الائتلاف يؤدي حجة الوداع
27/12/2006
د. غسان الربيعي
أتحسر على العراقيين كلما شاهدت شعبا يعيش حياة طبيعية او بلدا في عيد , او ملعبا ممتلأ بالناس يشاهدون فرقهم المحلية وهم في مرح وفرح , او طفلا يلعب او عجوزا تبتسم راضية مطمئنة , فقد حرم الانسان عندنا من كافة مظاهر الحياة الطبيعية . فلم نعد نرى الطفل يلعب ولانرى الكبير إلا باكيا حبيبا فقده او من حاجة الى رعاية وعلاج . فنحن وطن يتشكل من جديد ليكون وطنا للايتام والارامل .
وما اوصلنا الى هذه الحال هو البعث وصدام بجرائمهم منذ ان دخلوا ميدان الصراع السياسي في العراق . فقد كان القتل والتعذيب ديدنهم منذ البداية . وقد تحولوا من اعمال الشقاوات في محلات بغداد الى شن الحروب الاقليمية ومحاربة العالم والقتل الجماعي حتى انتهى العراق على ايديهم الى ما انتهى اليه بعد ان تحالفوا مع الارهاب بكل اصنافه في المنطقة والعالم .
ثم ابتدأنا حقبة الاخطاء المتراكمة , فامريكا كان عليها ان تساعد العراقيين على تخليص انفسهم بانفسهم من صدام. وقد اوشك العراقيون على فعل ذلك لولا تخلي امريكا عن دعم الانتفاضة بعد حرب الكويت بدفع من الدول العربية وخصوصا مصر والسعودية , فكان الخطأ الاول .
وكان على امريكا بعد سقوط الصنم أن تتفق مع سياسيي المعارضة العراقية على تشكيل حكومة مطعمة بشخصيات من الداخل , وتكون منسجمة في معارضتها لصدام وفي قطع الطريق على عودة البعثيين الى حكم العراق وفي الايمان بالديمقراطية. وكان يجب اعطاء هذه الحكومة صلاحيات واسعة في ادارة البلاد واقتراح السياسة الداخلية . فكان خطأ امريكا الثاني تشكيل مجلس الحكم بدون صلاحيات .
انساقت امريكا مع الدعوات لكتابة الدستور بايدي عراقية , فجرت الانتخابات الاولى وبرز الاسلاميون فوضعوا بصماتهم على الدستور . وظهر حينها خطأ السنة في عدم الاشتراك في الانتخابات بعد خطأهم الاكبر في انتهاج العنف سبيلا للتغيير باسم مقاومة الاحتلال وتحول هذا العنف نحو الحرب الطائفية شيئا فشيئا .
قامت الانتخابات الثانية ودخل الجميع في قوائم طائفية , وكان خطأ الائتلاف الاكبر هو الانجرار الى تشكيل من لون مذهبي واحد. فكان عليهم أن يعلموا بان الحكم سيتشكل من كافة الاطياف لذا كان يجب عليهم ان يختاروا حلفائهم بدل ان يفرض عليهم اناس لايؤمنون بالتغيير أساسا .
فكان على الائتلاف ان يضم بين صفوفه أناس من كافة شرائح المجتمع الدينية والمذهبية المنسجمين معه والمؤمنين بضرورة التغيير ومن رجال عارضوا النظام الصدامي وقدموا الشهداء في هذا السبيل وبذا بقطع الطريق على عودة البعث. وحين يفوز هذا الائتلاف المتنوع يقوم بتشكيل الحكومة وفقا لتوزيع يختاره هو وغير مفروض عليه كما حصل بعد ذلك .
فهل كان الائتلاف سيخسر لو ضم الى صفوفه أناس مثل الشيخ فصال الكعود والشيخ فواز الجربة ومثال الالوسي ومضر شوكت واحمد الجلبي .
لو تم استيزار هؤلاء بحكم كونهم اعضاء فائزين عن الائتلاف هل كان يمكن توصيف التشكيلة بالمحاصصة الطائفية . ومن هو اكثر انسجاما مع مجلس الرئاسة الشيخ فصال الكعود أم طارق الهاشمي . قطعا كان مجلس الرئاسة سيبدو اكثر انسجاما لو كان الشيخ فصال الكعود هو النائب وليس الهاشمي .
ومن هو اكثر انسجاما لو كان وزيرا للتعليم العالي مضر شوكت ام الوزير الحالي العجيلي .
ومن كان اروع من مثال الالوسي رئيسا للبرلمان او وزيرا للداخلية .
ومن كان اروع من اللواء الشيخ فواز الجربة نائبا لرئيس الوزراء او وزيرا للدفاع .
ومن هو أعلم من الجلبي بادارة اقتصاد البلاد .
ولماذا لاتكون صفية السهيل وزيرة عن الائتلاف.
ولماذا لايكون حميد مجيد موسى او محمد جاسم اللبان وزيرا عن الائتلاف .
ولماذا لم تبحثوا عن فلاح حسن او عموبابا او شرار حيدر وزيرا للشباب والرياضة .
ومن اروع من سيار الجميل وزيرا للثقافة .
أما كان الاجدى والانفع الائتلاف مع هؤلاء بدلا عن الائتلاف مع الكتلة الصدرية التي لم تحدد نهجها السياسي بعد . أما كان الافضل ان تكون جبهة التوافق في صف المعارضة , بدلا عن وضعها الحالي حيث تشغل المناصب وتحرض الناس في الداخل والخارج على الحكومة العراقية .
واليوم يجري الطبخ على نار هادئة لتغغيرات يراد منها ايجاد بديل سني معتدل ليدخل في أئتلاف حاكم مكون من المجلس الاعلى والقائمة الكردية . فلماذا فرطتم بكل تلك الشخصيات في حينها واليوم تبحثون عمن يتحالف معكم.
على كل حال وقع الفاس بالراس وما عاد يجدي الكلام وليس امامنا إلا الدعوة لبرلمانيينا بالعودة السالمة من حجة الوداع .