اللعب الأميركي على وتر الصراع بين آل الحكيم و آل الصدر

(صوت العراق) - 16-12-2006
ارسل هذا الموضوع لصديق

اللعب الأميركي على وتر الصراع بين آل الحكيم و آل الصدر


بغداد – واشنطن – الملف برس

لم يخف التيار الصدري رفضه بعصبية واضحة للتحركات السياسية الأخيرة التي يقودها عبد العزيز الحكيم لـ " إقامة تحالف عريض لدعم العملية السياسية و الحكومة" بدعم من الإدارة الأميركية، وعده مناورة تستهدف التيار الصدري وحلفائه.

ومن جانبها ترى مصادر سياسية عراقية مطلعة عديدة تحدثت إلى " الملف برس " أن المفاوضات التي تجري بين قوى و أحزاب سياسية عراقية عديدة تسير قدماً لتشكيل تحالف يهدف إلى كسر النفوذ القوي للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر في الحكومة العراقية.

وكشفت المصادر لـ ( الملف برس) أن المباحثات جرت بين المجموعتين الكرديتين الرئيستين ، والحزب الإسلامي العراقي، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، و هذا الأخير يسعى منذ فترة طويلة إلى قيادة الحكومة. وقالت انه تم توجيه الدعوة إلى رئيس الوزراء نوري المالكي للانضمام لهم، لكن المالكي الذي يرتبط بعلاقات قوية مع الصدر، أبقى نفسه بعيداً عن هذا التحرك بسبب تحسبه من أن تلك الأحزاب قد تسعى إلى التخلص منه لاحقاً.

ويعتقد أقطاب حزب الدعوة، الذي ينتمي إليه المالكي، أن الخلاف القديم الجديد وعملية تصفية الحسابات بين ( آل الحكيم) و ( آل الصدر) في الهيمنة على الشارع الشيعي ، ربما يسحب البساط من تحت أقدام المالكي، ليعبد الطريق للحكيم ليزيح المالكي من منصبه لمصلحة عادل عبد المهدي. وقال نائب من حزب الدعوة اشترط عدم الإفصاح عن اسمه " الكل يعلم أن الحكيم يريد عبد المهدي رئيسا للوزراء، فذلك ليس سرا، والقول بأنهم يريدون إبعاد المالكي عن المتشددين سوف يكون فقط غطاء جميلا للهدف الحقيقي لإسقاطه ".

لكن النائب جلال الدين الصغير والقيادي في المجلس الأعلى قال :" ليس هناك تغيير في كتلة الائتلاف في مجلس النواب ، نحن نتحدث عن تحشيد القوى السياسية في الشارع لدعم العملية السياسية ".

وإذا كان سياسيون عراقيون يرون أن الخطر الأكبر قد يتأتي من رد الفعل المحتمل ضد الأحزاب المنضوية في المباحثات من بقية القادة في نفس الأحزاب وكذلك من مجتمعاتهم الطائفية والعرقية، فان مخاوفهم لها ما يبررها، خصوصاً بعد أن انتقد فلاح شنشل المتحدث باسم الكتلة الصدرية في البرلمان فكرة التحالف الجديد بقوله :" نحن ضد أي كتلة جديدة أو جبهة جديدة أو ائتلاف جديد ، ويجب أن نوحد أنفسنا لنكون جبهة واحدة ضد الإرهاب ولتحرير البلد من الاحتلال".

أما طارق الهاشمي الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي ليس بمنأى عن غضب المتمردين السنة، فهو يخاطر بأبعاد نفسه عن الأعضاء الآخرين من الكتلة السنية الرئيسية في البرلمان، إذا ما قرر المتمردون السنة أيضا ممارسة العنف ضد الهاشمي، لاسيما وان السياسيين السنة الذين لا يشاركون في المباحثات غاضبون من مشروع التحالف الجديد.

وبسبب هذه المخاطر ، فان المناقشات ما زالت مستمرة بين السياسيين فيما إذا كانوا سيحاولون إنشاء التحالف في إطار البرلمان أو خارجه، ما يعني أن الكتل البرلمانية ستبقى قائمة إلى حين ، بينما التحالف خارج البرلمان قد يعمل مع وزارة المالكي سياسياً ويتجاوز الكتل النيابية في القرارات المهمة.

ووفقا لما ذكره مصدر مقرب من رئيس الوزراء المالكي ، فأن الأحزاب التي تحاول تشكيل التحالف الجديد توجهت إلى المالكي قبل أيام مضت للطلب منه العمل معهم في التحالف الجديد ، بحسب مصدر مقرب منه ، لكن قياديين كبار في حزب الدعوة يرون أن مثل هذا التحالف سوف يسقط الائتلاف العراقي ويغضب آية الله السيستاني، الذي عمل بصعوبة من أجل جمع كل مكونات الشيعة في العراق في الائتلاف الشيعي الكبير القائم ليحكم العراق .

وتحظى التحركات السياسية العراقية لإقامة اصطفافات جديدة مختلطة تحكم العراق بعيداً عن الأغلبية والأقلية النيابية، بدعم أميركي، اتضح جلياً من خلال سلسلة اللقاءات التي أجراها الرئيس الأميركي بوش مع المالكي والحكيم وأخيرا طارق الهاشمي، لعزل مقتدى الصدر الذي أعلنت ميليشيا جيش المهدي التابعة له التمرد ضد القوات الأميركية مرتين.

ودعا مستشار الأمن القومي الأميركي ستيفن هادلي في مذكرة سرية ، الأميركيين إلى الضغط على السنة العرب والقادة الشيعة ، لاسيما الحكيم لدعم المالكي إذا سعى لبناء " قاعدة سياسية بديلة ". وجاء في مذكرة هادلي أن الأميركيين يمكن أن يزودوا " المجموعات المعتدلة بالأموال ".

وقال سياسيون عراقيون يشاركون في مفاوضات ونقاشات التحالف الجديد أنهم نفسهم تصوروا التحالف بعد الإحباط الكبير في تعاملهم مع السياسيين المتشددين. وقال برهم صالح نائب رئيس الوزراء القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني "أعترف عدد من الأحزاب السياسية الرئيسة بخطورة الوضع السياسي الراهن ، وأصبحوا مدركين بشكل متزايد بان قدرهم وقدر العراق لا يمكن أن يبقى رهينة نزوات الحاشية المتطرفة في إطار طوائفهم ".

وشهدت علاقات مقتدى الصدر مع المالكي فترات توتر عديدة، ففي 30 تشرين الثاني، سحب الصدر 30 عضوا من البرلمان وستة وزراء من الحكومة، و حين دعاهم المالكي للعودة ، قالوا أنهم سيعودون فقط إذا حدد المالكي و الأميركيون جدولا زمنيا لسحب القوات الأميركية من العراق، بينما أعاد الصدر تأكيد الطلب في رسالة ملتهبة يوم الأحد الماضي.

ويرى مراقبون أن أي خطة لبناء تحالف سياسي يتخطى الخطوط الطائفية سيؤدي إلى عزل الصدر والمتشددين السنة العرب يحمل معه مخاطر كبيرة. وبينما عمل مسؤولون أميركيون وعراقيون على إقناع الصدر بالانخراط في العملية السياسية بدلا من قوة السلاح لإحداث التغييرات، إلا انه من غير الواضح فيما إذا كان الصدر يملك سيطرة شاملة على الميليشيا التابعة له، وإذا اعتقد انه تم تهميشه في الحكومة ، فانه يستطيع أن يشعل تمردا أخر مثل التمردين اللذين قادهما عام 2004 .

ومهما يكن من أمر، كما أبلغ عدد من السياسيين " الملف برس "، فلحد الآن يبدو الزعيم الشاب لـ " آل الصدر " مدركاً تماماً مدى حرص المالكي على استنفاذ كل الوسائل المتاحة للتوصل إلى صيغة تؤطر تحرك التيار الصدري في خضم العملية السياسية وليس في عرقلتها من خلال النشاطات المسلحة غير المنضبطة على حساب التيار الصدري نفسه، و تحالف الائتلاف و العراق كله.

وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى مفاجآت غير متوقعة في الحفاظ على مسار توسيع قاعدة حكومة المالكي، على الأقل كي لا يختلي الآخرون بالتيار الصدري من أجل تصفية حسابات قديمة.و هو الأمر القابل للتحقيق في حالة استحواذ المجلس الأعلى على رئاستي الكتلة الأكبر في مجلس النواب و الحكومة في آن واحد.