النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    3,861

    افتراضي الكتاب يهاجمون ويفضحون فهمي هويدي ومن على الشرق الاوسط .. ما سر الحملة عليه ؟

    حملة شعواء على فهمي هويدي منذ امس ما سرها ..لا اعلم... ولماذا يهاجم وبهذه الطريقة ؟ هل ورط الكتاب او جريدة الشرق الاوسط وجرها الى فتح جبهات اعلامية مع جهات لها عداوة هو معهم ؟.........ام هي غيرة الكتاب منه ؟

    شخصيا ارى انه يتعرى وسوف يتعرى اكثر لان امثاله متقلب كل يوم فهو من شيوعي الى منظرا او مفكرا اسلاميا اخونجيا ولعله دخل حزب البعث لا ندري

    على كل حال هذا هو مصير الكتاب الذين يشوهوا الحقائق ويكذبون فحبل كذبهم قصير

    واعتقد ان من ايجابيات الانترنيت ان يريك الاخر كما هوخرون ويرانا الاخرون كما نحن واذا كانت ذاكرة الانسان تضعف بمرور الزمن فبنقرة على الكوكل يرجعنا الى ما سطرناه في الانترنيت من اقوال

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    3,861

    افتراضي

    حملة شعواء على فهمي هويدي منذ امس ما سرها ..لا اعلم... ولماذا يهاجم وبهذه الطريقة ؟ هل ورط الكتاب او جريدة الشرق الاوسط وجرها الى فتح جبهات اعلامية مع جهات لها عداوة هو معهم ؟.........ام هي غيرة الكتاب منه ؟

    شخصيا ارى انه يتعرى وسوف يتعرى اكثر لان امثاله متقلب كل يوم فهو من شيوعي الى منظرا او مفكرا اسلاميا اخونجيا ولعله دخل حزب البعث لا ندري

    على كل حال هذا هو مصير الكتاب الذين يشوهوا الحقائق ويكذبون فحبل كذبهم قصير

    واعتقد ان من ايجابيات الانترنيت ان يريك الاخر كما هو ويرانا الاخرون كما نحن ......واذا كانت ذاكرة الانسان تضعف بمرور الزمن فبنقرة على الكوكل يرجعنا الى ما سطرناه في الانترنيت من اقوال







    المقال الاول


    تقاسيم على القانون الايراني

    GMT 3:00:00 2007 الثلائاء 13 فبراير الشرق الاوسط اللندنية



    مشاري الذايدي


    ملاحظة جديرة بالاهتمام: هناك نقلات أحجار وتغيير في المواقع والمواقف في أوساط كتاب وصحافيين، وتناولات إعلامية متسارعة الايقاع والنكهة للأزمة الكبرى التي تعصف بهذا الجزء الحزين من العالم: منطقة الشرق الأوسط.
    هي تحولات ونقلات ربما تمليها طبيعة المعطيات المتغيرة على الأرض كل يوم، وأيضا تموج الأحداث مثل صهير البركان السائل، الأمر الذي أذاب صلابة المواقف وتماسك الرؤى التقليدية.
    ففي غضون أيام، تحول السيد حسن نصر الله من مقاوم بطل في الوعي العربي الشعبي العام، إلى طرف سياسي لبناني داخلي، يماحك السنيورة وتخيف مليشياته «إخواننا من أهل السنة»، وفقا للتعبير المشبع بطائفتيه السنية، لم يستغرق التحول في الصورة إلا فترة يسيرة، ومن شهور معدودة، من النصر الإلهي في الحرب الأخيرة، إلى مجرد مهتاجين محاصرة السراي الحكومي، ومطالبة «السيد» برئيس وزراء سني «شريف».
    ضع هذا كله، في الأمام، ثم انظر خلفه إلى المشهد الأكبر، مشهد الهيجان الإيراني، والمناوشة الأمريكية لإيران، وبروفات الحرب على طريقة وضع القدم في المسبح قبل الانغماس فيه من اجل التعرف على حرارة الماء، من هذه البروفات الصغيرة خطف العناصر الإيرانية في اربيل على يد القوات الأمريكية، ومن ثم الرد الايراني بخطف وإعدام عسكريين أمريكيين في كربلاء، والحديث الامريكي عن تدفق المتفجرات الايرانية على العراق، وهي المتفجرات التي يقول الامريكان انها سبب تدمير دبابتهم الصلبة... وغير ذلك.
    وضع في خلفية المشهد أيضا، تواتر الأنباء «السنية» لشارعهم العربي السني المتحفز، عن وجود حالة تطهير طائفي ضدهم على يد الميلشيات الشيعية في العراق، والمدعومة من إيران، ثم توج ذلك بإعدام صدام حسين بتلك الطريقة التي هيجت مشاعر الشارع (المهتاج دوما!).
    ضع هذا كله، على أرضية ثقافية مشدودة بحبال الطائفية، واهنة الصلة بمفهوم المواطنة المتجاوزة للمعيار الطائفي أو العرقي، وهي أرضية يتحرك عليها معظم الشارع العربي، واقل القليل يمكن أن يبخر الطلاء الشاحب من معزوفة الانتماء الوطني الشامل والوحدة الوطنية وتعانق الهلال والصليب او تصافح الجامع والحوزة.
    هذا هو الحال إذن، ونحن نصف حالة الشعور والثقافة السائدة، مع رفضنا وكراهيتنا لهذا النوع من الشعور الطائفي، فإننا نضع التحولات في مواقف وآراء شريحة خاصة من الكتاب، وهم جزء من صانعي الرأي العام، نضعها في سياقها الطبيعي.
    مثلا، نعرف أن حجر الزاوية في خطاب الإخوان المسلمين وكل التيارت الإسلامية التي تدور في المدار الاخواني، هو آيديولوجية المحافظة وحماية الهوية، ومقاومة الاستلاب الثقافي، وانجاز المشروع الإسلامي الشامل، أي الاستحواذ على الدولة، بوصفها حاملة للمشروع السياسي، والاستيلاء على المجتمع بوصفه محل تحقيق المجتمع المسلم.
    ومن هنا، فإن النزعة الحركية التنظيمية، ذات الهدف السياسي، الانقلابي (أي على الواقع كله) التي ميزت الإخوان منذ الولادة عن التيار الإصلاحي الذي كان خير ممثل له الإمام محمد عبده، أو التيار التقليدي الذي مثله شيوخ الأزهر الكبار. هذه النزعة كانت تضع الاخوان في حالة اغتراب نظري مع طرح الإصلاحيين (عبده وخير الدين التونسي.. وغيرهما) لأن الإصلاحيين الأوائل كانوا ينطلقون في رؤيتهم لمشكلة المسلمين من أن المسلمين قصروا في العلم والتحديث وان عليهم إصلاح خطابهم الديني والأخذ بأسباب التقدم، والإفادة من الغرب الذي إنما فاز علينا لهذه الأسباب، أي أن رؤيتهم انفتاحية وليست انكفائية، بينما كان طرح الإخوان، ومنذ البدايات، مشغولا بكيفية مناجزة الغرب ومحاربته، والحفاظ على الهوية التي يتهددها الغرب من الخارج والتغريبيون من أبناء المسلمين. ناهيك عن اغتراب الخطاب الاخواني عن الرؤية الفقهية الأزهرية العريقة، والتي لم يكن هناك من تناغم بينها وبين طرح الإخوان المشبع ببخار السياسة، ويكفي أن تتذكر طروحات سيد قطب، العاطفية عن جاهلية القرن العشرين والطليعة المؤمنة وحاكمية الله، ثم تقارنها بطروحات فقيه محترف مثل الشيخ محمد أبو زهرة، لترى الفرق بين من يرى الصورة من الخارج، وينبهر بها انبهارا شاعريا، مثلما حصل مع سيد قطب ورؤيته الشاعرية لمفهوم الشريعة، وبين رؤية أبي زهرة، المحترفة، واللا مشغولة بهم سياسي، لتفاصيل ومعنى هذه الشريعة وآلياتها، وربما لذلك لم يكن الشيخ أبو زهرة اخوانيا!
    هذا الاغتراب، العميق، جعل الإخوان يبحثون منذ البدايات عن كيفية توسيع هذه الرؤية وخلق المناخ الملائم لحياتها، وبالفعل بذلوا جهودا حركية مذهلة، أسفرت عن توسيع قاعدة الإخوان، بالاستفادة طبعا من الأحداث والأزمات التي عصفت بالعرب منذ تفكك الدولة العثمانية إلى هذه اللحظة. لكن هذا لم يكن كافيا، لوحده، وربما بسبب ذلك مد الإخوان اذرعتهم، وقلبوا بصرهم في الشرق والغرب، بحثا عمن يشاطرهم الرؤية أو يتقارب معهم في الروح، وفي ظني أن تأييد الإخوان ثورة الخميني في إيران والتغزل بها من قبلُ في البدايات، كان في جانب منه بسبب تشابه «الروح» بين طرح الخميني السياسي وطرح الإخوان. ففي قراءة من القراءات، لا نجد فرقا كبيرا بين قول: الإسلام دين ودولة، وبين مقولة ولاية الفقيه، و«الحكومة الإسلامية» لدى الخميني، فالطرحان يهمهما هدم الخطاب الإسلامي السابق، وتثوير الجانب السياسي في الإسلام، والاستفادة منه من اجل الاستيلاء على الدولة والمجتمع، لأن الدولة والمجتمع انحرفا عن الصراط المستقيم.
    هذه لمحة سريعة عن هذا «الرحم المشترك» بين الاخوين الكبيرين في اللحظة الإسلامية الحالية، الإخوان وفكرة الحاكمية، وشيعة الخط الخميني وفكرة الثورة الاسلامية وولاية الفقيه، مع الاعتبار طبعا بمميزات وعلامات ونكهة كل نسخة على حدة، شيعية كانت أم سنية.
    وظلت هذه العلاقة الودية، طويلا. وها هو أشهر كاتب اسلامي مصري، تميز بتثمينه العالي لتجربة الثورة الإسلامية الإيرانية، يحدثنا في مقال له نشر أخيرا عن انه اعتاد زيارة طهران «مهنيا» على حد وصفه قائلا: «اعتدت أن اتوجه إلى طهران بصفتي المهنية، وباعتباري باحثاً مسلما يحاول أن يتابع تجربة مثيرة رفعت الراية الاسلامية بعد طول احتجاب».
    لكنه شعر هذه المرة بخيبة امل بسبب انه زارها بوصفه سنيا، او شعر بهويته السنية لأول مرة، لكنه عاد وبشرنا في نفس المقال أن «اهل الحل والعقد» في إيران الثورة الإسلامية قد اخبروه على لسان قائد إيران السيد علي خامئني باستنكارهم لعمليات القتل، ولكن ضعف الجهاز الاعلامي في ايران لم ينقل هذه الاصوات إلى الخارج».
    هذا الكاتب وجه في وقت سابق، خلال غليان الشارع العربي ـ طائفيا والى حد ما قوميا ـ نقده ضد ايران والطبقة الشيعية الحاكمة في ايران ودعا الى «تحري حقائق التطهير المذهبي في العراق» وأنحى باللائمة على المليشيات الشيعية، لكنه وبعد بضع مقالات نقدية ضد الحكومة العراقية المتهمة من قبل الشارع العربي «الهائج» بالتبعية لإيران، عاد واخبرنا بزيارته لطهران، واصفا إيران بأنها دولة ممانعة وصدّ للمشروع الأمريكي.
    وقل مثل ذلك أيضا عن الرسالة التي وجهتها جبهة العمل الإسلامي في الأردن، وهي ذراع الإخوان السياسية هناك بعد تنامي مشاعر الغضب على إيران والحكومة العراقية في الشارع الأردني (وهذا شارع قصته قصة!) الرسالة تشير إلى موقف الجماعة الثابت من «المشروع الصهيوني الأمريكي» وتحاكم سياسة إيران على هذا الأساس، معتبرة أنّ مواقف إيران غير مقبولة في العراق وأفغانستان بينما هي مقبولة في امتلاك قوة نووية (ضد إسرائيل!) ودعم القوى المجاهدة في فلسطين. حسب توصيف الكاتب الاردني محمد ابو رمان.
    ومثل هذا الموقف مقالة ساجد العبدلي، الناشط الإسلامي الكويتي، وأحد قيادات حزب الامة الإسلامي، والتي نشرها أخيرا في «الرأي العام» الكويتية، وقال فيها: «ليس من باب الصدفة المحضة أن تتقاطر التحذيرات من «خطر الشيعة»، في الوقت نفسه الذي تحاصر فيه الإدارة الأمريكية إيران».
    هذه المواقف كلها، وإن تحدثت في البدايات عن الغضب على الحكومة العراقية التابعة للاحتلال الامريكي، ومن هذا الموقع اخرجت غضبها على اعدام صدام حسين البعثي، وان كانت ايضا تعاطفت مع هيئة علماء المسلمين، وكان لابد لها من أن تبدي موقفا من حرب السنة والشيعة، إلا أنها لم تستطع أن تمضي في الشوط إلى آخره، لا بسبب موقف تقدمي وتنويري من الطائفية، ففي العمق الخطاب الإسلامي السياسي لديه مشكلات حقيقية في مفهوم المواطنة وأهل الذمة والحاكمية.. الخ ولم ينجز قراءة نقدية حقيقية لهذه المفاهيم المعيقة، بل كان سبب عدم انجرار الخطاب الحركي السني الإسلامي، هو أن ذلك يقتضي بتر الرابطة الحركية مع إيران الثورة، وتطويق ومحاصرة رقعة الاسلام الحركي بمفهومه الواسع، خصوصا ان الشعور السائد لدى مفكري الإسلاميين هو أنهم في حالة اشتباك او محاصرة مع الحكومات وحالة فرح صامت من قبل أمريكا بذلك، وبالتالي فإنعاش دولة كبرى مثل إيران، يقودها راديكاليون من طينة نجاد، يوفر لغة مشتركة وعنصر قوة ضروريا، وهو مفيد في لعبة تحريك أوراق القوة..
    خلاصة ذلك كله، نعم الطرح الطائفي السائد الآن من الجميع، هو طرح قبيح، ويؤذن بانتكاسات أخرى، ويؤجل مشروع التحديث إلى اجل غير مسمى، ولكن هناك فرق بين أن تنطق من رفضك لفكرة الطائفية من موقع فكري وثقافي عميق، ولا سياسي، وبين ان تبرر رفضك للطرح الطائفي بسبب ان ايران «دولة ممانعة» كما قال كاتبنا المصري الاسلامي الشهير، او انها ضد «المشروع الصهيوني ـ الامريكي» كما قال الاخوان الاردنيون، او لأنها تتعرض الآن «لمحاصرة من امريكا» كما قال الاسلامي الكويتي ساجد العبدلي..
    نرفض الطائفية، لأنها طرح متخلف ولا إنساني، وكفى، وليس لأن ايران نجاد تعجبنا مواقفها او لا.. تلك هي المسألة.
    mshari@asharqalawsat.com


    المقال الثاني
    مأزق المناضل الأصولي !

    عبد المنعم سعيد
    لم تعد الحياة سهلة فكريا وأخلاقيا ـ على الأقل ـ بالنسبة للمثقف المنتمي إلى الفكر الأصولي الإسلامي في تعبيراته السياسية المختلفة بين الاعتدال والتشدد، وبين اليمين واليسار، وبين تنظيمات الإخوان المسلمين والتنظيمات «الجهادية» المتنوعة. ولمن لا يعلم من قراء هذه الصفحة ـ ومن كتابها أيضا ـ فإن أصل الأصولية هو العودة إلى المنابع الأولى والوثائق الأساسية ذات الصفات المقدسة؛ وفي هذا لا تختلف الأصوليات الإسلامية عن غيرها من الأصوليات الدينية والآيديولوجية المختلفة. ولكن الاختلاف يأتي في السياق التاريخي، وفي الأهداف والوسائل السياسية التي تتبعها حركات اجتماعية ويدعو لها كتاب ومثقفون.
    فالأصولية الدينية الإسلامية ليست مجرد دعوة محافظة تعود للأصول من أجل صلاح الناس في الدنيا والآخرة، وإنما هي حركة سياسية ثورية لقلب دولنا ومجتمعاتنا رأسا على عقب، أو على الأقل وقف تطورها التاريخي في اتجاه دول ومجتمعات مدنية وعصرية من خلال عملية تعبوية دائمة. وبهذا الشكل فإن الأصولية الإسلامية لا تختلف كثيرا عن الفلسفات الشمولية المختلفة من حيث إدارتها للدولة والمجتمع من خلال التدخل الإداري والاقتصادي وبالطبع الأخلاقي من جانب، ومن جانب آخر فإنها تقف موقف «الممانعة» إزاء كل المؤثرات الخارجية التي تغير مثل هذا المسار مثل تحقيق السلام في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، أو إقامة علاقات وثيقة مع دول العالم الليبرالية ـ الديمقراطية أو حتى تلك المتمتعة باقتصاد سوق حقيقي، أو تلك الداخلة بقوة في حركة «العولمة» في العالم.
    ولو سألت مثقفا مناضلا أصوليا عن دول العالم التي يفضلها لكانت دولا مثل فنزويلا ـ شافيز، أو كوريا الشمالية، أو كوبا حيث «الممانعة» مستمرة إزاء النظام الدولي وتدخل الدولة المستمر في حياة الناس، وبالطبع شكل من أشكال الديكتاتورية الشعبوية التعبوية التي تضع الدول والمجتمعات على أطراف أصابعها ليس من أجل التنمية أو المنافسة، وإنما من أجل أهداف كونية مثل تغيير النظام العالمي. وبالطبع فإن المثقف الأصولي المناضل سوف يشعر بحنو شديد على تجارب الأصولية الإسلامية المتنوعة التي جرت خلال العقود الأخيرة في أفغانستان وإيران والسودان وفلسطين ولفترة قصيرة في الصومال حيث تحولت النظرية إلى تطبيق، والكلام إلى واقع، والحركة إلى مستقر من نظم وقوانين.
    وفي الحقيقة فإن المثقف المناضل الأصولي لم يشعر بمأزق إزاء ذلك كله حتى عندما وضح لكل من له عينان أن التجربة فاشلة من ألفها إلى يائها، فلا تنميةٌ حدثت، ولا تحريرٌ جرى، ولا وحدةٌ تمت المحافظة عليها. فما دخلت الأصولية بلدا إلا قسمته وعمقت من انقساماته القبلية (أفغانستان) والعرقية (السودان) والدينية (السودان أيضا) والسياسية (فلسطين ولبنان)؛ وما دخلت بلدا إلا وضعته في حالة حرب مع طرف أو أطراف في العالم فجمعت ما بين حالات الحرب الأهلية والحروب الدولية والإقليمية في آن واحد.
    كل ذلك لم يضع المناضل الأصولي في مأزق، فقد كانت لديه طريقته في تجاوز الأحداث والعبور عليها بعدد من الطرق منها ـ وأهمها في الحقيقة ـ إلقاء اللوم على الآخرين في العالم، سواء روسيا أو أوروبا أو الهند أو الصين؛ وما لم يكن لدى كل هؤلاء نصيب وحظ فإن في الولايات المتحدة وإسرائيل ما فيه الكفاية من أول صراع كشمير وحتى صراع حزب الله مع الحكومة اللبنانية. وإذا كانت الحالة فجة كما هو الحال في دارفور وفلسطين فإن اللوم سوف يقع فورا على الجانب الآخر من الأصولية، فالحركات السياسية في دارفور ـ حيث يوجد مسلمون وسنة ـ سوف يقع عليها اللوم حتى ولو كان عدد القتلى من أهلهم قد وصل إلى عشرات الألوف. وكل اللوم سوف يقع على عاتق منظمة فتح رغم أن الحكومة واقعة في يد حماس التي كانت أول حكومة في التاريخ تخلق لنفسها مليشيات خاصة وهي في الحكم، بالإضافة إلى ما كان لها في المعارضة. وبينما يتوزع اللوم في الفشل بين أطراف أخرى غير الطرف الأصولي، يجري رسم صورة مثالية لمنجزات الجماعة الأصولية بحيث تبدو إيران على رأس دول العالم في التنمية البشرية والإنسانية والتكنولوجية. أما عندما يكون الفشل حادا ولا لبس فيه مثل أفغانستان فإن المناضل الأصولي لديه دعوة دائمة للتفهم سواء كانت للظروف القبلية أو الفكرية. ولم يشغل المثقف الأصولي باله أبدا بنقد ما جرى ولا تقييمه، بل أن هناك قلة قليلة من المثقفين الإسلاميين فعلت ما فعله مثقفون أوروبيون شيوعيون إزاء التطبيقات الشيوعية المختلفة في الاتحاد السوفيتي والصين وألبانيا، وهذه القلة القليلة كانت في معظمها خارج العالم العربي، أما الأصوليون العرب فقد ظلوا مناصرين لكل نظم وحركات «الممانعة» مهما ارتكبت من جرائم إزاء مواطنيها، ومهما ارتكبت حماقات إزاء وطنها.
    ولكن المناضل الأصولي يشعر بمأزق حاد الآن لم يكن يشعر به من قبل، وظهر هذا المأزق خلال المؤتمر الذي عقد في الدوحة أخيرا للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وما أعقبه من زيارات لعدد من المثقفين الأصوليين إلى طهران لتقريب وجهات النظر. كما ظهر هذا المأزق ـ وكل المآزق متصلة ومرتبطة ـ عندما انفجر الموقف في العراق بالمواجهات بين «أصوليات» سنية وشيعية انطوت على القتل والتهجير وانتهاك المقدسات الإسلامية على الطرفين والذبح الفردي والجماعي لرجال دين على الطرفين. وكانت واقعة إعدام صدام حسين وما نتج عنها من أفراح في إيران وفي دوائر حزب الله في لبنان من ناحية، وحزن ومأتم واعتبار الرجل بطلا وزعيما سنيا للأمة وقائدا لها في دوائر الأصوليات السنية المختلفة بما فيها حتى منظمة حماس من ناحية أخرى، معبرة عن مأزق أخلاقي وسياسي وحتى ديني من الطراز الأول.
    فقد بات واضحا للمناضل الأصولي أنه لا توجد أصولية واحدة وإنما أصوليات متعددة كثيرا ما ترتبط بأوضاع جيو ـ سياسية تنتزع من الأصولية صفاتها المقدسة وتغرقها في مصالح دنيوية بحتة. ولأول مرة كان على الأصولي السني أن يستمع إلى ما يقوله الأصولي الشيعى حول التفرقة بين السنة والشيعة في بلدان الأغلبية السنية؛ ويشاهد الاندهاش من تمجيد قائد سياسي قضى حياته في ارتكاب الجرائم وعمليات القتل الجماعي والتعذيب ضد السنة والشيعة والأكراد والعرب. وفي نفس الوقت كان على الأصولي السني أن يكتشف الأوضاع المزرية للسنة في ظل دولة شيعية، ويرى بعين رأسه ما الذي يمكن أن يفعله مقتدى الصدر الذي صفقت له دوائر «الممانعة» في السابق عندما يتمكن من فرصة محاكمة وإعدام سجين أعزل.
    وفي مثل هذا المأزق فإن المثقف المناضل الأصولي الممانع يكتشف فجأة أن مرجعيته الأصولية لا تحل مشكلة، ولا تخرج من مأزق، ولا تسترد حقوقا، ولا تفلح معها كثيراً نداءات الوحدة والتضامن في وجه العدو المشترك. ولا تحل المشكلة تلك الأوصافُ التاريخية المطلقة للمثقف الأصولي السني أن الشيعة قد عاشوا في «كنف» السنة في سلام ودعة، والعكس يقال من قبل الشيعي على السني، وكما يقوله كلاهما عن المسيحي وأصحاب العقائد والملل والديانات والأعراق الأخرى. ومن هنا يصير مأزق الأصولي أكثر من مأزق لأنه سوف يعاني من أزمة مصداقية دينية مع نفسه ومع الآخرين من أصوليات أخرى، ومن أزمة مصداقية سياسية بين الفكر والواقع. وهنا تبدأ مآزق من نوع جديد ؟!.

    المقال الثالث

    التلفيق من أول السطر.. هل في مصر حرب أهلية؟
    عبد الله كمال

    فيما مضى، وحين كنت انتهي من قراءة أي مقال لفهمي هويدي، كنت دائما ما اختلف مع النتائج التي يصل إليها.. كخلاصه أخيرة بعد عملية تحليل مرتب ومنظم.. وكنت اعتبر أن المقدمات التي يسوقها غالبا لا تؤدي إلى نتائجه.. وفيما يمكن وصفه بأنه «تلفيق يتميز برونق المحترفين».. غير أن الأستاذ فهمي هويدي تطور كثيرا في المرحلة الأخيرة.. وبدأ التلفيق من أول السطر.. وبدون مقدمات تساعد على الإقناع.. والعبور على الخداع.
    بصورة أو أخرى، ولأسباب متنوعة يضطر الأستاذ فهمي هويدي في هذه المرحلة إلى الهروب من الملف الايراني.. وهو مجال تخصصه الأول.. وعلى الرغم من إلحاحات الملف.. وضغوطه وتفاعلاته.. إلا انه حريص على أن يقترب من موضوعاته في أضيق نطاق وأقل قدر ممكن من المرات.. وفي المقابل فإنه أعطى اهتماما أكبر للملف المصري.. بمعدلات لم تكن موجودة من قبل.. وبصورة تدفعني إلى أن أربط ما بين هذه الحملة المستمرة من جانبه على الحكم في مصر.. وموقف هذا الحكم من السياسات والأطماع الإيرانية في المنطقة.. وموقفه ـ أي فهمي هويدى ـ التاريخي والوثيق والمعروف تجاه إيران.
    قبل نحو الشهر، أدهشني الافتعال الذي حرص عليه وذهب إليه الأستاذ فهمي هويدي، حين رفضت الجريدة التي يكتب فيها منذ سنوات (الأهرام) أن تنشر له مقالا.. حول مسألة ميليشيا طلاب الأزهر(الجميع يذكر أن عددا من طلاب الاخوان استعرضوا عسكريا، وهم ملثمو الوجوه في حرم الجامعة).. وبينما كان الأمر (أي منع المقال) يتم تداوله على عدة محطات تلفزيونية.. نشر المقال نفسه مع بعض التعديلات في عدة صحف عربية من بينها «الشرق الأوسط».
    المشكلة في هذا المقال، ليست في كونه ممنوعا أو غير ممنوع، فقد نشر على نطاق واسع، ولكن في انه يكشف إلى أي مدى صار التحليل السياسي لدى فهمي هويدي مهترئا ولا يقوم على أسس.. وفيه من المغالطات ما يفوق الصحيح.
    لا أتحدث هنا عن اختلافي مع انحيازاته الأيديولوجية، وإنما مع المعلومات التي يبني عليها منطقه، وهرولته في الاتجاه نحو إثبات ما يريد من دون أي دليل عقلي ملموس.. وعلى سبيل المثال، فإن الأستاذ فهمي اندفع إلى أن يربط بين قضية التوربيني ـ البلطجي المتشرد المتهم بقتل عدد من أطفال الشوارع ـ وبين «ميليشيا طلاب الإخوان في الأزهر».. حتى انه لم يجد غضاضة في أن ينقل في مقاله تأويلا يدعي أن الحكم في مصر تعمد التضخيم في موضوع طلبه الأزهر، لكي يغطي على ملف التوربيني!
    هكذا ببساطة، واعتمادا على معلومات غير دقيقة وتداولات غير موثقة، صار يلجأ اليها كثيرا هذه الأيام، وبحيث انه يمكن مراجعة كافة مقالاته في الفترة الأخيرة، لإدراك إلى أي مدى أصبح بناؤه هشا وضعيفا.. وعلى سبيل المثال أقام الأستاذ فهمي هويدي، مقال التوربيني والميليشيا على أساس افتراضه التخاذل الأمني الحكومي في متابعه قضية التوربيني.. «رغم ان هذا البلطجي قتل ما لا يقل عن 30 طفلا من أطفال الشوارع» ـ وفق ما قال ـ فيما تؤكد التحقيقات الآن أن ما تم العثور عليه حتى اللحظة لا يزيد عن جثتين.. وأن هذا التوربيني قد اعترف بجرائم يعود تاريخ وقوعها إلى فترة وجوده داخل السجن.
    إن دماء وأرواح طفلين مصريين لا تقل قيمة عن أرواح ثلاثين طفلا.. وفي كل الأحوال أجهزة الأمن مطالبة بأن تبحث وتنقب حتى تصل إلى كافة الأبعاد وإعلانها أمام الناس.. لكنني أشرت إلى الواقعة فقط، لكي أدلل بمثال واحد قريب على الخواء المعلوماتي في مقالات الأستاذ فهمي.
    عموما، لقد تطورت الحالة إلى ما هو أبعد من ذلك، وفي مقال تال قرأته للأستاذ هويدي في «الشرق الأوسط» أيضا، كان أن وجدت أن الأمر وصل مداه.. وبصورة تستفز أي عقل.. إذا ما قرر أن يدقق.. دونما استسلام لكل ما يقول الكاتب استنادا إلى سمعة قديمة.
    أعنى هنا المقال الذي كان عنوانه: «العراق: الإقصاء السياسي يفاقم المشكلة ولا يحلها».. ولوهلة ظننت بعد نظرة سريعة على المقال ـ قبل قراءة متأنية ـ أن محرر صفحة الرأي في «الشرق الأوسط»، ربما قام بتغيير العنوان.. فالمقال كله تقريبا عن مصر والعلاقة بين نظام الحكم والاخوان المسلمين (وهي جماعة محظورة بحكم القانون).. لكن عنوانه عن العراق.. ثم تبين لي أن الأستاذ هويدي إنما تعمد ذلك.. وأصر من أول سطر على المغالطة وعقد مقارنات غير جائزة.. ثم مضى يكمل تحليله واستنتاج ما يشاء حسبما يهوى.
    لقد بدأ هويدي ما كتب من نقطة انه (إزاء معركتين.. احداهما سنية شيعية ذات طابع مذهبي.. والثانية سنية سنية ذات طابع سياسي بالدرجة الأولى).. قاصدا الربط بين (الحرب العبثية بين الشيعة والسنة في العراق).. وبين (انزلاق مصر السنية في اتجاه حرب عبثيه أخرى ضد الإسلام السياسي، ممثلا في حركة الإخوان المسلمين)..هكذا عقد وقارن وبنى القاعدة التي أراد الانطلاق منها.
    وبغض النظر عن رفضي الكامل لإصرار هويدي على أن يصف ما يحدث بين الشيعة والسنة في العراق على انه (عبثي).. إذ انني أرى ما يحدث هناك مخططا ومنظما، ويخضع لإشراف أطراف مختلفة وتواطؤات متنوعة من قبل دول عديدة على رأسها ايران.. بغض النظر عن ذلك فإن مصر لا تعيش حربا.. لاعبثية ولا منطقية..لامجنونة ولا عاقلة.. لا عسكرية ولا سياسية.. وقد خانت اللغة الاستاذ فهمي حين وصف ما يجري في مصر بأنه حرب.. الا اذا كانت الأيديولوجيا قد غلبت كل المعايير المهنية في التحليل فرضخ للأجندة التي يلتزم بها من دون مراعاة لعقل القارئ.
    ويصر هويدي على أن يكرر وصف الحالة، على أنها حرب، وطالما أنه ضمن ألا يناقشه أحد فإنه يستمرئ في مناطق أخرى من المقال، ويذهب الى درجة أن يسميها «حربا أهلية».. ويقول عنها: تشهدها البلاد منذ نصف قرن على الأقل!!
    أعتقد ان الكاتب يحتاج الى أن يعود الى بعض قواميس السياسة، حتى يطلع على تعريفات الحروب والصراعات.. والفرق بين دولة خاضعة للاحتلال مثل العراق.. ودولة حرة مثل بلده مصر.. والفرق بين التصفية الطائفية التي تتم للعراقيين السنة، على يد الشيعة في بلدهم.. وبين اخضاع جماعة محظورة لحكم القانون.. وإذا كان يرى أن ما يجرى في مصر هو حرب أهلية فليقل لنا كم قتيلا سقط.. وكم جريحا.. وأين تنتشر الميليشيات المتصارعة.. وليعقد لنا مقارنة بين الحالة المصرية باعتبار أنه يراها «حربا أهلية».. وهو ما لم يقل به أحد على الاطلاق.. وبين ما كان يجري في لبنان منذ منتصف السبعينات وحتى نهاية الثمانينات.. واصطلح الكثيرون على تسميته الحرب الأهلية.. بالمرة يحدد لنا بعد مطالعة التعريفات الى أي جانب في هذه الحرب ـ على حد وصفه ـ يمكن ان نحتسبه.. هل الى جانب القانون أم الى جانب الانشطة الإرهابية.. القتالية.. وهل علينا ان نقبل تحليله الملتبس عن عمد.. لا لشيء إلا لأنه كاتب غير مستقل.
    في سياق المعلومات الخاطئة، يتعمد هويدي القول إن جماعة الإخوان تم حظرها في عام 1954.. وهو أمر على خلاف الحقيقة.. إذ أنها حظرت على يد محمود فهمي النقراشي باشا.. عام 1948.. وأخشى أن يكون قصد الأستاذ هويدي من ذلك التعمد، هو أنه لا يريد لنا أن نتذكر أن الجماعة التي يدافع عنها، هي التي اغتالت النقراشي باشا.. في واحدة من أهم جرائم جهازها السري الخاص.. التي ظلت تحاول التبرؤ منها سنوات طويلة.. دونما أن تنال غفرانا من التاريخ.. لكن الأستاذ فهمي غفر ونسي وصار ايضا لا يدقق في المعلومات التاريخية.
    ولا يمكن أن يجهل أحد، من جانب آخر، أن ذكر تلك المعلومة، حول تاريخ حظر الجماعة، كان سوف يدفع الاستاذ فهمي إلى أن يذكر أنها قد اصطدمت مع كل انظمة الحكم منذ نشأت.. ملكية أو جمهورية.. في عصر عبد الناصر وعصر السادات وعصر مبارك.. ومن قبلهم في عصر الملك ومختلف الحكومات.. وهو من جانب ثالث ما يقودنا إلى نقطة أخرى، وهي أن التعامل القانوني مع الجماعة المحظورة مستمر وقائم منذ سنوات بعيدة جدا.. وقبل أن يتحقق ما تعتبره الجماعة (الاخوان)، والأستاذ فهمى نصرا برلمانيا تاريخيا، عندما حصلت على 88 مقعدا في البرلمان.. إذ لا أظن أن المحاكمات التي جرت في الفترة من 1995 وحتى عام 2003 في قضايا مختلفة كانت ذات علاقة بأي (اكتساح برلماني).
    وبافتراض أن ما يقوله الأستاذ فهمي حول فزع السلطة في مصر من وصول الإخوان إلى الحصول على ثلث مقاعد البرلمان.. وهو ما يدفعها بالتالي ـ حسبما يقول ـ إلى أن تطوق الإخوان وتطاردهم.. بافتراض أن ذلك هو صحيح.. ترى لماذا مثلا لم تتضمن التعديلات الدستورية المقترحة من قبل رئيس الجمهورية نصا واضحا، يشترط مثلا أن تتخذ القرارات الجوهرية في العمل البرلماني بأغلبية تفوق نصف أعضاء مجلس الشعب.. وليس الثلث كما هو الحال الآن.. الا يمكن لأي عقل متربص أن يفعل ذلك، إذا ما صدقنا الأستاذ فهمي وتحليلاته.
    ولا أرى، في إطار تعليقي على المقال المذكور، فيما قال رئيس الوزراء المصري الدكتور أحمد نظيف أي مؤشر رآه الأستاذ فهمي دليلا على الـ«الحرب العبثية» ضد الإخوان.. فقد قال: إن دخول الإخوان بالنسبة الموجودة حاليا في المجلس «غلطة».. وهذا كلام إذا ما وضع في سياقه.. من دونما اجتزاء.. يعطي معناه الحقيقي.. فنظيف ينتمي إلى حزب.. وهذا الحزب هو الحاكم.. وعلى الرغم من أن لديه الأغلبية الكاسحة.. إلا انه خسر مقاعد ما كان له ان يخسرها لو احتاط إلى عدد من الأمور التنظيمية والانتخابية.. فضلا عن ـ وهذا هو الأهم ـ إرضاء الناخبين وتلبية احتياجاتهم.. بحيث لا يتحولون إلى الاحتجاج من خلال التصويت، كما جرى في الانتخابات البرلمانية السابقة.
    عموما لقد سبب لي الاستاذ فهمي في مقاله هذا، ارتباكا حين فسر المواجهة الأمنية والقانونية مع الاخوان بعدد كبير من الأسباب، ولم يكن من بين هذه الأسباب واحد فقط يقول: انهم يخالفون القانون(!!).. إذ مرة يقول إن هذه المواجهة بسبب الفوز البرلماني لإعضاء الجماعة.. ومرة يقول انه بسبب التعديلات الدستورية التي ترغب الحكومة في تمريرها بعيدا عن ضغوط الاخوان، على حد قوله وقول الاخوان.. ثم ما يلبث ان يلقي ببضعة تخمينات وتأويلات..(حسبما اعترف هو نفسه).. وهي للدقة شائعات.. ولا أعرف على أي أساس يمكن لكاتب يحترم نفسه أن يستند في تحليله الى مثل تلك الأمور.
    والمثير في الأمر، أن اللجوء إلى التخمينات والتأويلات أصبح ملاذا ثابتا لديه.. ففي مقال «العراق: الإقصاء السياسي.. »، نجده يستخدم عبارات من نوع: «هناك من يقول».. و«هناك رأي يرى».. و«ثمة سيناريو ثالث».. ثم بعد ذلك مباشرة يقول: «هذه التفسيرات تظل فى اطار الظنون والتخمينات».. ولا يشرح هويدي لماذا يستند الى ظنون وتخمينات.. ثم بعد ان يذكرها جميعا.. ينسفها.. ولكن بعد ان يكون ساهم من خلال مقالة في نشر شائعة.. أو أكثر.
    حين ينتقل هويدي إلى «المقطوع به».. وبعد الظنون.. فإن يصل الى نتيجة مفزعة وهي بالنص: «إن الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد منذ نصف قرن على الاقل.. والتي يقف فيها النظام مؤيدا ببعض العلمانين من جانب.. في حين يقف الاسلاميون في المربع المضاد.. هذه الحرب اصبحت مفتوحة وممتدة لأجل لا يعلمه الا الله».
    لقد تحفظت من قبل على مصطلح الحرب الأهلية، لكنني أتساءل اذا كان الاستاذ هويدي يعني التقسيم المشار اليه.. فهل هو يريد أن يقول ان النظام في مصر يقف ضد الاسلاميين.. ولماذا سماهم في تلك الفقرة الاسلاميين.. ولم يشر الى الاخوان عموما.. ثم من قال إن «بضعة علمانيين» يمكن ان يساندوا نظاما في مجتمع متدين مثل المجتمع المصري.. اليس ذلك شيئا صعبا.. أم ترى ان سيناريو المواجهة بهذه الطريقة يحتاج من الكاتب الى مراجعة جديدة.. يستخدم فيها المنطق اولا.
    إن في المقال الكثير مما يستوجب التعليق، اذ لم يسبق لي ان رأيت مقالا لاستاذ هويدي مليء بكل هذه الالتباسات مجتمعة ومرة واحدة.. غير أنني أتوقف في المضمون على ثلاث نقاط:
    1 ـ يقول هويدي إن أسلوب المصادرة والاقصاء، قد زاد من تعاطف الناس مع الاخوان. وهذا غير صحيح..لا اقصد ان الاقصاء لم يخلق تعاطفا.. وانما اقصد انه لا يوجد اقصاء.. وانما ما يتم هو فرض للقواعد العصرية على ساحة التفاعل السياسي في مصر، وبحيث لا يكون الدين وسيلة من وسائل تحقيق المكسب الانتخابي.. أو يؤدي الى تعزيز التعصب.. وتزكيه الطائفية في المجتمع المصري.
    ثم إن من يقولون بالتعاطف المتزايد مع الاخوان يتجاهلون ان العام الماضي.. وبعد فوز عدد كبير من الاخوان في الانتخابات.. قد شهد قيام الرأى العام بإعاده فرز الشخصيات الاخوانية.. ولا سيما في الدوائر التي فازوا بمقاعدها.. وقد ثبت للناخب ان الكلام ليس على قدر الفعل.. والأهم أن اتجاهات عريضة بين شرائح المجتمع المختلفة قد توترت جدا.. واصابها فزع عظيم، حين رأوا الاستعراض القتالي لطلبة الاخوان الملثمين في حرم جامعة الازهر.. على شاشات التلفزيون.
    2 ـ الأمر الثاني يتعلق بعملية «استدرار العطف» التي يقوم بها الكاتب حين يتحدث عن اغلاق «المشروعات التجارية للاخوان».. وهذه عبارة فيها تلفيق أو عدم دقة ـ أيهما تختار ـ إذ أن المشروعات المتحفظ عليها من قبل النائب العام، تخص متهمين من الإخوان وليس كل الإخوان.. ثم وهذا هو الأهم أن جرائم التنظيم تتطور.. وبالتالي فإن الإجراء الأمني في مواجهته، ينبغي ان يتطور.. وإذا لم يكن يرى الاستاذ هويدي في أموال (مجهولة المصدر انها جريمة) فليقل لنا أين وكيف يصنف «غسيل الأموال».
    والى جانب ذلك، فإنه.. والاخوان.. اذ يردد ما يقولون.. انما يتجاهلون حقيقة ان الدول الكبرى حين تواجه تطرفا الآن فإنها تتبع مصادر الأموال.. هكذا فعلت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.. وغيرها.. ولم يؤثر ذلك على الاستثمار.
    3 ـ النقطة الثالثة تخص مطالبة الاستاذ هويدي باستيعاب الاخوان في النظام.. وبغض النظر عن انني اختلف تماما مع هذا الكلام.. ومنطقه من الأصل.. فإنني اتوقف امام منطلقات هويدي في الدعوة الى ذلك.. فهو يقول: «تقاس كفاءة العمل السياسي في كل بلد، بمدى قدرة نظامه على احتواء مختلف القوى الحية في المجتمع».. وهذا كلام مفهوم ولاغبار عليه.. ولكن الاستاذ فهمي نسي انه يتكلم عن نظام عام للدولة.. وأن هذا النظام له قواعده التي اصر الإخوان على تجاوزها على مدى 80 عاما عدة مرات.. ونسي بدوره ان القوى لا تكون حية بالصخب والضجيج الاعلامي المفتعل.. وانما بطرح رؤى عصرية محددة وواضحة وشروع له قوام وتوجه.. وليس مجرد كلمات وشعارات. لقد بحثت في مقال الاستاذ فهمي، وفي مقالات أخرى عديدة له عن ملامح ومواصفات هذه القوة الحية وافكارها.. إلا أنني لم أجد ذلك بعد..لا عنده ولا عندهم.
    * رئيس تحرير
    «روزاليوسف» ـ القاهرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني