محللون عسكريون: الخطة الإستراتيجية قد تمدد والبنتاغون يؤسس لذلك
عدد القراءات: 31 - 21/04/2007


واشنطن-الملف برس

أصبح مؤكـّداً الآن -برأي المحللين العسكريين الأميركيين- أنّ "المصالحة السياسية في العراق هي جوهر العملية الأمنية" وشرط استمرار الجهد الأميركي لتعزيز القوات الإضافية، باتفاق كل الأطراف الإدارة الأميركية والكونغرس والبنتاغون. ويعتقد هؤلاء المحللون أنّ واشنطن ستمارس المزيد من الضغط باتجاه صدور "مشروع المصالحة السياسة بالتعديلات التي يطالب بها الأميركان" والشروع في تنفيذه مع نهاية شهر حزيران.

ولهذا يرى المحللون أنّ "نوري المالكي" رئيس الوزراء العراقي يجب أن يتدبـَّر أموره (في ظل وجود من يرفض إلغاء قانون اجتثاث البعثيين كأتباع التيار الصدري كما أعلنوا مؤخراً في البرلمان، وأتباع المجلس الأعلى كما هو موقفهم الثابت، إضافة الى أطراف أخرى في الأحزاب والتيارات الشيعية) لكي يتفادى "انقلاب الحالة السياسية" ضده في إدارة بوش التي أصبحت شبه عاجزة عن الخروج من المأزق بغير منفذ المصالحة السياسية الذي بات نقطة ارتكاز نجاح العملية العسكرية برمتها ضد الإرهاب في العراق. واكدوا أنّ المالكي شخصياً يتفـَّهم هذه التصورات، لكنـّه يعاني من ضغوط حلفائه.

ويرى المحللون العسكريون في الولايات المتحدة أنَّ الحكومة العراقية والأطراف السياسية المتنازعة ستحتوي الضغوط التي تفرضها عليها واشنطن، لإنها على علم مسبق بأنّ انتهاء عمليات الجيش الأميركي في العراق قبيل استتاب الحالة الأمنية واجتثاث العنف الطائفي، يعني أنّ الأوضاع في البلد تتجه الى الحرب الأهلية الشاملة. وقالوا إنّ أحداً لا يستطيع أنْ يتنبأ بحجم الخسائر لكنَّ ما سيحدث في تصورهم "شيء رهيب على كل المستويات وتخسر فيه جميع الأطراف وستكون مجاميع الإرهاب الرابح الوحيد لإنها تشن حرباً على غير أرضها".

وقال المحلل العسكري في وكالة "الأسوشييتد برس" إنّ خطة بوش الإستراتيجية التي سميت "سورج surge" بإرسال قوات إضافية الى العراق قد تـُمدد. وأكد "روبرت برنز" إنّ وزارة الدفاع الأميركية تضع الآن ما أسماه "الحجر الأساس" لتمديد تعزيزات القوات الأميركية في العراق. وفي الوقت نفسه، تحذر الإدارة الأميركية بأنّ "عملية تدفق القوات قد تـُعكس تماما، إذا لم تـُجر مصالحة سياسية قبل الصيف".

وقال المحلل العسكري إنّ هذه النظرة تبرز "الصعوبة الشديدة والمركزية" التي يواجهها الرئيس بوش. وأضاف: إذا لم يكن ممكناً تحقيق تقدم سياسي في المدى القريب نسبياً، فإنّ تبرير إرسال الألوف من الجنود الى بغداد سيختفي، والقبول بارتفاع اعداد القتلى من الجنود الأميركان في المعارك المتصاعدة سيختفي أيضاً. وتباعاً –أكد المحلل العسكري- فإنّ الضغط سيُشدد على بوش بشكل كبير، وسينتج عن قوة التأثير التي يمارسها ويقودها الديمقراطيون إنهاء الحرب في الشهور المقبلة.

وأوضح "روبرت برنز" المحلل العسكري في "الأسوشييتد برس" أنّ رئيس وزراء الحكومة العراقية "نوري المالكي" إذا تدبّر أموره لإنجاز المعالم الأساسية التي طلبتها منه واشنطن، فمن المحتمل أنْ يـُؤمر الجيش الأميركي بتعزيز قواته، وبتحمل البقاء لفترة أطول مما كان يـُعتقد أصلاً، أي حتى سنة 2008. ومثل هذا التخطيط المبكر قد يعني بقاء القوات الإضافية الى أواخر الصيف. وقال "روبرت برنز" إنّ أكثر من نصف القوات الإضافية (21,500) من القوات المقاتلة التي حُدِّدت واجباتها في بغداد قد وصلت، وأنّ القوة الباقية ستصل في حزيران. ومن الواضح أنّ وضع هذه القوات في الأجزاء الأكثر اشتداداً في النزاع القائم في العراق، يعني المزيد من الموتى. وأكد المحلل السياسي أنّ معدل القتلى الأميركيين في العراق يبلغ 22 جندياً كل أسبوع حسب إحصائية نيسان، وهو أكبر معدلات شهور هذه السنة.

وأكدت "الأسوشييتد برس" أنّ الآدميرال" وليم فولن" القائد الأميركي الكبير في الشرق الأوسط قد أخبر مجلس النواب الأربعاء الماضي أنّ "هذه التضحيات التي يدفعها الأميركيون هي سبب الأمن المتزايد الذي تتمتع به أميركا". وقال إن الولايات المتحدة "لا يمكن أنْ يكون عندها شبح فرصة للنجاح في الحرب ما لم تخلق الاستقرار والأمن هناك".

وحسب روبرت برنز فإنّ الفكرة الأساسية في زيادة القوات التي اتـُخذت أصلاً من قبل الإدارة الأميركية لحشد مؤقت، لم تكن لقهر التمرد. ولا يُعتقد أنّ ذلك ممكن خلال فترة قصيرة. إن الغرض من منها هو لاحتواء العنف بشكل خاص، ولاحتواء عمليات القتل الطائفي في بغداد، وعلى المدى البعيد لخلق البيئة التي يستطيع الزعماء السياسيون العراقيون التقدم في عملية المصالحة، كما ان المواطنين العراقيين مقتنعون بأنّ مستقبلهم سيكون أفضل وأكثر حيوية.

وقال المحلل العسكري إن النتائج حتى الآن مختلطة، فوزير الدفاع الأميركي "روبرت غيتس" قال هذا الاسبوع خلال زيارته الى العراق بأنه يريد أن يرى تقدما أسرع في العملية السياسية بين العراقيين. وأكد للعراقيين بأنّ "الساعة تدق" في إشارة منه الى أن الوقت محدود، وأنّ الأدارة الأميركية يمكن ان تتابع إستراتيجيتها قبل أن يطالبها الشعب الأميركي بإنهاء الحرب. وقال "غيتس" أنه أخبر المالكي بأن واشنطن لن تستمر في القتال بشكل غير محدد.


وعكست ملاحظات "غيتس" -كما يقول المحلل العسكري للأسوشييتد برس- "ضربة ميزان" بين اطمئنان الزعماء العراقيين للدعم الأميركي وبين الضغط عليهم ليظهروا أنهم قادرون معا على تجنب الحرب الأهلية الشاملة.


فيما يقول "أنتوني كوردسمن" مراقب شؤون العراق في مركز الدراسات الإستراتيجية العالمية أنهم حتى إذا أصدروا التشريع المطلوب للمصالحة السياسية، تبقى هناك احتمالية أنْ يأخذ شهوراً لينفذ إذا ما أثبت جديته.


وأكد "كوردسمن" أنّ الولايات المتحدة يجب أن تـُبقي الضغط على العراقيين، لكنْ يجب أنْ لا تكون الأوهام مادة حركة السياسة الاميركية. وانتقد الحكومة العراقية قائلاً: "إن العراقيين يندفعون بتطبيق سياساتهم الخاصة أكثر من إصغائهم للضغط الخارجي".


وتقول "الأسوشييتد برس": عندما أعلن "بوش" تعزيز القوات في كانون الثاني، ترك مسؤولو الإدارة الأميركية فكرة المدة التي ستستغرقها مهمة القوات الإضافية في العراق غير واضحة. واقترح البعض –بضمنهم غيتس- أنّ مستويات القوات يمكن أن تـُخفـَّض الى المعدل السابق أي بحوالي 135 الف جندي بحدود سبتمبر-أيلول، مفترضين أن القوات الإضافية البالغة 21,500 وتقريباً 8000 من القوات المساعدة إما أنْ تنجح هذا الربيع نجاحاً ساحقاً أو تفشل في مهمتها.

وإذا ما نجحت، تبقى القوات تتدفق الى بغداد، بعد ثلاثة أشهر، ثم يبدأ البنتاغون باتخاذ خطوات تقترح المحافظة على مستويات عالية من القوات في سنة 2008 وما بعدها، ولحد الآن لم يقل المسؤولون فيما إذا كانت القوات الإضافية قد صممت للبقاء لفترة طويلة أم لا. البعض يعتقد أن العجز في الوضوح خطأ بسبب أنّ هذا الاجراء اضاف جهداً على الجنود وعوائلهم، والبعض الآخر يرى أنه قد يقلل الجهد النفسي على المحاربين. وفي رأي لـ"فردريك كاغان" من معهد المشروع الأميركي الذي ركـّز تقريره لشهر كانون الثاني على تغيير الإستراتيجية العسكرية الأميركية في العراق والذي يتبنى نظرة بوش الجديدة الى الحرب، قال في مقابلة الخميس: يبدو أن الإدارة الأميركية تتجه الى أن تتحمّل تعزيز القوات لفترة أطول. وقال: "يبدو أنهم على وشك اتخاذ الخطوات التي يمكن أن تـُبقى القوات الاضافية في العراق لمدة اطول، وهو امر جيد، لكنّهم يبدون أيضا مترددين في اتخاذ خطوات العمل بهذه الرغبة، وهذا كما أعتقد امر مؤسف".

ويقول "كاغان": ينبغي أنْ تقتنع الحكومة العراقية من جهة والمتمردون من جهة ثانية أن ضغط القوات الأميركية سيستمر، وأنها بشكل خاص (في المناطق ذات النزاعات الشديدة كبغداد) ستبقى في الأقل لمدة سنة أخرى. وأكد "كاغان" قوله: إذا ما كنت أنا الذي يدير المشهد سأقول: "انظروا كل منكم يجب أنْ يفترض باننا ذاهبون لإن نتحمل هذا الجهد حتى سنة 2008". وأضاف: "إنّ العراقيين يجب أن يفترضوا ذلك أيضا، وإذا ما استطعنا الانتهاء من الحرب سريعاً، فالجميع سيكونون سعداء بذلك" على حد قوله.

ولقائد سلاح البحرية الجنرال "جيمس كونوي" –تقول الأسوشييتد برس" رأي مطابق حيث تأمل في مقابلة هذا الشهرأنّ بإمكان قائد عسكري أن يقيّم العملية برمتها في العراق خلال ستة شهور، فإن وجدها مجدية سيقول نعم، نستمر. وإنْ وجدها غير ذلك سيقول للجنود عودوا الى وطنكم وبيوتكم. ويعتقد "كونوي" أنّ هناك سبباً معقولاً للنجاح، ويجب أن تتحمل الولايات المتحدة أعباء الفترة الإضافية في التعزيزات.

و يقول "روبرت برنز" المحلل العسكري في "الأسوشييتد برس" إنّ البحرية الأميركية أضافت 4000 جندي الى موجودها في محافظة الأنبار غربي العراق، وهي النقطة المركزية في التمرد السني. وفي نيسان قام المارينز بحركة جيدة تمنحهم المرونة للبقاء كحد أعلى حتى سنة 2008. لقد مدّدوا جولاتهم في أوكيناوا باليابان، مما يعطي الحرية لوحدات المارينز في الولايات المتحدة كي ينتشروا في العراق فيما بعد خلال هذه السنة بدلاً من الانتشار في اوكيناوا.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية في وقت مبكر من هذا الشهر أن مدة الواجب الاعتيادي في العراق ستكون 15 شهراً بدلاً من 12 شهراً. وقال "غيتس" وزير الدفاع الأميركي إنّ هذا يعطي الجيش القدرة على الحفاظ على المستويات العالية لجنوده في العراق الى الربيع المقبل في سنة 2008.