خطة بوش بعد لقائه الحكيم: حكومة شيعية - كردية معتدلة - زهير الدجيلي
تقرير إخباري: تعزل المتطرفين وتمنح السنة المعتدلين إدارة مدنهم بأنفسهم
تكشفت خطة الرئيس الاميركي جورج بوش في الوقوف وراء ما يسمى ب'حكومة الاكثرية' وذلك بدعم حكومة شيعية كردية معتدلة تضرب الشيعة المتطرفين وتمد ايديها للسنة المعتدلين بتشجيعهم على ادارة مدنهم وقراهم وتقديم الدعم الاقتصادي والمالي لهم.
وقد وجدت ادارة بوش ان هذا الخيار هو الذي لا بديل له لادارة العراق في المرحلة الحالية واخراجه من عنق الزجاجة السوداء، كما انه من اقرب الحلول الى مقترحات تقرير لجنة بيكر - هاملتون.
ويفسر المراقبون معنى الدعم لحكومة الاكثرية بانه تقديم دعم عسكري بزيادة القوات الى 20 الفا كمرحلة اولى وهو رقم معتدل قد يلقى قبولا من قبل الديموقراطيين المعترضين على زيادة القوات، وهو ملائم ايضا لتنفيذ خطة جديدة ل'امن بغداد' لتطهيرها من مصادر التهديد لهذه الحكومة، خصوصا ان تقريرا عسكريا يفيد ان العاصمة تكاد تكون مطوقة من قبل التنظيمات المسلحة فيما بعض المناطق داخلها مثل شارع حيفا وغيره من مناطق الكرخ، تسقط بين اسبوع وآخر بأيدي المسلحين.
كذلك تحتوي الخطة على تقديم دعم مالي يمكن حكومة الاكثرية من تنفيذ مشاريع تنموية لها علاقة بتوفير الامن وتساعد على امتصاص البطالة، مع تسريع عمليات تأهيل القوات العراقية وازجاء وعود اكيدة بتسليم المهام الامنية تدريجيا لها، ورسم خريطة مقبولة لتواجد القوات الاميركية خارج المدن.
وقد وجدت ادارة بوش حسب مصادر 'القبس' في هذا مخرجا مناسبا من خنقة زحام المشاكل في جو يهدد بانفجار الشارع العراقي المكتظ بها.
وتتركز الخطة على منح حكومة شيعية كردية معتدلة او ما تسمى ب'حكومة الاكثرية' الدعم اللازم لتمكينها من مواجهة 'المتطرفين' من امثال مقتدى الصدر، وذلك من خلال دخولها في تحالفات مع المعتدلين من السنة والشيعة والاكراد.
وحسب الخطة فإن وزيرة الخارجية الأميركية كونداليسا رايس ستقوم بجولة تطلب فيها من حلفاء اميركا الإقليميين (من العرب السنة) حث السنة العراقيين المعتدلين على دعم حكومة شيعية معتدلة، مع ترك القادة السنة خارج بغداد لإدارة المدن والقرى السنية هناك. أما الشيعة المتطرفون فيجب التخلص منهم وبعد انتهاء الحاجة اليهم في الائتلاف الضامن لبقاء الحكومة الوطنية - فيكون قد تم تهميشهم، شأنهم شأن إيران وسوريا. ومن أجل ضمان تأييد الدول العربية السنية، ستمضي الولايات المتحدة في تنفيذ خطة سلام شاملة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
وقالت مصادر ل 'القبس' ان لقاء بوش برئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق عبدالعزيز الحكيم هو الذي دفع الاول الى هذه القناعة، وان الاخير نجح في اقناع الإدارة الاميركية ان دعم شيعة العراق والسير معهم في طريق الحل للأزمة العراقية هو الأسلم لها بدلا من تأليب الشيعة وتأليب السنة ضدها في آن واحد.
ونقلت تلك المصادر بعض ما جرى بين بوش والحكيم، حيث بادره الرئيس الاميركي بالطلب منه 'ان يتحدث ويشرح له الامر بالعراقي'، وهي عبارة تورية قصد بها ان يتكلم الحكيم من دون مجاملة وان يعرض الامور مثلما يراها بعين عراقية وليس بعين اميركية، وان لا يجامله ويتحدث بلغة مجاملة اميركية. وهنا بادر الحكيم الى توجيه اسئلة لبوش تتعلق بالتزام الشيعة بالصداقة مع اميركا وحرصهم على انجاح العملية سائلا الرئيس:
هل قام الشيعة بقتل احد الجنود الأميركيين؟ هل فجرنا شيئا لك؟ هل وجدت شيعيا قام بعملية معادية ضدكم؟ هل.. هل..؟
- فأجاب الرئيس بالنفي معبرا عن ارتياحه لموقف الشيعة والتزامهم بالعملية الديموقراطية.
وحسب تلك المصادر عرض الحكيم ملفا كاملا يتضمن وثائق تثبت ضلوع السنة وليس الشيعة في عمليات الارهاب، ان كانت ضد الشيعة او ضد الوضع العام في العراق، وتكشف الوثائق عزمهم على دفع الاوضاع نحو الحرب الأهلية، مشيرا الى ما جرى من عملية سياسية اسفرت عن فوز 'الاكثرية'.
وحول الشكوك الاميركية عن العلاقة بإيران صارح الحكيم بوش قائلا: هذا صحيح حين لا يكون امامنا خيار آخر، فنذهب مضطرين لإيران، خصوصا حين تتخلون انتم عنا، انا لا اريد ان اكذب او اخفي علاقتنا بإيران لكنها علاقة لمصلحتنا وهذا يتوقف عليكم انتم، ولهذا طلبت حواركم مع إيران لاننا نجد في ذلك خدمة وفائدة للشيعة العراقيين، لأن الصراع الاميركي الإيراني على الساحة العراقية يضر بنا ويعرقل تقدمنا. وان اول المتضررين منه هم الشيعة.
ورغم ان بوش - حسب تلك المصادر- استمع الى طارق الهاشمي بعد لقائه بالحكيم، 'فإنه وجد بين الرجلين فارقا واضحا'. فعلى عكس الحكيم الذي طرح مشروع شراكة مع اميركا في اجتياز المحنة، كان الهاشمي مكثرا من الشكوى ،ومهتما في عرض انتقادات وسيئات الحكومة رغم انه جزء منها، لكنه بدا ايضا من وجهة نظر بوش كزعيم عراقي معتدل يمكن ان يساهم بدور ايجابي في الخطة التي سيعرضها بعد اسابيع من الآن والتي من جملتها ايضا حث حكومة الاكثرية على تشكيل ائتلاف حزبي معتدل وقوي يدعمها بزعامة الاربعة الأقوياء (الطالباني والبرزاني والحكيم والهاشمي).
ورغم ما تحتويه هذه الخطة من ايجابيات من وجهة نظر الادارة الاميركية وحلفائها من الشيعة والاكراد الذين لا يجدون بديلا عنها الان. فان مصادر اخرى اعلنت عن مخاوفها ل 'القبس' من ان تؤدي خطة دعم ما يسمى ب 'حكومة الأكثرية' الى زيادة تهميش السنة وتفاقم نفورهم الذي يجعلهم يشعرون بأن واشنطن 'سلمت لحيتها' الى الشيعة والاكراد رغم ان الإدارة الاميركية ليس لديها لحية مسرحة!
واضافت تلك المصادر أن هذه الخطة قد تؤدي الى شق الشيعة ودفع المتطرفين منهم (اذا كان المقصود بهذا الوصف جيش المهدي) الى الحرب الاهلية من دون كوابح.
القبس