سياسيون عراقيون اعتبروا الاجراء الايراني مفيد للمالكي

طهران تمارس صيغة انتقام جوية من المالكي وتفتح "دفتر الحسابات المؤجلة" معه




بغداد – طهران – واشنطن – عواصم – الملف برس

بطريقة "ثأرية استبطانية" ولأسباب ربما تكون ذات صلة ببرود العلاقة بين المالكي وإيران –كما يقول محللون سياسيون في واشنطن- تنحّى المسؤولون الإيرانيون جانباً عن تفسير أسباب منع طائرة رئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي" والوفد المرافق له من التحليق في الأجواء الإيرانية والتوجه الى العاصمة اليابانية "طوكيو". وتوقعوا أنّ يكون لهذا "الإحراج الدبلوماسي" ردود فعله لدى المالكي ومناصريه، فالحكومة الإيرانية بدت كما لو أنها "تعاقب المالكي"، فإما أنْ ينصاع لإرادتها أو تبقى "دفاتر حساباته المؤجلة" مفتوحة.

وقالت وكالة أنباء "الأسوشييتد برس" نقلاً عن مرافقين للمالكي – اشترطا السرية في الحديث، ربما خوفاً من انتقام الإيرانيين إذا ما كشفوا أسماءهم- إنّ الرفض الإيراني حتم على طاقم الطائرة التحوّل الى دبي في الأمارات العربية المتحدة والمكوث في المطار ثلاث ساعات للتزوّد بالوقود والبدء بخطة طيران جديدة. وأوضحت "الأسوشييتد برس" أنّ إثنين من المسؤولين العراقيين في بغداد، أكدوا صحة هذه المعلومات في اتصال هاتفي من دبي لكنهم أيضا اشترطوا السرية بسبب ما وصفوه "الطبيعة الحساسة للمعلومات".

وقالت الوكالة إن جميع الأطراف التي تحدثت معها بيّنوا أنّ الإيرانيين أخبروا طيّار المالكي بإنهم لم يكونوا على علم مسبق بحاجة رئيس الوزراء العراقي لعبور الأجواء الإيرانية. ولم يقل أحد من هذه الأطراف فيما إذا كانت المعلومات التى أدلى بها الإيرانيون صحيحة، أو أنه عمل مصمم إيرانياً لإزعاج المالكي وإحراجه.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن ّ "محمد علي حسيني" الناطق باسم وزارة الخارجية قوله أن إيران رفضت السماح لرئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي" باجتياز أجوائها لأسباب تتعلق بقضايا تقنية. وأوضح الناطق باسم الخارجية قائلاً: "لجميع الرحلات هناك حاجة للتخويل أو التفويض، وهي شكليات يجب أن تتبع مسبقاً".

وبدا واضحا من هذا التصريح المقتضب كلاماً رسمياً جافاً، إذا لم يتضمن أي اعتذار دبلوماسي. خاصة وأنّ "الناطق الرسمي الإيراني" تجاهل ذكر التفاصيل التقنية التي حدت بالإيرانيين الى منع طائرة المالكي.

والحقيقة انه مع هذا التصريح يتكرس الاعتقاد ان الايرانيين ارادوا عبر منع الطائرة عملية توبيخ كبيرة للمالكي.

ومعلوم ان المالكي الذي زار طهران في ايلول العام الماضي أكد اثناء مباحثاته مع المسؤولين الايرانيين شكواه من كثرة التدخلات الايرانية الضارة ليس في المجال الامني وانما ايضا السياسي والاقتصادي .

من جانب آخر لم يستطع "توشيكي تاكاهاشي" المسؤول في وزارة الخارجية اليابانية التعليق على نبأ تأخر طائرة رئيس الوزراء العراق الذي سيمضي في طوكيو أربعة أيام بدعوة من نظيره الياباني.

وعزا محللون سياسيون التصرّف الإيراني الى "انحناء المالكي" لرغبة الرئيس الأميركي جورج بوش بالتخلص من الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران، والتي تواجه الان في بغداد والديوانية عمليات ملاحقة قاسية، كانت صحيفة نيويورك تايمز قد وصفتها في وقت سابق بأنها "عملية سحق" بحيث استخدمت فيها القوات الأميركية أسلحتها الثقيلة كالطائرات الحربية والدبابات لمداهمة الميليشيات في الأحياء الشعبية التي يتخفون فيها.

وذكرت وكالة "الأسوشييتد برس" أن العراق ومنذ أربع سنوات وجد نفسه في موقف دبلوماسي صعب. إذ أنّ هناك توجهاً قوياً في الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة لتحسين العلاقات وتقويتها مع إيران، وهناك أيضا الجانب الأميركي الذي يضغط باتجاه آخر ويعد إيران "محورا للشر" في العالم.

ويقول سياسيون عراقيون أكراد واخرون من السنة العرب لوكالة( الملف برس ) ان المالكي قد يستفيد من هذه الخطوة الايرانية لجهة علاقته المتنامية مع واشنطن ، ولجهة ابراز صورته في الراي العام العراقي والعربي كزعيم وطني شيعي مناوئ للتدخلات الايرانية وممتعض منها مما استدعى رد الفعل الايراني .

وتتهم الولايات المتحدة إيران بتسليح جيش المهدي بقنابل ذات تأثير كبير على أداء قواتها، وسبق أنْ اتهمتها بأن غالبية الجنود الأميركان الذين قتلوا في العراق، أصيبوا خلال انفجار قنابل الطريق شديدة الفعالية التي تجهزها إيران للميليشيات الشيعية.

ويرى محللون آخرون في واشنطن أنّ رفض الإيرانيين لتحليق طائرة المالكي عبر أجوائهم يمكن أن يكون مؤشرا على "سوء قديم للعلاقة" عندما غادر المالكي طهران رافضاً هيمنة مخابراتها على حزب الدعوة عندما كان في المعارضة زمن حكم الرئيس السابق صدام حسين. وقال المحللون السياسيون إن مواقف المالكي الصامتة حيال أزمة الرهائن الأخيرة، وعدم اهتمامه سابقاً لحادثة اعتقال خمسة إيرانيين قد تكون وراء ما أسموه "صيغة الانتقام" الجوية، وهي فرصة ربما كان ينتظرها الإيرانيون لإشعار المالكي بعدم رضاهم عنه.

وأكد المحللون السياسيون قولهم: إن المالكي ربما يكون هو الآخر يشعر بالأسى من إلحاح الإيرانيين في تصعيد العمليات العسكرية ضد الأميركان في العراق، في وقت يتمنى هو فيه السيطرة على الوضع الأمني والنجاح في تحقيق الاستقرار الذي يعني بالنسبة لواشنطن وبالنسبة للأطراف السياسية في العراق نجاح وزارته.

وقالوا إنّ "السرية" التي تكتنف هذه المجالات وعدم الحديث عنها من قبل مسؤولين عراقيين ربما تعود الى طبيعة علاقة الأحزاب السياسية الشيعية بإيران لفترة طويلة قبل سقوط النظام العراقي. وحاول بعض المحللين الإشارة الى رجل الدين الشاب "مقتدى الصدر"، ملمحين الى أنّ شكواه لدى الإيرانيين من ضربات الحكومة للميليشيات ربما تكون لها علاقة ما بحادثة منع طائرة المالكي من عبور الأجواء الإيرانية.

وتأتي زيارة المالكي الى طوكيو بعد أسبوعين على زيارة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، لإنهاء إجراءات التوقيع على قرض للعراق بقيمة 707.53 مليون دولار، ينفق على عمليات إصلاح وتحديث صناعات الطاقة، كما أعلن في شهر كانون الأول من السنة الماضية.

وقالت مصادر في بغداد إن اليابان تعد من أكبر الدول المتبرعة لعلميات اعادة البناء في العراق. وأوضحت أن عدم الكشف عن المواعيد الدقيقة لجدول طائرات رئيس الوزراء حتمته أسباب أمنية. من جانب آخر ذكرت مصادر في واشنطن أنّ اليابان تتفق مع الولايات المتحدة في ضرورة عدم الانسحاب من العراق إلا بعد تدريب قواته الأمنية والاطمئنان الى قدرتها في تحقيق الاستقرار في البلد. وأوضحت أنّ القوات اليابانية التي شاركت التحالف بقوات انسانية غير قتالية وخدمت لفترة في المناطق الجنوبية ثم انسحب في تموز 2006، قد استعاضت عن ذلك بتوسيع عملياتها الجوية الداعمة ومقرها في الكويت.