2002/11/25): "الحكيم مستعد للعمل مع واشنطن مقابل دور في مستقبل العراق لكنه يشدد على ضرورة مغادرة القوات الأميركية بعد إطاحة صدام"


تفكر الإدارة الأميركية في كسب آية الله محمد باقر الحكيم إلى جانبها. ويقيم رجل الدين العراقي في طهران منذ أكثر من عقدين، ويحصل على دعم الحكومة الإيرانية التي يراها الرئيس الاميركي جورج بوش جزءا من «محور الشر». وسبق لوالد الحكيم أن وفر إقامة لآية الله الخميني المعروف بعدائه للأميركيين الذي وصل إلى السلطة في إيران سنة .1979 وما زالت الولايات المتحدة ورجل الدين الشيعي في الطريق الموصل إلى بناء تحالف مصلحة بينهما. وهذا المسعى يحظى بدعم الكويت الشديد التي تُعتبر حاليا أقرب البلدان العربية للموقف الأميركي الهادف إلى إسقاط صدام حسين. ويحظى هذا التحالف أيضا بدعم طهران، التي تبدو أنها على استعداد للتعاون قليلا مع إدارة بوش في حال قيامها بحملة عسكرية ضد العراق.
قال الحكيم «عملنا حاليا هو تغيير النظام الحالي. إنه لأمر مهم جدا أن يكون هناك تفهم متبادل بين المعارضة العراقية والولايات المتحدة». ويبدو أن إدارة بوش توافق على ذلك. إذ تلقى الحكيم رسالة من نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفويتز وثلاثة من المسؤولين الكبار في إدارة بوش تطلب منه أن يبعث ممثلا عنه كي يشارك في اجتماع قادة المعارضة العراقية المقرر عقده يوم 10 ديسمبر (كانون الاول) المقبل في بريطانيا. ويبدو أن الإدارة الأميركية لا تريد فقط أن تُظهر بأنها تحظى بدعم واسع من عدد متنوع وكبير من تنظيمات المعارضة العراقية، بل هي تريد أن تشجع نظام حكم جديد: نظام يكون فيه الشيعة ممثَّلين فيه لكن بدون أن يصبح الإسلام الأصولي فكرا مهيمنا.
والحكيم واحد من تسعة من قادة المعارضة الذين تسلموا الرسالة من فريق بوش وواحد من زعيمين شيعيين تلقيا هذه الدعوة. أما الآخر فكان محمد بحر العلوم وهو رجل دين معتدل يقيم في لندن. ويرأس الحكيم «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق». وقال مساعدوه إن المنظمة تخطط لفتح فرع لها في واشنطن قريبا. مع ذلك، يبدو أن هناك قدرا من التوتر بين الحكيم والأميركيين، وهو لا يجد أي حرج في كشفه. فالإدارة الأميركية على سبيل المثال حريصة جدا على كسب دعم الحكيم سياسيا لكنه لاحظ أنها لا تسعى إلى التحالف مع «لواء بدر» التابع للمجلس والبالغ عدد مقاتليه عدة آلاف. ويقول الخبراء إن هذا الجيش درب وسلح من قبل الحرس الثوري الايراني ناهيك من تأثيره الفكري عليه.
لكن الحكيم يبدو على استعداد للعمل مع واشنطن إذا ساعده أي غزو أميركي للعراق على احتلال موقع داخل أي تركيب جديد للسلطة في العراق. في الوقت نفسه يرغب هذا الزعيم الديني في رؤية القوات الأميركية تغادر العراق في أقرب وقت ممكن بعد إسقاط النظام الحالي. وقال الحكيم إن «العراقيين قادرون على تسيير أمورهم بأنفسهم. لذلك لا أجد هناك أي حاجة إلى بقاء القوات الأميركية في العراق لأنه ليس هناك أي قوة خارجية تهدد العراق». وما زال الحكيم يشعر بالمرارة تجاه قرار جورج بوش الأب عدم تقديم مساعدة للشيعة بعد حرب الخليج الثانية سنة .1991 من جانب آخر، قال بعض الخبراء إن علاقة الحكيم بإيران لها فوائد. إذ أنها أعطت إيران حصة في تقرير شكل حكومة المستقبل العراقية. من جانب آخر ساعدت هذه العلاقة على تحييد إيران أو تعاونها مع أي غزو تقوم به الولايات المتحدة للعراق، حسبما قال ديفيد ماك المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية. وظهرت إلى السطح بعض المؤشرات على تعاون إيران وهذا يتضمن قرار القوة البحرية الإيرانية غلق حدودها المائية بوجه المهربين المتوجهين من وإلى العراق. أما الكويت فقامت من جانبها بتشجيع إدارة بوش على التعامل مع الحكيم الذي هو زائر منتظم للكويت. وقال الشيخ الدكتور محمد الصباح وزير الدولة للشؤون الخارجية في مقابلة أجريت معه أخيرا إن حكومة صدام حسين غير قابلة على الإصلاح وإن من الأفضل لواشنطن أن يكون لها قناة اتصال مع تنظيمات المعارضة العراقية الشيعية ومع إيران. واضاف بعد لقائه الحكيم في الكويت أخيرا «تحدثنا عن مستقبل الكويت والعراق وكيف يمكننا أن نعيد العلاقات إلى ما كانت عليه من قوة». وأضاف المسؤول الكويتي بخصوص الحكيم «إنه يحظى بالترحيب دائما في الكويت».

iraq.net