رد على غالب الشابندر – الاخطاء الشيعية الجسيمة السبعة! (2-2)



بقلم رياض الحسيني: كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل
www.alhusaini.bravehost.com
www.riyad.bravehost.com

في الحلقة السابقة كان لنا ردا على السيد غالب حسن الشابندر فيما ذهب اليه وهذه تكملة للموضوع:

ثالثا: "عشوائية" تكفير الشيوعية
سؤالنا للسيد الكاتب: هل انفرد علماء الشيعة بتحريم الانتماء الى الحزب الشيوعي ام ان الامة الاسلامية مجتمعة قد اتفقت على هذا؟ هل يؤمن الشابندر وهو الاسلامي بقول الرسول (ص) "لاتجتمع امتي على ضلال"؟ بيد ان الاخرين قد زادوا على الشيعة ان ارسلوا مجاهدين الى افغانستان لتحريرها من الشيوعية فلماذا حصرت "العشوائية" و "الاخطاء الجسيمة" في الشيعة دون غيرهم من الطوائف؟! نقول قولنا هذا ونحن نعلم ان قيادات الصف الاول في الحزب الشيوعي هم من الطائفة الشيعية فضلا عن قاعدته العريضة المتحدرة من الارياف والقرى والبلدات الشيعية والشابندر يعلم ذلك كما غيره. أيضا السيد الكاتب اظنه ممن يؤمنون بالاختصاص فان كان مطلق الفتوى مختصا في مجاله عارفا بحاله هل يحق لنا تخطئته بعد مرور ستة عقود وهو الضليع في مجال اختصاصه؟! أيضا نتمنى على السيد الكاتب ان يفسّر لنا مقصده في "عشوائية فتوى تكفير الشيوعية" حتى لايأخذ البعض الظن بعيدا ويفهم ان الكاتب نادم على اعتناقه مذهب الدعوة الاسلامية بدلا من الشيوعية كما تندّم احدهم لتركه الشيوعية اولا والبعث تاليا واعتنق الدعوة كمذهب سياسي ثالثا!

رابعا: الوقوف ضد قانون الاحوال الشخصية والاصلاح الزراعي
هنا اسجل استغرابي جهارا حول حقيقة رأي الشابندر كمسلم شيعي اثنا عشري ينتمي الى مدرسة الامام الصادق (ع) وهو يختلف عن رأيه ككاتب في جريدة ليبرالية؟ كيف يستقيم الامر بين الدعوة الى الاسلام والدعوة الى نقيضه؟ ثم بالله عليك كاتبنا العزيز هل سجّل التأريخ العراقي وقوف علماء شيعة العراق تحديدا ضد قانون الاحوال الشخصية والاصلاح الزراعي دون غيرهم؟ ومع ذلك نقول ماالضير لو صحة معلومتك سيدي ان يكون للاخرين رأي في قضية انت لك فيها رأي مخالف، أليست هذه من اولى البوادر الحسنة للتطبيق الديمقراطي الذي ناديتم بها مؤخرا؟! اما لو كنت تنظر لكل رأي مخالف على انه "خطا جسيم" فذلك يعني اننا لن نصل الى الديمقراطية المرجوة التي تبشروننا بها ليل نهار. علما ان قانون الاحوال الشخصية قانون مدني من وضع البشر يمكن ان يصيب وان يخطأ وكلنا يعلم ان كل نص مقابل النص الالهي يعد حرام ولايجوز الاخذ به لذلك فان معارضة المرجع الشيعي محسن الحكيم للقانون وقتها انما ينطلق من منطلقات شرعية وليس تبعا لاهواء وحسابات ربحية دنيوية خصوصا وان القانون يتعلق بشكل مباشر بحالات الطلاق والزواج والارث والحضانة وماشاكل وهي مسائل خلافية بين المذاهب الاسلامية الخمسة واتباعها ومنصب الرجل كان يحتّم عليه القيام بتلك الخطوة. فمثلا ينص القانون المذكور على مساواة الرجل مع المرأة في الارث وهو اجتهاد بشري مقابل النص الالهي الصريح "للذكر مثل حظ الانثيين" لذلك يعد باطلا ولايجوز الاخذ به من الناحية الشرعية ومن قبل علماء الدين اللذين يستلهمون فتاواهم من القران والسنة فكيف نسفّه رجلا يقول ربي الله؟!
اما قانون الاصلاح الزراعي فلايخرج عن تلك الدائرة فقد حصر هذا القانون زراعة الارض بالبالغين من العراقيين وبمن يمتهنون الزراعة فقط دون غيرهم من الجنسيات والاقوام الاخرى فضلا عن تحديده للمساحة المزروعة. لذلك فهو قانون لايحد من التنمية الزراعية فقط بل ويزيد من اتساع الارض البور ويحارب الناس في مصادر رزقهم وعيشهم وبالتالي يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني ويهدد ترفعه لذلك جاء رفضه وفقا للدواعي الانسانية فضلا عن مطابقته لرأي الشارع المقدس فأين الخلل في التوقف عند تداعيات قانون تفرضه الحكومة وترى فيه الأمة جورا وظلما وتعديا؟

خامسا: دعم الشيعة لخط البكر/صدام للاطاحة بحكم عبد الكريم قاسم
هنا لابد ان نسأل الكاتب عن مدى ايمانه باطلاقه "الشيعة" وكأنهم شخص واحد. ثم لاادري ماذا يعني بالدعم؟ هل يعني تصفيق الرعاع مثلا ام الدعم المادي او اللوجستي او الهجوم المسلّح على عبد الكريم لتقوية شوكة البعثيين؟ هل كان الشيعة يملكون في ذلك الوقت دبابات مثلا او طائرات؟ كيف دعم الشيعة خط البكر/صدام؟ أيضا الكاتب يعلم كما غيره ان الشيعة لم يأتوا بالبكر ولا بصدام وانما ووفقا لكل الشواهد التأريخية ومذكرات القيادات البعثية قبل غيرهم تؤكد ان البعثيين قد جاءوا بقطار بريطاني على حد وصف علي السعدي "سني" وهو احدهم وليس وحيدهم. ايضا القفز على الحقائق التأريخية لا اظن له مردوده الايجابي على المادة الصحفية ولا على كاتبها فالكل يعلم ان البكر وصدام قد جاءوا بعد الانقلاب على الجمهورية العراقية الذي قام به البعثيون معززا بالقوميين وان البكر "سني" لم يأتي للحكم الا بعد ان انقلب القوميون والعروبيون بقيادة عبد السلام عارف "سني" على الاتفاق الذي جرى بينهم فيما سمي حينها "حركة 18 تشرين التصحيحية" والبقية معروفة لاداعي لتكرارها! لكن نحيل من يريد المزيد حول هذه الجزئية الى مذكرات طالب الشبيب وحازم جواد وهاني الفكيكي وغيرهم من القيادات البعثية. حيث يتفق الجميع على ان بريطانيا هي التي دعمت البكر وصدام واوصلتهم الى الحكم وقضت على احلام القوميين العراقيين في الحاق العراق قسرا بالجمهورية العربية بقيادة جمال عبد الناصر.
علاوة على ذلك فقد وقع الشابندر في مطب حسابي ومغالطة تأريخية يجب الا يقع بها شخص مثله. تأريخيا وعمليا خط البكر/صدام يبدأ بعد ازاحة عبد الرحمن عارف عن رئاسة الجمهورية اي بعد العام 1967 وتحديدا بما اسموه ثورة 17-30 تموز عام 1968 والانقلاب على الجمهورية العراقية حدث في 8 شباط 1963 اي قبل خمس سنوات من استلام خط البكر/صدام للحكم فكيف دعم الشيعة هذا الخط قبل مولده؟! اضف الى ذلك فالمتعارف عليه ان اطلاق مصطلح "الشيعة" انما يقصد به المرجعيات الدينية تحديدا ومن خلفهم العوام والتأريخ لم يسجل او يأتي لنا ولو بشاهد واحد على ماتدّعي به. اما لو كان اطلاقك لهذا التعميم قد تحدّر من تواجد بعض الشخصيات السياسية الشيعية في صفوف البعث فهو تعميم غير دقيق لان هؤلاء كانوا يؤمنون بفكر البعث لا بفكر الامام الصادق (ع) ومن التجنّي حساب انفعالاتهم وردود افعالهم على الشيعة عموما تماما كما هو الحال مع من اعتنق الشيوعية بديلا عن الجعفرية! ولان الشابندر ابنا للحركة الاسلامية واحسبه باقٍ فلا اظنه يُنكر الشواهد التأريخية التي تؤكّد رفض المرجعيات الشيعية تحديدا لكل فكر البعث وليس لخط البكر/صدام فقط. هنا نذكّر السيد الكاتب وغيره ببعض الشواهد التأريخية التي تدعم قولنا فلم تكن "انتفاضة صفر" التحرك الشيعي الاول ضد البعث كما لم تكن "انتفاضة شعبان" التحدي الجماهيري الاخير، بل ان حزب الدعوة الاسلامية لم يكن ليرى النور على يدي اية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) وبدعم واضح وصريح وقوي من مرجعية الحكيم (قدس سره) لولا التحديات التي كان يواجهها المسلمون انذاك والبعث كان ابرزها، ومابين ذلك كله كان نصيبنا الاعتقالات والاعدامات والتصفيات والمشانق ورصاص الغدر فاين نحن من الدعم سيدي؟!

سادسا: تعويل الشيعة على ايران لاسقاط صدام
سؤالي الاول ما الضير في ذلك في وقت عجزت فيه الامة العربية عن نصرة المظلوم ووقفت جانب الظالم؟ امريكا الدولة العظمى كانت تعوّل على المجاهدين العرب لاسقاط الاتحاد السوفياتي عبر البوابة الافغانية، أين المشكل والخلل ولماذا لاتعيبون عليهم ذلك ام لان الامر متعلّق باسطوانة ايران؟ بيد ان الشابندر يعلم كما غيره ان اغلاق البوابات العربية بوجه المعارضة العراقية انذاك هو الذي دفع بهم لقصد البوابة الايرانية والكاتب كان واحدا منهم فاذا ماكان هذا "خطئأ جسيما" فالاولى نقد الذات بدلا من رمي الاخرين به والتنصّل عنه! نقول هذا وقد وصل الامر بالمعارضة العراقية وقتذاك ان صرّحت في اكثر من مناسبة انها مستعدة للتحالف مع الشيطان لازاحة صدام فهل صار التعويل على ايران اليوم مدعاة للمعايرة والغمز واللمز؟! اما سؤالي الثاني فهو ألم تسقط ايران صدام ولو بالشكل الغير مباشر؟! كلنا يعلم الدور الايراني الميداني في اسقاط صدام ولا أجد مدعاة للدخول في التفاصيل فأهل مكة ادرى بشعابها!

سابعا: المغامرة السابعة على يد نوري المالكي "المسكين"!
اذا ماتجاوزنا الغمز بعبارة "المسكين" التي لا اجد لها مكانا من الاعراب في تلك الموضوعة فانني حقيقة استغرب اشد الاستغراب من بعض الكتاب وهم يكتبون عن العراق وكأنه بلد مغمور في مجاهيل افريقيا وليس بلدهم ومن المفترض ان تأخذهم الحمية العربية والغيرة الاسلامية عليه. بعض الكتابات تفوح منها روائح الشماتة والتشفّي ومحاولات الانتقاص بشتى الوسائل بينما يتسم البعض الاخر منها بملاحقة وتتبع الهفوات والعثرات والسقطات هنا وهناك وهو مايقدح في نهاية المطاف بمصداقية الكاتب والمادة معا! سؤالي للسيد الشابندر لو كنت مكان المالكي هل ستوقّع الاتفاقية من دون رأي ولامشورة ولاتفكير، وهل الوضع العراقي الحالي يسمح لاي شخص مهما كان لاتخاذ خطوة جبارة من هذا القبيل؟ ان كان جوابك بنعم فذلك وربي هو الخطأ الجسيم بعينه ولا اقول اكثر من ذلك وان اجبت لا فذلك مايفعله المالكي فأين هي المغامرة؟! هل المغامرة ان يفكّر الواحد منا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه ويكون على قدرها ام المغامرة ان يوقّع على بياض وكأنه يبتاع عنزة وليس امام سيادة وطن ومصير ملايين من البشر؟!
الشابندر نفسه قد قضى وطرا في "تفكيك" و "تفصيخ" كل مفردة قالها السيد رئيس الوزراء نوري كامل المالكي تحديدا وتندّر عليها سواء اكانت في محفل سياسي او لقاء تلفزيوني الى حد ان وصفكم احد الكتّاب العراقيين بالقول "ان الشابندر يمر بفترة اسهال كتابي"! عذرا لهذا الاقتباس ولكن للتذكرة ليس الا فما اردت قوله ان مادة التوقيع على الاتفاقية ستحفّز شهيتك المفتوحة اصلا للكتابة سيدي قبل غيرك وتقول في المالكي خصوصا والدعوة عموما قصائد ذم وقدح وتشفّي للاسف!

اخيرا اتمنى كل التمني ان يكون الواحد منا على قدر المسؤولية التأريخية الملقاة على عاتقه وكل من موقعه حتى يقول خيرا او ليصمت فنحن قرّاء كما نحن كتّاب ولن نقبل ان يستخفّ بعقولنا ايا كان فو الله سهام العدو في صدورنا اهون علينا من غمز ولمز الصديق في ظهورنا فنحن قوم كرام والشابندر شخصيا له مقال في هذا الشأن اتمنى عليه ان يقرأه ليرى ماخطّت يداه من قبل وماتخطّه اليوم!

ايلاف