شراء الاصوات دليل على الافلاس السياسي

بغداد/ اصوات العراق: بطاقة لوجبة مجانية عائلية في احد مطاعم بغداد، هدايا، علب غذاء، مفكرات جلدية…. اشياء يزعم البعض ان كيانات سياسية ومرشحين للمجالس المحلية يوزعونها على مواطنين في مقابل منحهم اصواتهم، بل ان هناك من تحدث عن توزيع ثلاجات على عائلات، واعطاء مبالغ مالية لرؤساء عشائر كي يوفروا لكيان سياسي بعينه حشدا من الاصوات.
تلك اساليب تختارها كيانات سياسة او مرشحون بهدف الحصول على اصوات ناخبين، بدلا من تقديم برنامج انتخابي طموح يثر الناخب ويجتذبه.
عبد الامير المجر، كاتب ومعلق سياسي، يجد ان “لجوء بعض الكيانات السياسية او المرشحين الى اسلوب الرشى واعطاء هدايا لناخبين يلفت الى مسألة مهمة جدا” الا وهي ان هذه الكيانات السياسية “قد فقدت رصيدها الاعتباري لدى العراقيين؛ فالمعروف ان أي كيان سياسي في أية دولة في العالم يعتمد بالاساس على برامج، والبرامج هي التي تخلق لهذا الكيان مكانته وجمهوره.”
ويعتقد المجر ان “الذي حدث لدينا في العراق ومنذ بداية 2003 او بداية العملية السياسية ان الكيانات السياسية في معظمها اعتمدت على مسائل اعتبارية تتمثل في الاتكاء على البعد الطائفي، البعد الاثني، وغيرهما. هذا الامر نفع هذه الكيانات السياسية واوصلها الى السلطة عندما بدت العملية السياسية على اساس الاصطفافات الطائفية”.
ويلفت الى ان “الشيعي كان يذهب لانتخاب قوائم شيعية والسني قوائم سنية والكردي قوائم كردية، وهكذا بالنسبة لبقية المكونات العراقية،” ويستنتج المجر ان “لم تكن هناك انتخابات بالمعنى الحقيقي، انما عملية استفتاء.”
الدكتور عبد الستار جبر، كاتب ومعلق سياسي، ابدى اسفه لما يُتداول الان في الشارع العراقي من محاولة رشوة الناخب “للاسف كثيرا ما نسمع، على الرغم من عدم توافرنا على احصائيات، لجوء بعض القوائم والمرشحين الى شراء ذمم الناخبين عبر دفع رشاوى او استمالتهم لكسب اصواتهم من خلال تقديم اموال او اجهزة كهربائية او ما شبه.”
ويرى جبر ان هذه فرصة حقيقية لمفوضية الانتخابات والجهات المعنية “لتفعيل رقابتها في الوقت من اجل تاسيس ثقافة انتخابية نزيهة وسليمة، وترسيخ ثقافة التنافس المنضبط لدى المرشَّح من خلال تقديمه برامج انتخابية عملية وحقيقية، وليس من خلال شراء ذمم الناخبين واستمالتهم..”
ويجد المجر ان فشل تجربة الاحزاب مع الاستقطاب الطائفي والاثني ظهر “بوصول اشخاص غير اكفاء الى ادارة البلاد،” وهذا ما ولَّد “سخط العراقيين وتذمرهم، ثم انعكس هذا على التحالفات الحزبية والتكتلات فتفتت.”
وكانت النتيجة، حسب ما يجد المجر، “فقدان العنصر المعنوي او الاعتباري الذي كان يعكس صورة الطائفة في هذه الاحزاب، واصبح كل كيان لا يستطيع ان يمثل لوحده طائفة معينة. بل اصبح الان مطالبا بتقديم برنامج بعدما انكشف الغطاء عن الكيانات الشيعية والسنية وصارت في مواجهة حقيقية مع الواقع المعاش.” ويتوقع المجر ان الاحزاب الكردية ستعاني التجربة ذاتها.
ويلفت المتحدث الى ان “الجمهور الان يريد احزابا وكيانات تخدمه لا ان تعبر عن جزء من هويته كما في ظروف ومرحلة مضت.”
ويشير الدكتور جبر الى ان “عجز الكثير من الكيانات السياسية خلق قاعدة شعبية فضلا عن ادامتها، وعدم امتلاك برامج انتخابية قادرة على استقطاب الناخبين،” هو الذي دفع بالبعض الى ممارسة مثل هذه السلوكيات في استدرار عطف الناخب.
احلام حسين الكناني، مديرة ادارة مجلة الاقلام في دار الشؤون الثقافية العامة، ترى ان “هذه الممارسة لن تصب في صالح المرشح ابدا ويعكس عدم ثقته بنفسه على ادارة المنصب الذي يتنافس عليه.”
ويجد المعلق السياسي المجر ان ازاء سلوكيات انتخابية كهذه “نحن امام مسؤوليتين؛ مسؤولية اخلاقية ومسؤولية قانونية.” المسؤولية الاخلاقية، كما يوضح المجر ان “يعمد الاعلام الى كشف وتعرية أي كيان يمارس هذه الافعال وليدفع ثمن ما يفعله..” اما القانونية فيجب على “مفوضية الانتخابات والسلطات المعنية ان تطبق القانون بدقة وسرعة كي تضع حد لهذه الافعال.”
وكان مجلس المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات عقد جلسة في 4 من الشهر الجاري واصدر عقوبات مالية بحق 45 ما بين كيان سياسي ومرشح لخرقهم لوائح الحملات الانتخابية “والزامهم بازالة المخالفات خلال ثلاثة ايام من تاريخ تبليغهم بالقرار وبخلافه سيضطر المجلس وبموجب القانون الى اصدار عقوبات شد.”
واعلنت المفوضية مواصلتها “بجد ومثابرة متابعة الخروقات للحملات الانتخابية، وتتوجه الى جميع الكيانات السياسية والمرشحين بضرورة الالتزام بالقوانين والانظمة للعملية الانتخابية”.
رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فرج الحديري طالب في وقت سابق من يتحدثون عن اية خروقات بأن يقدموا أدلتهم التي تثبت هذا الأمر، وينبغي أن تكون الأدلة موثقة سواء كانت صوتية أم صورية، لأن المفوضية لا تعتمد على الادعاء ويجب أن يكون الادعاء موثقا بدلائل من اجل استدعاء الكيان الساسي لنقول له أنت متهم.
واضاف “ان جميع مكاتب المفوضية في المحافظات لديهم التعلميات الكاملة في كيفية التعامل مع الخروقات والعقوبات وكيفية التحقق منها والعقوبات الموضوعة لها، وهناك لجان شكلتها المفوضية في بغداد وبقية المحافظات لمراقبة ورصد المخالفات”.