الخط الصدري .. بين الأمس واليوم




حسين الخضيري

من ظلمات بعضها فوق بعض بزغ نور محمدي اصيل فأحال دياجير الدجى الى نور وضياء ، واليأس الى امل ورجاء والخوف الى تحدي واقدام فجعل من قيود التسلط والاستبداد وسيلة للحرية والاستقلال والتحرر من كل لوان العبودية سوى عبودية الله تعالى
لقد كانت المرحلة الصدرية من اهم واعظم المراحل التي مر بها العراق الحديث فقد استطاع سماحة السيد الصدر الثاني( قدس سرة الشريف) ان يخرج المكنون الباطني للفرد العراقي وبهذا كان مرحلة الصدر مرحلة كشف الذات وبيان حقيقتها الالهية بل ان الانسان العراقي عرف معنى الحرية الواقعية وكيفية الحصول عليها وعرف الكرامة التي انتزعت منة على مدى قرون طويلة ونال انسانيتة الشريفة وكل هذة المكاسب المقدسة اكتسبت من اضدادها .... فمع قسوة النظام وبطشة الفاتك ورغم عجلات الموت التي كانت تجوب الازقة والشوارع ورغم القيود والاغلال وقطع الايدي والالسن ... حقق الفرد العراقي ما حققة من مواجهة مع النظام ان ذاك ومن تحدي واصرار على مواصلة النهج المحمدي الاصيل فنال اعظم المكاسب في الدنيا والاخرة
ان ثورة الصدر المقدس احدثة انقلاب نوعي في شتى المفاهيم الاجتماعية والاخلاقية بل وحتى الشرعية وكانت بحق تجسيد لعمل الانبياء والمصلحين .... بعد الأنتفاضة الشعبانية المباركة ومقابرها الجماعية التي ملئت ثرى العراق من أقصاه الى أقصاه. تنفس الغرب اليهودي الصعداء وطمأنت نفوس الحاقدين وسكتت عواطف الثورات الأسلامية والوطنية وكأن الأيام القادمة خبئت بين جنبات ساعاتها نهاية الأسلام المحمدي الأصيل . لأن كل شيء كان يوحي بذلك ولأن حملة الكفر من العنف والقسوة والتخطيط والتدبير استهدفت القضاء على الأسلام بصورة نهائية. ومع ذلك يأبى الله ورسوله والمؤمنون ألا النصر والأنتصار والثورة والأيثار. فمن سبات الغفلة والموت ومن شدة الخوف ومرارة العيش وبطش الظلم وشدة الظلام وحيرة النفوس وأنعدام الأمل ومرارة الضياع ومن القتل والجوع والسجن والتشريد والتنكيل والضياع. انتفض سماحة السيد الصدرفاعاد الموازنة الى اتزانها وأعاد للاسلام قوته وعزته ودوره في واجهة الأحداث. واعاد للأنسان المسلم ثقته بدينه وعقائده وأسترجع الأمل في نفوس المخلصين. ولم تكن حدود الثورة الصدرية متوقفه عند هذه الحدود فقد ظهرت النظرية الأسلامية في الحكم بصورة فعلية هذه النظرية تمخضت عبر جهاد طويل في مدارج البحث العلمي و الأستدلالي خاضها علماء الأمامية وضحو من أجلها بكل شيء وبذلك بلغت قضية الامام المهدي(علية السلام) في بعدها السياسي والأجتماعي بعداً فكرياً وعلمياً لم تبلغة من قبل .....
أن سماحة السيد الصدر (قدس سره الشريف) قدماً مشروعاً متكاملاً لرؤية الأسلام . وأراد سماحته بيان هذه الرؤية ووضع المباني والعقائد التي يجب أن يحملها المسلمين في سبيل الأسلام وقضيته المركزية قضية الأمام المهدي (عليه السلام) . وبعد فأن تاريخ العراق سجل في طياته ملاحم كبيرة وعظيمة شكلت نقلة نوعية في مسيرة هذا البلد الذي سيأخذ بيد الأنسانية الى العدل والنور والتوحيد. ومرجعية السيد الصدر كانت من أهم المراحل التي أرتقت بأفكار ومشاعر الشعب العراقي الى درجة الثورة والتي حطمت كل عروش الظلم والظالمين. واليوم نحن في أمس الحاجة الى العودة على خطى الصدر وأخلاقه وثوابته الوطنية والعقائدية . ونعتقد أن العودة على مباديء الفكر الصدري وعقائده الشريفة هو وفاء للأسلام والمذهب الشريف ووفاء للعراق ولشهدائه البررة الطاهرين ونعتقد بل نجزم بالدليل الشرعي والعقلي والاخلاقي على ذلك
اسس سماحة السيد الصدر ثورتة على اسسس الاهية مدركا بان هذه الاسس هي الضمان الاصيل لبقاء هذه الثورة مستمرة بين ابناء العراق والاسلام عموما ومدركا في ذات الوقت بأن التغيير لابد وان يكون من القاعدة الشعبية من قاعدة الهرم قبل ان يكون في قمتة لان التغير الواقعي يستند الى تغير النفوس وتأديبها بأداب الحق والاسلام حتى يكون تغير الهرم ذي ثمرة حقيقية ( ان الله لا يغير مابقوم حتى يغيرُ ما بأنفسهم)
ولهذا شرع سماحتة بمشروع كبير وخطير ابتدئة اولا يأيضاح مفهوم التقليد وشروط المرجع الجامع للشرائط وكان هذا الايضاح المقدمة العملية للخطوة مهمة وكبيرة ستكون الوسيلة الى التغير السياسي فضلا عن تغيرها الشرعي ومن اهم سمات هذة الخطوة ان سماحتة بين للامة ان الشرعية في قيادة البلد هي للمجتهد الجامع للشرائط وبهذا فقد سلب بصورة غير مسلحة كل شرعية النظام البعثي ثم تبع هذه الخطوة بأقامة المحكمة الشرعية وكل هذة الخطوات كانت تستهدف بلورة نظام اسلامي متكامل داخل العراق يؤسس في ظل مرعاة الظروف الموضوعية والسياسية التي كانت تمر بالعراق ان ذاك
فكان هذا المشروع المقدس قفزه نوعية في تاريخ الجهاد الشيعي والعراقي وتكلل هذا المشروع بأعلان الولاية في خطوة كبيرة وعظيمة الى احتواء كل اجزاء العالم الاسلامي وضمة تحت قيادتة الالهية وعلى هذا شكلت ولاية السيد الصدر تحدي كبير الى جميع الانظمة السياسية في الدول العربية بل وحتى الدول التي تدعى الحكم باسم الاسلام.. وهذا الحقيقة كانت سببا مباشر في قتله رحمه الله تعالى
الخطوة الاخرى في عملية التغير الصدري هو المنهاج الاخلاقي الفريد فقد كان سماحتة من العارفين الشامخين في المعارف الالهية ولاجل ذلك ادرك سماحتة بان التغير الحقيقي لابد وان يكون عميقا ولابد للمؤمن المصلح ان يجاهد نفسة ( كلا بحسب قدرتة) ..عندما يكون الانسان عارفا فأنة لا يعتقد الا بالعرفان كوسيلة واقعية الى الوصول الى تغير النفس والمجتمع المطابق للحكمة الالهية في مستوياتها العالية وكتاب سماحتة فقة الاخلاق شاهد على هذا الخطوة الاخلاقية الكبيرة
المحور العملي في هذا التغير كان عبر صلاة الجمعة و لانريد ان نضيف شيئ اخر على ماقيل بحق هذة الصلاة التي غيبت عن شيعة العراق لكنني ادرك كما يدرك الجميع بأنها كانت الوسيلة العملية في تكريس وتثبيت الخط الصدري وبلورة حالة التغير حتي يكون كثير الثمار والفائدة .. فالواقع الشيعي لم يالف تصدي ( مرجعا) الى هذة الصلاة ولم يألف لقائة بهذة الصورة الجماهرية ، وعلى هذا شكلت هذة الفريضة وحضور المرجع فيها بعدا ثوريا وحماسيا قل نظيرة فضلا عن الاثار الاجتماعية والاخلاقية والسياسية
المهم الان هو كفية استمرار هذا الخط المقدس وتكاملة لان القول بخلاف استمرارة يعني ذهاب كل الجهود التي قدمها الصدر العظيم ومن هنا يبرز هذا التساؤل المهم ويبرز معها الركائز التي تديم هذاالاستمرار وادامة حالة التغير
والحق ان هذا الاستمرار يعتمد على الاسس التي قام عليها مشروع الصدر المقدس .. لقد تميز الخط الصدري عن باقي الخطوط بخط الولاية الشرعية للمجتهد الجامع للشرائط وعلى الجميع ان يعلم بأن روح الخط الصدري بل وحتى ثورة الصدر الاول الاصولية والفقهية كانت ترتكز عل بلورة مفهوم الولاية بأعتبارها القائد السياسي والشرعي للأمة ونائبه عن الامام المعصوم علية السلام .. واذا سلبت هذة الولاية عن هذا الخط فان ذلك يعني بأن هذا التيار لايتميز عن غيرة بشئ على الاطلاق وسيحسب كما يحسب الاخرون
والولاية شرطها الحياة والاجتهاد وباقي شروط المجتهد المرجعي ، أن وجود من يدعي القيادة للخط الصدر ي بدون أن يكون مجتهداً جامعاً للشرائط بأعتباره الولي يجعل من هذا التيار خطً وطنياً لا دينياً ، وبذلك يسلب من هذا التيار كل خصائصه الصدرية التي ارتكزت على الولاية والتقليد .