الوشنطن بوست تتابع جذور حياة الدكتور (بلال عبدالله) بين انكلترا وبغداد راسمة صورة جديدة لم تتناولها الصحافة البريطانية
تحولات سيرة "الطبيب- الملا" وكيف صيّرته نتائج الغزو والفوضى "انتحارياً" في لندن
شؤون سياسية - 07/07/2007





واشنطن-لندن-الملف برس:

فقدت عائلته أملاكها بعد الغزو الأميركي-البريطاني. وترك أبوه عيادته الى أربيل هارباً. واختارت العائلة العيش في الأردن خوف القتل في بغداد. ولما ضاق (بلال) ذرعاً بالحرب والنزاعات الطائفية والفوضى، تضخـّمت خلفيته الدينية المتشددة عشرات المرات، فوجد نفسه (مشروع شاب انتحاري) بين يدي (أبو مصعب الزرقاوي) أيام كان قائداً للقاعدة في بلاد الرافدين قبل مصرعه في ديالى منذ أكثر من سنة. وثمة تفاصيل (يمكن العودة اليها في مكان آخر من الملف برس) لكنّ الواشنطن بوست اختارت البحث في الجذور، فتابعت تفاصيل مهمة تكشف عن طبيعة تحولات هذا الطبيب- الملا الذي انتهى الى انتحاري مقبوض عليه مع عدد من زملائه الأطباء.

تقول الواشنطن بوست إنّ (بلال طلال صمد عبدالله) 27 سنة ،العراقي الجنسية إين طبيب مشهور في العظام، وأحد الطبيبين اللذين ألقي عليهما القبض بتهمة محاولة تفجير واجهة مطار غلاسكو، شاب متدين بعمق، أحسَّ بالغضب العارم عندما فقدت عائلته السنية (البارزة) كل شيء في أعقاب الغزو الأميركي البريطاني للعراق، طبقاً لما قاله أحد أقربائه.

وفي حديث لساعة ونصف بين مراسل الواشنطن بوست وقريب الدكتور (بلال) الذي يعرفه عن قرب ويراه باستمرار، أوضح أنّه أوذي من تدمير كل ممتلكات عائلته في بغداد، وقال: "أعتقد أنه أراد أنْ يكون شهيداً. وأراد أنْ يوجه رسالة تطالب بسحب القوات الأجنبية من العراق".

لقد أراد (بلال) –كما فهمت الصحيفة من قريبه- أنْ يتسبب بفوضى وخوف فقط، لكنّه لم يرد قتل الناس حسب زعمه. فهو يخاف الله، وكل الذي ابتغاه من عمله هو أن يموت. وأعطى قريب (بلال) الذي رفض الإفصاح عن اسمه معلومات تفصيلية عن أحد المشبوهين الثمانية (جميعهم أطباء أو يعملون في مهن طبية). فيما أكدت الواشنطن بوست ما كشف عنه أمس الجمعة من أنّ اسيارتين اللتين استخدمتا في محاولتي التفجير الفاشلتين كانتا مكتظتين باسطوانات البروتين والمسامير لإيقاع الأذى بأكبر عدد من الناس في شوارع لندن المزدحمة.

تقول الصحيفة إنّ أحدث صورة لـ (بلال) تظهره مرتدياً قميصاً أبيض سفعته الشمس، وهو يقاد من قبل الشرطة، وأوضحت أنّ الحادثة باغتت البريطانيين لإنّ المشتبه بهم جميعاً يعملون في الحقل الطبي.

وجيران (أهل بلال) في ضواحي مدينة كلاسغو البريطانية، قالوا إنهم رأوا السيارة الجيب (شيروكي) التي احتجزهتها شرطة مكافحة الإرهاب بعد الهجوم الفاشل على المطار. وعلمت الواشنطن بوسطت من مصادر في لندن أنّ السيارة ربما فخخت في هذه المنطقة.

وأفاد قريب (بلال) أنّ أباه طبيب العظام العراقي أجبره على دراسة الطب، وأنه لم يكن راغباً فيها. وقال: "بصدق إنه اجتاز دراسة الطب بسبب شهرة أبيه في العراق، ومثل هذه الامور تحدث في بلدنا".

و(بلال) الذي يبلغ الان 27 سنة، ولد في انكلترا عندما كان ابوه يدرس الطب في الجامعة البريطانية. ورجعت العائلة الى بغداد عندما كان عمر (بلال) سنتين، وهناك نشأ فتى متطرفاً في توجهه الديني، متأثراً بأبيه، الذي كان يوقظه وهو صغير للصلاة في ساعة مبكرة من كل يوم ليصلي الصبح. يستذكر قريبه "أنّ بلال حفظ القرآن عندما كان ولداً يافعاً". وقال: "أتذكر ذات يوم في رمضان، أنـّه أغلق على نفسه باب غرفته، وظل يواظب على الصلاة وقراءة القرآن لعشرة أيام، يقرأ ويصلي، وهذا كل ما كان يفعله".

ويروي قريبه أنـّه كان الولد الأكبر في "العائلة السنية المهمة" التي ازدهرت أوضاعها أثناء حكم صدام حسين، على الرغم من أنّ (بلال) لم يكن يحب صدام. ويقول عن حالتها الاقتصادية "كانت العائلة تحصل على كل ما تتمناه أو تريده". وأم (بلال) صيدلانية، ولها أخ طبيب، وأخت صيدلانية أيضا. ترك (بلال) كلية الطب في بغداد سنة 2000، وعاد الى انكلترا، وامضى وقتاً طويلاً يتردّد على الجامع الكبير في مدينة كامبرج ليس بعيداً عن الجامعة ذات الشهرة العالمية بهذا الاسم.

ويقول (هشام قويدر) الأمين العام للمجلس الذي يشرف على المسجد إنّ (بلال) استأجر البيت من المسجد، وكان مواظباً على صلوات الجمعة. فيما يؤكد قريبه قائلاً: "عندما لا يكون هناك ملا أو شيخ في المسجد، كان بلال يتولى مهمته في الوعظ الديني" وأضاف: "أعتقد أنه لو كان يختار وظيفة غير الطب لاختار أن يكون واعظاً دينياً أي ملا".

وقال قريب (بلال) إنه كان يبدو قلقاً من مشاكل غامضة تلك السنة. وأضاف: "رأيته يصلي ذات مرة وكان يبكي. رأيت الدموع في عينيه. أعتقد أنّ الأمر يحتاج الى استشارة طبيب أو عرضه على طبيب نفساني".

وتؤكد الواشنطن بوست أنّ الدكتور (بلال) رجع الى العراق وكان هناك عندما احتلت قوات الولايات المتحدة وبريطانيا العراق في آذار سنة 2003. وبشكل دراماتيكي تبددت كل ثروة عائلة الدكتور (بلال). فعدد من البيوت التي تملكها العائلة دمرت خلال القتال، والمستأجرون توقفوا عن دفع الإيجارات. والأكثرية المسلمة الشيعية سيطرت على البلد، حسب تعبير الصحيفة. وكانت هذه مشكلة "دينية طائفية" بالنسبة لتوجهات (بلال) المتطرفة.

ورؤية قريبه تناظر تماماً ما قاله صديقه (شيراز ماهر) الذي يتذكر (بلال) من خلال علاقتهما في كامبرج عندما كانا يعيشان هناك. يكتبان في مجلة (نيو ستيتزمان). وصف (شيراز) صديقه (بلال) بأنه "متواضع جداً ومؤدب"، وقال "إنّ كراهيته تطوّرت ضد الشيعة بعد أنْ قتل أحد أبرز أصدقائه من قبل الميليشيات الشيعية".

أكمل عبدالله كلية الطب وعاد الى انكلترا سنة 2004. وقال قريبه إنه حصل على غرفة يسكنها فوق مطعم كباب لرجل بنغلاديشي مقابل الإشراف على أطفاله في دروس الدين والكيمياء وعلم الأحياء. وأكد قريبه أنه كان يتابع أخبار العراق بدقة خاصة من خلال الإنترنيت. كان العنف الطائفي يتصاعد في العراق. واستمرت مشاكل عائلته في التعقيد. وفي أواخر السنة الماضية، انتقلت العائلة الى الأردن "حيث اصبحت الحياة في بغداد خطرة جداً، وكان أفراد العائلة يخافون من القتل الطائفي". ويشدد قريب (بلال) على أنه لا يعرف ما الذي أو من أثر في عبدالله، ليهتم بتنظيم القاعدة". وأضاف قوله: "إنّه كان يتعاطف مع ما يفعلون في العراق"!!.

وثمة معلومات روتها صحيفة الإندبندنت البريطانية تقول ان الدكتور (خالد أحمد) الهندي الجنسية والذي كان مع (بلال) في السيارة اصيب بحروق شديدة الدرجة وبنسبة 90 بالمائة بعدما غمر جسده بالبنزين وسط النار الملتهبة، وهو الآن يعالج في ذات المستشفى التي كان يعمل فيها طبيباً في بيسلي. وقالت إن الدكتور (طلال) والد الدكتور (بلال) كانت له عيادة طبية خاصة في بغداد الى ما قبل سنتين. لكنه اضطر الى الهرب الى أربيل في شمال العراق، بعد أنْ تلقى تهديداً من جيش المهدي. وتنسب الصحيفة الى مصادر أميركية قولها أنّ (بلال) كلف شخصياً من قبل أبو مصعب الزرقاوي للقيام بهجمات لندن. وادعى رجل دين بريطاني اسمه (كانون أندرو وايت) يعمل في بغداد أنه قابل زعيماً للقاعدة في عمان وحذره من هجمات وشيكة على لندن قائلاً: "اولئك الذين يعالجونك سيقتلونك". وقال رجل الدين البريطاني لصيحفة الإندبندنت أنه أوصل المعلومات الى وزارة الخارجية. لكن ناطقاً باسم الوزرا ة قال: ليس هناك أية أشياء مسجلة بهذا الخصوص.




المصدر : الملف برس - الكاتب: الملف برس