 |
-
ماذا يفعل الوهابيون عندما ينقلب السحر عليهم؟
مكة المكرمة: إذا كانت الأيديولوجية الوهابية ترتكز أولا على استغلال الإسلام لخدمة الأهداف السياسية لأسرة آل سعود أولا، ثم أدلجة عقول الشباب ليس في السعودية فقط بل حتى في خارجها؛ فإن ذلك يستدعي منهجة هذا العمل الذي وقف عليه كبار مشائخ الوهابية حتى بات يدرس بمدارس آل سعود للنشء والشباب على حد سواء، وأنفقت عليه أموال طائلة بالمليارات.
غير أن المتغيرات الدولية قد أثرت في هذه المنهجية خاصة خلال العقود والسنوات الماضية.
وإذا اكنت الحرب في أفغانستان ضد القوات السوفياتية هناك تطلبت من السياسة الأمريكية أن تقوم بها باسم الإسلام فإن ذلك أدى إلى أن تتولى حكومة آل سعود تمويل هذه الحرب نيابة عن أمريكا وتحقيقا لأهداف السياسة الخارجية الأمريكية.
وقد أدى ذلك إلى أن أصبحت حكومة آل سعود مفرخة لما سموا آنذاك بالمجاهدين، وهم شباب تم التغرير بهم باسم الإسلام لمحاربة الاتحاد السوفياتي آنذاك، ومن البديهي أن يكون الشباب السعودي أقرب الضحايا لهذا الأسلوب الدنيء، حيث شكلوا نسبة من هؤلاء المجاهدين.
لكن الرياح أتت لاحقا بما لا تشتهي نفوس آل سعود وأسيادهم الأمريكان، فسرعان ما انقلب السحر على الساحر وانقلب ما عرفوا بالمجاهدين على آل سعود وأمريكا.
وبدأت حرب جديدة ربما لم تكن مألوفة وقتها استهدفت مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما.
هنا نقف قليلا لنلقي نظرة بسيطة على الأيديولوجية الوهابية التي يتم غرسها في نفوس الشباب، هذه الأيديولوجية تعتبر الجهاد واجبا على كل مسلم، والجهاد في المفهوم الأيديولوجي الوهابي يعني قتال كل من هو غير مسلم ما يعني الغرب المسيحي وغيره من الديانات الأخرى، والأهم من ذلك أن هذا المفهوم يمتد ليشمل كل من لا يعتنق الإسلام!!.. ولكن أي إسلام إنه الإسلام الوهابي، بمعنى الجهاد حتى ضد المسلمين من الطوائف الأخرى من غير الوهابيين.
ما يؤكد هذا كما يشير الكثير من المحللين السياسيين أن جل العمليات الإرهابية التي تمت خلال السنوات الماضية يشكل السعوديون فيها الأغلبية ولعل أحداث الحادي عشر من سبتمبر أكبر دليل على ذلك، ناهيك عن الأحداث الدموية الجارية حاليا في نهر البارد بلبنان والتي يشكل السعوديون فيها نسبة لا بأس بها حسب بعض المصادر الاستخباراتية الغربية والعربية.
الكثير من المحللين يرون أيضا أن الأيديولوجية الوهابية تتجزأ وتتكيف حسب الظرف، فنراها داخل السعودية تؤكد على الطاعة العمياء لولاة الأمر من آل سعود وتكفر كل من يعارض سياستهم أو سلوكياتهم المشينة والمخلة بالأخلاق والآداب بغض النظر عن مخالفتها لتعاليم الإسلام، بيد أن الوهابية أجازت تصرفات أمراء آل سعود دون سواهم وكأنهم معصومون من أي اتهام أو أنهم فوق القانون.
كما أن هذه الأيديولوجية تكفر الآخر من غير الوهابي وتدعو الشباب السعودي إلى احتقار هذا الآخر وتوجب الجهاد فيه.
كما أن الوهابية تدعو المواطنين إلى الاقتناع بحالة الفقر والبؤس التي تعيشها نسبة كبيرة من المواطنين واعتبارها قدرا ولا مجال لرده باعتباره أمرا إلهيا.
وقد صادف خلال اليومين الماضيين أن قام أحد شيوخ الوهابية وهو عبدالله بن منيع بإلقاء محاضرة حول هذه الأيديولوجية ضمن النشاط الثقافي لمهرجان مكة خير 28 الذي ترعاه وتشرف عليه الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وقد جاءت المحاضرة بعنوان "الإسلام دين اليسر والسماحة" أكد فيها أن الإسلام دين رضا وقناعة.
وأشار ابن منيع إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار ايسرهما , داعيا إلى اتباع منهج النبي عليه الصلاة والسلام في اختيار أيسر الأمور في الحياة وعدم المطالبة بالكثير في الحياة، مطالبا بذلك عدم متابعة أو محاسبة ولاة الأمر فيما يقومون به أو ينفقونه على أنفسهم من أموال البلاد.
وعرج أبن منيع في محاضرته إلى قضية فهم الإسلام، مشيرا إلى أن الشباب السعودي ليس لديه تعمق في فهم دينه، وتكييف الآيات والأحاديث بحياته اليومية, ملمحا بذلك إلى الشباب السعودي الذي غرر به في السابق حتى كونوا لأنفسهم قناعات بلغت حد تكفير آل سعود أنفسهم.
ونعت ابن منيع هؤلاء الشباب بالكفر، وأكد على أن الإسلام هو دين اليسر والسماحة والرحمة والسلام والتعايش ونشر المحبة والتعاطف والمودة وحسن التعامل مع كل شرائح المجتمع، في إشارة إلى الأحداث والتفجيرات التي جرت في السعودية مؤخرا.
وأرجع ذلك إلى سوء فهم الدين والتعمق فيه.
غير أن أبن منيع نسى أو بالأحرى تناسى أن هؤلاء الشباب هم من صنيعة ولاة الأمر الذين أطنب عليهم ونزههم عن أي خطيئة يرتكبونها.
ودعا هذا الشيخ المواطنين إلى ضرورة التعاون مع ولاة الأمر والوقوف بجانبهم في محاربة هؤلاء الناس لأنهم يريدون تغيير الأوضاع في المملكة.
هذا الطرح الذي استخدمه ابن منيع جاء حتما متأخرا وفي غير موضعه فكيف تصنع شيئا ثم تطلب من الآخرين هدمه؟!!.. أليس حري بأبن منيع هذا أن يطالب بتغيير مناهج التعليم الوهابية في مدارس المملكة التي تعشش في ثنايا مقرراتها أفكار الإرهاب عندما تدعو للجهاد وتعتبره واجبا دينيا ضد كل من هو غير وهابي أو لا يعتقد في التفاسير الوهابية المشبوهة للإسلام.
ولو أفترضنا أن الوهابية وآل سعود قد نبذوا هذه الأفكار وغيروا مناهج التعليم تلك منذ سنوات فإننا حتما لن نرى عمليات إرهابية سواء في البلاد العربية أو العالم لأن أغلبية عناصر الحركات الإرهابية في العالم الآن هم من السعوديين الذين تشربوا الأفكار الوهابية الإرهابية في مدارسهم منذ الصفوف الأولى في حياتهم التعليمية.
وصدق شاعرنا عندما قال: لا تنه عن خلق وتأتي بمثله: عار عليك إذا فعلت عظيم.
وكالة انباء الجزيرة واجز 18/7/2007
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |