 |
-
هل سيسلم الحكم للبعثيين السنة بعد ان ظل الشيعة في خلافاتهم
بعض أوهامنا وأخطائنا في العراق .. !
توماس فريدمان*
يعتقد الجمهورويون أنهم لا يحتاجون إلى التفكير عندما يتعلق الأمر بالعراق. وأن عليهم فقط أن يصفقوا للرئيس ويلوموا وسائل الإعلام على عدم إيرادها مزيدا من الأخبار السعيدة من بغداد، لأن كل شيء، في اعتقادهم، سيكون على مايرام إذا حدث ذلك. أقول لهم: فكروا مرة أخرى في هذا الأمر.
لقد أوضحت عدة مرات ما فعلناه من خير تجاه العراق، وما أزال انتظر المزيد. لا ندم. ولكن بعض التوجهات الجديدة تجعلني أشعر بالقلق. وللاسف الشديد فإن عدد الديمقراطيين الذين يمكن أن ينقلوا مخاوفي إلى الإدارة، مع شيئ من الضغط، قليل جدا. فأغلب الديمقراطيين كانوا إما ضد الحرب (وهو موقف مشروع تماما) وإما ايدوها في البداية ويحاولون التملص من تبعات ذلك التاييد. وهذا يعني أن اية معارضة جدية ستأتي من الجمهوريين أنفسهم. ولذلك عليهم أن يركزوا إنتباههم، لأن فريق بوش لم يأت فعلا واحدا تجاه العراق، حتى الآن، لا يثير التساؤلات. وإذا لم يتعامل الجمهوريون بجدية تجاه العراق، فإنهم سيفيقون بعد عام واحد، على سؤال واحد يوجه لجميع مرشحيهم: كيف فقدتم العراق؟
ولو أني كنت عضوا بمجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري لتوجهت إلى فريق بوش بالسؤال التالي:
ما هو هدفكم من إجبار العراقيين على قبول القوات التركية لحفظ السلام؟ هل جننتم؟ فالقوات التركية لن تكسبنا فقط عداء افضل اصدقائنا هناك وهم الأكراد، بل ستثير حنق الشيعة والسنة على السواء. الشرف قضية ضخمة في المجتمع العراقي، واستقدام الأتراك، المستعمرين السابقين للعراق، ليأمروا العراقيين يفعل هذا وترك ذاك، لن يكون اقل من كارثة. قال اسحق ناكاش: الاستاذ بجامعة برانديز ومؤلف واحد من أفضل الكتب عن العراق بعنوان «شيعة العراق»:
«إذا أحضرنا الأتراك، فإن ذلك سيجلب معه كل الذكريات اللئيمة والمؤلمة».
والأسوأ من ذلك أن الوجود التركي سيدفع بعض دول الجوار، إلى زيادة نفوذهم بالعراق. ولن تكون تلك وصفة صائبة لتحقيق استقرار البلاد.
وقد آن الأوان لإدارة بوش أن تعلن أنها أخطأت عندما حلت الجيش العراقي، الذي لم يحاربنا بالمناسبة، وأن تعلن على الملأ: «نحن نشكر كل الدول التي ساهمت بإرسال قوات أو وعدت بذلك، ولكننا نعتقد أن الشعب العراقي من واجبه أن يحمي وطنه، وهو قادر على ذلك ايضا. ولذلك فإننا ندعو كل الجنود السابقين بالجيش العراقي (باستثناء أعضاء الحرس الجمهوري) أن يرجعوا إلى الخدمة. وفي مقابل كل فرقة عراقية تعود، بعد أن تكون أن تخلصت من برتقالاتها الفاسدة، سنسحب فرقة أميركية. هذا سيمكن العراقيين من تحرير وطنهم. فنحن نعمل تحت شعار: العراق للعراقيين».
ـ الهجمات على قواتنا أصبحت أكثر فتكا، بدلا عن أن تصبح أقل. وإلى جانب أولئك الذين قتلوا، فإن 900 من جنودنا جرحوا أو عوقوا. وعلينا أن نتعامل مع هذا الواقع بجدية أكبر. نحن لا نواجه تمردا من عناصر رقيعة وممزقة. بل نواجه عدوا لديه قيادة مركزية تستهدف بذكاء شديد جنودنا والمتعاونين معنا من القادة العراقيين والأجانب. فإما أن نجلب القوات الكفيلة بكسب هذه الحرب، وفرض سيطرتنا على البلاد، أو نترك المهمة لينفذها الجيش العراقي. ولكن التظاهر بأننا «نطهر الجيوب» المتبقية من قوات العدو، مجرد وهم كبير وخطير.
ـ إن المحافظين الجدد يحتاجون إلى بعثيين جدد. وأنا سعيد لأننا حللنا حزب البعث. ولكن الحل لم يحدث بالطريقة الصحيحة. وكان من المهم أن يصاحب الحل خيار واضح لأولئك الذين انضموا إلى الحزب من اجل الحصول على الوظيفة أو الأمن الشخصي، مثل مديري المدارس، بأن يعلنوا توبتهم فيعاد توظيفهم. فطرد هؤلاء الناس دون روية، كانت نتيجته فقدان آلاف التكنوقراطيين وأضعاف الطبقة الوسطى العلمانية وخلق فراغ سياسي ملأه رجال الدين. ويحتاج العراق إلى حزب يعبر عن تطلعات الاقلية العراقية السنية، وإعطائها فرصة في إدارة شؤون الدولة. وليس وا ضحا في الوقت الحالي، لهذه الأقلية السنية، كيف يمكن أن تشارك في أي وضع عراقي جديد. ولذلك فإن اسوأ العناصر من السنة تحاربنا، بينما يجلس الباقون على السياج.
ـ يقول ناكاش: «هناك صراع يدور حاليا داخل المجتمع الشيعي: بين رجال الدين والعلمانيين الذين يعتقدون أن الأميركيين يستحقون فرصة أخرى، والقيادات الشعبية الشابة التي تريد مواجهة الأميركيين والقيادات الشيعية التقليدية في نفس الوقت. وتسعى هذه القيادات الشعبية إلى السيطرة على المساجد وعلى الأتباع والسلطة الدينية والأموال التي تأتي من الزكاة و الصدقات. وهذا يعني أن العراق يتحرك بسرعة نحو سياسة المليشيات وتكديس السلاح. يجب إيقاف هذه التوجهات».
ـ أخيرا: نحن لم نؤسس بعد وسطا سياسيا معتدلا في العراق. أعني وسطا مستعدا أن يتبنى بصراحة الأجندة الاميركية التقدمية للعراق والدفاع عنها بصورة مفتوحة كذلك. هذا الوسط موجود كإمكانية واقعية، ولكن نسبة لفشلنا حتى الآن في توفير مناخ آمن، أو خلق منبر ملائم يدير فيه العراقيون حوارا وطنيا حول إمكانيات بناء عراق افضل، فإن هذا الوسط لم يتبلور بعد. وعلينا أن نعالج هذا الوضع على وجه السرعة. وبدلا من التصفيق دون تفكير أو تأمل، فإن علي الجمهوريين أن يقولوا كل ذلك للرئيس.
* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»
عدد : 9096
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |