[align=justify]واذا استنكر الكبار هذه الظاهرة وعابوا عليها ولم يفعلوا شيئا يعبر عن استيائهم أو يترجمه، كان لابد اذامن محاورة اصحاب الشأن أنفسهم لنتعرف على نفسيتهم، وعلى ما يحملونه من اسرار داخلهم علنا نصل الى حلول وأفكار تساعدنا على دراسة الظاهرة دراسة صحيحة وقد انتشر استخدام الموبايل في الآونة الاخيرة انتشارا كبيرا حتى صرنا لا نتوقع أن يمشي شخص من دون جهازه النقال، وكأن هذا الجهاز جزء من أجزاء جسده التي لا يمكن ان تفارقه. وقد قبلنا بهذا الوضع شئنا أم أبينا إلا أن الغريب في الامر هو انتشار الموبايل بين الأطفال ويا ليت الامر يقف عند هذا الحد بل وصل الى اقتناع الاطفال بآخر صرعات الاجهزة النقالة بما فيها من تكنولوجيا قد يساء استخدامها لحداثة سنهم.. حول المزيد كان هذا التحقيق:

تقليد أعمى

بينما يرى الطفل سالم ان اقتناء الاطفال لأجهزة النقال سببه التقليد الأعمى: عندما يرى التلميذ زميله في المدرسة وبيده هاتف نقال يعود الى المنزل ويطلب من والديه شراء نقال له لأن صديقه اشترى جهازا نقالا. وعندما يشتري له الأهل ما يريد يفرح في بداية الأمر ولكن مع مرور الايام يشعر بالملل من جهازه، فيفكر في تبديله، ولا يقرر ذلك إلا بعد أن يرى زميله قد غير جهازه، فهنا يصر على تغيير جهازه بجهاز يشبه تماما جهاز صديقه وعلى الأهل التنفيذ وإلا فإنه لن يذاكر. وخوفا من تهديد الابن قد يرضخ الآباء أحيانا لطلباته من دون تفكير. يقول الطفل ابراهيم بعبارات تسبق سنه: الطفل اليوم مختلف تماما عن طفل الأمس ومتطلباته باتت كثيرة، وذلك بسبب التطور الذي يعم المجتمعات وتطور التكنولوجيا. فلا نحب ان نسمع المقولة التي يكررها الأهل 'إننا في مثل عمركم لم نكن نفعل كذا أو نلبس كذا ولم نكن نملك جهازا نقالا' هذه طبيعة الحياة اليوم التي صار فيها حمل الموبايل أمرا عاديا بل اقل من عادي.

هواتف بألعاب مثيرة

أما الطفل عبدالله فيعشق الهواتف النقالة الحديثة لأنها تحوي ألعابا مثيرة وكثيرة غير متوافرة في اجهزة النقال العادية: انا أعشق ألعاب الهواتف المتطورة لأنها مثيرة، ومثل هذه الألعاب غير متوافرة في الاجهزة التقلدية او العادية ومن هنا أحرص ان يكون جهازي النقال جهازا غير عادي او على مستوى عال من التكنولوجيا، فيمضي الوقت من دون ان اشعر حيث أدخل في برنامج الألعاب وأتنقل من لعبة الى اخرى، وهنا أحمي نفسي من اللعب في الشارع، ومن ازعاج الآخرين.

نظرة مختلفة

وترى الطفلة سارة أن نظرة المجتمع إلى الطفل مختلفة تماما عن نظرة الطفلة تقول: ينظر المجتمع الى الطفل نظرة مختلفة عن الطفلة، فالطفل له الحق ان يشتري جهازا نقالا، بينما لا يحق للطفلة ذلك وإذا سئل عن السبب سوف نجد الإجابة في ان الطفل رجل أما الطفلة فهي امرأة يخافون عليها من الهاتف النقال بل من المعيب ان تملك طفلة جهازا نقالا وتتكلم فيه، ولذلك قد نلاحظ في بعض البيوت ان الطفل الذي لا يتجاوز سبعة أعوام يملك جهازا نقالا بينما شقيقته التي تكبره في البيت نفسه لا تملك جهازا نقالا.

أولياء أمور بلا خبرة تكنولوجية

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان الطفل يملك جهازا بآخر تقنية فمن المسؤول؟

هنا كان لابد من أخذ رأي الأهل والمسؤولين في المدارس وأصحاب المحلات عن سبب انتشار هذه الظاهرة الخطرة وسبب انتشار ظاهرة امتلاك الأطفال لأحدث الاجهزة النقالة بجهل ولي الامر نفسه بتكنولوجيا الهواتف حيث يستجيب لطلب ابنه في شراء هاتف نقال حديث على آخر طراز من دون ان يعلم عواقب ذلك يظن أنه يكافئ ابنه لحصوله على درجة الامتياز في دراسته، عندما يشترط الابن الناجح هديته بشراء جهاز نقال جديد، لكنه قد يضر ابنه خاصة اذا استخدمه استخداما سيئا وتؤكد السيدة ام احمد القول السابق فهي لا تملك خبرة في الاجهزة الحديثة، وجهازها تقليدي جدا، كل ما تفعله هو الضغط على الزر الأخضر للرد على مكالمة، والضغط على الزر الاحمر عند انهاء المكالمة، كما أنها ترسل رسالة قصيرة، وتقرأ الرسائل الواردة فقط لاغير. أما ابناؤها فهم حريفون في استخدام الموبايل، وبدأوا يعلمونها هذه التكنولوجيا الجديدة عليها، لأنهم يرفضون ان تكون أمهم جاهلة في لغة العصر.

حتى لا يشعروا بالنقص

وتعلل ام محمد سبب انتشار ظاهرة اقتناء الاطفال لأحدث الاجهزة النقالة بتدليل الآباء لأبنائهم، خاصة اذا أصر ابناؤهم على تغيير هواتفهم لأن زملاءهم غيروها، حتى لا يشعر ابناؤنا بالنقص او انهم اقل من زملائهم نرضخ أحيانا لمتطلباتهم الجديدة، حتى إن كنا غير مقتنعين بها المهم أن يواكبوا أقرانهم واصحابهم وزملاءهم، فلا يشعرون أبدا ان فلانا افضل منهم لأنه يملك جهازا نقالا جديدا ويملكون مثله.

والنقال طلب حاله حال أي طلب يطلبه الابناء، فأحيانا يطلبون لبسا باهظ الثمن لأنه من الماركة الفلانية، ولأن سين من الأصدقاء اشتراه، فلم لا يشتري مثله، وقد نحقق لهم طلباتهم. والهاتف النقال طلب من هذه الطلبات العديدة للابناء ولا جديد في الأمر بل صار الهاتف النقال بالنسبة إلى أبنائنا اليوم أهم من اللبس ومن كل شيء

هدية ثمينة للمتفوقين

بينما يرى عمر: ان جهاز النقال صار هدية ثمينة يقدمها الآباء لأبنائهم المتفوقين، بل صار حافزا للتفوق، فقد يعد الأب طفله بجهاز جديد إذا ما تفوق آخر العام. وأحيانا أخرى يسأل الوالد ابنه المتفوق عن الهدية التي يريدها مكافأة له، فيطلب الابن جهازا نقالا حديثا، ولأنه ابن متفوق فلا يرد طلبه، فيشتريه له على الرغم من معرفته التامة بما في هذا الجهاز من خدمات قد يساء استخدامها، إلا أن الثقة الزائدة بالأبناء قد تدفع الآباء إلى شراء مثل هذه الاجهزة لهم، وهي ثقة في غير محلها، لأنهم لم يصلوا الى مرحلة الرشد والوعي.

موبايلات في المدارس

تمنع ادارة المدرسة اصطحاب التلميذ لجهازه النقال الى المدرسة منعا باتا، ومع ذلك قد يغامر التلميذ فيأتي بجهازه الى مدرسته، ليتباهى أمام زملائه بما يملك من تقنية حديثة وقد يبلغ احد من زملائه الأخصائية الاجتماعية، فنقوم بتفتيش التلميذ فنجد عنده جهازا خطرا، فيه لقطات عديدة في البلوتوث، والسبب هو ولي الامر الذي اشترى لابنه مثل هذا الجهاز. وأحيانا نقوم بحملات تفتيش مفاجئة لحقائب التلاميذ فنتفاجأ بوجود أجهزة نقالة على أحدث طراز، والعجيب في الامر أننا نحن الكبار لا نملك مثلها. فالتلميذ يمتلك جهازا أفخم وأغلى سعرا من جهاز معلمته. إن اصطحاب التلميذ هاتفه النقال إلى مدرسته أمر مرفوض ولن نتهاون فيه، ومن يخالف قانون المدرسة يعاقب، حيث يجري استدعاء ولي الامر وإخباره بفعل ابنه وفصله مدة ثلاثة أيام، مع تقديم النصيحة للأب بسحب الهاتف الخطر من ابنه، واستبداله بجهاز عادي يؤدي غرض الاتصال.

دراسات متنوعة

أظهرت نتائج بحث علمي قامت به مجموعة بحثية في مركز أبحاث التشخيص العصب ان استخدام الاطفال الهاتف المحمول دقائق قليلة يؤدي الى خفض وظائف العقل لديهم لمدة ساعة تقريبا. وتعد تلك الدراسة هي الأولى من نوعها التي تكشف كيفية تفاعل عقول الاطفال مع الهواتف المحمولة، وكشفت الاختبارات ان نشاط العقل لدى الاطفال يكون اقل من الطبيعي في قطاعات كبيرة من المخ خلال 50 دقيقة من انتهاء المكالمة الهاتفية وقد أوصى الخبراء بعدم ترك الجوال في ايدي الاطفال صغار السن كأداة للعب تحت اي ظرف لأن خلايا المخ في هذه السن تنمو بسرعة ويؤدي تعرضها للموجات الكهرومغناطيسية الى مشاكل خطيرة

وإذا ما كان الهاتف النقال ضروريا للطفل في أوقات معينة فمن الأفضل ان يقتني جهازامناسبا لعمره. إن تكنولوجيا الهواتف النقالة بحر عميق ولابد للوالدين من مواكبة هذه التكنولوجيا حتى يدركوا ماذا يهدون إلى أطفالهم، فبعضهم لا يعرف ماهية الجهاز وما خدماته وبالتالي ما أخطاره بالنسبة إلى الأطفال. ليس من العيب ان يتعلم الآباء اليوم من أبنائهم تكنولوجيا الهواتف بل من الضروري ادراك وتعلم هذه التقنية حتى لا تقع الفأس بالرأس إن الهاتف النقال صار اليوم عصب الحياة بالنسبة إلى الإنسان لا يمكن ان يستغني عنه مهما كان وضعه الاجتماعي. مثلا الخادمة في المنزل لها هاتف نقال خاص بها، وكذلك السائق والطباخ في حين كان النقال ضروريا لرجال الأعمال، أما اليوم فهو ضروري لكل الناس بمختلف طبقاتهم وإن اختلفت الأهداف. وفي هذا الموقف أتذكر أنني عندما فكرت بعمل مشروع شاورت أبنائي فنصحوني بفتح محل للهواتف النقالة، وأخذت برأيهم ووجدتهم على حق.[/align]