 |
-
انتفاخ الأنا السعودية جعلت منه متطرفا دوليا أطرشا
التطرف السعودي كظاهرة أصبح الأشد والأعنف والأخطر على مستوى العالم
انتفاخ الأنا السعودية جعلت منه متطرفا دوليا أطرشا
محمد الشيوخ * - 1 / 8 / 2007م - 1:49 ص
ثمة محاولات جادة من قبل المهتمين في الشأن السعودي المحلي تسعى لتفسير أسباب كل ما له صلة بظاهرة تطرف السعوديين، خصوصا بعد أن أصبح هوية جديدة لنا وأخذ بعدا عالميا مقلقا.هذه المحاولات تجمع على أن التطرف السعودي يرجع لأسباب ثقافية ودينية بالدرجة الأولى وهو نتاج البيئة المحلية.لكن هنالك اختلاف «جدلي» بين بعض الباحثين والدراسيين لهذه الظاهرة في طبيعة وسر«الخلطة الثقافية والدينية»التي تشبع بها السعودي حتى أصبح متطرفا عالميا أطرشا.
ينقسم الدارسون الجادون لظاهرة التطرف السعودي إلى قسمين:الأول،يرى أن الثقافة المحلية السعودية ذات الصبغة السلفية كفيلة بأن تنتج أناسا متطرفين لديهم القابلية لان يسفكون دمائهم ودماء غيرهم في أي بقعة ومتى ما اقتضت الحاجة لذلك، وبالتالي يتبنون الرأي القائل: بان البيئة الثقافية السعودية،هي الحاضن والمغذي والمفرخ للإرهاب، وما هو متوافر في العناصر الثقافية المحلية والمنظومة القيمة يكفي لان تجعل من كل شاب سعودي تشبع بها قنبلة موقوتة مرشحة للانفجار بالريموت كنترول عن قرب أو بعد محليا وإقليميا ودوليا،وان التطرف المحلي لا داعي للتلقيح الثقافي الخارجي.بمعنى آخر أن بيئتنا ليست بحاجة لعناصر ثقافية مستوردة،بل لديها القدرة على توريد عناصرها للخارج ومن ثم تجعل من يتغذون منها مفخخات بشرية سريعة وشديدة الانفجار أيضا.
امتزاج الفكر السلفي المحلي بالفكر الاخواني ما هو إلا إضافة عناصر ثقافية جديدة للفكر السلفي لها صلة بالأمور الفنية والتكتيكية ولا علاقة لها بالقناعات الفكرية والاعتقادية إذ لا جدال في أن الفكر السلفي يحوي كل عناصر التكفير والتبديع والتفسيق،وبالتالي هو ليس بحاجة إلى استيراد أي عناصر إضافية للتكفير. عناصر التكفير هي المرتكزات الأساسية للتطرف والتزمت بمختلف أشكالهما وصورهما.
أما القسم الثاني من الدراسيين،فهم يرون أن البيئة السعودية بمنظومتيها القيمة والثقافية المحليتين،ذات الصبغة السلفية،وحدها غير قادرة على إنتاج إرهابيين لديهم الهمة العالية الملحوظة لدى المتطرفين السعوديين المنتشرين في أصقاع الأرض،لان البيئة السعودية المحلية الحاضنة ذات طابع تقليدي محافظ لا تنتج إرهابيين،فضلا أن يكونوا بهذه الشراسة والدموية والانتشار.
ويرى أصحاب هذا الرأي انه لولا امتزاج الفكر السلفي المحلي بمختلف عناصره بفكر الإخوان المنظم والمسيس الوافد من مصر وسوريا والأردن لما أنتجت البيئة المحلية أي إرهابي سعودي على الإطلاق.ويستدلون في ذلك بالسلفيين المحافظين المعتدلين في السعودية غير المسيسين والمنظمين الذين لا يؤيدون المنحى العنفي المسلح تحديدا.ولسان حال أصحاب هذا الرأي «لو أن الإرهابيين السعوديين نتاجا محليا خالصا لكان بالضرورة كل سلفي في هذه البلاد متطرفا دوليا»!!
يبدوا أن الخوض في هذا الجدل أيضا لم يعد هو الشغل الشاغل لدراسي ظاهرة التطرف السعودي على الأقل في الوقت الراهن،وإن كان رأي أصحاب التفسير الأول هو الرأي الأرجح،ولكن لأسباب مختلفة هنالك تحفظ شديد من البوح بهذا الرأي بكل جرأة،أهمها ردة فعل السلفيين القاسية تجاه المنتقدين للفكر السلفي حتى لو كان النقد موضوعيا وصحيحا عده السلفيون تعديا على «ألانا» وتجنيا على الخصوصية!!.
الحقيقة التي ينبغي التسليم بها أن التطرف السعودي كظاهرة أصبح الأشد والأعنف والأخطر على مستوى العالم، وهو بالمناسبة يناقش ألان ضمن هذه الفرضية للبحث عن أسبابه ومسبباته.
اعتقد أن الحديث عن العامل الثقافي أو مجمل المنظومة الأخلاقية والدينية والقيمية السعودية،باعتبارها أسباب مباشرة للتطرف والتعصب،التزمت،التكفير،التبديع،فيه نوع من التجني والخلط والإبهام.في الحقيقة يوجد ضمن هذه الأنساق عناصر محددة هي المسؤلة بشكل مباشر عن مجمل السلوك المتسم بالتطرف.احدهم يقول:تعرض منزلي للسطو وتقبلت الأمر برحابة صدر لكوني ليس الوحيد من تعرض منزله للسرقة،ولكن لازال سؤالا في ذهني يتردد واعجز أن أجد له تفسيرا حتى هذه اللحظة: لماذا السارق بعد أن سرق المال والذهب كسر كل أثاث المنزل،و ما معنى هذا العبث كله؟!
ربما يصعب تفسير سلوك ذلك السارق وهو ليس محل بحثنا هنا.وعلماء النفس والسلوك الأقدر من غيرهم على تفسير هذا السلوك.ولكن أكاد أن أجزم أن هذا السلوك راجع لعناصر ثقافية يتمتع بها هذا النوع من السراق تختلف عن السارق العادي الذي يأخذ حاجته فقط دون أن يسبب تلفا في المنزل.
وبالتالي ينبغي للباحثين لظاهرة التطرف السعودي أولا، أن يستخرجوا تلك العناصر المسئولة بشكل مباشر عن تجسد بعض المفاهيم«التعصب، التطرف، التكفير..الخ» على ارض الواقع كلا على حده لكون كل واحد منها يتضمن مدلولات خاصة، ونتاج عناصر خاصة أيضا.
وثانيا، ينبغي تجنب حالة حشر و خلط تلك المفاهيم وكان المقصود منها مجتمعة شيء واحد، فالتطرف شيء، والتعصب شيء آخر، والتكفير شيء مختلف، والتزمت شيء مغاير لجميع ما سبق.
ما هو ملفت للنظر حقا انه يلحظ في سلوك شريحة واسعة من السعوديين سرعة الانفعال والغضب. يبرز هذه السلوك في مواقف لا تستدعي البروز،فمثلا عند حدوث خطأ مروريا غير مقصود بين شخصين،سريعا ما يحدث عراك بينهما «بالعقل».والبعض يرى أن سرعة غضب وانفعال السعوديين كان سببا مباشرا لفشل برنامج الكاميرا الخفية في السعودية مثلا!!.
قيل أن التطرف السعودي راجع للكبت التي يعيشه المواطن، وعدم وجود منافس للتعبير السلمي، وغياب الحريات وطبيعة النظام السياسي،وقيل أيضا انه راجع للفكر السلفي المتزمت والمتفرد والتغذية أو التعبئة الدينية الخاطئة،وقيل انه راجع لأسباب اقتصادية وأخرى سياسية ورابعة اجتماعية وخامسة مناخية الخ.أرى أن تلك الأسباب مجتمعة لها علاقة بنحو ما بظاهرة التطرف.ولكن هذه الأسباب مجتمعة لا تتمكن من إنتاج متطرفين عالميين بالحدة والسذاجة التي يتصف بها المتطرف السعودي.ولو كان الأمر كذلك لكان غير السعودي الذي يشترك معنا في تلك العوامل أو بعضها بنفس المستوى من التطرف والحدة والجنون.
يظهر أن مشكلة التطرف في السعودية تتصل ببعض العناصر الثقافية والأخلاقية والدينية، وليست كلها، وان العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية،هي عوامل دافعة وداعمة ومبررة للسلوك المتطرف ذي الصبغة العالمية والحدية الفريدة.أي بمعنى آخر ليس كل العناصر الثقافية والأخلاقية والدينية ولا العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية هي المسؤلة بشكل مباشر عن التطرف الحاد ذي الطبيعة الانتشارية،وإنما بعضها.هذا البعض من العناصر هو المسئول عن التطرف أو التكفير أو التعصب أو التزمت أو الانفعال أيضا.مع أن تلك العناصر كلها تشترك في الدفع في اتجاه نفخ «الذات» السعودية بحيث تصبح «الأنا» السعودية سريعة الاشتعال وشديدة الانفجار محليا وإقليما وعالميا وبغباء خاص أيضا.
العناصر الثقافية المتولدة من النسق الثقافي والاجتماعي والسياسي العام هي التي نفخت الأنا السعودية وجعلته يرى نفسه الأحسن بين البشر والافهم والاشرف والأفضل والأشجع والقائد والبطل والقربان في هذا العالم.تلك العناصر هي التي تجعل من السعودي فتيلا لكل فتنة تحدث في العالم، وفي صدارة كل معركة وهي التي تجعل منه «أطرش في الزفة» أيضا،وذلك بسبب أحادية الثقافة التي تشبع بها وهي ثقافة ذات لون ونكهة واحدة،وهكذا بسبب تلكم العناصر المنتجة لمجمل السلوك المتسم بالعنف والخشونة.
عند حدوث أي حادث مروري عفوي غير مقصود بين سعوديين اثنين مثلا،غالبا ما يشعر كل واحد منهما أن الأنا هي المقصودة من الفعل وان الحادث جاء في سياق الاعتداء على الأنا!. وحينما يسمع السعودي استغاثة حتى لو كانت كاذبة من أقصى الدنيا تطير الأنا السعودية وتتحول لسوبرمان لنجدته ولو بهلاك نفسه!. وحينما يتعرض السعودي لمقلب كوميدي حتى لو اتضحت له حقيقة المشهد يشعر بان الأنا السعودية جرحت وتعرضت للاهانة ولا يتردد في ذبح صاحب المقلب!.
في الحقيقة أن الأنا السعودية بحاجة إلى إعادة صياغة.والطريق إلى صياغتها يأتي عبر اجتثاث كل العناصر النافخة للانا وهي عناصر متولدة من الأنساق الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية،وهي محلية الصنع بكل تأكيد ساهم في صناعتها الديني والسياسي على حد سواء.
القطيف - تاروت
http://64.246. 58.159/artc. php?id=17594
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |