محمد عبد الجبار الشبوط
وصف السيد عبد العزيز الحكيم الوضع السياسي العراقي بانه معقد. وهذا وصف صحيح ولا يجانب الحقيقة الموضوعية. وليس من الصعب معرفة مكامن العقد والصعوبات في الموقف العراقي.

فالنخب السياسية المتصارعة على تقاسم السلطة في البلد تختلف على اكثر من موضوع، بين مؤيد ومعارض، بحيث صار هذا الخلاف يضم قائمة طويلة من الثنائيات المتقابلة التي اصبح من الممكن رسم الخارطة السياسية في ضوئها.
هناك اولا الخلاف على الدستور الدائم. فهناك من يرى ان الدستور لم يدخل مرحلة التطبيق والالزام بعد، وان البلاد مازالت خاضعة لقانون ادارة الدولة في المرحلة الانتقالية الذي اصدره مجلس الحكم المنحل وغير المنتخب. فيما يرى اخرون ان الدستور صار نافذا بمجرد اعلان نتائج الاستفتاء ونشره في الجريدة الرسمية. وموضع الخلاف عبارة في الدستور الدائم تقول ان الدستور يعتبر نافذا بتشكيل الحكومة بموجبه، فضلا عن شرطين اخرين. شرط تشكيل الحكومة اشكالي، اذ كيف يصار الى تشكيل الحكومة بموجب الدستور اذا لم يكن ملزما قبل ذلك؟
وهناك الخلاف على موعد اجتماع مجلس النواب. البعض يرفض دعوة المجلس قبل الانتهاء من عقد الصفقة السياسية بشأن المناصب الرئاسية الثلاثة: رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزارة ورئاسة البرلمان. فيما يرى اخرون انه من اللازم اجتماع البرلمان الان وقبل تشكيل الحكومة والاتفاق على الرئاسات الثلاث، لأن البرلمان هو المؤسسة الدستورية التي تحسم هذه القضايا.
وهناك الخلاف المعلن بشأن ترشيح الدكتور ابراهيم الجعفري، حيث اصبح من المعروف ان ثلاث قوائم رئيسة في البرلمان لا تؤيد ترشيح الجعفري لرئاسة الوزارة من قبل كتلة الائتلاف صاحبة الحق بتولي رئاسة الوزارة حسب الدستور الدائم المختلف عليه. الدستور يضمن "حق التولي" للكتلة البرلمانية الاكبر، حيث يلزم رئاسة الجمهورية بتكليف مرشحها لتشكيل الحكومة.. وهو حق، اعني حق التولي، معترف به من قبل الجميع. و تملك الكتلة الاكبر حق الترشيح ايضا انطلاقا من الحق الاول، حيث لا يملك احد ان يفرض عليها من ترشح. بعد الترشيح يأتي التعيين. وهنا يكمن الخلاف المضمر في جواب السؤال: من يملك حق التعيين؟ هل هو الكتلة الاكبر ام مجلس النواب؟ حسب الدستور، الجواب هو: مجلس النواب. ومن ثم فمن حق البرلمان وحده ان يعين او يسقط مرشح الكتلة الاكبر، عند التصويت على منح الثقة. وامام رئيس الوزراء المكلف استحقاقان: الاول ان يشكل حكومته خلال ثلاثين يوما، والثاني ان ينال ثقة مجلس النواب بالاغلبية المطلقة. فاذا فشل رئيس الوزراء المكلف في تشكيل وزارته خلال ثلاثين يوما، ربما بسبب عدم رغبة الاخرين في التعاون معه، اجاز الدستور للرئاسة ان تكلف مرشحا اخر. او اذا لم يحصل على الاغلبية المطلقة، بعد تشكيل الحكومة خلال المدة القانونية، ايضا جاز للرئاسة ان تكلف شخصا اخر.
في الحالتين يخسر المرشح فرصة تشكيل الوزارة مرة اخرى، ويسقط معه حق كتلته في التولي والترشيح، حيث ان الدستور لايلزم الرئاسة بان تكلف مرشحا من الكتلة نفسها في المرة الثانية