تريد العراق أرضاَ محروقة مثل افغانستان

عرب أهل السنة و شيعة آل البيت أمام تحدي تفجير الفتنة المخططة للقاعدة




بغداد -واشنطن_ الملف برس

لماذا تستمر عمليات القتل الطائفي على الرغم من إدانتها من قبل المرجعيات المعنية في الطرفين من أهل السنة و شيعة آل البيت، دينياً و سياسياً؟ و لماذا اندلاع القتال في السماوة بين القوات الأمنية و التيار الصدري؟

هل هو مصادفة جاءت في إطار التوتر الكامن بعد التسوية " الهشة " للصدام الذي وقع قبل 20 يوماً في المثتى المحافظة القريبة من بغداد، أم أنه " عمل " يرتبط مع نشاطات أخرى، بضمنها قتل المواطنين العراقيين من الشيعة و السنة بقصد تفجير الموقف السياسي الاجتماعي في بغداد و بقية العراق؟!؟

الدكتور نصار الربيعي رئيس الكتلة الصدرية في مجلس النواب العراقي أكد بشكل قاطع لـ " الملف برس " أن ما يجري هو محاولة لجر التيار الصدري و بقية فصائل القوى المؤثرة في المجتمع العراقي إلى مواجهة طائفية تحقيقاً لمخطط يستهدف العملية السياسية. و أكد من جانبه أن سماحة مقتدى الصدر رفض قتل السنة و قال إن دماءهم حرام على المؤمنين كما أن دماء أخوتهم شيعة آل البيت حرام عليهم، و من ثم فأن كل من يطلق النار على السنة هو ليس من التيار الصدري، لكن قوى الأمن تعتدي على الصدريين و تستفزهم في محاولة لجره إلى مواجهة يريد أطراف معروفون جر الوضع السياسي العراقي إليه.

ما قاله د. الربيعي يمكن فهمه عملياً من خلال تقارير تسربت مؤخراً.

ففي واشنطن قالت مصادر مخابرات ومحللون إن مساعي تنظيم القاعدة لإقامة دولة إسلامية في العراق قادرة على التصدي للحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة في بغداد لقيت دعما محدودا من مسلحين سنة.

ويضيف محللون أن فرص نجاح المساعي قد تتحسن إذا تصاعدت حدة أعمال العنف بين السنة والشيعة في العراق بشكل أكبر لتخرج عن نطاق السيطرة مما يزيد من احتمال تكوين القاعدة ملاذ امن في البلاد.

وكانت المخاوف من تكوين التنظيم مثل هذا الملاذ احد الأسباب التي استند إليها الرئيس الأميركي جورج بوش لغزو العراق في عام 2003 و الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين ولا يزال دافعا رئيسا للوجود العسكري الأميركي في العراق.

ويقول مسؤولون في المخابرات الأميركية أن ما يسمى بدولة العراق الإسلامية التي أعلن تأسيسها في 15 أكتوبر تشرين الأول ليست أكثر من تحرك دعائي من جانب تنظيم القاعدة في العراق.

وقال مسؤول في المخابرات طلب عدم نشر اسمه لان القضية تتضمن معلومات سرية "يحاولون تشكيل حكومة أخرى. يقاتلون من اجل وجود شرعي خارج نطاق الحكومة الحالية."

ووصف مسؤول أميركي آخر طلب عدم نشر اسمه أيضاً الإعلان الذي صدر في تشرين الأول أكتوبر بأنه " بيان نوايا " من جانب القاعدة وليس واقعا.

و أبدى أيمن الظواهري الرجل الثاني في القاعدة تأييده العلني للفكرة في الأسبوع الماضي في رسالة مسجلة على شريط فيديو دعا فيها المسلمين لمساندة ما اسماه ببوابه تحرير فلسطين و إحياء الخلافة الإسلامية.



وقالت القاعدة أن الدولة موجودة في بغداد وعدة أقاليم من بينها الانبار التي تقاتل فيها القوات الأميركية حوالي عشرة ألاف مقاتل بهدف استعادة السيطرة على المحافظة.

وقال مسؤولون عراقيون و أميركيون أن هذه المساعي تعزف على وتر المخاوف السنية تجاه الأغلبية الشيعية التي استعادت قوتها في العراق والتي ترتبط في أذهان السنة بفرق الإعدام والميليشيات العنيفة.

وقال المحللون في معاهد رصينة في لندن إن التعهد بإقامة دولة إسلامية سنية في قلب العراق من المحتمل أن يجتذب متطوعين عربا ينضمون للقاعدة من خارج العراق، وتغيير موقف المسلمين العرب الذين يقولون أن القاعدة ليس لديها ما تقدمه عدا العمليات المسلحة.وربما تطرح نموذجا لرؤية استراتيجية أوسع لاسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة والظواهري، اللذين يصوران من آن لآخر نضالهما على انه تحرك نحو خلافة إسلامية جديدة تمتد عبر العالم الإسلامي.

و من جانبه قال ياسر القطارنة المحلل الأمني في المعهد الدبلوماسي الأردني " لدينا جدول أعمال جديد من مجموعة قوية جدا. اعتقد إننا نواجه عدوا ذكيا وناضجا."

لكن تقريرا للمخابرات الأميركية صدر في الآونة الأخيرة ذكر أن خطوة القاعدة تبدو سابقة لأوانها و أنها تواجه صعوبة في اجتذاب تأييد سني.و قال مسؤول اطلع على التحليل "عدد كبير من الجماعات غير راض عما فعلوه ولم ينضم إليهم."

و أضاف مسؤول أردني أن القوميين السنة من ذوي الاتجاهات العلمانية لا يثقون في الآراء الدينية المتشددة للمجموعة. كما يخشى الإسلاميون العراقيون أن يفقدهم انضمامهم للقاعدة التي تناصب الغرب العداء تركيزهم الاستراتيجي على الأهداف المحلية.وحتى الآن لم تجتذب دولة العراق الإسلامية سوي ما يصفه مسؤول سابق في المخابرات بـ "انفراد وجماعات منشقة ".



غير أن مصطفى العاني المحلل العراقي في مركز الخليج للأبحاث في دبي قال أن تفكك العراق سيمنح القاعدة ملاذا أمنا كافيا لإقامة دولة.وحذر العاني " فهم (الأميركيون) ذلك. هناك واقع لوجيستي على الأرض.. يحتاجون ملاذا آمنا."



وقال قطارنة إن مبادرة القاعدة تبرز أيضا ضرورة التوصل لتوافق سياسي مع القطاع الرئيس من المسلحين السنة من القوميين. و ما لم ينضم العراقيون السنة بصفة عامة إلى العملية السياسية.. القاعدة تتحسن فرصها وستفرض نفسها كطرف سني رئيسي في العراق."

و يبدو إن سماحة الإمام السيد السيستاني و بعض أطراف التوافق، إضافة إلى طروحات رئيس الوزراء المالكي و ما تحدثت به بعض أطراف اللجنة السباعية من الائتلاف في دار المرجعية الشيعية العليا، كله يعبر عن الوعي بهذا المخطط الجهنمي لحرق أرض العراق بقصد تحويلها إلى ساحة للحرب مع الأميركيين.

و في هذا الظرف العصيب ترى أوساط من التيار الصدري أن البعض في كتلة الائتلاف استسهلت عملية القفز على تحالفها مع بقية القوى السياسية المكونة له، و سعت في خطوة شبه مكشوفة إلى " التوافق " مع العديد من القوى السياسية في كتل أخرى لإقامة تحالف ظاهره توسيع قاعدة السلطة الشرعية و الحكومة التي تمثلها برئاسة نوري المالكي، في حين أن الحقيقة هي سعيها لتعظيم مكاسبها على حساب بقية حلفائها في الائتلاف، و إلى حد العمل بسرية للإطاحة بنوري المالكي.

و تشير مصادر " الملف برس " إلى أن البعض طرح هذا كله على المرجع الشيعي الأعلى السيد السيستاني أمس، فدعا الجميع في الائتلاف إلى الحرص على وحدتهم و دعم الحكومة الحالية و التوافقات التي تعزز أدائها في خدمةالعراقيين.

من ناحية أخرى لم يخف الصدريون رغبتهم في رئاسة للائتلاف تكون أكثر حرصاً على حلفائها، و عدم التطلع بتلهف زائد إلى الاستيلاء على منصب رئيس الوزراء.

و في ظل كل هذه المفارقات بين الحلفاء في العملية السياسية يظل السؤال الأكثر حيوية: هل في وسع القوى السياسية في الحكومة و خارجها ممن يرفضون الإرهاب مسابقة الزمن في إطفاء بدايات الحريق الذي تشعله القاعدة في العراق؟!؟





الكاتب:
الملف برس
تأريخ أضافة ألخبر

المصدر:
الملف برس
24 - 12 - 06