 |
-
لماذا على الشيعي أن يكون الثاني دائما ً ! - علاء الزيدي
لماذا على الشيعي أن يكون الثاني دائما ً ! - علاء الزيدي
(صوت العراق) - 18-03-2007
ارسل هذا الموضوع لصديق
تدور وراء كواليس السياسة العراقية ، هذه الأيام ، أحاديث ليست سارة ، عن خلافة محتملة للرئيس جلال طالباني ، الذي يعاني من وضع صحي صعب . وتطرح ، كالعادة في مثل هذه المواقف ، أسماء وترشيحات محتملة للخليفة المنتظر ، تتمحور كلها ، من الواحد إلى العشرة تقريبا ً ، حول رفيقه في النضال ، رئيس إقليم كـُردستان السيد مسعود بارزاني .
كما السليمانية و" الإتحاد الوطني الكردستاني " وأجزاء أخرى من العراق بالتأكيد ، أنخرط في نوبة بكاء وتضرع ، إلى العلي القدير ، داعيا ً الله أن يحفظ لنا رئيسنا الفكه الطيب ، متسائلا ً في الوقت ذاته : أهو قدر مقدور وكتابة على الجبين ، لازم تشوفها العين ، أن لا يكون الشيعي " رجلا ً أول " في بلاده !
في التقسيم الذي أسس له الحاكم الأميركي السابق بول بريمر على أساس محاصصة طائفية واضحة ، قيل أن رئاسة الحكومة هي المنصب الرئاسي الفعلي ، والقيادة العامة للقوات المسلحة ( التي لايسمح لها إلا بحمل أسلحة خفيفة وتواثي ومكاوير ! ) ، لكن رئاسة الدولة ( وهي منصب إسمي وتشريفاتي ) ينبغي ألا تخرج العراق عن الإجماع العربي ، الذي يهيمن السنـّة تاريخيا ً على قيادته . ولما كان ساسة المنطقة الغربية لم يتمـّوا تجربة العنف للإطاحة بالوضع الجديد ، انتقالا ً إلى محاولة إطاحته عبر المشاركة في العملية السياسية ذاتها ، فقد كان متعذرا تسويق رئيس من أعالي الفرات ، ولم يتبق ّ أمام المطبخ الديبلوماسي البريمري إلا الصحن المبتكر : رئاسة سنـّية .. لكن كردية . وعلى العموم ، فالصحن فيه شيء من الإقناع مهما كان من أمر ، فيوسف بن أيوب التكريتي الذي يسميه العرب والأكراد معا ً صلاح الدين الأيوبي ، ويتبركون بنسره المقدس شعارا ً على راياتهم هو من غلاة السنـّة وكردي أيضا ً كما يقولون ، فالمهم أن لا ينازع شيعي ( عربي .. كردي .. هندي ) الرؤساء والملوك العرب على قيادتهم التاريخية ( وللقيادة معان شتى منها الرفيع ومنها الوضيع ) .
الآن ، وقد حزم الرئيس العراقي أو كاد ( لاسمح الله ) حقائب السفر إلى الأعالي ، فهل عسيتم إن تولـّيتم أن تقطـّعوا أرحامكم ، ولا تعيدوا النظر في أي قرار بريمري جائر . لماذا لايكون رئيس العراق كرديا شيعيا أيضا ً ، أو تركمانيا شيعيا ، أو عربيا شيعيا ، أو عراقيا من أية طائفة ودين ومذهب ، أم أن الله اتخـّذ عهدا ً أن لايولـّي على الناس إلا طائفة بعينها . ألم يستكثر القوم على الرسول أن يوصي ويورث وأغرقونا في بحار من الدماء ، فمن أين أتوا بجزميات السلطة والقيادة التاريخية ؟
قيادة تاريخية ؟ صدقوني إنها ليست أكثر من مزحة إنكليزية ثقيلة . فعن السيد محمد الصدر ( رئيس وزراء عراقي أسبق ) تقول المس غرترود بل مؤسـِّسة الدولة العراقية بشكلها الحالي في العشرين من تموز ( يوليو ) العام 1921 " إن معكـّر صفو السلم هو السيد محمد الصدر ، وهو عالم طويل القامة ، أسود اللحية ، ذو تقاسيم شريرة ، قفز إلى الظهور البغيض بصفته رئيس المحرّكين خلال الاضطرابات ( ... ) وكان في نيته أن يكون الرجل الثاني بعد فيصل ، إذا لم يكن فيصل هو الثاني بالنسبة له " لكنها تقول عن فيصل ( 31/7/1921 ) " هو رجل عظيم من رجال القبائل يحل ّ بين قبائل معروفة ، وسنـّي عظيم بين السنـّة " ( تتحدث عن زيارته للرمادي والفلوجة ) وعن وزير المعارف في وزارة جعفر العسكري الحاج محمد حسن أبو المحاسن جدّ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لأمـّه تقول في 22/1/1924 إنه " لايحتمل بالمرّة " لكنـّها تشيد في 5/6/1921 بقول ناجي السويدي " أرجو أن تعلمي ياخاتون أن المندوب السامي هو مثل الله سبحانه وتعالى وأنت بمقام النبي عيسى ، فكيف يستطيع الله أن يعلم ( !؟ ) مايجري في العالم إذا لم تكوني أنت فيه " ! . وفيما تعبـّر عن موقفها المعتز ّ بعلماء السنة ، تهين بمناسبة وبغيرها علماء الشيعة ، فتقول عن محمود شكري الآلوسي في 1/11/1920 " هو يعتبر أمثل العلماء وأعظم المتنسكين ... ومن دواعي الاعتزاز العظيم لي أن يكون بوسعي الذهاب إلى داره متى شئت " لكنها تقول عن الميرزا محمد تقي الشيرازي في 23/8/1920 " ليست هناك أنباء سارة بوجه خاص عدا وفاة المجتهد الأكبر الميرزا محمد تقي بتعفـّن شيخوخي ( ... ) وهناك شائعة أن خلفه المنتظر ، وتكاد تكون له نفس الأهمية ، قد قضى نحبه في أثناء سفرته من النجف إلى كربلاء للصلاة في حفلة تأبينه ، أتأمل أن تكون صحيحة " !!
وعن المجتهد الأكبر شيخ الشريعة تقول في 3/10/1920 " إن المجتهد الأكبر الحالي يسير الآن مترنحا إلى قبره – وكان من المؤسف جدا أن يـُحال دون وقوعه فيه قبل سنة ، حينما أنقذه ضابطنا الطبيب في النجف " .
وحتى نتأكد من أن الانكليز هم الذين صنعوا السلطة والقيادة التاريخية إياها يكفي أن نختتم الكلام المباح بهذا المقتبس ؛ تقول المس بل في الأول من تشرين الثاني ( نوفمبر ) العام 1920 متحدثة عن أول اجتماع لأول حكومة بعد تأسيس العراق : " إن مجلس وزراء أول دولة عربية تتأسس منذ زمن العباسيين سيجتمع غدا " !
( المقتبسات نقلا ً عن : العراق في رسائل المس بل 1917-1926 ، ترجمة جعفر الخياط ، الدار العربية للموسوعات ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 2003 )
عيون الكلام : الإمام علي ّبن أبي طالب : ليس يفهم كلامك من كان كلامه لك أحـَبَّ إليه من الاستماع منك ، ولايعلم نصيحتك من غلب هواه على رأيك ، ولايسلـِّم ُ لك من اعتقد أنـَّه أتم ُّ معرفة ً بما أشرت َ عليه به – منك .
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |