 |
-
جولة مع القوائم الانتخابية
مقدمـــــة
هيثم عباس المرعب
haithemoz@yahoo.com
مع اقتراب موعد الانتخابات و مع تعدد الكتل و القوائم الإنتخابية وتنوع البرامج الإنتخابية وكثرة الشخصيات التي تطمح الحصول على ثقة الناخبين لا يزال الكثيرون تنتابهم الحيرة حول أي القوائم الإنتخابية أجدر بمنحها أصواتهم.
لذا أود أن أستعرض في هذه السلسلة من المقالات الحديث عن أكثر القوائم الإنتخابية بروزا في الساحة وطرح إيجابيات وسلبيات كل قائمة على حدة عسى أن ينفعنا ذلك في اتخاذ القرار المناسب حول القائمة الأصلح للامساك بعجلة البناء للعراق الجديد للسنوات الأربع القادمة.
وقبل أن نقوم بهذه الجولة لابد لنا أولا من استعراض العملية السياسية – الديمقراطية – في العراق الجديد، أي بدءا من انتخابات كانون الثاني الماضي .. مقدمة لابد منها لتتضح لنا بعض الاشكالات حول تغير التحالفات في الانتخابات القادمة.
يعود الفضل بما لا ينكره أحد للمرجعية الدينية في سير العملية الديمقراطية بدءا من الإصرار على قيام الانتخابات ودعوة الناس للتظاهر مطالبين باجراء انتخابات ديمقراطية الى تشكيل قائمة الائتلاف العراقي الموحد ومباركته.. وهنا لنا وقفة
من ثبت أقدامه على الأرض السياسية الى ذلك الحين في العراق جبهتين، هما:
الجبهة الأولى : الأحزاب الكردية والتي ما يهمها قبل كل شيء من العملية السياسية هو الحصول على مكاسب أكبر مع وجود استقرار سياسي وأمني واقتصادي نوعي في أرض كردستان وهذا يجعلها تتحالف مع من يضمن لها الحصول على مكاسب أكبر وهذا ما ثبت فيما بعد خلال فترة تشكيل الحكومة وطمع كل جهة بكسب ودهم.
الجبهة الثانية : الحكومة المؤقتة بقيادة علاوي، وهي الجبهة المباركة من قبل الدول العربية والإدارة الأمريكية والجامعة العربية بتواطؤ من الأمم المتحدة ممثلة بشخص الأخضر الإبراهيمي الذي أوصل علاوي للحكم ليستغل الأخير ذلك في وضع أرضية تمكنه للفوز في الانتخابات. وليس خافيا ما قام به علاوي من تنصيب لصوص العصر ورموز النظام البائد في أهم المراكز و بيع ما تبقى من بنية تحتية للعراق إلى الأردن و غيرها.
أما ما تبقى من قوى سياسية فإنها لا تملك ما يهيؤها بمفردها لتقوم بدور فاعل على الأرض، و هنا كان لابد من وجود جبهة قوية تستطيع أن تكتسح الساحة وتحصل على خمسين بالمئة من أصوات الناخبين على الأقل لتستطيع اكمال المسيرة الديمقراطية في العراق وعلى رأسها كتابة الدستور.
وكانت تلك الجبهة ممثلة بالائتلاف العراقي الموحد والتي حرصت المرجعية الدينية فيها على عدة أمور مهمة :
أولا : أن تكون ممثلة لجميع أطياف الشعب العراقي تأكيدا لوحدته وضمانا لمشاركة الجميغ في بناء المسيرة الديمقراطية لبلدهم فتكون إسما على مسمى فضمت القوى الدينية والليبيرالية وضمت إضافة للشيعة وهم المكون الأساسي لها سنة وتركمان وآشور وكلدان وصابئة و أكراد، لذا لم تبخل هذه القائمة فيما بعد بإشراك من غيبوا أنفسهم في الحكومة وكتابة الدستور إنطلاقا من حرص المرجعية على ذلك.
ثانيا : أن يكون أغلب مكونات الإئتلاف من المستقلين كي لا تستأثر الأحزاب بمفاصل الدولة ولولا ذلك لما وجدنا مكانا للمستقلين في الدولة ( ومع ذلك نجد أن الأحزاب كان لها السيطرة الأكبر في البلد )
ثالثا : أن لا تضم القائمة أي ممن تلوثت أيديهم بدماء أبناء الشعب العراقي والالتزام بإقصاء المجرمين وهذا ما لاتزال الحكومة تسير عليه ( نوعا ما ).
رابعا : أن مهمة الحكومة المؤقتة هي كتابة الدستور ، أي أنها عبارة عن جسر للعبور في بناء العراق الديمقراطي لذا كان حرص المرجعية على أن يشرك في الحكومة جميع الأطياف حتى من تغيبت وأن يتفرغ أعضاء الإئتلاف لكتابة الدستور إن كان وجودهم في الحكومة يعيق ذلك.
ومع أن السيد السيستاني أبدى أنه غير راضي عن أداء الحكومة إلا أنني واثق من أن عجلة الزمان لو عادت إلى الوراء لبارك قائمة الإئتلاف ودعى لانتخابها للأسباب السالفة الذكر.
لنصل بعد ذلك إلى مسألة التصويت على الدستور بعد المخاض العسير الذي مرت به كتابته وكان العراق حينها أمام مفترق طرق.
الطريق الأول : أن يرفض الدستور وتبعا لذلك تحل الحكومة والجمعية الوطنية لنعود إلى نقطة الصفر وتضيع كل التضحيات التي قدمها الشعب العراقي وهو ما سيمثل نكسة له وانتصارا للإرهاب مما ينذر بحالة إحباط شديد لدى الشارع العراقي و يكفر بالعملية الديمقراطية مما ينذر بقيام حرب أهلية ربما.
الطريق الثاني : إقرار الدستور مهما كان عليه من اعتراضات يثبت العملية السياسية ويضع العراق على عتبة عصر جديد ودولة جديدة و يؤذن بخروجه من نفق الفوضى، ويضعه على عتبة الدولة العصرية والانتخابات وفق دستور دائم كأي دولة ديمقراطية في العالم.
لذا كانت المرجعية أحرص منها في أي وقت مضى على إظهار رأيها صراحة والإفتاء علنا بوجوب التصويت لصالح الدستور وليس بالخفاء والإيماء كما حصل في دعوتها للتصويت لصالح قائمة الإئتلاف في انتخابات كانون الثاني المباركة.
وهنا لدينا وقفة أخرى .. فمن اختار التصويت بنعم للدستور إنما اختار لوطنه الخروج من النفق المظلم وإن لم يكن قد اطلع على الدستور أصلا فله مبرر وطني في رضاه بالدستور، رغم أنه ليس هناك من هو راض 100% عن الدستور.
أما من اختار رفضه للدستور إنما هو رافض لفكرة الدستور وليس هناك مبرر لرفض وأتحدى إن كان أحد ممن رفض الدستور كان قد اطلع عليه ومع الأسف في ذات الوقت يرمون التهم على من قبل بالدستور وهو غير مطلع عليه فشتان بين الأمرين. وهنا أتذكر من على قناة الفيحاء إمرأة سئلت أمام مركز اقتراع في الكاظمية عن سبب مجيئها فأجابت إننا لم ننم الليل في انتظار هذه اللحظة التي يكون لنا فيها دستور فالشعوب الهمجية فقط هي التي لا يحكمها دستور. والله قد صدقت الأخت الكريمة ونطقت بالحق. ومما أصابني بخيبة الأمل مع ظهور نتائج الاستفتاء أمران الأول هو قلة الإقبال على الاستفتاء في مراكز الجنوب مقارنة بمثيلاتها في بقية المناطق. والأنكى من ذلك والذي لم أتوقعه هو رفض السنة للدستور وظهر ذلك من خلال نسب السنة في المحافظات رغم أني أتحدى إن كانوا اطعلوا عليه ليرفضوه فالقبول له مبرر دون رائته أما الرفض فلا، نتيجة للاسباب المذكورة اعلاه . وكأن سنة العراق يرفضون إلا أن يلتحقوا بركب الدول العربية الأرى ويعيشوا عيشة الهمج التي تصفق لجلاديها ووالله قد آلمني ذلك كثيرا ولكن هذا الواقع وأسأل الله الهداية لإخواني.
أما من يقول أن المهم هو مشاركتهم سواء بالقبول أو الرفض فمضحك للغاية مثل هذا الرأي وهو أن مجرد مشاركتهم هو قبول بالعملية السياسية ، الواقع أنهم اتبعوا سياسة وداوها بالتي كانت هي الداء، أي تدمير العملية السياسية عن طريق الدخول فيها وإلا لما وجدنا إجماعا كاملا على رفضه ، ومع ذلك أشهد لهم بالذكاء فقد اشترطوا إدخال فقرة تسمح بتغيير الدستور ليعلنوا أنهم راضون به وفي الخفاء كانت الدعاية لرفض الدستور على قدم وساق فإن نجحوا فبها وإن لم ينجحوا فمواصلة السير في العملية السياسية والمشاركة المكثفة في الانتخابات قد تمكنهم من إسقاطه وهذا واضح من خلال الدعاية الإنتخابية ( إنتخبونا من أجل تغيير الدستور ).
عود على بدء لنذكر بأن المرجعية الدينية رفضت المباركة لأي قائمة الانتخابية فالشعب العراقي قد وصل إلى آخر خطوة في عملية بناء هيكلية العراق الجديد وتعدد القوائم الانتخابية وعدم حصول أي منها على أغلبية في البرلمان تعني عدم إعطاء فرصة لقيام دكتاتورية والأسباب التي دعت لدعم قائمة الائتلاف قد انتفت الآن فالمرجعية كما لاحظنا لا تتدخل في الشؤون السياسية إلا إذا رأت أن تدخلها أصبح واجبا حتميا لعدم وقوع فتنة أو ما شابه ، وهنا تترك لنا المرجعية الخيار مفتوحا لنختار من نجده أصلحا لمستقبلنا وديننا وهنا نجد أن أصواتنا أمانة في أعناقنا فلا نعطيها لمن لا يستحها ولا نرميها كيفما اتفق لتضيع هباءا منثورا أو تستخدم لغير صالح الوطن.
المصدر
http://www.nahrain.com/d/news/05/12/09/nhr1209b9.html
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |