأبيض المتوسط في آسيا تأهل بقوم نزحوا من الشرق وقالوا انهم من الكنعانيين، وكانت مدائن الكنعانيين على سواحل الخليج في إقليم بلاد العرب المعروف الآن باسم القطيف أو البحرين، وذكر القديس اغسطين (353 – 430م) ان أبناء المستعمرات الفينيقية القديمة لم يكونوا في أيامه قد نسوا موطنهم الأول، فكان الفلاح إذا سئل من هو؟ أجاب انه كنعاني.
    وخلال هذه الأحقاب المتعاقبة التي امتدت الى العهد الذي تعرف فيه اليونانيون على الخليج، حفلت هذه المنطقة بألوان عديدة من السكان وأفواج من بقايا الجيوش الغازية التي استطابت الإقامة فيها من اكديين وآشوريين وبابليين وفرس وغيرهم، لاسيم بعد ان وطأت جيوش الاسكندر المقدوني سواحل الخليج، فيحدثنا التاريخ انهم أنشأوا مراكز ومحطات على السواحل لتموين السفن بالزاد والماء، ثم ما لبثت هذه المراكز ان صارت أسواقا لتبادل السلع والنشاط التجاري، فأقام جمع منهم في هذه الأسواق الجديدة واستوطنوها واتخذوها دارا لهم ووطنا جديدا، فلما دالت دولة السلوقيين في العراق، وزال نفوذهم السياسي والعسكري بزوال دولتهم ضعفت تلك المستوطنات، وانقطعت روابطها بالأم، فهاجر من هاجر، وتأقلم الباقون، واستعربوا بالتدريج حتى صاروا عربا مثل سائر العرب، ومما يذكر ان الفرس اكرهوا جماعات من أسرى الروم الذين سقطوا في أيديهم وأسكنوهم في سواحل الخليج وجنوبي العراق وقد تكونت من أولئك وهؤلاء مستوطنات معروفة، واشهرها مستعمرة امبي التي كونها الملطيون، الذين نقلهم الملك دارا الى السوس على مقربة من مصب دجلة، ومدينة كراكس التي انشاها الإغريق على فم الخليج.
    وقد استرعت الجزيرة العربية لا سيما الخليج اهتمام اليونانيين ومن أتى بعدهم من البطالسة والرومان، فأولوها عنايتهم ووجهوا لها الرحالة والمكتشفين فوضعوا لها الخرائط، ووصفوا مدنها وقبائلها وأحوال سكانها، كالجغرافي اليوناني سترابون وديوروس الصقلي وازيدور الكراكسي وبلينوس، ويأتي في طليعتهم بطليموس صاحب كتاب الجغرافيا الذي ذكر عددا من القبائل كانت تسكن هذه المنطقة، ومن بينها قبيلة لينيتي التي كانت تسكن القطيف، وهي فرع من اللحيانيين على رأي كاسر وشبر نكر وقبيلة أخرى تسمى تيم ومواطنها ممتدة على الخليج بين جرا ولينيتي ارض القطيف وهي من القبائل المتحدرة من بني عبد القيس ومن القبائل التي تسكن ناحية القطيف قبيلة كيبي والتي سمي الخليج باسمها كيبوس والذي تقع فيه جزيرة تاروت، وهي من القبائل المعروفة أيام تغلات فلاشر ملك اشور (745 – 727 ق.م) وقد عدها دليتس من جملة قبائل بني ارم، وقبيلة أخرى سماها بطليموس التي هي قبيلة أياد وقبيلة ابو كيون التي هي قبيلة عبد القيس، وهاتان القبيلتان معروفتان لدى مؤرخي العرب ونسابيها، ويبدو ان تاريخ تلك القبائل العربية ضارب في القدم، يمتد الى ما قبل الميلاد.
    ومن القبائل إلى ذكرها قبيلة جلبوس وأخرى تسمى كتي تسكن الخط CHATENI أي سيف البحرين وهي التي أعطت اسمها للساحل الغربي من الخليج الممتد من البصرة الى قطر، فعرف باسم الخط لدى الجغرافيين العرب، كما توجد قبيلة باسم زورازي أو زوراكي وربما كان لاسمها علاقة بمدينة الزارة المشهورة في التاريخ الإسلامي، والواقعة على مقربة من العوامية، والتي كانت حاضرة لهذه المنطقة.
    وهنا نلاحظ ان كثيرا من القبائل العربية التي أشار إليها المؤرخون الإغريق، قد ذكرها المؤرخون العرب بشيء من التفصيل بل ذكروا الى جانبها قبائل كثيرة استوطنت هذه المنطقة، كقبيلة جاشم المتحدرة من العمالقة وقبيلتي طسم وجديس البائدتين هذا الى جانب حديثهم عن قبائل مشهورة أخرى كقبيلة قضاعة وقبيلة الازد وقبيلة بني اياد وبني تميم وبكر بن وائل وتيم الله وقبيلة عبد القيس التي رسخت جذورها في هذه المنطقة وانتشرت فروعها.
    وقد زخرت هذه المنطقة بمختلف القبائل العربية، سواء منها العدنانية والقحطانية لا سيما بعد ان كثر نسل معد بن عدنان، وضاقت منطقة الحجاز وتهامة عن استيعابهم، كما ان للحروب فيما بينهم وبين ربيعة ومضر خاصة دورا بارزا في تفريقهم وتشتيتهم، فنزح منهم الى نجد والهلال الخصيب، ومنهم من تنح ببلاد البحرين وعمان، فاستوطنوها، ومن الملاحظ ان من الصعب ربط تسلسل الأنساب وإرجاعها الى اصل معين، فقد تتداخل قبيلتان متباعدتان في النسب، بسبب الاتفاق في الاسم فقط، كما أشار الى ذلك الهمداني والقلقشندي، وقد اختلف النسابون في كثير من القبائل العربية بسبب ما حصل في بعض القبائل في انتسابها تارة الى قحطان باعتبارها العرب العاربة، وتارة الى عدنان المستعربة، لتتشرف بالفرع الذي تحدر منه نبي الإسلام، وأحيانا تتدخل ظروف اجتماعية وسياسية تدفعها الى تغيير انتسابها مرة بعد أخرى، كما حصل لقبيلة عك التي انتسبت الى العدنانيين ثم انتسبت الى اليمنيين وحين اصطدمت بقبائل غسان رجعت الى انتسابها الأول.
    ومن الصعوبة بمكان أيضا تعيين أول قبيلة عربية استوطنت هذه المنطقة، ويبدو من حديث الطبري ان قبيلة الازد هي أول قبيلة عرفت باستيطانها بلاد البحرين، كما كان لها وحدها السيادة على بلاد الخليج وفي ذلك يقول شاعرهم:
    وازد لها البحران والسيف كله وارض عمان ثم ارض المشقر
    ثم لحقت بها قبيلة قضاعة القادمة من تهامة بزعامة مالك وعمرو أبناء فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة، ومالك بن زهير بن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد، مع عدد من القبائل العربية كقبيلة قنص كلها بزعامة الحيقار بن الحيق، وقبيلة اياد بزعامة غطفان بن عمرو بن الطمثان وزهر بن الحارث بن الشلل وصنح بن صنح بن الحارث، فاجتمعت هذه القبائل بالمنطقة، وعقدت حلفا فيما بينها وتحالفوا على التنوخ (أي المقام) وتعاقدوا على التناصر والتآزر، فصاروا يدا واحدة على الناس وشملهم اسم تنوخ، وكأنهم قبيلة واحدة، ولما تمت مصاهرة قبيلة قضاعة لقبيلة الازد بزواج جذيمة الابرش الازدي من لميس أخت زهير بن عمرو بن فهم القضاعية توثقت عرى الروابط بين القبيلتين فانضمت الازد الى الحلف التنوخي، فكانت لهم جميعا السيادة على بلاد البحرين.
    وحين قدمت قبائل عبد القيس من تهامة بزعامة عمرو بن الجعيد المعروف بالافكل وسيد ربيعة في الجاهلية الى بلاد البحرين تصدى لها جمع من قضاعة واياد لطلادها من أراضي المنطقة، فحملت اياد على قبيلة شن إحدى قبائل عبد القيس التي يرأسها سعد السعود الشني وفتكت بها فتكا ذريعا، حتى كادت تفنيها، غير ان حشودا من عبد القيس هبت لنصرتها، فحملت على قضاعة وهزمتها شر هزيمة، ثم مالت الى اياد وجموعها، واصلتها قتلا ذريعا، ألحقت بحلف تنوخ هزيمة فادحة، حيث لحقت فلولهم ليلا بالعراق.
    ومنذ ذلك الحين تصدع حلف تنوخ بالبحرين، بانسحاب قضاعة، وعلى رأسها مالك وعمرو أبناء فهم بن تيم الله وجذيمة الابرش زعيم الازد ومغادرتهم البلاد الى الانبار والحيرة بالعراق حيث كونوا فيما بعد الدولة التنوخية التي تعاقب على عرشها هؤلاء الثلاثة، وقد انفسح المجال لقبيلة اياد لتنفرد بالسيادة على بلاد البحرين.
    غير ان قبائل بني عبد أتقيس استشعرت في جانبها القوة، لزحزحة اياد ومنافستها، لا سيما بعد ان هزمت حلف تنوخ، فصممت على ان يكون لها موطئ قدم في البلاد، فزحفت على الريف وشدت خيلها بكرانيف النخل، وشعرت اياد بما تبيته عبد القيس فاستصرخت أحلافها، وقالت أترضون ان توثق عبد القيس خيلها بنخيلكم؟ فقال قائل (عرف النخل أهله) فذهبت مثلا، ثم دخلت قبيلة عبد القيس مع قبيلة اياد في معارك دامية أسفرت عن هزيمتها وجلائها عن البلاد، وكانت قبيلة اياد تلقب بالطبق لشدتها وأطباقها على الناس لصرامها وشرها وفي ذلك يقول الشاعر عمرو بن اسوى:
    شن اياد بالقنا طبقا وافق شن طبق
    وقال آخر:
    شحطنا ايادا عن وقاع فقلصت وبكرا نفينا عن حياض المشقر
    وبعد ان تمكن بنو عبد القيس من السيطرة على البلاد توزعوها فيما بينهم فانتشرت قبائلهم في أرجاء المنطقة، فنزلت بنو حفص صفوى، وبنو نكرة بن لكيز القطيف وما حولها والشفار والظهران الى الرمل وما بين قطر وبينونة وبنو جذيمة بن عوف منطقة الخط وافنائها، ونزلت شن بن افصى طرفها وأدناها الى العراق، ونزلت بنو عامر بن الحارث بن انمار بن وديعة والعمور وبنو محارب بن عمرو وعجل بن عمرو منطقة الجوف والعيون والاحساء وقد بقيت بنو عبد القيس في هذه المناطق محتفظة بها عند ظهور الإسلام.
    وقد انتشروا في المدن والقرى، وخالطوا السكان القدماء وشاركوهم في أسلوب حياتهم، وزاولوا الزراعة والصناعة، حتى نبغ منهم شخصيات معروفة في العهد الجاهلي، كهزيز بن شن أول من ثقف القنا بالخط ومنهم الحطمة بن محارب الذي تنسب إليه الدروع الحطمية، وكثير من الشعراء المعروفين في الأدب العربي، وعلى رأسهم طرفة بن العبد صاحب إحدى المعلقات، وقد استوطن كثير منهم المدن والأرياف، وعلى العكس ممن سبقهم من القبائل التي هيمنت على المنطقة من مجموعة قبائل تنوخ، إذ ان اغلبهم احتفظوا بباديتهم في انتشارها في الصحارى المجاورة، لذلك سهل عليهم النزوح منها والاتجاه الى أماكن أخرى دون ان تشدهم روابط وطنية او علاقة بالأرض.
    ويستفاد من حديث البلاذري ان اغلب القبائل التي نزحت الى هذه المنطقة كانت تقيم في باديتها حتى ظهور الإسلام، على الرغم من سيطرتها في بعض الأحيان بينما أغلبية السكان في المدن والقرى تتألف من مختلف الطوائف والملل والأجناس وهم الحضر الذين ترجع إليهم ملكية الأرض، وهؤلاء يشكلون جاليات متنوعة، غير عربية الأصل، قطنت هذه البلاد قديما قبل ان تتغلب عليها العناصر العربية، فتذيبها في بوتقتها، وكانت المدن في ذلك العهد تزخر بخليط من السكان، كالنبط وهم جالية من الكلدان والسريان، والزط وهم جالية من الهنود والسودان تعمل في الفلاحة والصناعة، وفئة أخرى تسمى البابجة وهم جالية من السند كما توجد فئة تسمى الجرامقة وهم جالية من العجم والأنباط بالإضافة الى الجالية الفارسية، التي كانت تتمتع بنفوذ سياسي ومكانة اجتماعية، لا سيما حين تسيطر الدولة الفارسية على البلاد.
    وهذه الجاليات كانت لها تقاليدها ودياناتها كالمجوسية واليهودية والنصرانية والوثنية، وهي معروفة حتى بعد ظهور الإسلام وكانت تتمتع بالمراكز الإدارية والجاه والنفوذ، وتسيطر على الحياة الاقتصادية لذلك كانت العناصر العربية ببساطة حياتها وصفاء نفوسها اكثر استجابة للدعوة الإسلامية واسهل تقبلا، على العكس من تلك الجاليات الحضرية التي لها جذور دينية راسخة وعقائد متوارثة، فلم تستطع التخلي عن دياناتها فقبلت دفع الجزية، وفي حادثة الردة انحازت تلك الجاليات الى المرتدين وانضمت الى جيوش الحطم بن ضبيعة زعيم بكر بن وائل، وحاربت الى جانبه ضد بني عبد القيس، التي بقيت على إسلامها بزعامة الجارود بن المعلى العبدي كما تحدثنا به أخبار الردة.
    ويبدو ان تلك الجاليات قد فقدت رصيدها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بعد حادثة الردة، وتضائل وجودها في المجتمع، بعد ان سيطرت بنو عبد القيس، فلم يعد لها ذكر فيما بعد، وقد تغلبت العناصر العربية المتمثلة في قبيلة عبد الغيث والقبائل المنضوية تحتها من بكر بن وائل وبني تميم، فكتبت لها السيادة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حتى طبعت التركيب السكاني في المنطقة بطابعها، بانتشار أفخاذها في المدن والأرياف والبادية.
    ولانصهار قبائل بني عبد القيس في الحياة الحضرية في مجتمع المدينة والقرية ضعفت ذاكرة الفرد في الانتماء الى القبيلة على مرور الزمن، وصعب عليه تسلسل نبه وإرجاعه الى فخذ معين، وحلت الأسرة محل الرابطة القبلية في مدن القطيف وقراها، وهي حتمية تاريخية ملازمة للحياة الاجتماعية الحضرية، فكلما ضعفت الذاكرة في الانتماء الى القبيلة كلما كان الفرد اقرب الى المجتمع الحضري أما من آثر من بني عبد القيس حياة الحل والترحال والحياة في البادية فظلوا محتفظين بتسلسل أنسابهم، وأم ينصهروا في بوتقة السكان وقد تفرعت قبائلهم وقويت شكيمتهم حتى استطاعوا السيطرة على البلاد في فترات من تاريخها، فكانوا في بادئ أمرهم يستخدمهم الطامعون في البلاد، وحينما يضعف الحكم المحلي ينقضون على مراكز السلطة، كما حدث لبني ثعلب وبني عقيل وبني سليم، حينما زالت دولة القرامطة ثم العيونيين الذين بسطوا نفوذهم على جميع المنطقة في القرن الخامس الهجري، وأقاموا دولة عمرت نحوا من 170 عاما، وكما حدث لبني خالد، حينما ضعفت الخلافة العثمانية فانقضوا على القطيف والاحساء وطردوا الأتراك عام 1081هـ وأقاموا دولة عمرت عرابة 127 عاما.
    وتبعا لتطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية أخذت ظاهرة البداوة طريقها الى التلاشي، بعد ان جذبت الحياة الحضرية كثيرا من أفراد القبائل لا سيما أولئك الذين تعلموا، أو زاولوا الأعمال المدنية أو التحقوا بالوظائف أو العمل في مناطق الزيت.
    ويلاحظ ان هذه المنطقة ما كانت تعرف استتباب الأمن الا في فترات قليلة من تاريخها، وذلك بحكم وضعها الجغرافي، حيث تكتنفها الصحارى من كل جانب، وتهدد البداة أمنها واستقرارها في كل لحظة، وحتى قبائل البادية نفسها كانت تسودها شريعة الغاب حيث كانت مسرحا للتشاجر والتناحر والاقتتال فيما بينها، فكانت كل قبيلة قوية تحاول إزاحة القبائل الأخرى، الا من انضوى تحت سيطرتها، وقد أدى ذلك الى اختلال الأمن في أرجاء المنطقة، ولم تتمتع هذه البلاد بنعمة الأمن والسلام الا في ظل الحكم السعودي الزاهر، حيث قطع دابر هذه المهازل، وقضى على تلك الفوضى الضاربة، ووطد دعائم الأمن والاستقرار، وبزوال تلك الأوضاع جنحت كثير من القبائل الى التحضر واستيطان المدن ومزاولة الأعمال المدنية.
    وكانت أهم القبائل التي عرفتها منطقة القطيف، والتي كانت تتردد عليها أو تسكن بجوارها هربا من لهب الصحراء في فصل الصيف بنو خالد، وبنو هاجر وآل مرة والعجمان، وتتركز إقامتهم في عنك وأم الساهك وحزم صفوى.
    والسكان في القطيف وقراها تنعدم بينهم الروح القبلية، وجميعهم تتوزعهم اسر متفرقة فقلما تستطيع الأسرة ان تنتمي الى فخذ معين من القبائل العربية القديمة، وكان نظام العائلة الممتدة الذي كان يجمع بين أفراد الأسرة من جد وأب وابن وأزواجهم وأولادهم هو النظام السائد في المدينة والقرية سابقا، الا انه اخذ أخيرا في التفتت والزوال، بعد ان حل نظام الأسرة النووية محله، وهي عبارة عن الأسر الصغيرة التي تتكون من الزوج والزوجة والأولاد الصغار.
    والملاحظ ان كثيرا من العائلات المعروفة في القطيف وقراها ترجع الى روافد من شبه الجزيرة العربية، فمنها من يرجع اصلها الى نجد، كآل البيات الذين يتحدر منهم آل ابو السعود وآل نصر الله وآل ناجي وآل نصر، كذلك آل نمر وآل فرج وآل زاهر من العوامية، الذين يتحدرون من سلالة ابن عفيصان من نجد، وكذلك آل ابراهيم من صفوى الذين كان مسكنهم سابقا في حائل، وتكثر العائلات الشهيرة النازحة من البحرين، كآل الجشي والخنيزي والمسلم، وآل عبد الجبار وغيرهم، كما تجد كثيرا من العائلات مازالت تحمل انتسابها الى البلدة أو القرية التي نزحت منها، كعائلة المقابي والجفيري والستري والسماهيجي والماحوزي والبلادي، ومن الملاحظ أيضا ان بلاد الخليج قد تعرضت في فترات من تاريخها لهزات عنيفة، نتيجة للظلم والاضطهاد والعسف الطائفي، فتتقاذفهم الهجرات الى أنحاء البلاد المجاورة، كالقطيف أو البحرين أو العراق أو المحمرة (عربستان( وما زال كثير من العائلات هناك، ترجع في انتسابها الى عائلات خليجية، وهناك حي كبير بأكمله يدعى حي (القطافة) في لواء المنتفق بالعراق، يتألف سكانه من مهاجري منطقة القطيف،
    لذلك نجد كثيرا من اسر القطيف موزعة في بلدان الخليج كالبحرين والاحساء والكويت وعمان والمحمرة والعراق، نتيجة لاضطراب الحياة الاجتماعية والسياسية سابقا، فإذا اضطربت الأوضاع في بلد قذفت بهم الى بلد آخر، ثم لا يلبث المهاجر أن يتوطن فيه لا سيما إذا لم تتبدل تلك الأوضاع السيئة أو ارتبط في مهجره باعلاق مادية أو اجتماعية، والسيئ الملاحظ ان المهاجر القطيفي تشده الى مسقط رأسه جاذبية فريدة، فمهما تغرب عن بلده ينازعه الحنين الى العودة، فيؤب إليه وان طال الزمن.
    وتبعا لاستقرار الحياة الاجتماعية وازدهار الوضع الاقتصادي وبفضل الرعاية الصحية والقضاء على الأوبئة والأمراض المعدية ازداد عدد السكان أضعافا مضاعفة، فبعد ان كانت تلك الأمراض كالجدري والحصبة والسعال الديكي والملاريا والسل والدوسنتاريا تفتك بالصغار والكبار دونما رحمة.. اصبحوا الآن في مأمن منها، بعد ردم المستنقعات ومكافحة البعوض ووجود المستشفيات والمستوصفات والعيادات الطبية وحملات التطعيم، بالإضافة الى توافر المواد الغذائية ومياه الشرب النقية والسكن الصحي، حتى أصبحت تلك الانطباعات القديمة عن المناخ الصحي للبلاد حديث خرافة، وتبعا لتقدم الأحوال الصحية ازدادت نسبة المواليد نسبة كبيرة وقلت الوفيات، واصبح متوسط العمر نحو 65 سنة، بعد ان كان لا يتجاوز الأربعين، ونما السكان نموا كبيرا عما قبل، ولا يوجد إحصاء دقيق بصفة دورية للنفوس، كما هو متبع في البلاد الأخرى، واخر احصاء جرى عام 1393هـ فكان مجموع سكان القطيف بما فيها سيهات وصفوى 131919 نسمة، منها 68264 ذكورا و 63655 إناثا، مع الملاحظة ان هذا الإحصاء غير دقيق، إذ لم تسبقه توعية للجمهور وتقدر نفوس الواحة بما فيها من مدن وقرى بنحو ثلاثمائة ألف نسمة في الوقت الحاضر.

    [align=center]ملاحظة: جميع الحقوق محفوظة لموسوعة الساحل الإلكترونية

    http://www.alsahel.org/index.php?artc=105&c=178&ex=1

    http://www.alsahel.org/print.php?artc=105&p=1[/align]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    قلب كل معذب
    المشاركات
    1,093

    افتراضي

    وكذلك لمن يدعي أن الشرقية ليست منطقتنا فهذه وصلة لطرف آخر يعترف بذلك:

    [align=center]يعــود تاريخهــا الى 3500 عــام قبــل الميـــلاد

    القطيــــــف .. واحة في عمق الربع الخالي تحيط بها (13) قرية

    تحولت الى مدن عامرة بعد اكتشاف النفط بكميات كبيرة فيها[/align]



    http://www.inciraq.com/Al-Mutamar/Ar...830_907_14.htm

    فالأحساء والقطيف هما المركزين الرئيسيين للمنطقة الشرقية قبل قيام الدولة السعودية في 1931م ولكن بسبب تواجد الطائفة الشيعية فيهما فقد تم تهميش هذه المناطق وبناء بلدة الدمام التي لم تذكر في التاريخ كما ذكرت القطيف والأحساء وتم الإهتام بالدمام كمدينة متحضرة لإظهارها مركزاً رئيسياً للمنطقة الشرقية دون غيرها بعكس ما كان متبعاً من قبل جميع من سيطر وحكم هذه المنطقة قديماً!!

    قبائل القطيف عربية الأصل والمنشأ:

    أن أهل هذه المنطقة ينتمون إلى قبائل عدنانية عربية أصيلة وهي ثلاث :-
    • بنو عبدالقيس .
    • بنو تميم .
    • بنو بكر بن وائل .
    غير أن هناك هجرات لقبائل عربية أخرى قدمت من نجد ... فأستوطنت المنطقة وأعتنقت المذهب الشيعي - حيث أنه لايوجد فرق بين السنة والشيعة هناك - وذابت في المجتمع وتأقلمت معه ..
    وفي السطور التالية توضيح لأسماء بعض القبائل العربية التي ينتمي إليها سكان المنطقة والقرى التابعة لها

    ( القطيف )
    مقدمة عامة
    هي مدينة تاريخية ترجع إلى القرن الثاني للميلاد ، كما يقول بعض المؤرخين ومنها سمي الخليج بـ ( خليج القطيف ) ... قال عنها ياقوت الحموي في معجم البلدان :- " وهي مدينة في البحرين ، وهي اليوم أعظم مدنها ، وكان أسمها قديماً لكورة هناك ، غلب عليها إسم هذه المدينة وقال الحفصي : القطيف قرية لجذيمة عبدالقيس " .
    وورد ذكر القطيف في أحاديث الشعراء في الجاهلية وتغنوا بها ومنهم ..
    عمرو بن أسوى العبدي حيث قال :-
    وتركن عنتر لايقاتل بعدها * * * أهل القطيف قتال خيل تنفع
    وذكرها إبن المقرب العيوني الأحسائي فقال :-
    لما أتت أهل القطيف بجحفلٍ * * * متوقدٍ كتوقد النيران
    وقال فيها أيضاً :-
    فتكنّفت أهل القطيف نخيلها * * * ورماحها وقسيّها ورماتها
    وهناك بعض الشعراء من العصر الجاهلي ذكروا القطيف بإسم ( الخط ) وكذلك تردد الإسم على لسان الشعراء في العهد الإسلامي ...
    فهذا البطل ( عنترة العبسي ) يقول فيها :-
    بأسمر من رماحِ الخطّ لدن * * * وأبيض صارم ذكرٍ يمانِ
    وقال أبو علاء المعرّي :-
    أخالتني ظماءُ الخط نجّا * * * فألقت ركن شابة في اللجاج
    وقال شاعر ( هجر والخط ) إبن المقرب متحدثاً عنها وعن أصل أهلها :-
    أقمْ صدرها قصداً إلى الخط واحتقبْ رسالة ودّ أنت عندي كتابها
    فحين ترى حصن المعلّى مقبلاً ويبدو من الدرب الشمالي بابها
    فلج بسلام أمناً بلدةً مقدسة الأكناف رحباً جنابُها
    بها كل قومٍ من ربيعة ينتمي إلى ذروة تعلو الرواسي هضابها
    إذا ثوّب الداعي بها : ياآل عامرٍ أتت مثل أسد الغاب غّلب رقابها
    من الحارثين الأولى في أكُفُهم يحار الندى مسجورةٌ ثغابُها
    ومن مالك الفخار بن عامر فوارس أرواح الأعادي نهابها
    ومن نسل ( عبدٍ ) فتيةٌ أي فتيةٍ يجلّ المعادي بأسها فيهابها
    وإن صاح داعي حيّها في محارب أتت تتلظّى للمنايا حرابها
    وإن قال ياآل شيبان : أرقلت إلى الموت عدواً شيبها وشبابها
    وهكذا يتبين من قول إبن المقرب .. أن سكان القطيف قبل حوالي ثمانية قرون ، لازالوا من بني ربيعة وبني عامر والعبديين ، إضافة إلى عرب أقحاح من بني محارب وآل شيبان .
    ويعيش في القطيف - كما في أغلب مدن وقرى هجر والخط - الشيعة بالأغلبية ويرجع نسبهم إلى ربيعة ( خصوصاً من بني عبدالقيس ) وأيضاً إلى قبائل عربية نزحت إليها من عمق الجزيرة العربية كما سيتبين :-
    • آل الخنيزي :- عرب أقحاح ينتمون إلى بني عبدالقيس بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان .
    • آل الجشي :- من بني عبدالقيس أيضاً من سكان المنطقة الأصليين ويتواجد قسم منهم في البحرين الحالية .
    • آل بن فارس :- من سكان المنطقة الأصليين من بني عبدالقيس .
    • آل بن جمعة :- الذين ينتمي إليهم منصور بن جمعة وعبدالرسول بن جمعة وينتمون إلى بني عبدالقيس ويكنون بالأنصاري .
    • آل المحروس وآل البلادي :- من السكان الأصليين قدموا من ( أوال القديمة ) البحرين الحالية .
    • آل سنان وآل مرزوق وآل الناصر :- أبناء عم هاجروا من حمير منذ مئات السنين ، واستوطنوا قرية أبومعن المعروفة ، وكانت غنية بالمياه حيث زادت عيونها عن 64 عيناً ، ولكن لما زحفت الرمال عليها وطمرتها هاجر هؤلاء إلى القطيف والأوجام وصفوى ، والمعلوم أن آل هجلس في صفوى هم من آل السنان وكذلك آل الناصر .
    • آل نصر الله :- الذين ينتمي إليهم زعيم القطيف ( أحمد بن مهدي بن نصر الله ) وأبوه ، وينتمون إلى قبيلة ( بني خالد ) المعروفة ، حيث هاجر جدهم من نجد قبل حوالي ستة قرون وإسمه ( ردين الخالدي ) والخوالد من بني عامر من بني عبدالقيس .
    • آل أبوالسعود وآل نصر ( في سيهات ) وآل البيات وآل علم وآل عباد ( في الأحساء ) :- هؤلاء كلهم أبناء عم ويرجعون إلى ( ردين الخالدي ) وهم أبناء عم آل نصر الله .
    • آل الشماسي :- وينتمون إلى إبراهيم بن مالك الأشتر ، وكان مالك الأشتر أحد قيادات الإمام علي عليه السلام السياسية والعسكرية وكان شجاعاً مهيباً ورعاً ولاه الإمام مصر وسلّمه ( العهد ) المعروف والمنشور في نهج البلاغة ، وكانت التولية بعد مقتل محمد بن أبي بكر رضوان الله عليه ، والي الإمام علي عليه السلام على مصر والذي أحرقه معاوية بن أبي سفيان في جلد حمار ، ولكن معاوية دسّ السم إلى مالك رضوان الله عليه في العسل فمات شهيداً مسموماً ... وحين بلغ معاوية خبر إستشهاده فرح وقال :- ( إن لله جنوداً من عسل ) ثم قام خطيباً فقال :- بأن لعلي يدان ، قطعت إحداهما بصفين - يقصد عمار بن ياسر - الذي قال فيه رصول الله صلى الله عليه وآله وسلم :- تقتلك الفئة الباغية ... ثم تحدث عن قطع اليد الأخرى وهي " مالك الأشتر " .
    ثم تتالت ضربات الأمويين لأصحاب الإمام علي عليه السلام ، فقتل حجر بن عدي ومئات غيره من الصحابة والتابعين وأختفى الكثير منهم في أماكن أخرى وجاء كثيرون إلى المنطقة بإعتبارها موطناً لأنصار الإمام علي ومحبيه وشيعته ، ومن جملة من أتى ( إبراهيم بن مالك الأشتر ) الذي شارك فيما بعد في ثورة ( المختار الثقفي ) ضد السلطات الأموية الجائرة .

    ( سيهات )
    ذكرها شاعر التوبي الفذّ الشيخ جعفر الخطي فقال :-
    هلاّ سألت الربع من سيهات عن تلكم الفتيان والفتيات
    ومجر أرسان الجياد كأنها فوق الصعيد مسارب الحيّات
    حيث المسامع لاتكاد تفيق من ترجيح نوتيّ وزجر حداة
    سكنها بنو عبدالقيس ولازالوا ويقول صاحب ( تحفة المستفيد ) :- " أهل سيهات لفيف من قبيلة العماير " والعماير ينتمون إلى بني عامر من بني عبدالقيس بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان .
    ومن العوائل التي تسكنها حالياً :-
    • آل نصر :- ينتمون إلى ردين الخالدي ، وهم أبناء عم العماير .
    • ومن العوائل التي تسكنها .. آل خليفة والزواد والراشد وغيرها من العوائل العربية العريقة النسب .

    ( صفوى )
    من أسمائها ( الصفا - صفواء ) وقال المسعودي ان إسمها التاريخي " صفوان " وأول من سكنها بنو حفص بن عبدالقيس .
    ذكرها طرفة بن العبد صاحب المعلقة الشهيرة :-
    خذوا حذركم أهل الشقر والصفا * * * عبيد اسبذ والقرض يجزى من القرض
    والصفا نهر من سبعة أنهر تتفرع من عين محلم .. وعين معلم تسمى الآن ( داروش ) وقيل أن الصفا هي عين داروش الآن ، وقد نسبت لأقدم ساكنيها ( محمد بن إبراهيم بن محمد بن درويش ) من بني عبدالقيس حيث قلبت درويش إلى ( داروش ) .
    وذكر صفوى إمرؤ القيس بقوله :-
    فشبهتهم في الآل لما تحملوا * * * حدائق دوم أو سفين مقيرا
    أو المكرعات من نخيل إبن يامن * * * قبيل الصفا اللائي يلين المشقرا
    وذكرها لبيد بقوله :-
    سحق بمنسعة الصفا وسريّة جمّ النوائل بينهن كروم
    وقال أيضاً :-
    فرحن كأن الناديات على الصفا مذارعها والكارعات الحواملا
    بذي شطب أحداجهم أن تحملوا وحث الحداة الناجيات الذواملا
    وذكرها إبن المقرب بقوله :-
    نزلوا على صفواء صبحاً وابتنوا فيها القباب وأيقنوا بأمان
    وقال أيضاً :-
    والخط من صفواء خاذوها فما أبقوا بها شبراً إلى الظهران
    ويسكن صفوى حالياً الكثير من بني عبدالقيس ، ومن القبائل العربية المشهورة مثل سبيع والهواجر والخوالد .. ومن عوائل صفوى نذكر :-
    • السادة :- وهم يكثرون في صفوى وهم موسويون ينتمون إلى ( الإمام موسى الكاظم ) عليه السلام وينتهي نسبهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم . . . ويبدو واضحاً أن الأضهاد الأموي والعباسي لآهل النبي عليهم السلام ، هو الذي أوصل بالكثير منهم إلى ( هجر وأوال والخط ) حيث تعقبوهم وقتلوا الكثير منهم ، والمعلوم أن سادة صفوى قدموا منذ قرون من ( جد حفص ) بجزيرة أوال ،، ولكن طغى عليهم طغيان الحكام ففرّ الكثير بعقيدتهم إلى العراق وإيران ولايزال العديد منهم يسكن ( خوزستان ) ونحوها .
    1. معجم البلدان - ياقوت الحموي - ج 3 - ص 449 .
    2. ساحل الذهب الأسود - محمد سعيد المسلم - ص 81 .


    مواقع تتحدث لكم:

    تراث ومدن القطيف:
    http://alqateef.i8.com/

    واحة القطيف:
    http://www.qatifoasis.com/sec.php?id=2

    صحيفة عكاظ . . المسكوت عنه . . أقدم إستيطان:
    http://www.okaz.com.sa/OKAZARCHIVE/D...ART_143954.XML

    من هم بنو خالد:
    http://www.qatifoasis.com/artc.php?id=17
    ..................................................
    أتمنى أن أكون قد أوفيت . . وأسكت تخرصات الأعداء

    تحياتي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    قلب كل معذب
    المشاركات
    1,093

    افتراضي

    [align=center]القطيف في عهود الاضطرابات[/align]

    المتتبع لتاريخ بلاد البحرين منذ بداية العهد الاموي وما تلاه من عهود، يجد ان هذه المنطقة لم تكن تعرف حياة الاستقرار الا في فترات قليلة من تاريخها، فقد عصفت بها الاحداث والاضطرابات في اغلب عهودها، ويبدو ان لموقعها الجغرافي، وبعدها عن مراكز الخلافة الاسلامية اثرا بينا في زعزعة الاستقرار، وطمع المغامرين في الاستيلاء عليها، كما ان للعسف الطائفي دورا بارزا في صياغة تلك الاحداث، فيحدثنا التاريخ ان معاوية بن ابي سفيان حين ال اليه الامر عمد الى اضطهاد الموالين لاهل البيت ، واسند ولاية البحرين الى الاحوص بن عبد بن امية ومروان بن الحكم وابنه عبد الملك، فقاموا بالعمال ضد الموالين لال البيت وحملوا الباقين لمحاربة التشيع، وحاربوهم اقتصاديا، وكل ذلك ادى الى تطلعهم لكل خارج على السلطة، وجعلهم يتنفسون الصعداء، حتى اصبحت معقلا للثوار، ومنطلقا لاصحاب الدعوات والمبادئ، وهدفا لكل طامع في السلطان. وفيما يلي عرض موجز لتلك الاحداث:

    1. الخوارج:

    رغم المفارقات الشديدة بين عقيدة اهالي هذه المنطقة وبين عقيدة الخوارج، فان بعض سكانها رحبوا بقدومهم، وربما كان تخلصا من الحكم الاموي، ومن ضمنهم قبيلة الازد، وذلك حين قدم نجدة بن عامر الحنفي بمجموعة من اليمامة عام 67هـ لاحتلال بلاد البحرين، وقد رفض بنو عبد القيس الدخول في طاعته، وقالوا لا ندع نجدة يتولى امرنا وهو حروري مارق وصمموا على قتاله، فهاجم مدينة القطيف، وتغلب على اهلها، ووضع السيف في رقابهم، ودخلها عنوة، فصادر اموالهم، وسبى نساءهم، ثم اتخذ مدينة القطيف قاعدة لحكمه، وفي سنة 69هـ وجه مصعب بن الزبير قوة كبيرة من البصرة فهاجم مدينة القطيف على حين غرة، فردهم نجدة على اعقابهم، وغنم جميع اسلحتهم ومؤنهم ومعداتهم.

    وحين اشتدت شوكته حاول ان يبسط نفوذه على شبه الجزيرة العربية، فبعث جيشا الى عمان، فاستولى عليها، ثم قام بجولة في البوادي لجمع الصدقات، حتى وصل الى اليمن، فخافه اهل صنعاء، فاستسلموا له، ثم قصد مكة المكرمة فهادنه عبد الله بن الزبير، فاتفق معه على ان يكف احدهما عن الاخر ثم توجه الى المدينة المنورة، فاستعد اهلها لقتاله فعاد ادراجه ويمم شكر الطائف فاستولى عليها، كما استولى على تبالة والسراة ونجران ثم قفل راجعا الى البحرين، وعمد الى مقاطعة الحجاز اقتصاديا، فكتب اليه بن العباس يستعطفه ويذكره بقصة ثمامة بن اثال، لما اسلم وقطع الميرة عن المشركين من اهل مكة لمناواتهم للمسلمين، فكتب اليه الرسول ان اهل مكة اهل الله فلا تمنعهم الميرة، فجعلها لهم، وانت قطعت عنا الميرة ونحن مسلمون. فاجراها لهم.

    غير ان الامر لم يستقم طويلا لنجدة، اذ دب الخلاف بينه وبين اتباعه، فنقموا عليه امورا مخالفة لمبادئهم، لا سيما مكاتبته ومداهنته عبد الملك بن مروان، فعزلوه ثم قتلوه عام 72هـ وولوا قيادتهم ابا فديك عبد الله بن ثور، وحين استعادت الدولة الاموية قوتها اهتم عبد الملك بن مروان بامر سيطرة الخوارج على بلاد البحرين، فوجه قوة كبيرة لقتال ابي فديك، فحاصرهم في حصن المشقر وتغلب عليهم، ودانت له بلاد البحرين بعد مصرع ابي فديك وفناء معظمهم، فاسند ولايتها الى الاشعث بن عبد الله بن الجارود العبدي، ثم ضمها الى الحجاج بن يوسف (والي العراق) حيث ولى عليها من قبله حسان بن سعيد وقطن بن مدركة.

    ولكن الخوارج ما لبثوا ان استعادوا سيطرتهم على البلاد سنة 86هـ بقيادة مسعود بن ابي زينب العبدي، وحكموها حتى عام 105هـ ففي هذه السنة طمحوا في التوسع وغزوا اليمامة، وكان واليها من قبل الامويين سفيان بن عمرو العقيلي، فالحق بهم هزيمة بعد معركة عنيفة، اسفرت عن مصرع قائدهم مسعود وفناء معظمهم، واعاد بلاد البحرين الى النفوذ الاموي حيث ضمت اليه ولايتها، ثم اسندت ولايتي البحرين واليمامة الى علي ابي المهاجر سنة 125هـ.

    2. الثورة العباسية:

    لم تكن ثورة العباسيين التي اطاحت بعرش بني امية سنة 132هـ الا انتصارا لأهل البيت ، وانتقاما لهم من اعدائهم، وما كان لبس السواد الذي اتخذه العباسيون شعارا لدولتهم الا حدادا على اهل البيت ضحايا الحكم الاموي، فكانت دعوتهم في البداية باسم الرضا من أهل البيت ، فلقيت صدى مستحبا في العالم الاسلامي وتجاوبا في جميع اقطاره، وكانت بلاد البحرين بحكم تعاطفها مع اهل البيت في مقدمة تلك الاقطار، فخلدت الى السكينة الى حين، وقد اسند السفاح (اول الخلفاء العباسيين) ولايتها الى عمه داود بن علي، ثم عزله وولى خاله زياد بن عبد الله بن المدان، ثم الحق ولاية البحرين بالبصرة سنة 133هـ وولى عمه سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، وبعد موت السفاح جعل المنصور ولاية البحرين واليمامة سنة 136 للسري بن عبد الله الهاشمي، ثم عزله وولى عليها سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بن ابي صفرة ثم اسند ولايتها سنة 144هـ الى قثم بن العباس.

    ويبدو ان هناك سرا يكمن في تغيير الولاة في هذه المنطقة وعدم ثباتهم، ولا يبعد ان يكون هو عدم قدرتهم على اخماد اصوات المعارضة وسيطرتهم على الموقف بعد ان ظهر زيف الثورة العباسية التي انقلبت الى انقلاب فتنكرت للعلويين الذين من اجلهم قامت الثورة، وسامتهم قتلا وتشريدا، وطاردت انصارهم ومؤيديهم، مما ادى الى قيام حركات معارضة وثورات مضادة.

    وقد تفجر الموقف في عهد المنصور عن ثورة عنيفة ببلاد البحرين سنة 151هـ يتزعمها حكيم بن سليمان العبدي، فوجه المنصور جيشا بقيادة عقبة بن سلم (امير البصرة) للقضاء عليها، فقتل كثيرا من اهلها ومن بينهم قائدهم سليمان بن حكيم العبدي، وسبى النساء والاطفال وكانهم غنائم دار حرب وكفر وبعث ببعض السبي والاسرى الى المنصور فاعدم بعضهم، ووهب بقيتهم للمهدي، فمن عليهم واعتقهم، ومع هذا لم يقتنع المنصور بتلك الاعمال الوحشية، فاتهم عقبة بن سلم بعدم قيامه بمهمته على الوجه الاكمل، فعزله عن ولاية البصرة لانه لم يستقص على اهل البحرين كما يقول بن الاثير- اي لم يتتبع جذور المعارضة.

    وبطبعة الحال اقتضى الوضع ان تظل هذه المنطقة تحت الرقابة المشددة، وقد وليها في عهد المنصور سنة 157هـ تميم بن سعيد بن دعلج، فعزله المهدي، سنة 158هـ واسند ولايتها الى عبد الله بن مصعب، ثم الى سويد القائد الخراساني سنة 164هـ، ثم الى المعلى (مولى المهدي) سنة 165هـ حيث عزله الهادي سنة 169هـ، وولى مكانه محمد بن سليمان بن علي، الذي استمرت ولايته حتى سنة 173ه، وقد خلدت هذه المنطقة خلال هذه الفترة الى الهدوء، وهو السكون الذي يسبق العاصفة، ففي سنة 191هـ تفجرت ثورة بالبحرين يتزعمها سيف بن بكير احد بني عبد القيس، وقد وجه الرشيد اليه محمد بن يزيد بن مريد، فقتله بعين النورة وقضى على ثورته في مهدها.

    وحين ال الامر الى المامون حدث شيئ من الانفراج، بحكم ميوله للعلويين، واستمر الى عهد المنتصر والواثق، فوليها في عهد المامون داود بن ماسحور سنة 206هـ، كما وليها في عهد الواثق اسحق بن ابراهيم بن خميصة القيسي من اهل اليمامة سنة 231هـ، اما في عهد المتوكل الناصب العداء لاهل البيت ، والشديد البغض لعلي بن ابي طالب ، والمتتبع كل موال له باهدار دمه ومصادرة امواله، فقد اسندت ولايتها الى الشمط مروان بن ابي الجنوب مكافاة له على شعر قاله في النيل من اهل البيت وذم شيعتهم، وهو يعرف ما يفرض عليه الموقف من تتبعه الموالين للعلويين والعمل على اضطهادهم، مما ادى الى انفجار ثوره بالبحرين، ومهد لظهور صاحب الزنج.

    3. صاحب الزنج:

    ذكر الطبري وابن الاثير في حوادث سنة 249هـ ان رجلا مغامرا غير معروف النسب جاء من سامراء بالعراق الى البحرين، وادعى انه من ال ابي طالب تارة، ومن عبد القيس تارة اخرى، فزعم في بادئ امره انه علي بن عبد الله ابي محمد بن الفضل بن الحسين بن عبد الله بن العباس بن علي بن ابي طالب، ودعا اهلها الى طاعته، فاستجاب له خلق كثير من اهلها، لتعاطفهم مع العلويين، واحاطوه بهالة قدسية، وقاتلوا صاحب السلطان دونه، فنفذ فيهم حكمه، ولكنه ما لبث ان انكشفت حقيقته، وظهر زيفه، فتنكروا له وانشقوا عليه، فغادرهم الى الاحساء، ولجا الى حي من بني تميم، ثم الى بني الشماس من بني سعد فاقام بينهم مدة، ثم التحق بالبادية، ومعه جماعة من اتباعه من اهل البحرين، منهم يحيى بن محمد الازرق البحراني ويحيى بن ابي ثعلب وهو تاجر من اهل هجر وسليمان بن جامع وهو قائد جيشه، واخذ يدعو لنفسه، وزعم انه يحيى بن عمر بن الحسين المقتول بالكوفة، فانخدعوا به، فتبعه خلق كثير، فزحف بهم على حواضر البحرين، فتصدى له العريان في بني عبد القيس ومحارب من حفصة في بني عامر، والتقوا عند قرية تسمى الردم لبني عامر بن الحارث بن عبد القيس وجرت بينهم معركة عتيفة، اسفرت عن هزيمة صاحب الزنج وفناء معظم جيشه ولجوء الباقين الى الفرار، وعلى راسهم قائدهم، حيث لحق بالعراق وهناك في البصرة قاد ثورة الزنج المشهورة.

    4. دولة القرامطة:

    وكانت ثورة الزنج (254 – 270هـ) التي سيطرت على البصرة والاهواز وما جاورها، هي الشغل الشاغل للدولة العباسية، وقد سنحت الفرصة لهذه المنطقة ان تستقل، فيتولى ادارة الحكم فيها رؤساء وطنيون من ال مسمار من بني عبد القيس، وتصادف هذه الحقبة الوقت الذي تغيب فيه الامام المهدي المنتظر عام 265هـ حيث صار الاتصال به بواسطة السفراء، وظلوا بين حين واخر يتطلعون الى خروجه، ليملا الارض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا، وقد عرف القرامطة منهم هذا الشعور، فاستغلوه لتحقيق مطامحهم في المجد والسلطان.

    فيحدثنا ابن الاثير وابن خلدون: انه في سنة 281هـ قدم الى القطيف رجل يدعى يحيى بن المهدي، فنزل على ضيافة رجل يسمى علي بن المعلى بن حمدان، فاظهر له يحيى بانه رسول الامام المهدي، انتدبه ليدعو شيعته الى امره، ويبشرهم بقرب ظهوره فاستجاب له علي بن المعلى، فدعا الشيعة من اهل القطيف، وتلا عليهم الكتاب، الذي تسلمه من يحيى فانخدعوا به، واجابوه بانهم على استعداد لمناصرته، اذا ظهر امره، وفي نفس الوقت ارسل مبعوثيه الى القرى والارياف يبلغهم بالامر، فابدوا استعدادهم لذلك، واجابوه بالاجماع، وكان على راس المؤيدين له الحسن بن بهرام المكنى بابي سعيد الجنابي، وهو احد الوجهاء، وقد جمع ثروة طائلة من عمله في تجارة المواد الغذائية وضمان مكوس فرضة القطيف من قبل ولاتها علي بن ابي الحسن بن مسمار واخوته من بني عبد القيس.

    وتقول الرواية: ان يحيى بن المهدي غاب مدة قصيرة، ثم عاد بكتاب اخر من الامام المهدي، كما زعم يشكرهم فيه، ويامرهم بان يدفعوا له ستة دنانير وثلثين عن كل رجل، ثم غاب وعاد بكتاب ثالث يامرهم بدفع خمس اموالهم، فانصاعوا لامره، كما اخذ يتردد على قبائل قيس، ويوافيهم بكتب يزعم بانها من الامام المهدي الذي سيخرج قريبا، وان يكونوا على اهبة الاستعداد.

    ولكن حركته ما لبثت ان انكشفت على حقيقتها، وظهر دجله، فقبض علي الوالي سنة 283هـ واعتقله، اما ابو سعيد الجنابي فهرب الى مسقط راسه جنابة، وقد لجا يحيى الى البادية بعد اطلاق سراحه فقام بالتبشير لدعوته بين قبائل كلاب وعقيل والخريس، وحين علم ابو سعيد بامره لحق به، واستخدم ثرويه في استمالة الاعراب ورؤساء القبائل، فاستجابوا لنصرته، فقام بشن غارات ارهابية متتالية على نواحي القطيف، وحين استفحل امره ازمع على احتلال القطيف، فلم تستطع قوات علي بن ابي الحسن بن مسمار الصمود امامه، فانهزموا واعتصموا بحصن الزارة التي يراسها الحسن بن العوام من قبيلة الازد، فضيق عليهم الخناق حتى اذعنوا للتسليم، فاعدم من كان بها، واحرق المدينة ودمرها تدميرا كاملا، فلم تقم لها قائمة منذ ذلك اليوم.

    ثم قام بتصفية خصومه، فاعدم ابا زكريا البحراني، ولجا كثير من الاهالي الى الهرب، حيث التحقوا بجيش عباس الغنوي، الذي سيره المعتضد العباسي سنة 287هـ للقضاء على القرامطة، فاشتبك مع قوات ابي سعيد الجنابي في معركة عنيفة بموضع الاعباء في سبخة الرياس، انتهت بانتصار ساحق للقرامطة وفناء الجيش العباسي ووقوع قائده العباس في الاسر، ثم بعدها قويت شوكته فاحتل هجر عام 287هـ وقضى على جميع المناوئين له، والحقها بمناطق نفوذه، ويذكر ابن الاثير ان بن بانوا امير البحرين كبس حصنا للقرامطة سنة 291هـ، فظفر بمن فيه، وهزم جيشهم واحتل مدينة القطيف بعد مصرع نائبه وهو احد قرابة ابي سعيد الجنابي، ولكن ابا سعيد سرعان ما استعاد نفوذه على بلاد البحرين قاطبة.

    وقد اغتيل ابو سعيد الجنابي سنة 301هـ، فتشكلت على اثر اغتياله هيئة من القادة العسكريين، سميت بالعقدانية، تولت مباشرة الحكم من بعده تسع سنوات، وهي كانت بمثابة مجلس وصاية، حتى يتمكن ولي عهده ابنه سعيد من القيام باعباء الحكم، ولكن ابنه الاصغر سليمان تغلب غليه فنحاه عن الحكم وقيل قتله وكان عمره لا يتجاوز السادسة عشرة، فبايعه العقدانية وكتب اليه المهدي اول الخلفاء الفاطميين بالولاية، فاصبحت سلطته تستمد شرعيتها من الخلافة الفاطمية المناوءة للخلافة العباسية.

    وفي عام 314هـ حدثت ازمة حادة بين العقدانية واهل البحرين فاضطر ابو طاهر سليمان ان ينقل قاعدة حكمه الى الاحساء، حيث اسس مدينة المؤمنية، وفي سنة 315هـ احتل عمان، وقد قام اثناء حكمه باعمال وحشية شنيعة، فهاجم المدن الامنة، وتصدى لحجاج بيت الله الحرام بالقتل والنهب نكاية بالعباسيين، وقد توج اعماله الشنيعة بانتهاكه حرمة البيت الحرام سنة 317هـ، فاقتلع الحجر الاسود واخذه معه الى هجر، حيث بقي هناك حتى 339هـ، وعلى اثر ذلك ساءت العلاقة بينه وبين الفاطميين، الذين تبراوا من مسؤولية اعماله، فكتب اليه عبد الله المهدي يوبخه ويلعنه قائلا لقد حققت كلمة الكفر والالحاد على شيعتنا ودولتنا مما فعلت، وامره ان يرد الحجر الاسود والاموال التي سلبها من الحجاج، فلم يستجب، وقد استغل الخليفة العباسي (الراضي بالله) فرصة سوء العلاقة بينه وبين الفاطميين، فانتدب محمد بن ياقوت سنة 322هـ فقدم الى هجر وفاوضه في الاعترف بالخلافة العباسية ورد الحجر الاسود وعدم معارضة الحجاج، فاستجاب للاولى ولم يستجب للثانية، فاصبحت سلطة القرامطة تستمد شرعيتها من الخلافة العباسية، فضربت لهم الاتاوة في بغداد وفي دمشق من قبل بني طغج، وفي مصر من قبل الاخشيديين، وكان لهم في بغداد ممثل نافذ الامر.

    وتوفي ابو طاهر سنة 332هـ وخلف عشرة ابناء، ولكنه جعل ولاية العهد لاخيه احمد ابي المنصور، وهو الذي قام برد الحجر الاسود وفي عهده تحسنت العلاقة بين القرامطة وبين الفاطميين فخطبوا لهم وحملوا شعاراتهم وفي سنة 358هـ قام سابور اكبر ابناء ابي طاهر بانقلاب ضد عمه ابي المنصور فاعتقله، غير ان احد اخوته ثار عليه فاخرج عمه ابا المنصور من سجنه فعاد الى الحكم واعدم سابور، ونفى اخوته المتامرين الى جزيرة اوال، ولكن ابا المنصور لم يعش طويلا فتوفي سنة 359هـ وولى بعده ابنه الحسن الملقب بالاعصم، وفي عهده احتل الفاطميون مصر ودمشق، وقطعوا الاتاوات التي كانت تدفع للقرامطة، فساءت العلاقة فيما بينهم مرة ثانية، وتوطدت العلاقة بينهم وبين العباسيين، فخطبوا لهم على المنابر ولبسوا السواد، وذهب الاعصم الى بغداد سنة 360هـ لمساعدته في اعلان الحرب ضد الفاطميين، لاستعادة مصر ودمشق، فامده الخليفة العباسي (المطيع لله) بالمال والعتاد، فزحف على دمشق ترفرف على قواته الاعلام السود، شعار الدولة العباسية، فاحتلها وقتل قائد الفاطميين جعفر بن فلاح، ثم جرت بينه وبين الفاطميين مناورات ومعارك عنيفة في ديار الشام ومصر، يحالفه النصر تارة، ويجانبه اخرى حتى عام 336هـ حيث انتهت بهزيمته وهربه الى طبرية ثم الرملة حيث وافته منيته هناك.

    وبعد وفاة الاعصم قام القرامطة بانقلاب ضد اسرة ابي سعيد الجنابي، فنفوهم اجمعهم الى جزيرة اوال، واعلنوا ولائهم للفاطميين ، واستبدلوا شعارات الدولة العباسية بشعارات الدولة الفاطمية، وشكلوا لادارة شؤون الدولة مجلسا مؤلفا من ثمانية اعضاء، يسمى (السادة) واسندت رئاسته الى اثنين منهم، وهما اسحق وجعفر، ونكاية بموقفهم المعادي للعباسيين قام حكام بغداد بقطع الجرايات عنهم، وقبضوا على ممثلهم ابوبكر بن شاهويه، فتوترت العلاقة فيما بينهم، فقام القرامطة بتجهيز حملة عسكرية سنة 375هـ ، فاحتلوا الكوفة. فتصدى لهم صمصام الدولة فاجلاهم عن العراق، وعادت فلولهم الى الاحساء، فلم يغز لهم جيش منذ ذلك الحين، ثم الب بنو بويه عليهم رجلا قوي الشكيمة من بني المنتفق سنة 378هـ فحشد جمعا كبيرا، وسار بهم الى البحرين، فخرج القرامطة للقائه، والتحموا معه في معركة طاحنة، اسفرت عن هزيمتهم ومقتل قائدهم وفناء معظمهم واعتصام فلولهم بحصن الاحساء، فحاصرهم مدة، فلما يئس من فتحها عدل عنها الى القطيف، فصادر جميع ما فيها للقرامطة من اموال ومواشي وعبيد، وسار بها الى البصرة قانعا بالغنائم.

    وزاد الطين بلة الخلاف بين الرئيسين اسحق وجعفر، واستئثار كل منهما بالسلطة، مما ادى الى اضعاف هيبتهم وانحلال دولتهم، فطمعت في ملكهم تلك القبائل الموالية لهم، والتي كانوا يستخدمونها في حروبهم، وعلى راسها بنو ثعلب، فزحف الاصفر بن ابي الحسن الثعلبي على الاحساء سنة 398هـ وملكها واذهب دولتهم التي عمرت نحوا من 112 عاما.

    5. دولة بني ثعلب وبني عقيل وابن العياش:

    كانت اهم القبائل التي يستخدمها القرامطة في حروبهم وغزواتهم، هي قبيلة بني ثعلب وقبيلة بني عقيل وقبيلة بني سليم، وكانوا يدفعون لهم جرايات سنوية، فحين ضعف امرهم وقلت مواردهم وعجزوا عن دفع الجرايات، طمعت في دولتهم تلك القبائل الموالية، فانقضوا عليها والتهموها واستبدلوا شعارات الدولة الفاطمية بشعارات الدولة العباسية، وخطبوا للخليفة في بغداد، واستطاع بنو ثعلب الاكثر عددا والاقوى شكيمة ان يستاثروا بالحكم دون سواهم، مما ادى لحدوث منافسة شديدة بينهم وبين بني سليم، فاستعانوا عليهم ببني عقيل، فاجلوهم عن اراضي البحرين، حيث نزحوا الى مصر ثم الى افريقية، ثم ما لبثوا ان اختلفوا مع قبيلة بني عقيل، فاجلوها هي الاخرى الى العراق، وصفا الجو لبني ثعلب حيث اسسوا دولة على انقاض دولة القرامطة بزعامة الاصفر بن ابي الحسن الثعلبي سنة 398هـ.

    وقد طالت ايامه، وامتد ملكه، حتى تغلب على الجزيرة والموصل ونافس بني عقيل، الذين استولوا بعد نزوحهم على الكوفة وبعض البلدان العراقية، فحاربهم سنة 438هـ براس عين من بلاد الجزيرة للاستيلاء على ملكهم، ولكنه اصطدم بنصير الدولة صاحب ميافارقين وديار بكر، فالب عليه امراء تلك المناطق فهزمه واعتقله، ثم اطلق سراحه. حيث عاد الى البحرين وبها توفي، وبقي الملك متوارثا في اعقابه الى ان ضعفت دولتهم، فسنحت الفرصة لبني عقيل في العودة، بعد ان استولت على ملكهم بالعراق الدولة السلجوقية، فرجعوا واستولوا على دولة بني ثعلب.

    وفي منتصف القرن الخامس الهجري ضعفت دولة بني عقيل وادركها الانهيار، فتغلب على القطيف يحيى بن العياش وعلى جزيرة اوال ابو البهلول العوام بن محمد بن يوسف الزجاج، وقد حاول يحيى بن العياش ان يبسط نفوذه على جزيرة اوال والاحساء، وكانت تعوزه القوة العسكرية المساندة، فيما كانت الدولة العباسية تطمح الى سيطرتها على بلاد البحرين، وتشاء الصدف ان يلتقي ابن الزراد الذي كان يعمل في خدمة كجكينا احد حجاب ملكشاه السلجوقي برجال من اهل القطيف في البصرة سنة 468هـ، فذكروا له ان السلطان لو امد صاحبهم ابن العياش بمئتي فارس لاسستولى على الاحساء وخطب للسلطان فيها، وحمل له الشيئ الكثير من خرجها سنويا.

    ووعدهم ابن الزراد بان يقوم بالسعي لتحقيق هذا الامر، وللتاكد من موافقة ابن العياش اصطحبهم الى القطيف، يرافقه احد البدو يسمى (غداف) من اصحاب ابن مهارش العقيلي، وحين اجتمع بابن العياش اكد له ما قالوه فكتب الى السلطان، واطمعه في الاستيلاء على بلاد البحرين، ثم زار ابن الزراد القطيف مرة ثانية، وعاد الى بغداد، بينما كان كجكينا يعد الحملة العسكرية، وحين وصلت الى مقربة من القطيف على بعد اربعة فراسخ بعثوا لابن العياش لاستقبالهم، فاستنكر هذه الحملة، واوجس خيفة منها، وقال لهم ان الذي تقرر بيني وبين ابن الزراد هو ان يرسل السلطان مئتي فارس من العجم، يكونون تحت امرتي وقيادتي كسائر جندي، اما هذه التعبئة العسكرية والطبول والاعلام والمجانيق فلست في حاجة اليها، وبامكاني ان احتل الاحساء واخطب للسلطان واجمع له الزكوات وافي بما تعهدت به دون اية مساعدة، فلم يوافق كجكينا قائد الحملة على اقتراحه، ودارت بينهما مراسلات ومناورات انتهت بالاشتباك المسلح، وكادت الدائرة تدور على ابن العياش، لولا انه عمد الى استمالة قبيلة قيس وقباث فانتهبوا معسكر كجكينيا، وعادت الحملة تجر اذيال الخيبة والفشل الى البصرة.

    وتوفي يحيى بن العياش، فخلفه ابنه زكريا، فجهز اسطولا وابحر به الى جزيرة اوال واقتحمها وقتل ابا البهلول، وضمها الى مملكته، بينما نجح عبد الله العيوني في استقدام القوات العباسية، وقد اسرع ملك شاه السلجوقي الى استجابته، فبعث جيشا بقيادة اكسك سالار لمساعدته والانتقام من ابو العياش الذي غدر بهم، فزحف على القطيف اولا واحتلها، وفر ابن العياش الى جزيرة اوال، فصادر جميع امواله وممتلكاته، ثم قصد الاحساء لمساعدة عبد الله العيوني، فحاصرها مدة طويلة ثم عاد الى بلاده، وترك قوة صغيرة لمساعدة العيوني، الذي استطاع بعد جهد ان يسيطر على الاحساء.

    اما زكريا بن العياش فبعد رحيل القوات العباسية استعاد نفوذه على القطيف واستمال القبائل، وجهز جيشا وزحف به نحو الاحساء، وهناك جرت بينه وبين العيوني معركة فاصلة، مني فيها ابن العياش بهزيمة نكراء وتبعه عبد الله العيوني الى حاضرة ملكه (القطيف)، فهرب الى جزيرة اوال، فلاحقه، ففر منها الى العقير واستنجد ببعض البوادي، واتجه بهم نحو القطيف وهاجمها، واشتبك مع عبد الله العيوني في معركة عنيفة اسفرت عن معرع ابن العياش وضياع مملكته حيث ورثها العيونيون.

    يتبع..........................

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    قلب كل معذب
    المشاركات
    1,093

    افتراضي

    استكمال:

    6. الدولة العيونية:

    بعد انحلال دولة بني عقيل تحفز سنة 466هـ للسيطرة على الاحساء رجل مغامر طموح، يسمى عبد اللع بن علي العيوني، ينتمي الى بني عبد القيس فاستعان بالدولة السلجوقية في بغداد للقضاء على من اسماهم بالقرامطة، واقامة الخطبة للخليفة العباسي، فاستجابوا له، وامدوه بقوة عسكرية تحت قيادة اكسك سالار، فتمت له السيطرة على الاحساء، وقد حاول زكريا بن العياش ان يبتزها منه – كما ذكرنا – وزحف بجموعه على الاحساء، فمني بهزيمة فادحة، فلاحقه العيوني، وتمكن من احتلال القطيف وجزيرة اوال، كما اخضع القبائل المناوئة، فتمت له السيادة على بلاد البحرين قاطبة.

    وتوفي عبد الله في حدود سنة 500هـ، فخلفه ابنه الفضل (500 – 513هـ)، واتخذ مدينة القطيف عاصمة له مدة سبع سنوات، ثم نقلها الى جزيرت اوال، وبنى قصوره في موضع يسمى (زاد برد)، وقد استتب الامر في عهده، فقضى على قطاع الطرق، وتعقب دابر المفسدين، وامتد ملكه من الكويت حتى ظاهرة عمان، ومات مقتولا على يد احد خدمه في جزيرة تاروت.

    ثم تولى بعده ابنه ابو سنان محمد بن الفضل (513 – 531هـ) وجعل عاصمته القطيف ، وقد حرم على البداة الحلول فيها اثناء الصيف، حفاظا على امنها واستقرارها، وفي عهده واجه تحديات من بني عامر وبني وائل الذين تحالفوا على اسقاط حكومته، فانتصر عليهم، وفي اثناء زيارته للاحساء قام عماه علي والحسين باغتياله، وكان هذا الحادث بداية سيئة في الاسر العيونية، اعقبتها سلسلة من الاقتيالات.

    وعلى اثر مقتل ابي سنان تجزات دولة العيونيين، فاختص علي بحكم الاحساء والحسين بحكم القطيف واوال (531 – 542هـ)، وفي عهده قدم اخوه علي حاكم الاحساء، ويكنى بابي المنصور الى القطيف، فاحتفى به واقطعه منطقة الظهران، وكانت ذات اشجار ونخيل وثمار كثيرة ومداخيل من البر والبحر.

    وتوفي الحسين، وتولى بعده غرير بن محمد بن الفضل (542 – 549هـ) فقام بمهاجمة الاحساء للاخذ بثار ابيه، فقتل حاكمها ابو المنصور علي بن عبد الله وعاد ادراجه الى حاضرة ملكه القطيف، وفي عهده غزا ملك جزيرة قيس باكرزاز بن سعد بن قيصر جزيرة اوال سنة 549هـ فاحتلها، ثم غادرها بعد مدة.

    وقد اغتيل غرير على يد ابن عمه هجرس بن محمد بن عبد الله الذي حكم بعده سنة واحدة (549 – 550هـ) ومات حتف انفه، فخلفه شكر بن الحسين بن عبد الله المكنى بابي مقدم (550 – 568هـ)، وفي عهده قام باكر زاز بعدة هجمات على جزيرة اوال، انتهت اخيرا بهزيمته، وبعد وفاة شكر تولى اخوه علي بن الحسين بن عبد الله (568 – 573هـ) وقد اغتاله اخوه الحسن بن الحسين الملقب بالزير (573 – 576هـ) بجزيرة اوال، في المسجد المعروف بسبسب، واتخذ الجزيرة عاصمة له، ومات مقتولا بسهم على يد احد الاعاجم.

    ثم انتقل الملك الى سلالة الفضل، فملك محمد بن ابي الحسين احمد بن محمد بن الفضل (576 – 577هـ) فلم يليث في الحكم سوى سنة واحدة، واضطر الى الاستقالة تحت ضغط رؤساء القبائل، فعمد اهل القطيف الى اسناد الحكم لرجل منهم يسمى (النقيب العلوي)، فلم يستطع البقاء في الحكم سوى اربعين يوما، فاختاروا مسيب بن الفضل بن عبد الله، فلم يمكث في الحكم سوى شهرين، وعجز في التوفيق بين ارادة الاهالي ورغبات رؤساء القبائل.

    وبتاييد ال جحاف وال شبانة ورؤساء قبيلة بني عامر تولى الحسن بن شكر بن علي بن عبد الله (577 – 580هـ) فاقطعهم الكثير من الاملاك ومنحهم الاموال، وفي عهده قدم محمد بن ابي الحسين (الحاكم الاسبق) ومعه رئيس قبيلة بني عقيل، فنزل قرية صفوى الواقعة شمال القطيف، فاوجس الحسن بن شكر خيفة منه، فاستنفر اهل القطيف عربها وعجمها والقبائل الموالية له كال شبانة والجحاجفة وحاول طرده، واشتبك معه في معركة عنيفة واستطاع محمد بن ابي الحسين ان يلحق بهم هزيمة نكراء.

    وعلى اثر ذلك اضطربت الاوضاع في القطيف فقام حاكم الاحساء باحتلالها واسند حكمها الى اخيه عبد الله بن منصور بن علي بن عبد الله (580 – 587ه) وفي عهده عاد باكر زاز ملك جزيرة قسي كرة اخرى بمهاجمة جزيرة اوال، فلم يستطع عبد الله بن منصور التغلب عليه، ففقدت الجزيرة امنها واستقرارها فهاجر كثير من اهاليها الى القطيف.

    ونتيجة للاوضاع المضطربة قدم محمد بن ابي الحسين واستولى على القطيف واوال (587 – 605هـ)، واخرج عبد الله بن منصور والحقه باخيه في الاحساء، ثم ما لبثت الاحساء ان دانت لحكمه، فتوحدت في عهده بلاد البحرين، ويعتبر عهده من ازهى عهود الدولة العيونية، حيث امتد نفوذه الى نجد وبوادي الشام، فعهد اليه الخليفة العباسي بخفارة الحجاج، وقرر له عوائد سنوية، فقضى على قطاع الطرق، واستتب الامن في عهده، وسارت القوافل بدون خفارة، حتى كان مثار اعجاب الشاعر بن المقرب، فمدحه بعدد من القصائد الرائعة.

    وفي اخريات ايامه حيكت المؤامرات ضده، فانسلخت من حكمه الاحساء سنة 601هـ، كما تامرت عليه القبائل التي كانت موالية له، كبني عقيل وال كعب بالاشتراك مع غرير بن الحسن بن شكر (ابن الحاكم السابق) على ان يكون له حكم البلاد ولرؤساء تلك القبائل جميع مايملك الامير محمد بن ابي الحسين بالاضافة الى امتيازات اخرى، فاغتالوه بين صفوى والاوجام.

    وتولى غرير بن الحسن بن يشكر (605 – 606هـ) حكم البلاد، وكان كارثة على اهل القطيف واوال، اذ صادر املاك الاهالي وصار يقطع الرجل من بني عامر العين الجارية بما تسقي من نخيل وبساتين، كما قسم جميع الحظور عليهم، واقطعهم بساتين اوال، ومنحهم امتيازات صيد اللؤلؤ وملكهم سفن السفر والغوص. وصار لعبة في ايديهم.

    غير ان حكمه لم يستمر سوى سنة واحدة، اذ قام الفضل بن محمد بن ابي الحسين باخذ ثار ابيه، فذهب الى بغداد سنة 606هـ فامده الخليفة العباسي الناصر لدين الله (572 – 622هـ) بالمال والسلاح، وقد لعب الشاعر بن المقرب دورا بارزا بسفارته في اقناع الخليفة بالمساعدة، وحين وصولها استمال رؤساء القبائل بالاموال، فهاجم مدينة القطيف، وقتل غرير بن الحسن بن شكر، وتمت له السيطرة على البلاد.

    وفي عهده (606 – 616هـ) مالبثت الاوضاع ان تردت من سيئ الى اسوا اذ وقع تحت ضغط رؤساء القبائل الذين لم يقتنعوا منه بما اقطعهم من الاملاك وما منحهم من الاموال والامتيازات، فاضطر الى الاحتماء بملوك جزيرة قيس، وارتمى في احضانهم، فعقد معهم معاهدة، واقطعهم الكثير من الاملاك في تاروت والقطيف، من جملتها مقاسم تاروت الحسيني والحساسي ومقسم القصر، ومن مقاسم القطيف بستان القصر وبستان المشعري ودالية الدار والفايدية ونصف طراز الغاصة والتخلي عن جزيرة اكل وجزيرة الطيور وجزيرة الجارم وبحر الجورة وسماهيج ومقاسمتهم المصايد والخراج والعشور بالاضافة الى ضريبة مقدارها خمسمائة دينار سنويا تدفع لهم وجلود المدبغة ماعدا مائتي جلد. بالاضافة الى عدد من الجزر وضريبة سنوية الى غيرها من الامتيازات التي تمس السيادة الوطنية.

    وبعد ان كان الشاعر بن المقرب يعقد عليه الامل بان يسلك نهج ابيه اصيب بخيبة مريرة، فعاد يندد بسياسته، فتردت العلاقة بينهما ففارقه، كما تالبت القبائل على اسقاط حكمه، فعزلوه، وتولى بعده ابن اخيه مقدم بن ماجد بن ابي الحسين (616 – 617هـ) وكان مرضيا عنه، فمدحه ابن المقرب وعقد عليه الامل غير انه توفي بعد سنة من حكمه، وتولى فاضل بن معن بن جعفر بن الفضل (617 – 620هـ) ولم يلبث في الحكم سوى ثلاث سنوات ومات، فتولى بعده اخوه جعفر بن معن شهرا واحدا، وحاربه المساعيد فاخرجوه من البلد، ثم تملك محمد بن مسعود بن احمد بن ابي الحسين (620 – 623هـ) ويلقب بعماد الدين، وفي عهده توحدت بلاد البحرين، وكانت ولايته باتفاق اهل الحل والعقد وقد انتهج سياسة حازمة تجاه رؤساء القبائل الذين خسروا مكاسبهم في عهده، فتامروا على اسقاط حكومته مع ابن عمه منصور بن علي بن محمد بن ابي الحسين، الذي اتغق معهم على ان يكون لال عصفور رؤساء بني عقيل حكم الاحساء، ويكون له حكم القطيف واوال، فتم لهم ما ارادوا، وخرجت الاحساء من حكم العيونيين منذ ذلك الحين.

    وتولى منصور بن علي حكم القطيف واوال (623 – 626هـ)، وفي اخريات ايامه استولى ابو المظفر الهرموزي على جزيرة قيس وانتزع الحكم من بني قيصر وانفذ عماله الى جزيرة اوال لقبض الجرايات التي كانت تدفع لملوك جزيرة قيس منذ عهد الفضل بن محمد، ولم تمضي سوى برهة قليلة حتى اكتسح الزنجيون جزيرة قيس، وسيطروا على الخليج، وانفذوا عمالهم الى جزيرة اوال وكان تدخلهم اشبه شيئ بالاحتلال المباشر.. الامر الذي دفع محمد بن ابي الحسين الى القيام بثورة ناجحة ضد ابن اخيه منصور، قنحاه عن الحكم، وقام بطرد الفرس، والغى امتيازاتهم وقد ادى ذلك الى قيام دولة الزنجيين بتوجيه حملة عسكرية لاحتلال القطيف فمنيت بالفشل، وفي عام 630هـ قام الامير محمد بتطهير الجزيرة من النفوذ الفارسي، وجعلها عاصمة لدولته، باعتبارها اهم ثغر فيها، وفي سنة 636هـ قام الفرس بتجهيز حملة عسكرية كبرى، واستطاعوا انزال قواتهم في الجزيرة حيث جرت معركة فاصلة، اسفرت عن مصرع الامير محمد (626 – 636هـ) واحتلال جزيرة اوال، وبمقتله طويت اخر صفحة من تاريخ الدولة العيونية التي عمرت نحوا من 170 عاما.

    7. دولة بني عصفور وبني جبر:

    بعد ان دق منصور بن علي بن محمد بن ابي الحسين اول مسمار في نعش دولة العيونيين، بالتامر مع رؤساء قبيلة بني عامر على اسقاط حكومة ابن عمه محمد بن مسعود بن ابي الحسين عام 623هـ، واتفق معهم على ان يكون له حكم القطيف واوال، ولهم حكم الاحساء، تم لبنيعصفور رؤساء بني عامر تحقيق حلمهم للوصول الى الحكم، ثم ما لبثت الدولة العيونية ان تساقطت منها اخر ورقة حين هبت عليها عاصفة الزنجيين، فاكتسحت اوال والقطيف سنة 640هـ ولكن تلك العاصفة ما لبثت ان انحسرت بعد عام واحد، فاستولى بنو عامر بن عقيل على بلاد البحرين قاطبة.

    ويحدثنا ابن خلدون نقلا عن ابن سعيد بانه سال اهل البحرين حين التقى بهم في المدينة المنورة سنة 651هـ عن البحرين، فقالوا: الملك فيها لبني عامر بن عوف بن عقيل، وبنو ثعلب من جملة رعاياهم، ومنهم بنو عصفور اصحاب الاحساء، وقد توطدت العلاقات بينهم وبين سلاطين مصر المماليك الذين ارتفع شانهم في العالم الاسلامي بعد دحرهم التتر، فوفد منهم جماعة على السلطان بيبرس برئاسة محمد بن سنان العقدي بن غفيلة بن شبانة بن قديمة، فاكرم وفادتهم واسبغ عليهم انعامه، ثم توالت وفودهم، وصدر الامر السامي السلطاني الى ال فضل رؤساء بوادي الشام بتسهيل مهماتهم وتامين ذهابهم وايابهم، وكانت الامرة فيهم لبني عصفور، ودارهم الاحساء والقطيف.

    ولا نعرف من حكم البلاد من امرائهم، وكلما نعرف انهم حكموا البلاد حوالي سبع وسبعين سنة، ويبدو ان دولتهم كانت ذات طابع اقطاعي، وهو نظام عرفته هذه المنطقة في اغلب ادوار تاريخها، فالحاكم يكتفي بالسيادة العليا على البلاد، ويقنع بالجرايات السنوية والعوائد المالية، ويترك تصريف شؤونها الداخلية لرؤسائها المحليين.

    ويحدثنا المؤرخون ان سعيد بن مغامس امير البصرة قام باحتلال القطيف سنة 700هـ ثم تغلب عليه جروان احد بني مالك بن عامر فملكها سنة 705هـ فخلفه ابنه ناصر، ثم من بعده ابنه ابراهيم حتى سنة 820هـ ففي ذلك العام امر ابراهيم رجاله بالقبض على سيف بن زامل العقيلي الجبري (من بني عامر)، فلم يتمكنوا من اعتقاله، فسار سيف ذاته الى مجلس ابراهيم يرافقه بعض حاشيته، وحين احتدم الجدل بينهما امتشق سيف حسامه وقتله، واعلن نفسه حاكما على البلاد، وسار فيها بالعدل والاحسان، فاكتسب مكانة شعبية، وبعد وفاته خلفه اجود، الذي اتسعت مملكته وامتدت الى عمان ونجد وهرمز، ثم تنازل عن جزيرة هرمز للسلطان سرغل بن نور شاه حين شغب عليه اخوته، فتحالف معه عسكريا مقابل هذا التنازل، فايده عليهم، ويعتبر عهده من ازهى العهود التي مرت على المنطقة، حيث ساد فيها العدل وانتشر العلم وعم الاصلاح، فكان يقرب العلماء ويكرمهم، ويصفه السمهودي في كتابه (وفاء الوفاء) وصفا مشرفا، وانه رئيس اهل نجد وسلطان البحرين والقطيف، وقد طالت مدة حكمه، واتخذ مدينة الاحساء حاضرة له، وبنى له قصرا على مقربة من قرية المنزلة وحج سنة 893هـ ومعه 15 الفا من قومه، كما حج مرة ثانية سنة 912هـ في اتباع يزيدون على 30 الفا، وفي هذه السنة اسند الحكم لابنه محمد، ووصف بانه سلطان البحرين والاحساء والقطيف، وفي اواخر تلك السنة نفسها استنجد به شريف مكة بركات محمد حين استفحل عبث البدو القاطنين قرب جدة، فسار في جيش مؤلف من خمسين الفا، وحين وصل الى مكة المكرمة وجد سلطان مصر الفوري قد قام بالمهمة وقضى على دابر المفسدين، فخلع على قائد الحملة العسكرية المصرية خلعة سنية، ثم ادى مراسم الحج وقفل عائدا الى بلاده.

    ثم بعده تولى اخوه مقرن بن اجود، ويوصف بانه سيد عربان الشرق على الاطلاق، وقد حج عام 927هـ وحمل معه كثيرا من الهدايا الى مكة المكرمة كاللؤلؤ والمسك والعنبر والحرير وفيرها من التحف الثمينة، وقد تصدق على اهلها بنحو خمسين الف دينار، ولكنه عند عودته داهمته جيوش الاحتلال البرتفالية، فاشتبك معهم في معركة، وقع فيها اسيرا، وقد حاول ان يفتدي حياته بمبلغ مليون دينار فلم يقبلوه وقتلوه واحتلوا جزيرة البحرين، واحتلوا قلعتها وصادروا جميع امواله، كما احتلوا مدينة القطيف غير انهم واجهوا مقاومة من الاهالي في ذلك فانسحبوا منها.

    وقد خلفه اخوه علي بن اجود، وبقي في الحكم مدة شهر واحد، ثم حدث شقاق بينه وبين اخوته، فتغلب عليهم ناصر بن محمد بن اجود، فحكم مدة ثلاث سنوات، ثم تنازل لقاء مبلغ من المال لقطن بن علي بن هلال بن زامل الذي حكم مدة سنة تقريبا، وبعد وفاته خلفه ابنه، فعجز عن القيام باعباء الحكم، فتنازل لغصيب بن زامل بن هلال، فلم يمكث في الحكم سوى سبعة اشهر، ثم استفحل الخلاف والتناحر بين الامراء الجبريين، فاستعان بعضهم بامير البصرة الشيخ راشد بن مغامس، فزحف على القطيف والاحساء، فاحتلها وانتزع الحكم من الجبريين، واعلن نفسه حاكما على البلاد سنة 931هـ واقام بها، وترك اخاه محمد واليا على البصرة.

    وحين احتل العثمانيون العراق سنة 941هـ/1534م تقدم راشد بن مغامس لمبايعة السلطان سليمان القانوني واعلان الطاعة له، فاقره على ولاية البصرة فقط، فاغتنم حاكم هرمز الفراغ السياسي في المنطقة، فاستولى على القطيف، ولكن ابنه مانع بن لااشد ال ممغامس قام باسترجاعها باقوة، رغم معارضة الاهالي، بل هاجر بعضهم مع عوائلهم الى البحرين، وعلى راسهم حسين بن رحال، ثم قام بمحاولة لاحتلال البصرة، فاغتنم البرتغاليون وحاكم هرمز فرصة غيابه فوجهوا اسطولا لميناء القطيف بقيادة برنالد سوزا فاحتلوها وسقطت القلعة في ايديهم، وقتلوا واسروا معظم رجالها، ثم انسحبوا حين علموا قدوم مانع في جيش كثيف، وقد بقيت القطيف تحت حكم ال مغامس، حيث تولاها من بعده ابنه راشد، الى ان احتلها الاتراك سنة 957هـ.

    8. البرتغاليون:

    تعتبر الدولة البرتغالية اول دولة غربية تعرفت على منطقة الخليج العربي عام 912هـ/1506م حينما احتلت جزيرة هرمز، وما حل عام 921هـ/1515م حتى استولت على اغلب موانئ الخليج، وفي عام 927هـ احتلت جزيرة البحرين ثم القطيف، وقامت بتاسيس مراكز دفاعية في المواقع الاسترتيجية، حيث انشات عددا من القلاع في تاروت ودارين وعنك والدمام والبحرين، لا تزال اثارها موجودة حتى الان.

    وقد كانت القطيف في مقدمة المقاومين للاحتلال البرتغالي، فوفد منهم جماعة الى بغداد، حاملين معهم رسائل الترحيب بالسلطان العثماني سليمان القانوني سنة 941هـ/1535م وطلبوا تطهير بلادهم من البرتغاليين الكفار، كما استنجد حاكم دلهي لتطهير ثغور الهند منهم، فاصدر امره الى واليه في مصر ببناء اسطول في البحر الاحمر، ففي سنة 957هـ/1550م ابحر الاسطول الذي يتالف من سبعين سفينة مجهزة بالمدافع، يقل فرقة عسكرية تتالف من عشرين الف مقاتل، فاحتل عدن واليمن وعمان، وسقطت في يده اغلب القلاع البرتغالية، ثم دخل الخليج، فحاصر جزيرة هرمز الحصينة، فلم يستطع فتحها، ثم انسحب منها الى قطر فاحتلها، وواصل زحفه برا الى القطيف، وحين وصوله قام اهل القطيف – كما يقول ويلسن – بطرد البرتغاليين من البلاد واستخلصوا القلاع والحصون، وسلموها للاتراك، فاضطر البرتغاليون للانسحاب الى جزيرة البحرين، ولكنهم ما لبثوا ان جهزوا حملة عسكرية كبيرة بقيادة انطونيو نورنها، فهاجموا القطيف واتلوها، ودكوا قلاعها، حتى ساووا بها الارض، وقد احفظت الاتراك هذه الاعمال، فصمموا العزم على تطهير الخليج من البرتغاليين، فجهزوا قوة بحرية كبيرة بقيادة بربك يعاونه فراسر احد القراصنة المدربين، فتمكن من طردهم من سواحل القطيف، كما قاموا بارسال قوة عسكرية بقيادة محمد فروخ باشا سنة 958هـ، فاسترجعت القطيف والاحساء، واعادت بناء القلاع التي خربها البرتغاليون في القطيف، ثم تساقطت القلاع والمراكز البرتغالية في الخليج تساقط اوراق الخريف، ولم تبق في ايديهم سوى جزيرة هرمز (قاعدتهم الحصينة)، وهي اخر ورقة سقطت عام 1625م حين احتلها الشاه عباس الصفوي بمساعدة الاساطيل الانجليزية.

    9. الاتراك:

    لقد قلنا ان القطيف كانت في مقدمة المقاومين للاحتلال البرتغالي، باعتباره امتدادا للحروب الصليبية، فقاوموه اشد المقاومة، وكانوا يرون الخلاص في الانضواء تحت ظل الحكم العثماني باعتباره القوة الاسلامية الكبرى، التي تقاوم الغزو الصليبي، ولكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، فحين استولى الاتراك ارهقوا المواطنين بالضرائب الباهظة، مما ادى الى ارتفاع الاسعار وارتكبوا اعمالا تعسفية فادحة ضد الاهالي، والانكى من ذلك انهم اثاروا النعرة الطائفية، لا سيما حينما تحالف البرتغاليون مع غريمتهم الدولة الصفوية، التي ما زالت الحرب سجالا بينهما، فتردت الاوضاع من سيئ الى اسوا، وادت الى نشوب ثورات اهلية، استمرت طيلة عهدهم، والى نزوح بعض من الشخصيات المهمة مع عوائلهم الى الخارج، وكان من جملتهم الشاعر جعفر الخطي الذي انتظم في بعثة سياسية الى البحرين وايران للاستنجاد بالدولة الصفوية، وقد عزت السلطات العثمانية تلك الاضطرابات الى تغلغل النفوذ البرتغالي والى عملاء الدولة الصفوية، حتى انها عمدت الى اغلاق طرق الحج عبر موانئ الاحسء والعراق.

    وقد الحقت القطيف في بداية حكمهم بولاية البصرة، واعتبروها سنجقا تابعا لادارتها بما فيها الاحساء، حين ثم اشتد الصراع بينهم وبين البرتغاليين اكتسب ميناء القطيف اهمية قصوى، واعتبر الميناء الثاني بعد البصرة، فجعلت القطيف ايالة (ولاية) مستقلة في شؤونها الادارية، وكان الهدف من فصلها اتخاذها قاعدة حربية لمقاومة التغلغل البرتغالي في الخليج العربي، وحين توطدت اقدامهم في المنطقة، قسمت اداريا الى عدد من السناجق، منها سنجق القطيف وسنجق صفوى وسنجق الاحساء وسنجق المبرز وسنجق العيون وسنجق البادية، وخصص لكل سنجق مبلغ معين كمصاريف ادارية، حيث خصص لسنجق القطيف مائة وسبعين اقجة، ولسنجق البادية مبلغ عشرون الف اقجة، ثم رفع الى مائتي الف اقجة، وقد منحت لرئيس قبيلة بني خالد (سعدون)، ليقوم بالمحافظة على الوفاق بين القبائل في شرق الجزيرة العربية، والحيلولة بينها وبين مهاجمة المدن والحفاظ على الامن وتامين طرق التجارة وحماية قوافل الحج.

    ومع كل هذا لم يكن الحكم العثماني مستقرا في المنطقة بل واجه كثيرا من الصعوبات والمتاعب الاقتصادية والثورات المحلية، التي يشترك فيها الحضر والبداة والمتمردون من الجند، حتى ان نفذه في كثير من الاحيان لا يتعدى القلاع والمدن الكبيرة، اما البادية والقرى فيسيطر عليها البداة، وعلى راسهم بنو خالد، الذين كثيرا ما حصل منهم القيام بالتمرد واعلان حركة العصيان، وحتى اثناء مهادنتهم فان الاتراك يكتفون منهم بالسيادة الاسمية.

    ونتج عن مواجهتهم لتلك المتاعب وتكبيدهم الخسائر المادية ان تخلوا في اخر عهدهم عن مسؤولية الحكم المباشر للمنطقة، وتركه للقوى المحلية المتعطشة للسلطة، والاكتفاء بالسيادة الاسمية، وعلى الصعيد الخارجي تم الوفاق بينهم وبين البرتغاليين الى درجة مشاركتهم في التجارة ومساهمتهم في الدفاع عن البصرة ضد الايرانيين، وقد ادى ذلك الى تقلص نفوذهم في المنطقة، والى استغلال الولاة بحكمها اخر الامر.

    ويفهم من الوثائق التاريخية ان الاتراك في اغلب عهدهم كانوا يتمشون على نظام الاقطاع في الشئون المالية، اما الادارية فيعينون ولاة من قبلهم، تعززهم قوات عسكرية لحفظ الامن والدفاع الخارجي فكان اولهم محمد باشا فروخ الذي بنى عددا من المساجد ما زالت اثارها باقية حتى عهد قريب، منها مسجد الدبس بالهفوف الذي بني عام 963هـ ومسجد المنارة بقلعة القطيف، كما تدل على ذلك لوحة من الحجر الجيري، كانت مثبتة باعلى مدخل المنارة، مؤرخة بغرة المحرم 968هـ، ثم بعده علي بن احمد بن لاوند البريكي، ومن اثاره مسجد القبة بالهفوف، الذي بني سنة 974هـ، ومنهم على باشا الذي تزوج من الاحساء، وانجب عددا من الابناء، منهم يحيى الذي بعثه واليا على القطيف، ولا يبعد ان يكون تجديد بناء سور القلعة في عهده سنة 1037هـ، ومنهم محمد الذي احتال على انتزاع الولاية من ابيه، وكان اخر الولاة العثمانيين عمر باشا، وقد استمر حكم الاتراك حتى سنة 1080هـ.

    10- سيطرة بني خالد:

    بدا حكم الاتراك في بداية القرن الحادي عشر الهجري يفقد سيطرته على الولايات الخاضعة لنفوذه، لاسيما المناطق البعيدة عن الحواضر المركزية، فقد استطاع الولاة ان يستبدوا بحكم الولاياتتحت مظلة الباب العالي، وساعد على تردي الاوضاع تفشي نظام الاقطاع واكتفاء الدولة بالجرايات السنوية والسيادة الاسمية، وهذه الاوضاع دفعت كل طوح ان يجرب حظه للاستيلاء على السلطة، ففي البصرة حين عجز واليها علي باشا ان يخمد ثورة القبائل سلمها سنة 1005هـ لموظف يسمى افراسياب يعمل بوظيفة كاتب الجند مقابل مبلغ من المال وشرط عليه ان تكون الخطبة للسلطان، فاستقل بها وكون امارة توارثها من بعده اولاده، فوليها ابنه علي باشا (1011 – 1055هـ)، ثم حفيده حسين باشا الذي استطاع ان يمد نفوذه الى هذه المنطقة، وان يبعد الوالي التركي محمد باشا بالاتفاق مع براك بن غرير رئيس بني خالد، فاستولى على القطيف سنة 1073هـ، اذ سير لها قوات برية وبحرية واحتلها عنوة، وفتك باهلها واباحها لجنده، ثم زحف على الاحساء فاحتل المبرز وفعل بها مثل ما فعل بالقطيف، ثم اتجه جيشه الى الاحساء سنة 1074، بقيادة براك بن غرير الخالدي الذي استاثر بحكمها بعد الاستيلاء عليها، ولكن حسين باشا سرعان ما استردها اذ سير جيشا بقيادة وزيره يحيى اغا سنة 1075هـ فاحتلها وبقيت تحت حكمه حتى سنة 1076هـ ففي هذه السنة استدعي حسين باشا يحيى اغا للتوجه الى البصرة لمعالجة الموقف مع الاتراك، وتسوية المشاكل، حيث اجبروه على التخلي عن ولاية القطيف لمحمد باشا، وقد ترك عمر باشا من قبله على الاحساء، فاهتبل براك بن غرير فرصة ضعف الدولة الافراسيابية التي انهكتها الحملات العسكرية فانقض على الاحساء واستولى عليها سنة 1077هـ.

    وقد عز على ال شبيب الذين كانوا اقوى بوادي المنطقة في ذلك الحين اسيلاء بني خالد على البلاد، وتسنمهم الملك، فجهز رئيسهم راشد ال مغامس جيشا لمحاربتهم، واشتبك معهم في معارك عنيفة، اسقرت عن انتصار بني خالد، ومصرع راشد ال مغامس، وفناء عدد كبير من جيشه، وفرار الباقين الى العراق.

    ولما كان محمد باشا المتهم الاول في تحريض قبائل المنتفق ضد بني خالد راوا الفرصة سانحة للاستيلاء على القطيف، لا سيما بعد ان تقلص الوجود السياسي والعسكري التركي بالمنطقة، فاحتلوها سنة 1080هـ.

    وبنو خالد قبيلة من جملة القبائل التي استقدمها الاتراك حين استيلائهم على هذه المنطقة في منتصف القرن العاشر الهجري لتعزيز قواتهم العسكرية، وقد اسكنوها الرجراجة بالقرب من الهفوف، ثم اسندوا اليها ولاية سنجق الصحراء للمحافظة على الوفاق بين القبائل وتامين الطرق الصحراوية، واجروا لها المخصصات السنوية، حتى انها فاقت المبالغ المخصصة للقطيف اخيرا.

    وقد اختلف النسابون في اصل هذه القبيلة، فقيل انها تنتمي الى خالد الحجاز، وان اصلها من بيشه، وقيل من خالد حمص، قدمت من بوادي الشام مع الاتراك، وقيل انها تنحدر من بني عبد القيس الذين انتشرت فروعهم في بوادي هذه المنطقة وحواضرها، وهناك من عدها قحطانية ونسبها الى طيئ من قحطان، ومنهم من عدها عدنانية فنسبها الى عامر بن صعصعة من هوازن، ومن المرجح ان هذه القبيلة التي كانت في اصلها من بوادي المنطقة المنحدرة من بني عبد القيس.. اصبحت في الاخير تتكون من مجموعة من القبائل المتحالفة، التي انضمت اليها واتحدت معها تحت اسم (بني خالد)، وقد اقامت دولة عمرت نحوا من 130 سنة، وامتدت رقعتها من جنوب قطر الى شمال الكويت، ومن الساحل شرقا الى تخوم نجد غربا، ويتميز عهدها بالنظام الاقطاعي والتسامح الديني، ويصفه الغربيون باستتباب الامن وازدهار التجارة، كما جاء في تقارير كل من مانيستي وجونز، ويبدو انها تركت الحبل على الغارب عفي مياه الخليج باعتبارها دولة غير بحرية، وركزت اهتمامها في الداخل فاخضعت منافسيها، واكتفت بالسيادة على البلاد وصحاريها، فاقطعت افخادها ولاياتها، ونشا من جراء ذلك حيف على المواطنين من ظلم الولاة وجشعهم حتى قال فيهم شاعر قطيفي، مؤرخا قيام دولتهم بهذين البيتين:

    رأيت البدو ال حميد لما تولوا احدثوا في الخط ظلما
    اتى تاريخهم لما تولوا وقانا الله شرهم طفى الما

    ومن المحتمل ان الشاعر قال هذين البيتين ابان احتلال القطيف، في الحملة التي اشترك فيها بنو خالد مع الافراسيابيين سنة 1073هـ حين ارتكبوا ابشع الجرائم والظلم والوحشية، كما يذكر مؤرخهم، وقد تركز الحكم في اسرة ال حميد، فتعاقب على حكم البلاد 12 اميرا فكان اولهم:

    1- براك بن غرير بن مسعود ال حميد (1080 – 1093ه وهو الذي اعلن نفسه ملكا على البلاد بعد جلاء الاتراك، وبعد ان استقر له الامر اتخذ مدينة المبرز بالاحساء عاصمة له، فبنى له قصرا فخما ومسجدا ما زال يعرف بمسجد براك وقد قضى على جميع منافسيه، كما قام بعدة غزوات في نجد، وامتد نفوذه من جنوب قطر حتى حدود البصرة.

    2- محمد بن براك (1093 – 1103هـ) خلف اباه على العرش فقام بتخطيط حدود مملكته، واقطع كل قبيلة منهم املاكا واراضي، كما اسند حكم الولايات لهم، فولى ال مسلم حكم قطر، والمهاشير حكم القطيف وهو الذي بنى الكويت لمراقبة الحدود الشمالية، وليكون مستودعا للذخيرة والمؤونة كما قام بغزوات عديدة في نجد.

    3- سعدون بن محمد (1103 – 1135هـ) وقد نسج على منوال ابيه، فاخضع بلاد نجد، وكانت القبائل التي تحل في منطقة نفوذه تقدم له الهدايا من نجائب الابل واصائل الخيل، ولولوعه بالصيد كان كثير الرحلات، وربما ابتعد عن الاحساء مسافة شهر، وتوغل في بلاد الشام، وهو الذي وهب حصن الكويت لال الصباح ليقوموا بالدفاع عن هذا الثغر، وكانوا يؤدون له الضريبة، وكان هذا الحاكم خاتمة الوفاق في بني خالد، فبعد وفاته دب الشقاق في صفوفهم وتفشى فيهم اغتيال بعضهم البعض، مما ادى الى انهيار دولتهم والقضاء عليهم، فقد انقسم بنو خالد بعد موته الى حزبين متنافسين حزب اندفع لتاييد ولديه دجين ومنيع، وحزب انحاز الى جانب اخويه علي وسليمان، وقد ادى ذلك الى الاشتباك المسلح، فانتصر علي وسليمان فتولى الحكم بعده اخوه علي.

    4- علي بن محمد (1135 – 1143هـ) كان ضعيف الشخصية، فلم يتمتع بالحكم سوى ثمان سنوات فتامر عليه داحس ودجين (ابنا اخيه سعدون) فقتلاه.

    5- سليمان بن محمد (1143 – 1166هـ) حكم بعد اخيه علي وكان قوي الشخصية فدانت له البلاد، وامتد نفذه الى نجد، وفي عهده بدا نجم الامام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الظهور، وهو الذي كتب الى عثمان بن معمر امير العيينة بالتخلي عنه، وقيل بقتله.

    غير ان مشاكله الداخلية شغلته عن المد المتنامي للدعوة السلفية، وقد ادت تلك المشاكل الى زحزحته من الحكم، وانتصار الحزب المناوء، ويوصف بانه كان زير نساء ماتك للاعراض، فلم تسلم منه حتى قبيليه، الامر الذي جعله يخسر القوى المؤيدة له، فطرده شيوخ قبيلته من الاحساء، ولحق بنجد، ومات بالقرب من الخرج.

    6- عريعر بن دجين بن سعدون (1166 – 1188هـ) وفي ايامه اشتد العداء بينه وبين السلفيين، اذ انتشرت الدعوة في نجد، واصبحت قوة يحسب لها الف حساب، فصمم على القضاء عليها في مهدها، قبل ان يستفحل خطرها، فتهدد مناطق نفوذه، فقام بتنظيم حملة عسكرية على الدرعية سنة 1172هـ وتحركت جيوشه من الاحساء وبعض البلاد النجدية المؤيدة له، ولكنه فشل في التغلب عليها، فعاد ادراجه الى الاحساء، وفي عام 1176هـ قام الامام عبد العزيز بن محمد بن سعود برده على ذلك الهجوم، فشن غارة على مدينة المبرز وقرية المطيرفي، وعاد بالغنائم الى نجد، وقد جرحت كبرياءه هذه الغارة فتحالف مع امير نجران حسن المكرمي، واتفق معه على زحف مشترك لاكتساح الدرعية والقضاء على الدعوة السلفية في مهدها، غير ان قوات امير نجران وصلت فبل قوات عريعر، فهاجم الدرعية، واشتبك معهم في معارك عنيفة، ثم توصل الفريقان الى ابرام صلح، فعاد المكرمي الى بلاده، وحين قدم عريعر لم يجد حليفه، فهاجم الدرعية، وشدد عليها الحصار دون طائل، مما يدل على ضعف وسائل الحصار عنده، فقفل عائدا الى الاحساء، ثم عاد كرة اخرى سنة 1188هـ فاحتل القصيم، ثم اتجه الى الدرعية، فوافاه اجله في موضع يسمى الخابية وهو في طرقه اليها.

    7- بطين بن عريعر (1188 – 1189هـ) كان اكبر انجاله وولي عهده، وكان مرافقا له في هذه الحملة، فتولى قيادة الجيش، وقد حاول تنفيذ خطة ابيه، غير انه ما كان واثقا في ولاء جيشه، فعدل عن مهمته، وعاد الى الاحساء، ويوصف بانه كان فاسد الراي، سيئ السيرة مستبدا في حكمه، فلم يستقم له الامر سوى ستة اشهر، ثم اغتاله اخواه دجين وسعدون في منزله.

    8- دجين بن عريعر (1189 – 1189هـ) لم يتمتع بالحكم طويلا اذ دس اليه اخوه سعدون السم فمات بعد ولايته بايام قليلة.

    9- سعدون بن عريعر (1189 – 1200هـ) كان قوي الشخصية وقد استطاع ان يسيطر على البلاد، رغم عدم حصوله على تاييد الاغلبية من زعماء بني خالد، وصار في مقدوره ان يرد اي هجوم يقوم به الموحدون على اراضيه، وقد اختلف معه اخواه دويحس ومحمد، وايدهما خالهما عبد المحسن السرداح ففارقوه والتحقوا بامير المنتفق بالعراق، وفي عهده تركزت الدعوة في نجد، واستفحل العداء بينه وبين الدرعية، فهاجم نجدا، وقابلته الدرعية بهجوم على الاحساء بقيادة الامام سعود بن عبد العزيز وفي عام 1199هـ خرج ببني خالد جريا على عادته في فصل الشتاء لتاديب القبائل المخلة بالامن، ففوجئ اثناء غيابه بانباء تفيد عن قيام ثورة اهلية مسلحة ضده في الاحساء، فعاد اليها، وخرج الاهالي لقتاله، غير انهم لم يصمدوا، ففروا منهزمين، ودخل سعدون البلاد، ونكل برؤوس الثورة، وقتل عدة رجال من رؤسائها، وحين سمع اخواه دويحس ومحمد وخالهما عبد المحسن السرداح بانباء تلك الثورة عادوا الى البلاد، ويذكر مؤلف كتاب (لمع الشهاب) ان الامام عبد العزيز كان وراء تحريضهم ضده، لتفتيت وحدتهم ولكي يشغلهم بمشاكلهم الجانبية، ليكتفي شرهم ويسهل التغلب عليهم، فاعلن دويحس الثورة ضده والخروج من طاعته، وانحازت الى جانبه المهاشير وال صبيح، كما استنجد بثويني رئيس المنتفق، فاستطاع ان يلحق باخيه هزيمة فادحة في معركة (جضعة) سنة 1200هـ فاستولى على معسكره، واضطره الى الفرار لاجئا الى الدرعية الى ال سعود اعدائه التقليديين وطلب منهم ان يمدوه بقوة عسكرية لاستعادة عرشه، فلم يستجيبوا له، وسمح له بالاقامة فيها غمات بعد عام.

    10- دويحس بن عريعر (1200 – 1207هـ) صفا له الجو بعد ان كسب الجولة، فتربع على عرش الاحساء، ولكن خاله عبد المحسن كان الملك الحقيقي غير المتوج، فكان بيده الحل والعقد، ومع ذلك فقد كان هذا الحاكم يعتبر خاتمة لعهد الاستقلال لدولة بني خالد، التي كانت تشرف على الاحتضار بسبب اتساع شقة الخلاف في صفوفهم، حتى اصبحت الفرصة مهياة لاكتساحها، ففي سنة 1202هـ اصدر الامام عبد العزيز امره الى ابنه سعود بشن غارات على الاحساء، تمهيدا لاحتلالها وفي نفس العام هاجم سليمان بن عفيصان ميناء العقير بعد عودته من قطر فاستولى على ما فيه، وبعد عامين زحف الامام سعود على بلاد الاحساء، وكان يرافقهزيد بن عريعر الخالدي فاشتبك مع بني خالد في معركة (غريميل) التي استمرت ثلاثة ايام، اسفرت عن هزيمة دويحس وخاله عبد المحسن السرداح وفرارهما الى العراق وفتح الاحساء سنة 1204هـ، حيث عين زيدا واليا عليها.

    11- زيد بن عريعر (1204 – 1208هـ) بعد فتح الامام سعود الاحساء واسناد ولايتها الى زيد بن عريعر، تحركت في زيد النزعة الاستقلالية لاستعادة امجاد اسرته، فتنكر للسلفيين وقطع الجرايات السنوية واعلن استقلال دولته، والتف حوله المؤيدون من بني خالد وغيرهم، ولكن صفوف بني خالد ما لبثت ان تصدعت حين استقدم عبد المحسن السرداح عام 1206هـ فاغراه بالامارة ثم فتك به، عندها انقسم بنو خالد الى حزبين: حزب في الجنوب يؤيد زيد بن عريعر، وهم الحضر المقيمون في مدن الاحساء، وحزب في الشمال من الصمان الى الكويت يؤيد اسرة السرداح (ال عبد الله)، الذين اجمعوا على ولاية ابن القتيل براك بن عبد المحسن، وازاء هذا الانقسام الذي ادى الى تضعضع وحدتهم راى الامام سعود ان الفرصة مهياة للقضاء عليهم وانهاء دولتهم.

    فوجه ابراهيم بن عفيصان سنة 1206هـ في ثمانية الاف من قواته للاستيلاء على القطيف، وكانت تعتبر اقوى ممالك بني خالد، كما يقول صاحب كتاب لمع الشهاب، وكان اميرها عبد الله بن سليمان المشهوري يسانده زعيم القطيف احمد بن غانم، فحاصر بن عفيصان سيهات فوجه اليه عبد الله المشهوري القوة المرابطة في القطيف بقيادة ابنه علي، فهزمت وانسحبت الى الظهران، حيث لبث هناك عشرة ايام، يشن غارات متتالية على اطراف القطيف حتى اذعن للتسليم اكثر قراها، ثم فتح سيهات عنوة، ويبدو ان المشهوري لم تكن لديه قوة كافية للدفاع عن البلاد، فخشي ان يزحف بن عفيصان على قلعة القطيف، التي هي اقوى معقل، فيطوقها بالحصار، فخرج بقواته للقائه، وكانت معارك عنيفة بالقرب من الجارودية استمرت اثني عشر يوما، انتهت بهزيمة المشهوري، فحال بن عفيصان بينه وبين الاعتصام بالقلعة، ففر عن طريق الصحراء، واتجه شطر جزيرة تاروت، فاعتصم بقلعتها، وكانت محكمة البناء محاطة بخندق، وترك قلعة القطيف في مهب الريح في قوة صغيرة، لا تتجاوز مائتي رجل من بني خالد الذين تحصنوا بها، فشدد بن عفيصان الحصار عليهم، فكاتبه احمد بن غانم، وعرض عليه التسليم، وحين رفض بنو خالد القاء السلاح عمد ابن عفيصان الى نصب السلالم وثقب السور بالبارود، ففتحها عنوة، ولم ينج من فتكه الا اشياع بن غانم، وفي رواية اخرى ان البلاد اذعنت للتسليم فصالحه اهلها على خمسمائة احمر، وقيل ثلاث الاف زر ذهب. ثم بعث ابن عفيصان اخاه في الف فارس لاحتلال تاروت، فزحف على قلعتها فلم يستطع فتحها، ثم جاء ابن عفيصان بنفسه، فاحتلها عنوة وهرب منها عبد الله المهشوري، حيث لحق بالمنتفق في العراق، وحيت تم فتح القطيف عاد ابن عفيصان الى الدرعية، واسند امارتها الى زيد بن نبهان ومشيختها الى احمد بن غانم بامر من الامام عبد العزيز.

    وفي السنة التالية 1207هـ اخذ الامام سعود يصفي حسابه مع بني خالد ليقوض اخر معقل لهم في الاحساء وباديتها، فشن غارة على بني خالد النازلين قرب الجهرة والخاضعين لبراك بن عبد المحسن السرداح، فانزل بهم خسائر فادحة في الاموال والارواح، ثم شن عليهم غارة اخرى في نفس العام بناحية شرقي الصمان، فاوقع بهم وقتل اكثرهم، ولم ينج منهم الا براك في شرذمة قليلة، حيث لحقوا بالمنتفق، ثم عاد جيشه نحو الجنوب، ولكن زيد بن عريعر اخذ زمام المبادرة، فقدم عليه في راس وفد، فاقنعوه، فعين المرشدين، وامرهم بهدم المشاهد الشركية، غير انهم بعد شهر نقضوا البيعة وصمموا على المقاومة، وفي الاثناء قدم دويحس واخوه محمد من الزبارة واتفقوا مع زيد بن عريعر على تخليص البلاد من النجديين، فقاموا بقتل عاملهم محمد الحملي ووكيل بيت المال حسين شبيب والمرشدين (المعلمة) ويبلغ مجموعهم ثلاثين رجلا وجروهم بالحبال في الاسواق، وحين بلغ الامام نبا نقضهم البيعة وفتكهم برجاله وهو بالطف قرب الاحساء، لم يجد بدا من العودة الى الدرعية والاستعداد للانتقام، ففي عام 1208هـ شن هجوما قويا على الاحساء وقراها وترك البلاد نهبا للبادية، ولم يستطع زيد بن عريعر الوقوف امام زحفه فانهزم وتحصن بالقلاع، فلم يتمكن سعود من اقتحامها، وفي تلك الاثناء توسط براك بن عبد المحسن السرداح الذي انخرط في صفوف الموحدين لفك الحصار، واخذ الامان من الامام عبد العزيز فاستجاب له وعينه واليا على الاحساء وشيخا لبني خالد.

    12- براك بن عبد المحسن (1208 – 1211هـ) وكما راودت زيد بن عريعر النزعة الاستقلالية كذلك كان الامر بالنسبة لبراك، الذي تخلى عن الولاء لال سعود ونصاع لراي دويحس ومحمد، فاتفقوا لاعادة مجدهم الداثر وتثبيت دولة بني خالد كاقوى دولة في شرقي الجزيرة، وازاء هذا الانتقاض وجه الامام سعود حملة عسكرية سنة 1211هـ فشن هجوما واسع النطاق، فاستولى على الاحساء وهدم قلاعها وابراجها واقام حصونا جديدة خارج المبرز والهفوف، كما عين على الاحساء حاكما من قبله، يقال له (ناجم) وهو شخص لا ينتمي الى اسرة مشهورة، اما برا فاستطاع ان يفلت من قبضته حيث لحق بالعراق وبهذه الحملة كانت نهاية صولة بني خالد وزوال دولتهم التي عمرت نحوا من 130 عاما.
    ................................
    المصدر: واحة على ضفاف الخليج للأستاذ محمد سعيد المسلم (رحمه الله)
    http://www.qatifoasis.com/artc.php?id=448

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    قلب كل معذب
    المشاركات
    1,093

    افتراضي

    صحيفة عكاظ - 16 / 9 / 2004م

    يقول الاستاذ عادل المتروك مؤسس موسوعة الساحل الالكترونية واحد المثقفين البارزين في القطيف لـ(عكاظ): كلما ذكر لوريمر (المؤرخ البريطاني الذي زار المنطقة في اواخر القرن التاسع عشر) بلدة من بلدات القطيف عرفها بأنها (بلدة مسورة) حتى اتى العهد الذي زالت فيه الاسوار وانفتحت البلدات على بعضها وعلى العالم كما بقية مدننا وقرانا في المملكة وبقي ان نفتح باب المعلومة لنتعرف على واقع القطيف وما تحويه من كنوز ثقافية وادبية وما تمثله لوطننا من مصدر للثروة والفخر والعز. ففي الوقت الذي تسمع فيه اخبار اسعار البترول تهز العالم من ادناه الى اقصاه تبقى معرفة المحيط الذي يرى بالعين من اكبر ميناء مصدر للنفط في العالم وهو ميناء رأس تنورة مجهولا لدى اقرب جيران محافظة القطيف.

    جاءت الانترنت وغزت الدنيا وفتحت كل مغلق واصبحت فضاء رحبا لمن يريد ان يسبح فيه ويشارك بما لديه, فكانت البوابة لكل من لديه سور عال يدخل ويخرج من خلاله ويسمع صوته ويكون له مشاركة في هذا الفضاء الجديد وقد يستغرب المرء من المجموع الكبير من مواقع الانترنت المهتمة بالقطيف وحركتها الثقافية والاجتماعية حتى انك لو بحثت في احد محركات البحث حول اي بلدة او قرية من بلاد القطيف لافرزت لك اكثر من موقع يتحدث بشكل او بآخر عن البلدة ويهتم بشؤونها الثقافية والادبية وبتاريخها وتراثها وحركتها الاجتماعية وهذه محاولة للانفتاح على باقي الوطن والعالم.

    يعتبر موقع الساحل (www.alsahel.org) من اقوى واكبر المواقع (وقد تسمى بموسوعة الساحل الالكترونية) التي تهتم بالشأن العام للمنطقة الشرقية وفيه يستطيع المتصفح ان يطالع الكثير من المعلومات والاخبار التي تخص المنطقة الشرقية بشكل عام ولكنه سيلحظ الكثافة في المادة المعلوماتية حين يصل الامر الى القطيف من حيث الادب والرجال والتراث والعمل الاجتماعي والحركة الثقافية والدراسات الاثرية والتاريخية. واكثر ما يلاحظ الفرد وهو يتصفح الشبكة العنكبوتية عن القطيف التصاقها بالجغرافيا المحلية جدا لتعكس مساحات ثقافية كبيرة وواسعة, فمن موقع واحات سيهات الثقافية (وسيهات مدينة من مدن منطقة القطيف) (www.saihat.net) واطروحاتها الثقافية المتخصصة جدا بمنتدياته ا المختلفة الى شبكة الرفيعة الثقافية (www.alrufaiah.net) وهو اسم قديم لبلدة ام الحمام الحالية الى شبكة الرامس (www.alrames.net) وهي منطقة ساحلية زراعية خصبة موقوفة لاهالي بلدة العوامية وعشتار (www.aushtaar.net) وهو اسم قديم لجزيرة تاروت كلها وغيرها كثير تحكي الانطلاق من الجغرافيا المحلية جدا الى فضاءات الثقافة المختلفة التي تطفئ عطش التواصل وتفك اسر المنتج الادبي والثقافي.

    وفي غابة النت نرى من القطيف مجموعة من الانتاجات المتخصصة والاكثر اتساعا للمنتج الثقافي والادبي المحلي كما في موقع قطيفيات (www.qateefiat.com) واخرى تحكي وجودا على الارضية الاعلامية كما في مجلة الواحة (www.alwaha.com) او مجلة الكلمة (www.alkalemah.net) المتخصصتين في الادب والثقافة وهناك موقع مشاهد مسرحية (www.masrahi.net) المتخصص في نقد المسرح من خلال شخصية ناقدة هو اثير السادة.

    هذا مع كم اخر من المواقع الشخصية التي تهتم بنشاطات افراد لهم حضور متميز في الساحة الاجتماعية المحلية ويهتمون بالتواصل الاجتماعي بكل صوره ويبرز على رأس هذه المواقع رجال الدين امثال الشيخ حسن الصفار (www.saffar.org) والشيخ عبدالله اليوسف (www.alyousif.org) وغيرهم كثير. من خلال هذا المسح البسيط لاداء القطيف عبر الشبكة العنكبوتية نخلص الى القول بأن بلدا حيا ومتحركا يستطيع ان ينفذ الى العالم بصورة جميلة من خلال لوحة مفاتيح الحاسوب.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1

    افتراضي

    #######################

    أرجو من ألأخوة ألألتزام بضوابط الحوار

    الحسيني

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    قلب كل معذب
    المشاركات
    1,093

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hacker
    لعنت الله عليك يالحمار يالجرار وحط في بالك ان بني خالد بيدوسون على راسك وسوف اريك الخوالد ومايفعلون بعون الله يالقواد
    وعلى زق كلكم

    [align=center]فعلاً أحد العربو المتعصبون قبلياً[/align]

    هدد يا عالي القيم والأدب فماذا ستفعل؟؟!. .

    أتهددوننا بالموت ونحن عشاق الشهادة!!!


    هل ستفجرون أنفسكم لتقتلونا كما تفعل حيواناتك البهيمة في العراق اليوم ؟؟!



    أهذه قوتك البيانية . . فلتنسى الخوالد . . لا تستطيع ولا أكبر نذل من حيواناتك أن تغير تاريخنا وتراثنا..........!!








    أرجو من ألأخوة ألألتزام بضوابط الحوار

    الحسيني

  10. رد

    [align=center]بسم ألله الرحمن الرحيم
    وبه نستعين 0000بارك الله فيك أخي بن القطيف بحث يستحق القراءه 000 ولكن بني خالد فيهم عدة آراء ولكن المشهور ماذهب اليه الزبيري وبن الأثير والعقادوغيرهم000وهناك رأي يصر عليه نسابتهم !!!!!!!! شكرا لك على هذا الجهد[/align]

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني