[align=justify]بدأت السفارة الأميركية اول من امس بتقديم عشرات الألوف من الدولارات كتعويضات للمصابين وعائلات القتلى، الذين وقعوا في حادث اطلاق النار ببغداد في 16 سبتمبر (ايلول) الماضي، المتهم فيه حراس شركة «بلاك ووتر» الامنية الخاصة. ورفضت عائلات بعض الضحايا التعويض، انطلاقا من ان قبول المال يمكن أن يؤثر سلبا على دعاواهم المستقبلية ضد شركة الأمن، فيما قال آخرون ان الأموال المعروضة، وهي 12.500 دولار في بعض الحالات مقابل القضية الواحدة، تافهة وانهم يريدون مقاضاة «بلاك ووتر» امام محكمة اميركية. وقالت فيروز فاضل عباس، التي قتل شقيقها اسامة بوابل من الرصاص «هذه اهانة. فالجنازة ومراسمها تكلف اكثر مما عرضوا. شقيقي الذي قتل كان مسؤولا عن أربع عائلات».
وتعتبر عروض التعويض، وهي ممارسة معروفة في الجيش الأميركي، غير مألوفة بالنسبة للسفارة الأميركية، وتعكس الحساسيات الدبلوماسية والسياسية التي طرحتها اعمال اطلاق النار، التي اثارت غضبا في العراق والولايات المتحدة. ووصفت ميرمبي نانتونغو، المتحدثة باسم السفارة الأميركية العروض باعتبارها «أموال مواساة» لدعم عائلات الضحايا، وقالت انها ليست تسوية نهائية. واضافت ان العائلات والأقارب بوسعهم ان يرفعوا قضايا ضد «بلاك ووتر». ويزعم حراس «بلاك ووتر» أنهم تعرضوا الى هجوم من جانب مدنيين وافراد شرطة عراقيين، ولكن شهود عيان ومحققي شرطة وجنودا أميركيين وصلوا الى موقع الحادث لاحقا يقولون ان حراسا فتحوا النار على العراقيين من دون وجود استفزاز. وتوصلت الحكومة العراقية الى ان «بلاك ووتر» هي وحدها المسؤولة عن الحادث، الذي اودى بحياة 17 شخصا في ساحة النسور قرب حي المنصور ببغداد.

ووضع «بلاك ووتر» القانوني غير واضح. فشركات الأمن الأجنبية تتمتع بحصانة من المساءلة العراقية وتخضع للقانون رقم 17، الذي سنته السلطة الأميركية بعد الغزو في العراق. ولكن الحكومة العراقية عازمة على الغاء هذا المرسوم وتمهيد الطريق لمحاكمة شركات الأمن الخاصة في محاكم عراقية وتوفير الفرصة للمواطنين العراقيين لرفع قضايا ضدها. واول من امس قررت الحكومة العراقية تأسيس لجنة لدراسة سبل الغاء القانون رقم 17، حسبما افاد به مسؤولون. واوصى محققون تابعون لوزارة الدفاع العراقية بطرد «بلاك ووتر» من العراق مع دفع مبلغ 8 ملايين دولار كتعويض لذوي كل قتيل. ومن جانبهم قال مسؤولون اميركيون ان أي إجراء ضد «بلاك ووتر» يجب ان يتم ارجاؤه الى حين الاطلاع على نتائج التحقيق الذي يجريه حاليا مكتب المباحث الفيدرالي (اف بي آي). جدير بالذكر ان محامي الضحايا رفعوا دعاوى في محاكم فيدرالية للحصول على تعويضات على ما اعتبروه جرائم حرب والقتل والقتل الخطأ. ويقول هيثم احمد، الذي قتلت زوجته، محاسن محسن كاظم وابنه احمد هيثم في الحادثة، انه كتب الى رئيس الوزراء نوري المالكي طالبا المساعدة، إلا انه لم يتلق أي رد من المسؤولين العراقيين. واتصل أحمد السبت الماضي بمسؤول في وزارة الخارجية سأله عن قدر التعويض الذي يريده، وأجابه أحمد بأن زوجته وابنه لا يقدران بثمن. وعندما أصر المسؤول على ضرورة تحديد رقم محدد للتعويض، رد أحمد قائلا: «مثل لوكربي». في إشارة الى التعويضات التي دفعت لأسر ضحايا طائرة بان اميركان الذي تحطمت فوق بلدة لوكربي باسكوتلندا وقدرها 8 ملايين دولار لكل اسرة. احمد اراد من مسؤول الخارجية معرفة ما اذا سيقدم المجرمون الى محاكمة مثلما حدث للمتورطين في حادثة لوكربي. ورفض احمد اول من امس الذهاب الى المنطقة الخضراء لتسلم التعويض من فريق بقيادة باتريشيا بوتينيس، نائبة رئيس بعثة السفارة الاميركية. وفي وقت لاحق علم أحمد من محمد عبد الرزاق انهم دفعوا مبلغ 12500 تعويضا عن قتل ابنه البالغ من العمر 10 سنوات. وقال احمد معلقا ان هذا رقم مذل، وأكد انه يفكر في الانضمام للذين رفعوا دعوى قضائية في الولايات المتحدة. كما رفض عبد الرزاق قبول المبلغ، وقال ان باتريشيا بوتينيس عبرت له عن تعازيها، لكنه يريد ان تعترف «بلاك ووتر» بما فعلته. وأضاف قائلا ان مدير «بلاك ووتر» لم يعتذر ولم يعترف بالجريمة. وقال عبد الرزاق انه ابلغ باتريشيا بوتينيس بأن المبلغ الذي عرض عليه قليل جدا للتعويض عن فقد ابنه، وقال مخاطبا السفير الاميركي ان الارهابيين يدفعون مبلغ 100 الف دولار للذين يفجرون انفسهم.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»[/align]