السماوة- عبد الحسين بريسم
مدينة على اطراف الصحراء واحة من نخيل ومهد الحضارة منها انطلق الانسان الى فضاء التجديد من عصور الظلام لكي ينير الحياة للانسان مدينة تمضي وهي محملة بالطيب والرطب وحكايات الصحراء ومضايف الكرام،




مدينة انجبت الشعراء والادباء والفنانين والمفكرين واعطت من اجل الحرية اقمارا ما زالت تنير الطريق وتبني للشمس ابراجا من الابداع وهي سائرة على خطى الاجداد الذين عمروا اولى الحضارات، تلك المدينة التي اشتهرت بالنخيل والاصالة.
مدينة متحف للحضارة
لا تمر خطوة ولا تتوقف في ارض العراق الا وتجد بقايا آثار ومعالم ما زالت تنتظر ان تطلع عليها الشمس من جديد وهذا الواقع موجود في اغلب مدن العراق ومنه مدينة السماوة.
تضم مدينة السماوة العديد من المعالم الحضارية منها الوركاء ووادي القصير وبحيرة ساوة وقد سكنها السومريون منذ ما يقارب الخمسة آلاف سنة قبل الميلاد وكذلك فيها السجن الشهير نقرة السلمان.
عاصمة أولى الحضارات
في كل ارض من ارض العراق متحف حضارة ومزار واضرحة ومعابد تعطي صورا ملونة بالمجد والسمو والبناء من ارض سومر الى ارض بابل الى ارض آشور هكذا هي مدن العراق تمتد الى عمق التاريخ والحضارة وتعلو الى المستقبل وتمسك الشمس، ومن هذه المدن مدينة السماوة التي تعد من اقدم المدن التي سكنها الانسان منذ اقدم العصور فقد دلت الاثار في منطقة وادي قصير جنوب غرب قلعة القصير في بادية السماوة الجنوبية على ذلك، وفيها انتقل الانسان في وادي الرافدين من عصور ما قبل التاريخ الى حياة التمدن والحضارة، وبظهور الوركاء بدأت ظهور المدينة ونظام الحكم والكتابة والتدوين والقوانين المنظمة للحياة الاجتماعية والفنون والاداب واسس المعرفة الاخرى، اضافة الى تطوير الزراعة ونظام الري وبداية السيطرة على البيئة واستثمار امكانياتها وبذلك تعتبر الوركاء انطلاقة الثورة الحضارية في وادي الرافدين ومنه الى العالم اجمع، كما ان السومريين عاشوا في الوركاء في الالف الخامس قبل الميلاد واسسوا فيها دولة قوية ازدهرت في الالف الرابع قبل الميلاد وقد خلدوا فيها اثارا حضارية شامخة ظلت حاضرة الى الوقت الراهن تشهد لهم بالتقدم والرقي والخلود.
تقع اطلال مدينة الوركاء على بعد كيلو متر واحد من مركز ناحية الوركاء الحالي وستين كيلو متر من مدينة السماوة.
كما تشتهر محافظة المثنى ببحيرة ساوة وهي بحيرة مغلقة ذات ماء مالح محاطة بحائط كلسي طبيعي يعيد غلق نفسه عند كسره لسرعة تصلب المادة الكلسية الموجودة بالماء، وتتزود بحيرة ساوة بالماء من تدفق المياه الجوفية من تحت الارض.
الموقع الجغرافي والحدود الإدارية
تقع السماوة في المنطقة الجنوبية من العراق وتحدها من الشرق محافظة البصرة وذي قار ومن الغرب المملكة العربية السعودية وجزء من بادية النجف ومن الشمال محافظة القادسية وجزء من محافظة النجف ومن الجنوب العربية السعودية وجزء من محافظة البصرة ودولة الكويت.
تتألف محافظة المثنى من اربعة اقضية وهي:
- قضاء السماوة وفيه مركز المحافظة وترتبط به ناحية السوير.
- قضاء الرميثة وترتبط به ناحية الوركاء وناحية المجد وناحية الهلال وناحية النجمي.
- قضاء الخضر وترتبط به ناحية الدراجي وقرية الهويشلي.
- قضاء السلمان وترتبط به ناحية بصية.
مدينة الملح والسمنت
محافظة المثنى يسودها الطابع الزراعي الا انها اشتهرت ببعض الصناعات المحلية اليدوية المتميزة كالنسيج الخاص بالمداد والبسط”الغلايج “ وتطريز الازر الذي اخذ الطابع الفلكلوري المتوارث في التصاميم والالوان.
وفي السماوة خاصة الاملاح ملح الطعام حيث توجد فيها اكبر ممالح في العراق واغزرها انتاجا وتكثر في السماوة الصناعة الاسمنتية وتطورت تطورا كبيرا في سنوات معدودة اضافة الى بعض الصناعات النفطية ومعامل الاعلاف وما الى ذلك من مشاريع في طور النهوض. تسكن المحافظة مجموعة كبيرة من العشائر العربية العريقة التي استوطنت المنطقة منذ امد بعيد.
السماوة في اللغة والتأريخ
لكلمة السماوة عدة معان اوردتها معاجم اللغة وكتب التاريخ فقد اورد الحسني عن ياقوت الحموي في كتابه”معجم البلدان “ سميت سماوة لانها ارض مستوية لا حجر فيها، واما المنجد فيورد ان سماوة فلك البروج، ويوضح الشيخ احمد رضا في كتابه”معجم اللغة “ ان سماوة الشيء العالي، وتورد بعض المصادر التاريخية ان المنطقة التي تمتد فيها مدينة السماوة حاليا قد نشأت فيها قبل الاسلام مدينة اسمتها المصادر”اليس “ وقد ذكر ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان اليس الموضع الذي كانت فيه الواقعة بين المسلمين والفرس في اول ارض العراق من ناحية البادية وقال البلاذري وكان المثنى بن حارثة مقيما بناحية اليس.
اما في العصر الحديث فقد وردت اقدم اشارة عنها في الوثائق العثمانية عام 1494 وتصفها بانها قرية زراعية تقع على شط العطشان وهو نهر الفرات. وفي عام 1765 مر بها الرحالة الالماني نيبور وهو في طريقه الى النجف الاشرف فبغداد واشار الى انها مدينة من الطين وفي باديتها ملح كثير وتنتشر في المنطقة المواقع الاثارية اذ ان عددها قد بلغ 33 موقعا اثريا تتراوح ازمانها بين 3200 ق. م الى العصور الاسلامية الحديثة.