 |
-
عن محمد سعيد الصحاف.. كمان وكمان؟ /داود البصري
عن محمد سعيد الصحاف.. كمان وكمان؟
الجمعة 22 أغسطس 2003 15:22
داود البصري
عجيب وغريب أمر ذلك التبرير الذي أطلقه السيد إبراهيم الجعفري رئيس مجلس الحكم العراقي الحالي خلال زيارته والوفد المرافق له لدولة الكويت مؤخرا، حول قضية (إسترداد القيادي البعثي السابق وآخر وزير لإعلام صدام) المعروف بوزير العلوج محمد سعيد الصحاف للعراق ونزع صفة اللجوء السياسي أو الإنساني عنه من دولة الإمارات العربية بإعتباره مجرم حرب وأحد الذين مارسوا التعديات والإنتهاكات ضد العراقيين وشعوب المنطقة أيضا! وكانت تصريحات السيد الجعفري ضعيفة ولاتليق بمن يمثل الشعب العراقي في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من تاريخه والتي تتطلب رجالا إستثنائيين وحاسمين وقادرين على التفاعل مع الملفات الحساسة بوسائل حاسمة وأساليب فعالة من شأنها إنهاء الأوضاع القلقة والإستثنائية في بلد لايحتمل شعبه المزيد من المماطلة وإضاعة الوقت في معرفة (جنس الملائكة)! أو مناقشة الخيارات الفلسفية، فلقد جنح السيد الجعفري صوب مناقشة الدلائل والإثباتات التي من شأنها تمكين الحكومة العراقية القادمة من إسترداد بقايا النازية البعثية الهاربين من أمثال الصحاف أو محمد الدوري أو ظافر العاني أو سفير صدام السابق في المغرب عبد الجبار الدوري رجل المخابرات والذي له دور مهم فيما حصل في دولة الكويت بعد إحتلالها وغيرهم العديد من الهاربين اليوم وأصحاب السجلات السوداء في دمار العراقيين وإرهابهم وتورطهم في ملفات النظام السابق القذرة؟ وقد توزع رجال العهد السابق بنفس الكيفية التي تشتت بها رجال النظام الهتلري النازي بعد إنهياره، فالبعض لجأ لتغيير هويته وبياناته الشخصية، فيما حصل البعض الآخر على الحماية الخاصة من بعض الأنظمة فيما تمت مطاردة الباقين حتى سنوات متأخرة من القرن الماضي، ونهاية الفاشية البعثية في العراق لم تختلف في النتيجة ولافي المحصلة، ولكن المشكلة في العراق أن قوات الحلفاء تطارد فلول النظام السابق طبقا لقواعدها ورؤاها ومنهجها وقياساتها ولاتعتمد المقاييس الوطنية العراقية في تتبع المطلوبين وإعداد لوائح الإتهام، وتلك المقاييس لاتخضع بالضرورة للمقاييس العراقية، لذلك فإن الأميركان وخلفهم الأوروبيون جميعا إعتبروا الصحاف مجرد (شخص مسلي وكاذب ومهرج إعلامي ظريف)!! بينما التصنيف الشعبي العراقي لهذا الشخص وأمثاله مختلف بالمرة ويتقاطع مع تلك الرؤيا السطحية للأمور؟ والتي لاتتناسب إطلاقا مع ماضي الصحاف وشخصيته والوسائل التي لجأ إليها للصعود القيادي لأعلى مستويات السلطة وإختراق الدائرة العائلية المغلقة ليكون الناطق المخول بإسم سيده وأحد آخر الهاربين من أعمدة النظام الذي تهشم، بعد أن كان الوجه الخارجي دوليا والمعبر عن سياسات النظام؟ وكما قلت سالفا فالأجندة الأميركية والبريطانية في هذه النقطة تحديدا لاتتفق والأجندة الوطنية العراقية التي تعتبر محمد سعيد الصحاف ليس مجرد موظف عالي مارس التهريج دفاعا عن مرؤوسيه، بل عضوا عاملا ونشيطا ومتميزا في المشروع البعثي الفاشي الذي حكم العراق ودمره لما يقارب الأربعة عقود؟ ولا أعلم عن الدلائل والإثباتات التي يبجث عنها السيد إبراهيم الجعفري لإدانة الصحاف؟ وكل العراقيين يعلمون من هو الصحاف وكيف مارس أدواره الإرهابية والقمعية في معتقل قصر النهاية الرهيب منذ عام 1968 وحتى عام 1973؟ وهو المسلخ البشري الذي كانت القيادة البعثية العراقية فيه تتسلى بتعذيب وقتل كل أحرار العراق ومن مختلف القوى القومية والدينية واليسارية وحيث كان صدام شخصيا وطه الجزراوي ومحمد الصحاف من الذين يشرفون ويساهمون في حفلات التعذيب اليومية بينما يقوم قائد المعتقل السابق ناظم كزار بإعداد موائد السهرة من مأكل ومشرب على أنغام السياط ولسعات الكهرباء وسلخ الجلود؟ إنها حقائق وليست أساطير أوردها العديد من رجالات العراق الكبار في مذكراتهم من أمثال الوزير السابق السيد أحمد الحبوبي في كتيبه (ليلة الهرير في قصر النهاية)!أو كتاب (فندق السعادة)للدكتور العطية، هذا غير شهادات الإسلاميين ومن حزب الدعوة الإسلامية الذي كان الجعفري ذاته أحد رجاله؟ فعن أي أدلة يتحدث الجعفري إذن؟ ومن سمح للصحاف بهذا الخروج التكريمي من العراق بطائرة خاصة وبإستقبال أسطوري من سلطات أبو ظبي كان في طليعته المذيع المعجزة وبطل الساحة والميدان (الرفيق جابر عبيد)!! وكيف يكرم من كان سببا في تعاسة العراقيين والكذب عليهم والترويج بالدعاية الرخيصة لقاتلهم واللسان البتار في الدفاع عن النظام البائد في كل المحافل الدولية، وأحد القلة القليلة الذين كانوا يحظون بثقة القائد الهارب؟ ومن منا لايتذكر تلك السحنة العدوانية القاتمة للصحاف وهو يسطر الأكاذيب المخجلة ويكيل الشتائم للعرب والعالم أجمع؟ من منا لايتذكر ذلك الشخص النموذج الناصع للإعلام الفاشي الفاشل والذي إعتبره نقيب المحامين الأردنيين السيد العرموطي بمثابة (ضمير العروبة النقي) بعد أن رفع دعوى على الممثل الأردني الساخر هشام يانس لأنه يسخر من الصحاف في أدواره؟ كيف نستطيع إبتلاع تهريب شخص كان يعلم الكثير والكثير جدا من المعلومات حول حملات الرشوة القومية الإعلامية وحول الدفعات بالعملة الصعبة المسروقة من قوت العراقيين لدعم الفضائيات العربية والصحف العربية وخصوصا في لندن وهي التي نعرفها وتعرفون؟ كيف يفلت ذلك الصيد الثمين للذاكرة العراقية وللحقيقة التاريخية على الأقل؟ وكيف يتوارى من شغل المناصب الدبلوماسية العديدة وماتحمله نلك المهام من أسرار تتعلق بإرهاب الدولة ودعم الإرهابيين ونشاط النظام السابق في التخريب على المستوى الدولي؟ ولماذا كل هذه السلبية والتردد في طرح ملف إعادة محمد سعيد الصحاف لينضم لكبار العتاولة من مجرمي النظام البائد في المحاكمة الوطنية الشاملة القريبة لهم والتي ستكون فيما لو ترك المجال للعراقيين واحدة من أكبر المحاكمات في كشف الحقائق وإماطة العديد من الفضائح حول علاقات النظام العربية المتشابكة؟ والتي ستطيح نتائجها لامحالة برؤوس عربية ودولية عديدة تعاونت مع نظام صدام في أكثر الملفات قذارة؟ والصحاف هنا أكبر من مجرد شاهد لأنه مشارك نشط في العديد من تلكم الملفات؟ وفضيحة إستلام الجزيرة القطرية لأموال الدعم الصدامية لايستطيع إثبات حقيقتها سوى الصحاف ذاته؟؟.
فلنجعل من إسترداد الصحاف مطلبا عاجلا للنخب العراقية ولنشارك في تحرير وثيقة عراقية شاملة من أبناء العراق في الداخل والخارج تدعو السلطات العراقية لإسترداد محمد سعيد الصحاف من منتجعه الإماراتي وعرضه على محكمة الشعب العراقية القادمة ويستطيع هناك وطبقا للقانون إثبات براءته من عدمها على أن توفر له كل الضمانات القانونية؟ أما أن يكون ويستمر الصحاف في حالة إطلاق السراح السياحية القائمة حاليا فتلك مهزلة كبرى بحق العدالة الإنسانية وبحق الدماء العراقية والعربية والإسلامية التي أريقت في مغامرات وجرائم النظام الذي كان الصحاف أحد أعمدته؟.
لقد تمت في العراق تصفية العديد من الإعلاميين والفنانين ممن هم أقل شأنا من الصحاف كالمغني ونقيب الفنانين داود القيسي الذي أغتيل في منزله رغم كونه مجرد مغني لأغاني البعث التافهة وكان ينفذ التعليمات الحزبية القادمة من قيادته ولم يشغل أي مناصب كالتي شغلها الصحاف حتى لحظات النظام الأخيرة التي خلع الصحاف بعدها بزته العسكرية ولبس (الدشداشة العراقية) ولجأ لبيت خالته طلبا للأمان بعد أن فشل في تقطيع (الأفعى الأميركية) بسواطير البعث البلاستيكية؟ لنراه بعد شهور على شاشة (العربية) وقد تلاشى مفعول صبغ الشعر شيخا هرما ومحطما ومفتقرا (لروح النصر) البعثية بعد أن نفذ مخزونه من (فياغرا القائد العظيم) وبات يلتمس الأمان المرفوق بصكوك الدولارات من الدول التي كان ونظامه يناصبها العداء ويوجه مدافع الشتم والتخوين نحوها كالإمارات ماغيرها التي يعتبرها البعثيون كيانا مصطنعا وعميلا ومشبوها وأتحدى الصحاف أن ينفي ذلك؟ ألم يكيلوا الشتائم للشيخ زايد بن سلطان بعد مبادرته الشهيرة التي أراد من ورائها تجنب الدمار الشامل الذي حصل؟ ألم يقل الصحاف ذاته في زايد مالم يقله مالك في الخمر؟ ألم تكن نشوة الإنتصارات التاريخية ومواقف الجماهير العربية تسكر وتأخذ بألباب القيادة العاجزة الفاشلة في بغداد؟ والتي هربت وتلاشت في ليل بهيم تاركة الشعب العراقي لأقداره ولتمارس النهب والتخريب والإرهاب؟
إنها دعوة مخلصة لإسترداد الصحاف ينبغي أن لاتطير في هواء التهاون وعدم الجدية.. فالتاريخ لن يرحم المتهاونين في أخذ حق الشعوب ومعاقبة القتلة والمجرمين، وليكون الجزاء من جنس العمل.
فهل لازال الجعفري يبحث عن الأدلة؟
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |