كتابات - جورج منصور
" ان منطق حركة التاريخ يجعلني اجزم ان صدام لن يتكرر . وهو ان لم يسقط الان فأن موته المحتوم سيسجل نهاية مرحلة في حياة العراق تذبذبت طويلا على هامش تأريخه الحضاري المجيد " - الفقيد الباحث هادي العلوي –
يمر في التاسع عشر من ايار ( مايو ) الجاري اربعين يوما على سقوط صدام الذريع ومعه نظامه وحزبه الذي اذاق
العراقيين مر الهوان وخذل الشعب طوال حكمه الاسود. فقد كان قدر العراقي ان يعيش سجنا مظلما ، وكوارث وفواجع والام لاتعد ولا تحصى.
فوسط الجماجم واللعنات ، وبين انقاض بلد يتهاوى وشعب يحتضر ، رفع صدام ( رغم انف العراقيين ) ، كأسه المترعة بدم العراقيين ، نخب " انتصاراته الساحقة " في قادسياته وامهات معاركه واستفتاءاته في وطن موبوء بالدم ، استباحه الدكتاتور واحرقه على هواه.
واحتفالنا اليوم باربعينته تأتي لعطاءاته التي تجاوزت تدمير الوطن واصدار الشرائع العجيبة والغريبة بحق المواطنين: الاعدامات الكيفية والقتل الجماعي ووشم الجباه وقطع الايدي والارجل والاعضاء ، اضافة الى التهجير والتشريد والسجن والنفي والاقصاء والتسميم.
ففي بداية استلامه السلطة ، لاحق الاسلامي والشيوعي والديمقراطي والمستقل ، واودعهم في غياهب سجونه.
ثم شن حربه المدمرة ضد الجارة ايران تحت شعارات براقة. بيد انه لم يحرر القدس ، ولا تجاوز عبادان.
ولم يكن المواطن العراقي قد تنفس الصعداء بعد حرب شعواء دامت ثمان سنوات ، حين غزا دولة الكويت ، فحدث ما حدث.
وشاع في تلك الايام ، مناخ من " الايدلوجيات المخدشة " على ألسنة واقلام بعض المثقفين العرب ، وبينهم الاقرب الى نبض العراقي وضميره ، لانهم صدقوا بأن من يقتل ابناء شعبه بالسلاح الكيمياوي ويهجر الافا منهم وينفي خيرة المبدعين والمثقفين ، يمكن ان يحرر لهم فلسطين ببضعة صواريخ اعلامية.
ولو كانت ثمة " حطين " بقيادة صلاح الدين حقيقي ، لا صدام المزيف ، لكنا في مقدمة المقاتلين من اجل فلسطين.
فكيف لانحتفل باربعينيته ، وكانت سلطات النظام المقبور تستعد في كل عام ، للاحتفال بعيد ميلاده ، وسط تعزيزات امنية مشددة وسيطرة الاليات على مداخل المدن ومخارجها وساحاتها العامة. وكانت تقام مهرجانات في قرية (العوجة) وبلدة تكريت – مسقط رأسه ، وتحتجز السلطات اطفال المدارس في احدى فنادق العاصمة بغداد وتمنع عليهم الاتصال بعوائلهم استعدادا للاحتفال بعيد ميلاد " القائد الميمون " وسط ضجة اعلامية فارغة من " انتصارات القائد " المزعومة على الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا.
واليوم ، حيث نحتفل باربعينية الدكتاتور ، ما يزال يتعالى صوت بعض المزورين والافاكين ، الذين يملكون حبرا ومطابع واياد لم تتعب من التصفيق ، بيد انهم لايملكون الشرف الذي يتلخص في الاعتراف بمواقفهم المساندة للدكتاتورية والمعادية للشعب ، وهم يقبضون ثمن " نضالاتهم " بسخاء.
وصدق الراحل الجواهري الكبير ، حين قال:
وما طال عصر الظلم الا لحكمة
تنبئ ان لابد تدنو المصارع
...
ياللرجال لاوطان موزعة
في كف كل مهان النفس دعار
ويبقى العراقي الشريف اليوم ، وهو يحتفل باربعينية صدام حسين ، يجترح الحياة كي يستمد الاشتعال لجذوة الهدف ، وسط هذا الرماد الناشز ، من اجل تقريب المسارات وترشيد الخطوات وجمع الجهود في عراق خال من وباء صدام حسين وزبانيته الى الابد
_______________________________________
التعليق :
وما أحلى العراق بلايا أمريكا والبعثيين ويحكمه العراقيون . يبنون وطنهم ويجعلوا منه منارا حقيقيا للجميع .
تكتمل الحلاوة بعراق خالي من البعثيين والامركيين ويتعايش العراقيون بحب ووئام في مدن السلام