النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    1,062

    افتراضي فوز باراك حسين اوباما

    اعلن اليوم الاعلان الاولي عن نتائج الانتخابات الامريكيه عن فوز السيناتور باراك اوباما على المرشح الجمهوري جون ماكين

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    570

    افتراضي «كينيدي الأسود» إلى البيت الأبيض

    أعادت أميركا، أمس، صياغة تاريخها، أو على الأقل ألبسته حلّة جديدة. البيت الأبيض يترقّب رئيساً أسود للمرة الأولى منذ أن وجد. إنه باراك أوباما الذي أعطى شعباً، قصم ظهره جورج بوش، «الأمل بالتغيير»، بالاستفاقة مجدداً، وباستعادة رفاهية ضائعة وإعجاب افتقده في كل أنحاء العالم.

    «أمل» دفع عشرات ملايين الناخبين الأميركيين إلى الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع لانتخاب «كينيدي الأسود»، الذي وصل مستوى تشبيهه بالرئيس الراحل جون كينيدي حداً تحدث فيه البعض عن احتمال أن يلقى المصير نفسه: الاغتيال. وربما يكون هذا الاندفاع جزءاً من المصالحة مع الذات. مع عقود من اضطهاد ذوي الأصول الأفريقية. محاولة للتخلص من صبغة العنصرية التي خشي العديد من المراقبين أن تكون عاملاً مضمراً يتلاعب باستطلاعات الرأي لمصلحة جون ماكاين.
    ومع ذلك، يؤكد كثيرون أن لون البشرة والجذور الإسلامية والعائلة المتعددة الجنسيات كلها عناصر لا تجعل من باراك حسين أوباما هذا الرئيس الذي يطمح إليه البعض، وخصوصاً في العالمين العربي والإسلامي، يخشون أن يكون أكثر «بياضاً» من جميع أسلافه، وأكثر شراسة في الدفاع عن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وإن كانت أساليبه تركز على «القوة الناعمة» بدلاً من «العصا الغليظة» التي اعتمدها سلفه.
    مهما يكن من أمر، فقد أظهرت النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الأميركية أن أوباما تأكد فوزه بالولايات الآتية: فيرمونت (3 مندوبين كبار)، وألينوي (21)، وواشنطن (11)، وميريلاند (10)، وبنسلفانيا (21)، ونيوجرسي (15)، وماساشوستس (12)، وكونيكيت (7)، وماين (4)، وديلاور (3)، ونيوهامبشر (4) ونيويورك (31) وأوهايو (20) ونيومكسيكو (9).
    أما ماكاين، ففاز في كنتاكي (8 أصوات)، وفرجينيا الغربية (5)، وأوكلاهوما (7)، وتينيسي (11)، وكنتاكي (8)، وأركنساس (6)، وجورجيا (15)، وثاوث كارولاينا (21). وحتى الخامسة من فجر اليوم، لم يبدأ فرز الأصوات في كاليفورنيا (55 صوتاً) علماً بأنها محسوبة أصلاً لمصلحة أوباما، الذي كان ينتظر الفوز بفلوريدا أو أوهايو أو إنديانا أو نورث كارولاينا لحصد الناخبين الكبار الـ 270 الذين يضمنون له الفوز النهائي.
    نتائج تضع حداً لطموحات المرشح الجمهوري، الذي أثقل كاهله الإرث الذي خلّفه له بوش، رغم محاولات النأي عنه. ومع هزيمته، تكسّرت آمال رفيقته في السباق سارة بالين، التي توقعت أن تتوجه اليوم إلى البيت الأبيض بصفتها نائبة للرئيس. لعلّها كانت نائبة عليه.
    أمريكا ورئيسها الـ44: أوباما

    في وقت مبكر من تشكل النظام الأمريكي بعد استقلاله، زار المفكر الفرنسي أليكسس دي توكوفيل أمريكا، وكتب عنها كتابه "الديمقراطية في أمريكا" الذي صدر في جزءين، أولهما صدر في عام 1935 والثاني صدر بعده بخمس سنوات. وفي هذا الكتاب كتب توكوفيل عن تجربته ممتدحاً ومبدياً إعجابه بالمزايا المتعددة التي وجدها في النظام الأمريكي. ومن ذلك تلك القدرة الرائعة على توزيع السلطة في أمريكا، فهو يقول أنك أينما ذهبت لا تجد تجسيداً واضحاً للسلطة، فهي تتمدد وتنتشر بشكل أفقي، ولا تتركز عمودياً في أجزاء محددة، وهو الأمر الذي ينهك الأنظمة في الأجزاء الأخرى من العالم.
    وبعد أقل من قرنين من الزمان زار المفكر الفرنسي جان بورديارد أمريكا، وكتب عنها كتابه "أمريكا" الذي صدر في عام 1986. وبورديارد يتمركز في موضع مهم بين مفكري ما بعد الحداثة، وهو التيار عرف عنه نقده الشامل والكثيف الذي لم تسلم منه العلوم نفسها. إلا أن كتابه هذا لم يتضمن ضراوة في النقد كما كان يتوقع منه، بل كان أقرب للوصف الشاعري المُعجب، الذي لم يخلو في داخله من اقتناص عيوب، أو عرض لجماليات عالم الــ Hyper reality الذي نجح في محاكاة الواقع بخلق واقعه الخاص، ومن ثم في دفع العالم إلى محاكاته. إلا أن هناك نقيصة كان قد اقتنصها دوتوكفيل، وأكد عليها بورديار من بعده، وهي أن أمريكا لديها اهتمام عميق بالمصلحة الفردية، وتميل إلى تهميش أي معنى يطرح في سبيل المصلحة الجمعية. وهذه نقطة مهمة يجليها منطق الواقع ببساطة ووضوح، لكن الواقع الخاص الذي خلقته أمريكا لنفسها لم يكن ليسمح لها أن تتجلي بمثل بساطتها المفترضة.
    وعبر الحقب الزمنية المختلفة، كان مؤشر الشك في صلاحية النظام الرأسمالي يتفاوت في تردده علواً وانخفاضاً، وفترة الأزمة المالية الأخيرة كانت دفعة له ليحقق ارتفاعاً غير مسبوق. وعادت لتظهر إلى السطح مقولة ماركس بأن "الرأسمالية في النهاية لا تستطيع أن تحمي نفسها من نفسها". وقد ذهب بعض الماركسيين الجدد آنذاك مثل جورج لوكاش إلى أن الرأسمالية استطاعت الاستفادة من عامل الزمن لتتجاوز أزماتها، والانهيار المحتمل، حيث أنها خلقت واقعها الخاص، واستطاعت أن تجعل نظامها الاقتصادي البرجوازي أساساً ومنطلقاً لبناء المجتمع، فبعد أن كان مشبوهاً حسب التنظير الماركسي، أصبح مشروعاً حسب تنظير ماكس فيبر في "الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية"، بل وذهب أبعد من ذلك حين جعلها متعاضدة مع الدين في خلق المجتمع الحديث. وهذه مرونة فكرية متجذرة براغماتياً، حيث تتأسس الأفكار بناء على معايير نتائجها. وحس المرونة هو الذي يجعل نظاما ما يخلق حقائقه بنفسه، بل ويضفي المرونة على عناصره المكوِّنة نفسها، الدين هنا على سبيل المثال.

    إن خطة الإنقاذ التي قدمتها الإدارة الأمريكية إلى مجلس الشيوخ كحل للخروج من الأزمة المالية مؤخراً تعتبر دليلا واقعيا على مثل هذه المرونة، فلم تكن هذه المبادرة في حاجة إلى دعم لا من عرف ولا من قانون، بل برافد من المصلحة وحدها. والنقطة الجوهرية لدينا هنا ماذا لو أن المرونة لم تكن هي الميزة بل المشكلة !!؟ بمعنى آخر إن ما يسمى بالحرية الاقتصادية والتي هي وليدة مرونة لا متناهية كانت سببا رئيسا في هذه الأزمة المالية لدى النظام الرأسمالي، فكيف ستعالج المرونة المرونة، وتداوي الحرية الحرية!؟

    إن أمريكا قد تتدخل لإنقاذ ومساعدة البنوك والشركات، لكن السؤال هل تستطيع التدخل لتحديد نمو هذه الشركات وأبعاد نشاطها؟ إن كان الجواب نعم، فهذا يعني أن النظام الرأسمالي لم يعد رأسمالياً؟ بعد أن فقد ركيزة أساسية له وهي الحرية. ولا أحد يعرف إن كنا سنشاهد تغير هذا المسمّى في المدى المنظور أم لا، فمن جهة فإن ضبط قوى السوق كانت فلسفة طموحة للحزب الديمقراطي حتى من قبل مجيء أوباما، وطموحات هذا الأخير زادت جرعة هذه الطموحات. ومن جهة أخرى فأمريكا عرف أنها قد تتدخل لإنقاذ الغرقى في المحيط، ولم يعرف عنها أنها تتدخل لتحدد في أي جزء يسبحون، فالمخيال الأمريكي كان جندياً بارعاً في المحاربة إلى جانب الحرية وليس ضدها.
    لقد فرض الواقع على أمريكا مطلب التغيير قبل أن يرفع أوباما مطلبه وشعاره التغييري، والسؤال المهم إلى أي مدى يتساوق هذان المطلبان؟ إن لدينا بعدين رئيسيين في موضوع المطلب الواقعي للتغيير، محاولة تقليص التفاوت الطبقي داخلياً، ومسايرة الاتجاه العالمي خارجياً. وفي البعد الأول نجد أن أمريكا قد تحولت إلى فردوس، لكنه فردوس متاح لبعض أهلها فقط، والجحيم الذي يعيشه آخرون يعني أن حداً مقبولاً من الاشتراكية لم يكن محتاجاً لأن يعبر المحيط، بل يكفيه بعض الزوايا الداخلية لينبت فيها. وبالنسبة للبعد الخارجي، فأمريكا لم يعد لها من بد من مسايرة نسق العالم الخارجي،وقد قال بورديارد أن أمريكا لم تعد مركزاً للعالم، ليس لأنها فقدت قوتها، بل ببساطة لأن العالم لم يعد له مركز، وأن القمم والقامات في العالم لم تعد تُصاغ من مركز واحد.
    ومن جهة أوباما فإن من أبرز الأمور التي حاول غرماؤه الترويج على أنها عيوب له، هي تصريحات نسبت له في مقابلة قبل سنوات توحي باهتمامه بمسألة العدالة في توزيع الثروة، إضافة إلى بعض ما ردده في حملته الانتخابية من كلمات، ومنها على سبيل المثال إشارته إلى أن رؤساء بعض الشركات في أمريكا يتقاضون في عشر دقائق ما يتقاضاه العامل الصغير لديهم في عشر سنوات، مما فُسر على أنه منحى اشتراكي لديه. وخبرة أوباما السابقة واهتمامه الإجتماعي المعهود عنه يضاعف نسبة التخمين بأنه سيدرج مثل هذا النوع من التغير في أجندته التغييرية المرتقبة. وبالطبع دولة كأمريكا لا تنحو منحى رجل واحد، حتى لو كان رئيسها، لكن عادة ما يكون الرئيس رمزاً وتمثيلاً لتيار كامل يكون متجسداً في داخلها، ويعمل على ترويج صبغته في واقعها. فأمريكا في وقت ريغان كانت مشغولة بخلق الصور السينمائية عن نفسها وأنها القطب الأوحد، محاكية في ذلك لرئيسها السينمائي كما قال بورديارد. وأوباما بالطبع ليس هو ريغان، فبورديارد في زمانه كان قد لام هذا الأخير على تجواله وتقاطعه المستمر مع الأغنياء، ومحوه للفقراء من الخريطة، حيث أن افتراض الوصول إلى اليوتوبيا كان يستلزم الغاء مثل هذه العلل الداخلية، والعمل على عدم رؤيتها. أمّا بالنسبة لأوباما فالأمر يختلف، فبالنسبة له السوق الذي فُتح على مصراعيه منذ وقت ريغان لم يعد قادرا على تصحيح نفسه بنفسه. وليس بمستبعد على أوباما أن يكون رمزاً وتمثيلاً لتيار مغاير، وهو القادم من خلفية الباحث الاجتماعي السابق لأحياء السود الفقيرة في شيكاغو، والمحامي الذي سبق له الدفاع عن ضحايا التمييز العنصري. وأمّا خارجياً فنجد أن أوباما ليس بحاجة لأن يعرض أمريكا على العالم من جديد كما فعل أسلافه، فأمريكا ترمي الأن إلى مزيد من الانفتاح والتعاون المشترك، وبحسب ما نصّ عليه أوباما في كلامه فإن أمريكا لا تستطيع خوض تحديات هذا القرن بمفردها، إضافة إلى أن رخاء وأمن المواطن في أمريكا يعتمد على رخاء وأمن من هو خارج حدودها.
    ان الموجة التغييرية التي يفرضها الواقع قد تكون أهم رافد لأجندة أوباما التغييرية، وبما أن العولمة جعلت العالم غير محكوم بأمريكا فإنه جعل أمريكا محكومة بالعالم، والواقع الذي طالما سحبته أمريكا معها، سيحين له وقت ليسحبها معه. وهذا الأمر يوحي بولادة مزاج متقارب للقوى العالمية، فالإستفادة من عامل الزمن جعلت بلداً كالصين ينحو عبره إلى مزيد من الانفتاح، وهذه المطاولة للزمن هي نفسها التي تدعو أمريكا إلى إعطاء نوع من التحديدات لنظامها، التزاماً بالنسق العالمي خارجياً، وبشمولية يتطلبها الوضع الإجتماعي داخلياً.
    بقي أن نصبر لنعرف إلى أي مدى تستطيع أجندة أوباما التغييرية أن تتساند مع التغييرات التي يفرضها عالم اليوم على أمريكا. وما نحن متأكدون منه هو أن التغيير سيكون الطريقة المثلى لأمريكا لكي تكون محتفظة بنسبة من جماليات، تكون مغرية، في حال زارها مفكر فرنسي آخر، ليكتب عنها في زمن مقبل.
    شبكة الفهد الاخبارية - مشعل الكلمة العالية والحقيقة النبيلة
    www.alfahdnews.com

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    570

    افتراضي اوباما ظاهرة عالمية ألهبت آمال شعوب العالم في التغيير الايجابي

    لم يتابع العالم أية انتخابات في أي بلد بهذا الاهتمام قط. في بلد تلو الآخر، تظهر استطلاعات الرأي مستوى قياسيا من الهوس بنتيجة الانتخابات الاميركية. بحسب أحد استطلاعات الرأي، فإن الاهتمام بالانتخابات الاميركية في اليابان يفوق الاهتمام بها داخل اميركا. محطة صوت اميركا الإذاعية التي تبث برامجها بـ45 لغة لجمهور عالمي يبلغ عدده 134 مليونا، تلحظ ((اهتماما غير مسبوق)) بالانتخابات. وفي باكستان، كان الاهتمام شديدا بأول مناظرة رئاسية لدرجة أن إذاعة صوت اميركا غيرت مخططاتها الأساسية وبثت المناظرتين التاليتين أيضا. الإندونيسيون والكينيون مفتونون بالطبع، ومندهشون لأن باراك أوباما، الذي لديه روابط في كلا البلدين، يتصدر السباق الانتخابي. وفي فيتنام، يكثر الكلام عن جون ماكين الذي عاد من هانوي عام 1973 رجلا جريحا وأمضى بقية حياته في خدمة الولايات المتحدة بتفان.

    أوروبا فرحة بانتهاء عهد جورج بوش، مهما حدث هذا الأسبوع، وهي مسحورة بالمشهد عموما. يقول جيمس ديكماير، مدير مراكز الصحافة الأجنبية، الذي يساعد الصحافة الدولية على تغطية الحملات السياسية في الولايات المتحدة، إن الصحافيين الأجانب لم يتهافتوا فقط لحضور المؤتمرات الحزبية في أيوا، بل أيضا لتغطية استطلاع الرأي غير الرسمي الذي أجري في مهرجان ولاية أيوا، وهو أمر لم يفعلوه من قبل. بوب وستر، مؤسس شركة (موري) لاستطلاعات الرأي والأبحاث في لندن والمولود في اميركا، عمل في أكثر من 40 بلدا، ويقول إنه لم ير قط أية انتخابـات تحظـى باهتمـام كـل هـذا العـدد من النـاس في كـل هـذه البلـدان.

    من الواضح جدا من يثير اهتمامهم: باراك أوباما في السباق، لكن ماكين أصبح نكرة سياسية في عالم ركز انتباهه على أوباما على مدار الساعة. )نائب أوباما، جو بايدن، شخصية ثانوية بالنسبة إلى الجمهور الدولي). حافظ أوباما على تقدم مطرد في استطلاعات الرأي الاميركية بلغ نسبة 50 بالمائة مقابل 44 بالمائة لماكين، لكن تقدمه في بقية العالم كان ساحقا، وقد تصدر استطلاعات الرأي في كل البلدان تقريبا بفارق كبير: 70 بالمائة في ألمانيا، و75 بالمائة في الصين... إلخ. في مرحلة ما من الحملة الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض، أصبح أوباما مرشح العالم، هذا يذكرنا أنه بالرغم من كل الكلام عن تراجع مكانة الولايات المتحدة، وبالرغم من الكراهية العميقة تجاه بوش، فإن بقية العالم لاتزال تعد الولايات المتحدة أرض الأمل والفرص. راما يادي، وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الخارجية وحقوق الإنسان، وهي مهاجرة سنغالية والعضوة السوداء الوحيدة في حكومة نيكولا ساركوزي، قالت لصحيفة لوباريزيان أخيرا: "مغامرة أوباما هي ما يجعل اميركا مكانا ساحرا".

    بحلول الأيام الأخيرة من الحملة، بدا كأن العالم واميركا يتكلمان عن انتخابات مختلفة جدا. في الولايات المتحدة، وصف النقاد انتخابات عام 2008 مثلما وصفوا الانتخابات الأخيرة وتلك التي سبقتها. كان هوسا صغيرا ويكاد يكون محليا بالسباق، وبالولايات المحورية ــ ليس أوهايو فحسب، بل جنوب أوهايو ــ وحملات تسجيل الناخبين، وجمع التبرعات، وشراء الإعلانات، وبالطبع، تلك العادة الاميركية التقليدية المتمثلة في الحملات التشهيرية. حتى الكلام عن "تأثير العرق" كان مشابها للكلام الذي صدر في الانتخابات الماضية، بالرغم من أن عرق أوباما يغير المعادلة بكاملها. ومحاولات الجمهوريين استغلال العرق ضد أوباما تم تشبيهها بمحاولتهم ربط مايكل دوكاكيس بمجرم أسود مدان عام 1988. وقد أصبح أوباما إلى حد كبير مجرد مرشح ديموقراطي آخر، في الحلقة التي تمتد من دوكاكيس إلى كلنتون وغور وكيري.

    خارج الولايات المتحدة، كان للانتخابات تأثير واسع النطاق يغير كل المعادلات: رجل في القرن الحادي والعشرين يمكن للعالم بأسره أن يتماهى معه، في مواجهة مقاتل سابق من زمن الحرب الباردة لا يفهم حقيقة الأزمات السياسية والاقتصادية المعقدة في عصرنا. بدا أن الانتخابات تحولت إلى أهم الانتخابات. إذا كان أوباما لا يركز، في الولايات المتحدة، على كونه أسود وذكيا ونخبويا وصاحب أفكار تقدمية، فإن هذه الصفات بالذات هي التي كانت تجذب بقية العالم إليه أكثر فأكثر. أحب العالم فكرة أن يصبح رجل يدعى باراك حسين أوباما الرئيس الـ44 لاميركا بعد سلسلة من الرجال البيض الذين يدعون واشنطن وجيفرسون وكلنتون وبوش تبوأوا هذا المنصب على مدى 200 عام. كانت آسيا تحاول ان تعد أوباما جزء منها بسبب نشأته في إندونيسيا، وأفريقيا بسبب كون والده كينيا، والشرق الأوسط بسبب اسمه الأوسط، كما يقول أحمد بن شمسي، مدير تحرير المجلتين الأسبوعيتين الأساسيتين في المغرب، إحداهما باللغة الفرنسية والأخرى باللغة العربية.

    في الماضي، كان ماكين يعد أيضا جزء من عملية الإصلاح الاميركية التي ستعقب عهد بوش. كان المتمرد الحكيم الواسع الاطلاع وأسير الحرب السابق، الذي يتمتع بسمعة في الخارج على أنه ينبذ سياسة الحزب الجمهوري التقليدية. كان دائم الحضور في اللقاءات الأوروبية المتعلقة بالسياسة الخارجية، وكان جذابا بالنسبة إلى الكثيرين، لتأكيده عام 2000 عندما ترشح للرئاسة لأول مرة أنه لن يتملق "عملاء التعصب" من اليمين المتطرف دينيا، الذي لطالما كانت سيطرته على السياسة الاميركية تقلق الأجانب وتثير استغرابهم. عندما اختار ماكين سارة بالين لتكون نائبته في أواخر أغسطس آب في محاولة لنيل تأييد الإنجيليين المحافظين، أفل نجمه العالمي بسرعة.

    الآن، بالنسبة إلى بقية العالم، أصبحت الانتخابات الاميركية تتعلق بالتغيير، وليس فقط داخل اميركا. يقول جوناثان فريدلاند، الكاتب في صحيفة ذا غارديان في لندن، إن السنوات السبع الماضية لقنت العالم درسا طويلا ومؤلما عن أهمية القرارات المتخذة في الولايات المتحدة. "حربان وأزمة مالية عالمية، هذه الأحداث، على الأقل إلى حد ما، نتجت عن قرارات متخذة في واشنطن". فضلا عن ذلك، فإن العلاقة بين العالم والمقيم في البيت الأبيض أصبحت شخصية جدا، بحسب كونستانزي ستيلزيمولر، مديرة مكتب برلين لصندوق مارشال الألماني. تقول: "في عالم معولم، يمكن للرئيس الاميركي أن يغير حياة الناس في كل البلدان. إنه رئيسنا أيضا".

    هذا ينطبق إلى حد ما على أي رئيس اميركي في زمن السيطرة الاميركية على العالم. لكن فيما يتعلق بأوباما، الذي يحظى بتأييد ساحق في الخارج، فإن العلاقة أقوى مما ستكون عليه مع أي رئيس مقبل، والمشاعر أكثر شخصية بكثير، وأهمية انتخابه أكبر بكثير. يقول بن شمسي: ((يدعي الرئيس الاميركي دائما أنه قائد العالم ولطالما كرهنا تلـك العجرفـة. يمكـن لأوبامـا أن يقـول الأمـر نفسـه، ولـن ننزعـج من ذلك)).

    يقول فرنون بوغدانور، أستاذ الشؤون الحكومية في جامعة أكسفورد، إن أوباما عزز الآمال بوجود قائد تقدمي يمكنه إعادة إحياء القيادة الاميركية الأخلاقية في كل أنحاء العالم، بطريقة لم يتمكن أحد غيره من تحقيقها طوال نصف قرن. ويقول ديفيد لامي، وزير الدولة البريطاني للتعليم العالي الذي يعرف أوباما منذ أن التقيا في حفل للخريجين السود من جامعة هارفارد عام 2005: ((حركة أوباما التغييرية يمكن أن تتخطى الحدود الاميركية، مما يمنحه نفوذا قد يكون غير مسبوق بالنسبة إلى قائد عالمي)).

    أوباما، الذي تتيح له قصة حياته أن يكون مثالا يجسد التغيير، يحظى بتأييد ساحق في استطلاعات الرأي العالمية. فاستطلاعات الرأي التي أجرتها أخيرا شركة "يو غوف" في لندن تظهر أن نسبة تأييد أوباما في البلدان الاسكندنافية تتخطى الـ70 بالمائة، وهي أعلى بكثير من نسبة الـ50 بالمائة التي يحظى بها في مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. كما أنها تظهر أن معدل تأييده يرتفع منذ شهر ايار، بنسبة ضئيلة في ألمانيا، وبنسبة 13 بالمائة في بريطانيا حيث وصلت إلى 62 بالمائة في أكتوبر تشرين الاول. وفي فرنسا، كثرت لجان أصدقاء أوباما فـ ((اللجنـة الفرنسيـة لدعـم بـاراك أوباما)) تبيع قمصانا عبر شبكة الإنترنت مطبوعا عليها (فرنسا تؤيد أوباما). كما أن موقع Orkut.com للتواصل الاجتماعي باللغة البرتغاليـة، ومعظـم مستخدميـه من البرازيليين، يضم 293 (مجتمعا) مخصصا لمؤيدي أوباما، أحدها يحمل اسم ((أنا أحب أوباما)). في البرازيل، لا حدود للإطراء: فثمانية مرشحين على الأقل في الانتخابات الأخيرة استعاروا اسم بـاراك أوباما ووضعوه على اللوائح الانتخابيـة بـدلا مـن أسمائهـم.

    لقد تخطت ظاهرة أوباما كونها مجرد افتتان بالمشاهير وكان لها تأثير حقيقي في الخارج، مثيرة أسئلة بشأن عدم تقدم الأقليات العرقية في أوروبا مثلا. فالأنظمة الديموقراطية البرلمانية الأوروبية حسنت وضع النساء في العقود الأخيرة، لكن أوضاع السود والآسيويين بقيت على حالها. وقد كان العنوان الأساس في صحيفة لوموند الأسبوع الماضي: ((البحث عن باراك أوباما فرنسي)). في ذلك المقال، قال كوفي ياغناني، وهو وزير دولة سابق للشؤون الاجتماعية والدمج، مولود في توغو: ((علينا أن نعترف بأن النموذج الاميركي أكثر فعالية من النموذج الفرنسي)). وكتب كلود فايل في صحيفة نوفيل أوبسيرفاتور: ((نحن نحب أوباما لأننا نكره العبودية والفصل العرقي والتمييز بكل أشكاله، وهي كلها من الخطايا الاميركية السابقة)). ويختم مقاله بتشاؤم: ((نحن بلد حقوق الإنسان، أليس كذلك؟ لكن هل نستمع حقا إلى ما يقوله أوباما؟)).

    وإذا فاز، بالنظر إلى أجواء الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية، ستكون اميركا قد انتخبت قائدا جديدا للعالم لأسباب محلية بحتة. ومن بين الأسباب الأساسية عدم تركيز ماكين على الاقتصاد في زمن الأزمات المالية. وقد يكون ذلك ردة فعل على اختياره بالين، وهي مبتدئة في المجال السياسي وعديمة الخبرة قد تؤدي الظروف إلى وصولها إلى الرئاسة.

    اما إذا خسر أوباما، فإن ردة الفعل في اميركا ستتمحور حول الاختلافات المعتادة. سيفسر الديموقراطيون الخسارة بأنها جزء من الخسارات الانتخابية الأخيرة: لم نتمكن من انتخاب آل غور وجون كيري، والآن أوباما، حتى في وسط أزمة اقتصادية. وسينتقل كلامهم للتركيز على سبيل جديد. وسيعد الجمهوريون فوزهم غير المتوقع سببا لتعليق عملية التأمل الذاتي التي يمرون بها أو للتخفيف من وتيرتها، وهي تتعلق بما إذا كانوا قد تمادوا في التطرف يمينيا، أو لم يتطرفوا بما يكفي. سيتباهى المحافظون. وسيبكي الليبراليون. والاميركيون من أصل أفريقي سيستشيطون غيظا. ويجب القول إن الصحافة ستشعر بالخجل بسبب تقاريرها المبنية على استطلاعات الرأي التي أظهرت أن فوز ماكين مستحيل.

    لكن بقية العالم سترى الأمور من منظور مختلف تماما. اميركا، التي يأفل نجمها، ستبدو أقل أهمية لأنها فشلت في إعادة الاعتبار لنفسها من خلال انتخاب شاب أسود ذي جذور أفريقية وآسيوية جنوبية واسم أوسط شرق أوسطي. وستبدو أقل أهمية لأن الفرصة سنحت لها للقيام بذلك، لكنها فشلت في رؤية تلك الفرصة، ناهيك عن استغلالها وتغيير المسار المتبع منذ أكثر من 200 عام في الولايات المتحدة. بالنسبة إلى بقية العالم، فإن انتخاب جمهوري آخر سيظهر أن اميركا لا تريد فقط تمديد المدة المؤلمة التي تسبب بها بوش، بل إنها فوتت فرصة تاريخية يصعب إيجاد سابقة أو مثيلة لها في أي بلد: وهي انتصار أقلية لطالما كانـت مقموعـة.

    لقد صوّت العالم، في استطلاع للرأي تلو آخر، على ما يريده، وقد لا يحظى به، حتى وإن تم انتخاب أوباما، هو غاندي اميركي، غاندي لا يتكلم فحسب بلسان الأقلية المقموعة بل كان فردا منها. لقد رأى العالم محبوبه ذات يوم مشمس في برلين في شهر تموز الماضي. وقف بالقرب من قاعدة نصب النصر في برلين في تييرغارتن، حيث تجمهر حوله نحو 200000 شخص، وهو حشد أكبر مما اجتذبه في بلده خلال 18 شهرا من الحملات الانتخابية. اغتنم الفرصة للتوجه إلى جمهور أكبر بكثير قائلا: ((يا شعوب العالم، انظروا إلى برلين، حيث سقط جدار، والتحمت قارة، وأثبت التاريخ أن ما من تحد كبير بالنسبة إلى عالم متحد)). قد تكون هذه وعودا كثيرة سيصعب على أي رئيس الوفاء بها. في الواقع، قد يمنى العالم بخيبة أمل عندما يتبين له أن أوباما الرئيس أكثر براغماتية، وأقل تقدمية مما كان متوقعا. لكن بالنظر إلى عنوان كتابه الثاني، فإن شعوب العالم التي خاطبهـا أوباما سترى في ذلـك اليـوم أنهـا استثمـرت فيـه جـرأة أملهـا.
    شبكة الفهد الاخبارية - مشعل الكلمة العالية والحقيقة النبيلة
    www.alfahdnews.com

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني