يبدو أن القوم أعماهم الحقد وذهبت مع الريح بصيرتهم إن احد أسباب تخلفنا هو هذا الحقد الطائفي و الذي يرتدي كل يوم شكلا و يكتسب هوية جديدة فتارة ترى إطاره الخارجي ديني و أخرى قومي و بين هذا و تلك توشحه العمالة عندما يعجزهم الدليل أو الحجة في صدق ما يتهمون و يدعون به على الآخرين فكل مرة قالب التهم الجاهزة و تطبق دون أدنى تمعن أو مراجعة وهذا أيضا واضح في مهاترة صدام في المحكمة وهو يشتم بوش الأب و الابن و يحاول ربطة حديثة في فلسطين حيث يشير إلى بيريز وهو متسلسل بـ ( طزاته الثلاثة ) وهو لا يعلم إن ألان شارون و الزمن غير الزمن وهذا طبعا واضح الأسباب و هو عدم الاهتمام بالأمر و متابعته و هو أيضا مؤشر حقيقي على ضحالة و تخلف هذه العقلية و عامل الزمن غائب دائما فيها.
انطلقت قبل أيام مسيرة في العراق والتي تبنا فيها أصحابها الموقف الضد من نتائج الانتخابات الأخيرة وهي ترد وتكيل التهم والشتائم وقد لفت انتباهي هتاف في تلك المسيرة تردده الأفواه و تتعالى به الأصوات ( احلف بالله و النبي الجعفري مو عربي ) .
أضحكني كثيرا هذا الشعار الذي يحمل بين طياته العار لمن صاغه و ردده لماذا و كيف ؟
ولكن قبل هذا أحبب إن أقول إني ضد الطائفية و على طول الخط و لن أنساق وراء تلك الأحقاد التي لا أجد صعوبة في سرد ما أريد من تاريخنا المزدحم بهذه الصور و المشاهد التي تقطر دما و كيف قتلوا من قال عنه جده انه سيد شباب أهل الجنة بحجة انه خرج عن ملة جده و الخ من هذا القبيل هذا الأمر لن أتطرق إليها لأني و كما قلت لست طائفيا .
غير إني أريد فقط أن أقول لهؤلاء الذين تظاهروا و رددوا هتافهم أو طبقوا قالبهم الجاهز للاتهام ذكرتموني بهذه القصة تاريخية التي تقول (دخل بعض العامة على جعفر بن سليمان يشهد على رجل فقال : أصلح الله القاضي : هو رجل رافضي قدري جهمي مرجي ، يشتم الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة على علي بن ابي سفيان . قال له جعفر: ما ادري على ما أحسدك ، على علمك بالأنساب أو معرفتك بالمقالات . ) هذا كان من تاريخنا القديم أما القريب و المشرف جدا جدا إلى حد التقيء و الاستفراغ على كل رموز المرحلة و رجالات المستقبل . أتذكر جيدا تلك المظاهرات العارمة التي أمر بها حزب البعث الذي كان يكيل التهم و يلفق الاتهامات الكل أعداء الأمة العربية . عندما ذهب الرئيس السادات إلى إسرائيل خرجت أيامها مظاهرات عارمة تندد و تستنكر هذه الخيانة وهتافاتهم تدوي و تقول (احلف بالله و النبي السادات مو عربي ) وهاهم اليوم الهاتفون وزعاماتهم تلوذ و تستنجد بدولة طالبوا بإخراجها من جامعتهم العربي و انكروا على رئيسها عروبته لله درك يا أيتها العروبة العربية .
اليوم و بكل فخر و اعتزاز كل العرابيد ( جمع تكسير لمفردة عربي جديدة ) تفتخر و تتباها بقبولها بالسلام و سعيها الحثيث إلى عقد اتفاقيات سلام مع إسرائيل التي انقلبت صفته وفق لغتهم العربيدية من كيان محتل وغاصب إلى شريك سلام في المنطقة يعمل الكل للتوافق معه والتعايش معه سلميا .
شتموك يا جعفري بعروبتهم التي أتشرف أنا أيضا معك في عدم الانتماء إليها وليشبعوا بها هذه التي وصفها الله في كتابه العزيز بالأشد كفرا و نفاق . ومع هذا الكم الهائل من التهم التي يلفقها أصاحب المظاهرات أني أجد نفسي متفائل و تاريخهم يشفع لحجي فهاهي شعاراتكم تتهاوى واحده بعد أخرى إما أرادة الشعب العراقي و إصراره الحقيقي و الواضح في السير جنبا إلى جنب مع منظومة القيم و المبادئ التي أعلنها الجعفري و التي مازلت تحتفظ أروقة الجامعة العربية و تهز أركانها لها كلما تردد صدا هنا وهناك عندما بدأتها بقولك (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ) .