بسم الله الرحمن الرحيم
بيان سماحة آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي
إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، عظّم الله تعالى أُجورنا جميعا بالمصاب الجلل الذي حلّ بالمسلمين بانتهاك حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته عليهم السلام بتفجير مرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام.
وقد فجعنا بهذا التجاوز البشع على حرمات أهل البيت عليهم السلام، كما فجعنا بالعدوان الأول الذّي حلّ بحرمهما عليهما السلام في سامراء.
ونعتقد أنّ هذه التجاوزات والانتهاكات تأتي في امتداد مأساة كربلاء، وما حلّ بأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيها من ظلم وعدوان، وإنّ هؤلاء أبناء أولئك الذين قاتلوا الحسين عليه السلام، وعلى خطهم وسيرتهم.
والمعركة اليوم في العراق.... امتداد لتلك المعركة.
والذين يقومون اليوم بتكفير شيعة أهل البيت عليهم السلام وذبحهم، وقتلهم، وإخراجهم من بيوتهم هم أبناء أولئك الذين اصطفوا مع يزيد بن معاوية بن أبي سفيان لقتال الحسين عليه السلام وأهل بيته في كربلاء عام 61 هجرية وانتهاك خدر بنات الرسالة من أهل بيت الحسين عليه السلام.
ونحن إذ نعزّي المسلمين اليوم بهذا الحدث الجلل نشير الى مجموعة من النقاط بهذا الصدد:
1 ـ إنّ هذه التفجيرات تأتي لتفجير الفتنة الطائفية بين المسلمين الشيعة والسنّة في العراق خاصّة، وفي العالم الإسلامي على العموم، والمستفيد الأول من هذه الفتنة الولايات المتحدة الأمريكية التي تخطط للهيمنة على العالم الإسلامي وتثبيت نفوذها السياسي والعسكري فيه.
2 ـ إنّ أهل السُنَّة في العراق يرفضون ويشجبون هذه العمليات بحق أهل البيت عليهم السلام وحرماتهم، كما يرفضها الشيعة، ويرفضون دعاة التكفير وعمّال التفجير والتفخيخ، وتهجير العوائل الشيعية من بيوتهم وأحيائهم ومدنهم، كما يرفضها الشيعة.
3 ـ نطالب الحكومة العراقية بأن تقف موقفا حازماً قوياً من هذه الفئة التكفيرية الحاقدة، وأن تكشف الأيدي المجرمة التي تطاولت على حرمات أهل البيت عليهم السلام بصورة عاجلة، وتنفذ فيهم حكم الله تعالى العادل على المفسدين في الأرض، وتحمي حرم الإمامين العسكريين عليهما السلام من عبث هذه الفئة المجرمة وتطاولهم وإفسادهم.
4 ـ من كبرى مسؤوليات العراقيين من الشيعة والسنّة، على كل المستويات أن يقفوا موقفا مسؤولا واحداً من هذه الفتنة العارمة التي تسعى هذه الفئة العابثة بأمن العراق الى إثارتها وتفجيرها.
إنّ رد الفعل الإسلامي الراشد تجاه هذه التجاوزات التعاون والتفاهم والتراشد لتطويق هذه الفتنة والقضاء عليها، ولا يمكن ان يتم هذا المشروع الإسلامي الكبير إلاّ من خلال هذا التضامن الإسلامي الواسع بين السنّة والشيعة في العالم الإسلامي وفي العراق.
5 ـ إنّ هذه الأحداث المفجعة تفجعنا وتؤلمنا بالتأكيد ولكن لا تستنفذ صبرنا ونبقى نحن نصرُّ في كل الأحوال على تجنّب الحالات الإنفعالية، والإصرار والتأكيد على ثوابتنا السياسية في العراق التي منها:
1 ـ استئصال جذور الإرهاب والتكفير في العراق.
2 ـ واستئصال جذور حزب البعث.
3 ـ ومكافحة الطائفية السياسية التي أنهكت العراق أكثر من ثمانين سنة.
4 ـ ومكافحة حضور الاحتلال الأمريكي في العراق وتثقيف الناس باتجاه رفض الحضور الأمريكي على كل المستويات.
5 ـ واحتفاف الناس بالمرجعية الدينية الراشدة التي جمعت كلمة المؤمنين في العراق ووجهتهم في الأزمات الصعبة التي مرَّ بها العراق بعد سقوط النظام.
6 ـ والإنطلاق من شعار التضامن الإسلامي لإنقاذ العراق من محرقة الفتنة الطائفية.
7 ـ والإنتباه والحذر من اللعبة السياسية والشعارات المضللة التي تروجها الفضائيات لإحباط المسيرة السياسية والمشروع السياسي في العراق.
8 ـ والحضور السياسي الواعي في الساحة لإحباط المشاريع والخطط الأمريكية في العراق.
9 ـ وتأكيد وحدة الصف السياسي في الساحة والإهتمام بوحدة القرار السياسي للجمهور في القضايا المحورية الأساسية، وتجاوز الحالات الفئوية والتعددية السياسية عندما تتطلب مصلحة العراق أن يتفق الجمهور على موقف سياسي واحد بتوجيه المرجعية الدينية.
10 ـ الانتباه إلى المخطط الأمريكي الذي يظهر على فلتات تصريحات الأمريكان بين حين وآخر، من إضعاف الحكومة التي انتخبها الناس، وإحلال العصابات السياسية الموالية لأمريكا، محلها، في مواقع القرار والنفوذ والسلطة في العراق.
***
نحن نعتقد أن الله تعالى يرعى مسيرة هذه الأُمّة المؤمنة التي تحملت ثلاثين سنة من الظلم والاضطهاد والقتل والتشريد على يد جلاوزة حزب البعث ما يندر نظيره في التاريخ، وأن الله لا يضيع ثمار دماء الشهداء (رحمهم الله) الذين لقوا مصرعهم على يد جلاوزة البعث في النظام البائد، وعلى يد مثلث (التكفير والبعث والاحتلال) بعد سقوط النظام في حوادث التفجير والإرهاب.
ونعتقد أنّ هذه الجرائم التي يقترفها هؤلاء المجرمون لا تعيق مشيئة الله تعالى في إحلال الإسلام والسلام والأمن والإستقرار في العراق، انشاء الله تعالى.
محمد مهدي الآصفي
27/ج1/1428
13/06/2007