تفجيرات الاردن .. الجريمة والإدراك المتأخر
فلاح المشعل :
صدمة جديدة لكنها كبيرة هذه المرة ، تلك التي أصابت الاردنيين في ليل الخميس ، ثلاثة فنادق كبرى تتفجر في وقت واحد وتسقط عشرات القتلى ومئات الجرحى ، وذعر يلف البلاد ، وتخوفات امنية واقتصادية تحدث فيها بالمباشر رجال الدولة والاقتصاد والاعلام .
حادث التفجير وما اعقبه من ردود فعل جعل الشارع الاردني يستيقظ على حقيقة ان الأردن قد دخل فعلاً في حرب الارهاب التي عانى منها الشعب العراقي على زمن يمتد لأكثر من سنتين ، وقد سبق وان حذرنا نحن العراقيين من أن الأرهاب الذي درجت الصحافة الاردنية ـ للأسف ـ على تسميته بالمقاومة ان هو إلا وباء العصر وتجسيد لفكر تكفيري ظلامي متواصل في اصدار قرارات الموت ضد الحضارة والانسان وكل ماهو نافع وجميل وهاهي دماء العراقيين والاردنيين لاحقاً شاهد على ما ذهبنا اليه من توصيف وتحليل لاهداف الارهابيين سواءً في العراق ام المنطقة بصورة عامة .
لقد تفنن هؤلاء في انتاج صور للذبح لم يشهد مثيلاً لها تأريخ البشرية ولم يمارسها اعتى المجرمين ، فهؤلاء يقتلون الاطفال والنساء والشيوخ يقتلون حتى الموتى ويحرقون جثامينهم ، يستبيحون اقدس المحرمات وأكثرها اثارة للشعور الانساني .. ، وبينما كنا نقول ان الارهاب سيرتد عليكم يا ابناء عمومتنا ، كان البعض منهم يغالي ويتبجح بما يصدر عن الارهابيين من كوارث مفجعة فيصفهم بالمقاومة والمجاهدين وغيرها من الوصفات الجاهزة للاعلام العربي الذي عصب عينيه عن مشاهدة الحقيقة .
ان المفارقة تتعمق في سخريتها خصوصاً لمن قرأ الصحافة الاردنية في نهار يوم التفجيرات فقد ذهبت بعضها الى نقل احداث المشهد الامني العراقي بذات التوصيفات التي ذكرناها ، فلم تذكر عن التفجيرات والجرائم الارهابية الحاصلة في بغداد وسواها من المدن العراقية ، بل كانت تعد تلك الافعال مقاومة مسلحة وجهادا وغيرها من العناوين التي أسقطت هؤلاء الاعلاميين بخطأ الانحياز ومجانبة الحقيقة .
اليوم صارت الصحافة الاردنية تتحدث عن ارهاب وجريمة ، في صحوة اطلقتها دماء ضحايا التفجيرات .. وهنا نتساءل كم نحتاج من الجرائم ومن الدم النافر في العواصم العربية لكي يدرك الاعلام العربي ورجال الدين والمرجعيات السياسية ان ما يحصل في العراق هو جرائم ارهابية لقتل ابناء العراق وعودة الظلام والموت للحكم في العراق !؟
اليوم يتأكد ما قلناه ورددناه خلال سنتين من ان عصر الارهاب بدأ مشواره من العراق جراء تواطؤات عربية وبرامج سياسية لم تحسب على نحو دقيق ومستقبلي ، وان ما يحصل في بغداد سوف ينتقل الى عمان ودمشق والرياض وغيرها من عواصم الجوار التي اصبحت مدعوة أكثر من أي وقت مضى لوضع خطط عملية لتقويض قواعد الارهاب وتجفيف منابعه بأساليب العمل المشترك من اجل ضمان حياة الابرياء من ابناء شعبنا العربي .
الحياة مليئة بالحجارة فلا تتعثر بها بل اجمعها وابني بها سلما تصعد به إلى المجد