ادت التطورات المتسارعة التي تشهدها القضية العراقية وتوفر العديد من الدلائل والمؤشرات على ان وضع العراق سيشهد تحولات حاسمة في المستقبل بما فيها سقوط النظام الحاكم كل ذلك دفع العديد من اطراف المعارضة لوضع تصوراتها ورؤاها لمستقبل العراق بسبب من الاوضاع الاستثنائية التي تحكم بلدنا وعدم وجود دستور دائم وقيام نظام صدام بأصدار العديد من القوانين الاستثنائية التي تكرس سطوة الحزب الحاكم بأساليب من الترهيب والترويع والقمع والحجر على حرية التعبير والحريات السياسية وحرمان الشعب العراقي من ابسط حقوقه الانسانية وبالمحصلة شطب أي دور له في صياغة مستقبل العراق.
ان من واجب القوى والاحزاب العراقية المخلصة ان تهتم بمستقبل العراق وتعد العدة لانقاذه من الاستبداد والطغيان وتمكين الشعب من اقامة النظام الذي يكفل تطلعاته وبالمقابل فاننا نعتقد ان الرؤى والمواقف يجب ان تتأسس على مجموعة من الثوابت التي تشكل القاعدة الصلبة التي ينهض عليها مستقبل العراق وفي طليعتها عدم تجاهل ارادة الشعب العراقي لان صياغة النظام السياسي واختيار شكل الحكم في العراق هو من حق الشعب العراقي وحده وبالتالي فانه سيكون من الخطأ الفادح فرض اية صيغة جاهزة للحكم خلافا لارادته الحرة.
لقد قامت بعض الاطراف بتقديم مسودات لدستور دائم للعراق وبما يكرس رؤاها ومواقفها تبعا لتوجهاتها الايديولوجية ومع احترامنا لمثل هذه الجهود الا اننا نرى ان صياغة مشروع دستور دائم للبلاد. ليس عملية اعتباطية وانما تجب تهيئة الظروف المناسبة لها، ونحن نرى ان الاسلوب الامثل لذلك هو ان تتولى ادارة البلاد بعد سقوط النظام مباشرة حكومة انتقالية مؤقتة تشكل من القوى السياسية الممثلة لمختلف شرائح الشعب العراقي حيث تقوم هذه الحكومة بتهيئة الظروف اللازمة لصياغة دستور دائم للبلاد تتشكل على ضوئه الحكومة الدائمة.
اننا نعتقد ان اقامة نظام سياسي سليم في العراق يجب ان يكون تعبيرا صادقا عن ارادة الشعب العراقي ومحققا لتطلعاته في استرداد هويته الاسلامية وطموحاته في حياة حرة وكريمة تصان فيها كرامة الانسان وحقوقه الاساسية والنهوض به على الاصعدة الاجتماعية والاقتصادية، ليسترد الشعب العراقي مكانته وموقعه الطبيعي والبناء بين شعوب المنطقة كعامل نمو واستقرار وتكامل مع اشقائه من العرب والمسلمين ويساهم بدوره في اثراء المسيرة الانسانية بما منحه الله سبحانه وتعالى من امكانات بشرية كبيرة وثروات طبيعية وموقع جغرافي متميز وتراث ثقافي ضخم وهذا النظام يجب ان يتكون من سلطات مستقلة عن بعضها البعض.
كما نعتقد ان مبدأ الشورى والانتخاب الحر المباشر يجب ان يكون حجر الزاوية في بناء النظام السياسي المنشود فضمن مبدأ الشورى يكون لكافة ابناء الشعب العراقي دور في صياغة دستور دائم للبلاد يستلهم روحه ومواده من مبادئ الاسلام وقيم المجتمع العراقي الاصيلة ومثله واعرافه وهذا الدستور هو الذي سيحدد حقوق وواجبات السلطات والشعب ازاء بعضهم البعض وبما يكفل تحقيق المصلحة العليا للشعب العراقي.
ووفق مبدأ الشورى ايضا سيجري انتخاب ممثلي الشعب بالاقتراع الحر المباشر لتشكيل مجلس وطني يتولى اصدار القوانين واللوائح وفقا للدستور حيث يجب ان تراعى في تشكيلة هذا المجلس الطبيعة الخاصة للمجتمع العراقي المكون من قوميات وطوائف متعددة بما يضمن تمثيل جميع فئات الشعب العراقي في المجلس المذكور تمثيلا عادلا على ضوء الدستور يتم تحديد وتشكيل السلطتين التنفيذية والقضائية وطبيعة علاقات السلطات الثلاث اعتمادا على مبدأ فصل السلطات عن بعضها البعض.
اننا نعتقد بان السلطة ونظام الحكم في العراق يجب الا يقوما على اساس سلطوي فردي وطبقي او طائفي او ممثلا لمجموعة او فئة معينة ، بل يجب ان يكون النظام تجسيدا حقيقيا لرؤى واهداف الشعب العراقي السياسية بكافة قطاعاته وان يكون الدستور هو الضمانة الاكيدة للمحافظة على حقوق الشعب ونظامه السياسي وذلك لقطع الطريق على كل محاولات الاستبداد السياسي.
ومما لا يخفى على احد من العراقيين وغير العراقيين ان الشعب العراقي معروف عبر تاريخه الطويل المضمخ بالدماء بتمسكه الشديد بهويته الاسلامية الاصيلة، هذه الهوية التي طالما قدم هذا الشعب في سبيلها التضحيات الجسام وضحى بالغالي والنفيس من اجل راية الاسلام ، ابتداء من مقاومة الاحتلال البريطاني في الحرب العالمية الاولى ومرورا بثورة العشرين وعندما انتهى الامر الى تسلط حزب البعث الصليبي على العراق ومحاربة هذا الحزب لكل ماهو اسلامي لم يدخر الشعب العراقي جهدا في مقاومة ممارسات هذا الحزب الحاقد على الاسلام وقدم مئات الالاف من شبابه الغيارى شهداء على هذا الطريق، وقد بلغت هذه المقاومة الاسلامية ذروتها بان قدم المرجع الديني الكبير والمفكر الاسلامي العملاق نفسه شهيدا من اجل الاسلام وتحكيمه في العراق . كما تجلى دفاع الشعب العراقي عن عقيدته ومبادئه الاسلامية في الظاهرة الصدرية وصلاة الجمعة التي كان يقيمها المرجع الشهيد السيد محمد الصدر في مسجد الكوفة.


لمشاهدة جريدة الجهاد اضغط هنا