النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    3,861

    افتراضي المسلم الشيعي وطرف من القراءة الجادَّة - مقاربة القراءة الحيّة .. شباب ال محمد

    المسلم الشيعي وطرف من القراءة الجادَّة - مقاربة القراءة الحيّة



    كتابات - شباب ال محمد



    لم تعد القراءة متعة عابرة ، أو وسيلة لقتل وقت الفراغ كما كان شائعاً على ألسنة بعض المفكرين والكتاب والمهتمين بشؤون الثقافة و الفكر ، فقد قرأنا وسمعنا أن القراءة متعة ، وأن القراءة خير وسيلة للتعاطي مع الوقت الفائض ، فكأن القراءة حالة من التلذذ الوقتي ، وملجأ اضطرارياً للتخلص من الوقت المخيف ، لقد مضى هذا التصور مع زمنه الخاوي ، مع زمنه البسيط ، وظهر مفهوم جديد للقراءة ، القراءة بناء ، تشييد ، تفكيك للذات والمجتمع والحياة ، ومن ثم إعادة تركيب ، إعادة تشييد ، إعادة صياغة ، بهذا المنظار الجاد يجب أن نتعامل مع فكرة القراءة ، بل مع مشروع القراءة ، فالقراءة مشروع وليس رغبة تأتي صدفة وتروح صدفة . القراءة مشروع حياة ، وليس قضية عادية .



    القراءة كما قلنا مشروع ، مشروع يعيد بناء الذات ، بناء المجتمع، بناء الدولة ، بناء الكون ، ومن هنا يخضع اليوم لدى القرّاء الجادِّين للتخطيط وليس للرغبة الوقتية ، يخضع للتخطيط العلمي الدقيق ، وليس للعفوية الساذجة . إن القراءة العفوية ، القراءة العابرة لا تبني ، ولا ترمِّم خطا ، ولا ترسخ حقيقة ، ولا تزيد خبرة ، ولا تعمق فكرة ، ا للهم إلاّ في حدود بسيطة عادية . القراءة العادية ، العفوية ، غير المخططة لا تخلق بنيات فكرية ، ولا تساعد على شق الطريق وسط هذه الصعاب والمشاكل الكبيرة التي يعيشها العالم . القراءة تفتُّحْ ذهن ، وتجديد فكر ، وتحريك عواطف، وتثبيت مواقف ، وتصور مستقبل ، وخلق وساءل تعامل وتعاطي .



    ليس صدفة أن يبدأ الوحي القرآني بهذا الأمر الجليل ( أقرا ... ) ، ليس النداء هنا على مستوى الترديد اللغوي الساذج كما هو شائع ، بقدر ما هو عملية اكتشاف هائلة ، عملية التوغل في بواطن النص لكي نكتشف الغاطس ، لاكتشاف الغائص حسّاً الحاضر في صميم القصد .



    أن فاتحة الوحي المحمدي المباركة كانت القراءة ، وهي عملية تصعيد نوعي هائل لدرجة (التلقي ) على مستوى استعداد آدم (وتلقى آدم من ربه كلمات ) ، عملية تصعيد نوعي ضخم لدرجة ( النداء ) على مستوى استعداد موسى ( إذ نادى ربك موسى ... ) ، هي خاتمة التفعيل الحي ، التفعيل المبدع لنوع العلاقة بين الذات الإنسانية و الأشياء ، بين الذات الإنسانية والعالم .



    تصحيح القراءة الشيعيةَّ



    في أثر لأحد الأئمة الأطهار نقرأ أنه يوصي تلاميذه بحفظ الكتب ، فسيأتي يوم يحتاجونها ، يتلهفون إليها ، وهناك أكثر من قراءة لهذه الوصية الرائعة .



    هناك من يرى أنها سوف تعالج زمن العزلة القهرية ، وهذا تصور بارد في تصوري لأنه يجعل من القراءة حاجة وقتية ، حاجة هامشية ، ليست قيمة بحد ذاتها . وهناك من يرى فيها تسلية للتغلب على مستحقات الظلم والاضطهاد ، محاولة للنسيان ، وبهذا تتحول القراءة إلى مشروع لتكريس الواقع السيئ ، للإقرار بالأمر الواقع، بل لتحويله إلى حقيقة صامدة لا تتزعزع ، هذا التفسير يبارك للقدر الجافي ، ويمهر على شرعيته في صميم الذات . وهناك من يرى فيها كنزاً ذاتيا ، قيمة تتألق من خلال ذاتها ، من خلال جمالها الخاص ، وليس من شك أن للقراءة سحرها النابع من حيزها الخاص ، من جغرافيتها المحددّة ، ولكن لا قيمة لهذه القيمة الذاتية إذا لم تخرج إلى الفضاء الأوسع .



    التراث الشيعي يوصي بالاحتفاظ بهذه الكتب لأنها فرصة ثمينة للمراجعة ، للخروج من أزمة بنجاح ، لتعميق فكرة سابقة ، لترميم خطا فادح أو غير فادح ، لرسم معالم مستقبل جديد ، للتواصل مع مجهول ينبغي اكتشافه ومعرفته ، قراءة تكوَِن أو بالأحرى تشكِّل عقلاً تواصليا ، وليس عقلا منكفئاً ، عقلاً مقتحماً ، وليس عقلا هروبيِّاً ، القراءات التي مرت علينا ناتجة من تعامل ميت مع التاريخ ، من تعامل ينخر في داخله اليأس ، من خوف بعيد ، يعمل في داخلنا بفعل عوامل كثيرة ليس هنا محل تشريحها .

    قد يقرأ المسلم الشيعي ملحمة كربلاء ليتسلَِى بذكريات مجد غابر ، وقد يقرأ الملحمة بصوت عال كي يغري ذاته بالانتشاء ، كي يشعر بالقوة ، يحس بالظفر ، ولكنه الانتشاء المحصور داخل الزاوية التي ارتضاها سجنا ، والتسلية التي تريح نفسه من هموم الحذف التي تجري عليه اسماً وفعلاً ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، هناك يتسلَِى ، هناك يرفَِه عن ذاته المتعبة ، وهي القوة التي تمده بزاد الصبر على البلاء ، وليس بزاد الصبر على مكافحة البلاء .



    ينبغي أن نحذف هذه القراءة ، ينبغي أن نؤسس لقراءة جديدة ، نقرأ الملحمة لبناء ذاتي ، لكسر الحاجز الذي فرضوه عليّ عنوة ، لتصحيح سلسلة التسميات الظالمة ، ليس لمحاربة غزو غادر ، ليس لإلغاء إسرائيل المجرمة من الوجود ، لتصحيح موقعي ، لإعلاء ذاتي ، لإيقاف تلك المجازر الوحشية بحق ( عبود ، عبد الزهرة، عبد الحسين ... ) .



    أين مشروع حذف الكيان الصهيوني من الوجود ، ألم يكن مشروعا ( شيعيا ) قبل أن يكون مشروعا ( سنيا ) ، بل قبل أن يكون مشروعا فلسطينيا سنيا ؟







    قرأ المسلم الشيعي اللبناني الملحمة ، قرأها بعناوينها الاستشهادية المجرّدة ... الكلية ... الشمولية ... الطهورية ... النرجسية ... خرج من بيته بحزامه الناسف ، عبرَ الحدود اللبنانية الإسرائيلية ، وهناك فجَّر نفسه الطاهرة ، هناك قتل أكثر من صهيوني قذر ، صهيوني معتدٍ ، ولكن رغم كل ذلك بقي اسمه ( عبد الحسين ) ، بقي رسمه شيعيَِّا كما هو في تصور بن لادن وغيره .






    أيها المسلم الشيعي ، لا يُقرْ لك بالشهادة إذا لم تكن شاهداً قبل ذلك ، ولا يُقَرْ لك بالإسلام ــ وأنت خلاصته الرائعة ــ مهما فنيت من أجله ، إذا لم يُقَرْ بأنك مسلم في البداية ، ولا يُقَرْ لك بعطاء مهما كان جذلا ، إذا لم تفرض أولاَ وجودك باسمك المذهبي الصارخ الصريح ، ولا يُقَرْ لك بحقٍ مهما كان أبلجاً ،إذا لم تكن صاحب سطوة وحظوة في عالم القوة .






    كان المسلم الشيعي في مدينة ( واسط ) يتخَفَّى... نعم ... يتخفِّى ... فإذا عُلِم به شيعي وَسَطَ حلقةٍ علمية ، يُطرَدُ ويُغسَلُ المكان الذي كان تحته !



    يبدو نجاسته ذاتية .



    وإذا دخل مسجدا يُطهَّر !



    يبدو أن نجاسته عينية .



    يقول أحد علماء السنة الكبار ( لو لم أكن على وضوء لأخبرتك ما يقول الشيعة ) !



    حرر شيعة لبنان أكثر ( 400 ) سجين لبناني وفلسطيني من السجون الإسرائيلية ، فماذا كان الثمن ؟ ماذا كانت الجائزة ؟



    لا نكتب هنا بلغة ميتا فيزيقية ميتة ، بل بلغة الواقع الذي أريد له الحياة كي يهبني الحياة أيضا ... بلغة مستقبلي ومستقبل أولادي وبناتي ...



    كانت الجائزة تشكيكاً وتمويهاً وتقليلَ قيمةٍ إلى حد السخرية !



    ألم اقل لكم أن القراءة كانت خاطئة ...



    قراءة كربلاء من أجل الحق القريب قبل الحق البعيد ، من أجل أبناء الثورة ، والنبطية ، وحي السلم ، وزقاق كويته ، ودهاليز هرات ، وخرائب قرى إيران البعيدة .



    الدولة الإسلامية التي فُُتِن بها بعض الشيعة يجب أن يسبقها العمل على تصحيح الاجتماع الإسلامي ، أنه مجتمع عليل ...



    ليس لكثرة شاربي الخمر ، وليس لكثرة تاركي الصلاة ، وليس لكثرة الجاهلين بأحكام الصوم ، والحج ، وغيرها من العبادات ، بل لسبب أخر ، سبب أعمق ...



    ما هو يا ترى ؟



    لغة الحذف ...



    حذفنا ...



    حذفنا بالمرة ... عقديا و / أ و وجوديا .



    هل ننسى مجازر الشيعة في الشام ؟



    تلك المجازر التي خلَّفت أكبر عملية انحراف عقدي في تاريخ المسلمين الحديث . أليس العمل على حماية الجسم المسلم من الداخل أهم من العمل على حماية الجسم من أعدائه في الخارج ؟ وهل يستغل أعداؤنا في الخارج سوى هذه الهشاشة الداخلية ؟



    فضاء القراءة



    المسلم الشيعي كائن قارئ ، شغوف بالكتاب ، شغوف بالكلمة ، وتاريخه يشحنه بطاقة هائلة على القراءة ، لأنَّه تاريخ مشحون بالحدث الصاخب ... ثورات ... فكر ... معارضة ... دم ... سجال ... وقد ورث الشيعة من أئمتهم تراثا يساعد على القراءة ، يحثهم على الجولان في الكتب ، الجولان في عالم الكلمة ، وهل كتاب نهج البلاغة لا يدفع على التوغل في هذا العالم ، تخلق خطب الأمير فضاءً ثقافياً يتجسَّد برغبة فضولية تجاه الكلمة ، تجاه ما يقال وما يُكتب ، وسجال إمام الأئمة الصادق عليه السلام الغير ، هو الآخر يحفز على القراءة ، فإن المسلم الشيعي وهو يقرأ ذلك السجال الحي ، تتفجَّر في داخله رغبة في معرفة كلمة الآخر ، فكر الآخر ، يستشعر لذَّة النصر الفكري فيحدوه إلى التزود من الفكر ، يتذوق نسقه الداخلي الجميل فيطفق يفتش عن نظير . والدم المسفوح ظلما باسم الدين ، والدم المسفوح على درب الحرية ، كلاهما يحفران في ورثته من أجيال وأجيال ألأجيال وشائج تعاطي حي مع الكلمة ، لأنها الوجه الآخر ، بل الوجه الناصع من المعركة في سبيل الحقيقة .



    ليس من شك أن إقصائه من الحكم ، عزله من الحياة الوظيفية ، ملاحقته باسم الدين ، باسم الخليفة ، باسم الحفاظ على الدولة ، باسم الفساد العقدي ، باسم الحكم الشرعي ... كل ذلك يساعد على تمكين رغبة القراءة من الذات .



    مبدأ الاجتهاد يصب في هذا السياق ...



    مبدأ ضرورة الدليل على المعتقد يصب في هذا السياق ...



    مبدأ ضرورة تكييف النقل للعقل إذا تعارضا يصب في هذا السياق ...



    حرمة التقليد بأصول الدين يصب في هذا السياق ...



    وهناك مقتربات أكثر وأكثر .



    أنّه قارئ ...



    ولكن هل يعني كان صائباً في كل قراءاته ؟



    هل يعني أنه كان صائبا في هدفه من القراءة ؟



    أسئلة كثيرة .



    يقرأ بعضهم للإقناع بعد الاقتناع ، يقرأ كي يقتنع أولا ، ثم يحمل تراثه ليقنع به الآخر ، ليس من شك أن القراءة من أجل الاقتناع مشروع حضاري ، بل مشروع أخلاقي لمن يملك الوعي ، فإن التقليد في الأصول حرام كما هو في صلب مذهبنا ، وليس من شك أن حمل الفكر بعد الاقتناع لإقناع الآخر شي جميل ، ولكن التجربة أثبتت فشل هذا المشروع ، لقد دخل ( التمذهب ) في حومة الانتماء السياسي ، وبذلك من الصعب التحويل والتبديل ، حتى إذا كان الفكر أبلجا كالصبح ، لقد صار هذا الأمر مملكة سياسية ، مملكة تتصل بتاريخ من الحكم والسيطرة والتسلط ، لقد أصبح هذا الأمر لغة مصير موروث عبر مئات السنين ، مصير كرسي عال ، هناك علاقة عضوية بين هذه المكاسب وهذا الانتماء ، وإلاّ ما هي العلاقة بين سياسي ملحد وبين انتماء مذهبي قد يثير السخرية الفكرية لدى هذا الملحد ؟



    أن الفضاء السياسي المتوارث لا ينفصل عن الفضاء الثقافي الذي ولد في رحمه ، الفصل بين السياسي و الثقافي أسطورة ، خرافة طالما خُدعنا بها ، خُدعنا بمضمونها الهش الخرف . القراءة للاقتناع شي من صلب تصورنا ، و القراءة من أجل الرد على وهم الآخرين ، على شبههم ، على خداعهم الفكري ، على فهمهم الخاطئ عمل مشروع رائع وجميل ، ولكن لا نصرف الوقت ، لا نهدر طاقاتنا لخرافة التحويل، لخرافة الإقناع ، وإلاَّ هل هناك ما هو أكثر دلالة على الحق من كتاب ( المراجعات ) مثلا ؟



    ليكن هذا الأمر عرَضيِّا ، ليكن على الطريق ، ولكن لا يكن استراتيجيا ، فسوف نخسر الكثير من الوقت والطاقة و المال والجهد .



    في هذا الزمن لا يحتاج الشاب من أتباع مذهب أهل البيت الإيغال في النص العقدي ، الإيغال في هذا النص يحتاج إلى زمن طويل شاق مضني ، الثقافة العقدية ا لمُلَّخَصة الرصينة ا لمُستدل!َة خير من القراءة التفصيلية في هذا الزمن السريع ، ربما حماسنا للعقيدة يدفع إلى المزيد من الإيغال ، التشقيق ، التبويب ، التفصيل ، ولكن الزمن لا يرحم ، ومن هنا يكفي الفكر المركز ، الفكر العقدي العلمي الملخَّص بمتانة ، وهل نريد أكثر من كتاب ( الرسول والمرسل والرسالة ) لإثبات التوحيد والنبوة ؟ وهل هناك أكثر من كتاب ( بحث حول الولاية ) لإثبات الولاية ومستحقاتها ؟ وهل هناك أكثر من كتاب ( النص والاجتهاد ) لإثبات موضوعه ؟ ألا يكفي ( بحث حول المهدي ) لمن ألقى السمع وهو شهيد ؟



    التفصيل مشروع متخصصين ، وليكن ذلك ، ولكن على مستوى الحاجة الملحة هي الخلاصة المركزة ، هذا بالنسبة لشبابنا وهم يخوضون غمار الحياة الصعبة .



    القراءة التي نحن بحاجة إليها اليوم ، هي القراءة التي تشدنا من الداخل ، واعتقد أن قراءة تاريخنا من أهم القراءات التي سوف تساهم على هذا الطريق ، نقرأه بتمعن وتدبر وتمحيص ، منذ أن قامت مجازر عين الوردة وحتى مروعة المجازر الجماعية ، نقرأها ليس للتسلية ، ولا للافتخار مع الذات ، ولا للبكاء ، ولا لإدانة مؤسس الملك القبائلي المقيت ، ولا لبيان وحشية صدام ، بل نقرأه لنشتق منه قوانين العمل ، لننأى بدمائنا ولنشق طريق إثبات الذات ، ولنحقق الطموح المادي والمعنوي في آن واحد ، لنكون وزراء ، ورؤساء ، وحكام ، وموظفين كبار في الجيش ، والشرطة ، والجامعة ، والتعليم ، والخارجية ، لنحقق فرص عمل ناجحة للشيعي العاطل عن العمل ، لنوفر فرصة الدراسة الناجحة للطالب الشيعي ، لننجز المدينة الشيعية الجميلة ، لننجز القرية الشيعية النموذجية ، لنشيِّد النادي الشيعي المتطور، ليكون دورنا حاسما ومهما في صناعة القرار السياسي ، لنخلق جيلاً ليس غريبا عن أبائه بسبب الفقر والعوز ، لنهذب القصيدة الشيعية من نبرة الحزن الأبدي ، لنشذب اللوحة الشيعية من سطوة الدم المباح ، لنخلص الجسد الشيعي من خيوط الأوزان الثقيلة من على ظهره المُستَعبَد .



    هل كان الطاغية وحده مسؤولاً عن هذه الدماء ؟



    هل كانت العقيدة سبباً حاصرا وراء هذه الدماء ؟



    وحدها العقيدة هي التي شقت لنا أنهارا من الدم ؟



    أنهارا من العذاب ؟



    وحدها الإمامة هي التي سهلّت سيوف بني أمية من رقابنا ا لشيعية المسكينة ، كذلك سيوف بني العباس ، والعثمانيون ، والمماليك ، والوطنيين ؟



    نقرأ التاريخ لكي نجيب على هذا الأسئلة الكبيرة .



    هل الموت رغما عنا قدر كما يقول بعض الشيعة ؟



    نقرأ التاريخ لنكتشف سر هذا التوافق العجيب على نفينا رغم تباعد الزمان والمكان !



    كان عبد الله بن عمر يقول لمصعب بن الزبير تعليقا على مجزرته التي أرتكبها بحق المختار وشيعته ( لو كانوا من غنم أبيك لكان سرفا ) ، ولكن قبل عشر سنين يصرح حاكم عربي ( أن الشيعة حزب صهيوني ويجب رميه بالبحر ) !



    أي تناغم بين الأمس واليوم ؟



    إذن يجب قراءة التاريخ كي نكتشف سر هذا الموقف الذي يكاد أن يكون أزليا .



    هذه هي القراءة التي تشكل حاجة ماسة اليوم ، ولا ننسى أن التاريخ يكشف عن تصيِّر الهوية ، ليس هناك مثل التاريخ يكشف عن صيرورة الهوية ، فهل نحن في غنى عن فهم هذه الصيرورة ؟



    نقرأ العقيدة ...



    هذا حق لا ريب فيه ، ولكن حذار من الإيغال ، فهناك من يستغل انشغالنا بهذا الإيغال كي يتدارك الزمن الذي يمكن أن يكون في صالح الحق والعدل .



    نقرا الفقه ...



    وهذا حق لا ريب فيه ، ولكن حذار من الإيغال في مسائل ترفية تلهي العقل وتشل طاقته ، وتصرف الفكر عن إثبات الذات ، أتكلم عن قراءة الشاب الشيعي هنا ، وليس عالم الدين ، عن عموم الشيعة وليس أهل الاختصاص .



    نقرأ التاريخ ...



    لا بد أن نقرأه بلهفة وشغف وشوق ، سعياً لتحليل الماضي ، الحاضر ، لكي نصنع المستقبل الزاهر ، المستقبل الذي يليق بنا كأتباع لعلي بن أبي طالب عليه السلام .



    قراءة التاريخ الشيعي قد تكون لإثبات النبت الشيعي المتقدم في صلب التاريخ ، لإثبات الأصالة ، لإثبات الرعاية النبوية للتشيع ، وقد تكون للاطلاع على ألإنجاز الشيعي ، في العقيدة ، في علم الرجال ، في علم الفقه ، في علم الهيئة ، وقد تكون قراءة لتظهير الدم الشيعي في سبيل العقيدة ، لتظهير الثورة الشيعية ، لتظهير الدم المظلوم ، ولكن نريد قراءة أخرى ، نريد قراءة المسيرة بحذافيرها ، أين نجحت ، وأين أ خفقت ، قراءة نستشف منها قوانين العمل في الزمن الجديد ، التي تمكنا من قيادة التاريخ ، التي تمكنا من الدخول إلى التاريخ من أوسع أبوابه ، كي نحمي الكيان ، وكي نحقق حضوره المتألق ، ليس على ذمة العطاء بلا ثمن ، بل العطاء الذي يضمن حقه مسبقا .



    بصراحة يجب أن يكون موضوع قراءتنا للتاريخ هي ( التجربة الشيعية ) العريضة ، التجربة الشيعية عبر هذه القرون الطويلة .



    التجربة الشيعية في المعارضة .

    التجربة الشيعية في الثورة .

    التجربة الشيعية في العلاقة مع الحكام .

    التجربة الشيعة في العزلة السياسية .

    التجربة الشيعية على صعيد الاشتراك في الحكم .

    التجربة الشيعية في التنظيم السري .

    التجربة الشيعية في العمل الحزبي .

    التجربة الشيعية على صعيد العمل الإسلامي .

    التجربة الشيعية على صعيد التعاون مع الأخ النظير في مشاريع جهادية وسياسية وفكرية.

    التجربة الشيعية على صعيد تأسيس الدولة الإسلامية .

    تجربة حزب الله .

    تجربة أمل .

    تجربة الأحزاب الإسلامية ا لشيعية العراقية .

    والقائمة تطول ... تطول ...



    أليس كذلك ؟



    نعم ...



    كي لا نذبح ألف مرة .



    وإذا كانت قراءة تجربة زيد بن علي مهمة فأن قراءة تجربة ثورة العشرين العراقية أهم ، وإذا كانت قراءة تجربة ابن ( طباطبا ) مهمة ، فأن قراءة تجربة ثورة ( التنباك ) أهم ، وإذا كانت تجربة الدولة الحمدانية مهمة فإن قراءة تجربة الدولة ( الصفوية ) أهم ، وإذا كانت قراءة فتنة المشروطة والمستبدة مهمة فإن قراءة الثورة الإيرانية أهم ، وإذا كانت قراءة الثورة الإيرانية مهمة فإن قراءة سقوط صدام وحيود المعادلة الطائفية في العراق اليوم في غاية الأهمية .



    القراءة السياسيَّة



    المسلم الشيعي مدعو إلى تركيز قراءته السياسية ، ولا نقصد بالسياسة هنا كـ (علم ) يهتم بظاهرة الدولة وتاريخها ، ونشأة الأحزاب وتطوراتها ، والعلاقة بين السلطات ، و العلاقات الدولية ، وما إلى هناك من فروع معرفية يهتم بها هذا العلم الجميل ـ إن صح تسميته علما لان هناك نقاشاً حول ذلك ــ حديثنا عن قراءة تحليلية واعية لما يجري في العالم ، ويجري عليه ، فلم يعد هناك فصل بين السياسي والمعرفي بشكل صارخ ، ولم يعد هناك فصل بين الثقافي والسياسي بشكل حاسم ، ولم يعد هناك فصل بين السياسي والاجتماعي بدرجة قاطعة . السياسة تلاحقنا في غرفة الصف ، في العيادة الطبية ، في صالة المكياج القابعة في طرف من محطة التلفزيون ، في نوع قبَّعة العسكري ، في ملابس الممثل ، في موديل السيارة الحديثة ، في معدل الهجرة ، في إرهاصات المجتمع المدني العالمي ، في كتابة المقال العلمي ، في معدل اتساع فجوة الآزون في السماء الخائفة ، في المساعدات الاقتصادية ، في شح السلع هنا وهناك ، في فساد الأطعمة المصدّرة إلى بعض دول العالم الثالث ، في لباس الممثلة المعاصرة ...



    هذه هي السياسة ، تجنب شرها خيال ، وإهمالها هرطقة ، ونسيانها مضيعة للوقت ، فلابد أن تكون سياسيا رغماً عنك .



    القراءة السياسية هي تحليل هذا العالم ، تفكيك حركته ، أحداثه ، مجرياته ، وبالطبع لا نقصد هنا تحليل شمسه وقمره ، ولا سهله وجبله ، وإنما أحداثه السياسية التي تجري فيه وعليه ، الصراع بين الدول ، صراع بين القوى الفاعلة داخل الدول ، صراع الطبقات ، صراع الشركات الكبيرة ... الصراع الظاهر والخفي ... وهو يتلخص بالصراع على القوة والمصلحة ...



    هذه الشبكة الهائلة من الصراعات نحن معنيون بها ، تَمسَّنا في الصميم كما تَمسُّ غيرنا ، تجري فينا وعلينا كما تجري في غيرنا وعليه ، تقرر مصيرنا كما تقرر مصير غيرنا ، تؤثر في قرارنا كما تؤثر في قرار غيرنا ، ومن هنا كانت قراءتنا لها مسألة طبيعية ، بل قضية مفروغ منها .



    هل من المنطقي القول بأن مشروع الشرق الأوسط الكبير ليس له خطوط تماس بمصيرنا ؟ هل يُعقَل بان لعبة الديمقراطية في البحرين لا تتواصل مع كل شيعي في المنطقة بشكل وآخر ؟ هل من المعقول القول بأن مصير شيعة العراق سوف لا يترك انعكاساته السلبية والإيجابية على كل شيعة العالم ؟



    الجواب بالنفي بطبيعة الحال ... فإن العالم قرية صغيرة ، والشيعة موجودون في العالم وليس في العوالم المفترضة ، إمَّا بمعدل كثيف طاغ كما هو في إيران والعراق والبحرين ، وأمَِا بمعدل متوسط أو ما يقارب المتوسط كما هو في الكويت ولبنان ، وإمَّا بمعدل أقلي كما هو في سوريا والسعودية و الكونغو ، وساح العاج و الإمارات ، أو بين هذا وذاك كما في باكستان والهند ، وإما على شكل جاليات كبيرة كما هو في بريطانيا وأمريكا ودول شمال أوربا ... والشيعة اليوم في صلب العملية السياسية في العالم العربي والإسلامي ، وإلا كيف نتجاهل حضور شيعة لينان بكل ما يجري في الشرق الأوسط وعلى تماس بأعقد قضاياه ومشاكله ؟ وكيف نتجاهل ما يدور حول شيعة العراق اليوم من لغط وهلوسة وضجيج ليس لشيء إلاّ لأن هناك أملا أن يحوزوا على بعض مكاسبهم البسيطة ؟ وكيف نتجاهل دور شيعة البحرين في تصميم القرار السياسي ؟



    نحن في عالم السياسة إذن والسياسة فينا في الوقت ذاته ، لا يمكن الفرار من هذا القدر الجافي القاسي المخيف ، وعليه لابد من القراءة السياسية .



    ولكن هل هناك محور تدور حوله هذه القراءة ؟



    هل أجازف وأقول نقرأ السياسة ونحن نضع نصب أعيننا الإنسان الكلي ؟



    ممكن !



    ولماذا لا ؟



    لقد أصبحت الديمقراطية هم الإنسان الكلي ، وهي خير لنا من الديكتاتورية ، والثيوقراطية ، والحزبية الضيقة ، والقبائلية المقيتة ، وغيرها من أشكال الحكم المتخلفة الظالمة ، فلماذا لا نقرأ السياسة في هذا الضوء ، في ضوء المصلحة البشرية العليا ؟



    ولماذا لا ؟



    يعاني المجتمع البشري من هذا التناقض الطبقي بين الشمال والجنوب ، من هذا التفاوت العلمي والصحي والثقافي بين العالم الأول والثاني ، فلماذا لا نقرأ السياسة من هذه الزاوية . مسألة في غاية البداهة والنبل والأخلاق .



    والأمثلة هنا كثيرة ، متجدِّدة ، تتجدد مع الزمن الماضي رغم كل عائق .



    هل أجازف وأقول أنه الوطن ؟



    ليست مجازفة ، تلك حقيقة تنبض بها أرواحنا ، وهل غيرنا لقَن الإنكليز درسا رائعا في العراق ؟، وقد كان دورنا بطولياً في مقاومة الاستعمار الفرنسي في سوريا الكبيرة ،و تلك هي جثث شهدائنا على الحدود السورية اللبنانية ، وكانت المقابر الجماعية دفاعاً عن الوطن .





    ليس في ذلك نقاش . ودعوتنا إلى الانتخابات لتجنيب الوطن ويلات الظلم والحرب الأهلية ، فيما آخرون يفجرون أ نفسهم في صالات الانتخابات .



    هل أجازف وأقول الأمة العربية والإسلامية ؟



    نعم بطبيعة الحال ، نحن أبناء بجدتها ، ولك أن تتحرى خزانات الأدب العربي المعاصر ، فسوف تستطيع بكل سهولة أن تفرز خانة خاصّة بعنوان ( الشعر الشيعي في سبيل قضايا التحرر العربي وخاصة فلسطين ) ، وهو شيعي ليس لان منشديه وقائليه شيعة ، بل لأن مفاهيمه شيعية ، مفاهيمه مستلة من مسيرة الحسين ، وزيد بن علي ويحي بن زيد ، وحسين فخ ، وثورة النجف ، وكفاح شيعة القارة الهندية ضد الإنكليز، وتضحيات شيعة سوريا الكبيرة على طريق القتال ضد الفرنسيين ... ولأن جماهيره شيعية .



    نحن الشيعة نملك ضميراً من نوع خاص ، لقد ترجمت الميتافيزيا نفسها في داخلنا رحمةَ ، رحمة لا تختص ببشر معين ، ولا من حق إنسان بعينه ، وتكرَّس الدين في ضميرنا رحمةً ، فلم نكفِّر ، ولم نُرهب ، ولم نعتزل المجتمعات لأنها جاهلية ، وتلك هي مفاهيم أهل البيت عليهم السلام كلها رحمة ، هل هناك من لم يعرف علي بن أبي طالب أو علي بن الحسين ؟ ولك أن تعيش مع الشيعة هنا أو هناك ، سوف تجد طيب الملقى ، وطيب المكوث ، وطيب المصاحبة ، تلك هي تربية دُرجنا عليها منذ زمن .



    لا أبالغ إذا قلت أن أخلاقنا الشفافة كانت محل استغلال بشع !



    ولكن !



    نعم ، ولكن هناك محور آخر يجب أن تدور حوله هذه القراءة ، أقصد قراءتنا السياسية ، محور طبيعي في ظل التطورات التي تجتاح العالم اليوم ، في ظل صراع الطوائف ــ للأسف الشديد ــ وفي ظل صراع الأديان ــ للأسف الشديد ــ وفي ظل صرع القوميات ــ للأسف الشديد ــ في ظل هذه المعادلات هناك محور يجب أن تدور حوله قراءتنا السياسية ...



    ذلك هو وضعنا كـ ( شيعة / كيان عقدي ــ بشري / ) ، موجود في العالم ، يتواصلون فيما بينهم بروابط من العقل والقلب والتاريخ ، و قد جمعهم تاريخ من الدم المسفوح أنهارا ، وما يزال ، لا لسببٍ منطقي ، سوى كونهم شيعة لأهل البيت عليهم السلام .



    لا نقول أن الدين بمعناه الإنساني الجوهري يدعو إلى ذلك ، ولا المذاهب بعنوان كونها وجهات نظر لموضوعة متفقٍ عليها بالجملة علة ذلك ، ولا القومية بالمعنى الإنساني وراء ذلك ، لأن الدين والمذاهب والقومية في فكرنا رحمة ، وقيماً طبيعية ، وتراثاً إنسانياً يثري العالم ، ذلك من آيات الله تعالى ، ذلك خير ، ومدعاة فخر إنساني ، الاختلاف رحمة كونية ... ولكن هو صراع قائم فرضته ظروف خارج البعد الإنساني للأديان والمذاهب والقوميات ، وإذا لم يكن صراعا ، فهو تنافس ، تزاحم ، أو هذا أو ذاك ، فهل ننسى حظنا مما يصيبنا ونصيبه من هذه المأساة ؟



    لا ...



    وقد جازفنا أحيانا كثيرة في ذلك فكانت النتيجة المأساوية التي نعاني منها لحد هذه اللحظة ، كانت النتيجة فقراً وبؤساً وسجوناً وهجرة ، كانت عبارة عن ( حي السلم ، مدينة الثورة ... ) ، كانت النتيجة أن أكبر قطاع من فقراء وبؤساء العالم الإسلامي من شيعة أل البيت !





    فهل نجازف مرّة أخرى ؟



    بعضهم يريدنا أن نجازف مرّة أخرى ، فهؤلاء يقولون أن التاريخ لا يرحم ، ولكن لا ندري لماذا رحم الأخ النظير ؟ ولماذا لم يرفع أو يمحو أو يصحح تاريخ الدم المُضحي كذبة تاريخية باهتة ، بل ما أن تنام حتى يوقظوها مرّة أخرى ( أولاد أبن العلقمي ) .



    وهل ننسى ما يسمى بالأقليات ؟ هذه التسمية التي تنطوي بحد ذاتها على استهجان ؟



    هل نجازف ونكرس كل قراءتنا السياسية من أجل مفاهيم مجردة ؟ وإلاَّ نقرأ المعادلة بمقياس جديد ، ذلك هو مقياس الموازنة ، ومقياس الأخذ والعطاء ؟



    من قال أن هناك تناقضا بين حقنا كطائفة أو كأكثرية ــ وهذا كلام غريب ـ وكأقلية ، وكجالية وحق الإنسان لكلي ، وحق الوطن ، وحق الشعوب ؟



    تلك لعبة كثيرا ما مراسها الآخرون علينا ، نعطي ، وغيرنا ينتظر جني الثمار ؟



    ما زالت مدينة ( الثورة ) هي ... هي رغم عطائنا للجميع .



    ما زال حي ( السلم ) هو ... هو رغم أن جثثنا تملأ الرحب في سبيل فلسطين .



    ما زالت ( هرات ) هي ... هي رغم حربنا الضروس ضد الروس الغزاة .



    مجرّد أمثلة عابرة .



    إذن لابد من تكريس هذا المحور ...



    نقرأ الحدث السياسي و في المخيلة مصلحة الشيعة ...



    هل في ذلك ضير عقدي أو وطني أ و قومي أو سياسي أو ا خلاقي أو ديني ؟



    أبدا



    الجميع يعملون هكذا ، تلك سنة ، فلا نغالط أنفسنا ، ومن قال أ ن العمل وفق هذه السنة يصطدم بالواقع الكبير الذي ينتمي إليه ا لشيعة ، وفي كل أنحاء العالم .



    أطفالنا أيضاً يقرأون



    الطفل الشيعي هو الأمل ، هو المستقبل ، نريد أن نُقْرِئه مذهبه و تاريخه ، نريد أن نُقْرئه



    مذهبه الطيب ، بما ينطوي عليه من خلق رفيع ، من احترام للآخر ، من حثه على العلم والعمل ، من حبه للفقراء والمساكين ، من تفانيه في سبيل القيم . نريد أن نُقْرِئه تاريخه المشرق ، ما قدم أجداده من الشيعة ، الأجداد المباشرون وغير المباشرين ، من فكر عقدي عميق ، من إسهامات رائعة في الرياضة ، و الفلسفة والفقه ، والتاريخ . نريد أن نُقْرئه أخلاق السجاد مع الذين قتلوا أباه ، أخلاق الصادق مع ظالميه ، أخلاق الاشتر ي ، عن أخلاق سلمان الفارس . نريد أن نقرئه تاريخه الدموي ، نُطلعه على جثث أبائه وأجداده منتشرة على سكك الكوفة ، وتضيق بها مقابر البوادي والصحاري في العراق ، نريد أن نقرئه قصة الرؤوس المقطعة في كربلاء ، في الكوفة ، في كرخ بغداد ، في واسط ... لابد أن نقرئه هذا التاريخ الدموي الرهيب ، نقرئه ليس لنربيه على الانتقام ، على الثأر ، فليس ذلك من ديننا ولا من مذهبنا ، بل نقرئه ذلك كي يشتق قانون الحياة ، كي يقنن قانون النجاح ، لكي يعرف كيف يتحدى كل محاولات نفيه ، كي لا يُفاجئ وهو في عز الشباب بأنه مرفوض ، وبأنه مجوسي ، وبأنه سبئي ، وبأنه من نسل الشيطان ، ذبيحته نجسة ، والصلاة وراءه باطلة ، ولا يجوز تزويجه من بنات الأخ في الدين !



    نريد أن نقرئه هذا التاريخ الدموي الرهيب كي يعرف كيف يعمل على تجنيب نفسه وأهله وشيعته هذا المصير ، وذلك بإعادة بناء الذات ، وبنظمِ الشيعةِ في سياق من التعاون المصيري ، والتفاعل الحي بين كل عناصر الكيان الشيعي في العالم وفي الوطن وفي المحلة ، وبتبادل الخبرات والإنجازات والأفكار ، وبالتفاعل والتعاون مع كل ممكنات الوجود ، مع كل ممكنات الحياة ، مع كل الناس ، على أساس من الحب والاحترام المتبادل ، والمصلحة المشتركة .



    نريد أن نقرئه النشيد الشيعي الذي يغذيه مفاهيم الحق والعدل والجمال والعطاء ، ولكن في الوقت ذاته يشده إلى تاريخه ، يشد ذاكرته إلى تلك الدماء الزكية التي سُفكت ظلماً وعدواناً ، نشيداً يسطر له ما قدمنا من شهداء على طريق الحرية والتحرر طيلة عشرات القرون .



    نريد أن نقرئه الأمل مهما كان التاريخ قاسيا ، ومهما كان صدى هذا التاريخ الوحشي الأسود يتردد بشكل وآخر ، سواء على شكل مقابر جماعية ، أو على شكل تشويه مفاهيمي ، أو على شكل رفض اجتماعي ، أو على شكل عزلة ، أو على شكل حرمان من وظيفة راقية ، من جامعة متقدمة ...



    نريد أن نقرئه أن الشيعة في كل مكان جسد واحد ضمن الجسد الأكبر ، وإن الشيعة يحتاجون علمه ، ويحتاجون فكره ، ويحتاجون أدبه ، وفنه ، ومشاريعه .



    قراءة الواقع



    قراءة الواقع من صلب القراءة الجادة في الحياة ، ليس النص وحده مادّة قراءة ، بل الواقع قبل ذلك ، والمسلم الشيعي مدعو إلى إجادة هذا اللون من القراءة ، والبداية هي قراءة الواقع الشيعي بالذات ، قراءة قواه الفاعلة ، وقراءة نقاط قوته ونقاط ضعفه ، وقراءة العلاقات بين عناصر هذا الواقع ، وممكنات تحركه ونشاطه ، وما يحتاج ، وما يمكن أن يقدمه ، وما أنجز ، وما هي المخاطر التي تحيط به . هذه القراءة يجب أن تكون مسؤولية كل شيعي مثقف وعالم ، كل شيعي يحمل قسطا من العلم و الفكر و الدراية ، بل يجب تربية الشباب الشيعي المتحفز على هذه القراءة بالخصوص ، وهي بطبيعة الحال قراءة تحتاج إلى وعي تاريخي ، وسياسي ، وثقافي ، تحتاج إلى غوص في الوسط الشيعي ، وتحتاج إلى دراية بهذا الوسط ، علاقة معمقة بكل أطيافه ومكوناته .



    قراءة الواقع الشيعي تقوم على ثلاثة مستويات متتالية .



    المستوى الأول : تشريح الواقع المرصود بالدراسة، تشريحه إلى عناصره ، ومكوناته ، وعلاقاته ، وكل ما يمت إلى بنيته الهيكلية ، وذلك حسب المستطاع.



    المستوى الثاني : وصف هذا الواقع ، تشخيص نقاط قوته وضعفه ، ومدى تحمله للزمن ، ومدى صموده أمام التغيرات ، ومدى تخطيه للواقع الذي هو عليه ، وقدرته على تحدي الصعاب والحاجات .



    المستوى الثالث : وضع الحلول الممكنة .



    ينبغي توفير أجواء لتخريج شباب شيعي قادر على تأدية مثل هذه المهمة الكبيرة .



    وفي لقاء آخر نفصل في نقاط أخرى على صعيد القراءة الجادة أن شاء الله تعالى بالنسبة للمسلم الشيعي والحمد لله رب العالمين.



    2-7-2006



    [email protected]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    الدولة
    فجر الحسين
    المشاركات
    98

    افتراضي

    قراءة رائعة
    انها تجليات السلوك المثالي الذي يجب ان يتبع مستقبلا ، وليعلم من لا يعلم بأن جراح الضحايا فمُ

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني