خبير اقتصاد عراقي المولد يركز على مستقبل العراق
(مقابلة مع صلاح الشيخلي، رئيس البنك المركزي العراقي السابق)

بقلم فيكي سيلفرمان
محررة في نشرة واشنطن
واشنطن، 14 آب/أغسطس - - اجتمع بوزارة الخارجية الأميركية بواشنطن، يومي السادس والسابع من آب/أغسطس، فريق من خبراء الاقتصاد العراقيي المولد لتحليل وضع اقتصاد العراق في الوقت الراهن، ومستقبل عراق متحرر من دكتاتورية صدام حسين. وفي ختام مداولاتهم، تحدثت نشرة واشنطن مع الدكتور صلاح الشيخلي، أحد المشاركين، وهو خبير اقتصاد معروف دوليا عمل عشر سنوات في مناصب رفيعة في مؤسسات الدولة للتخطيط في العراق.

ويمثل الشيخلي جيلا من الحرفيين العراقيين. فبعد نيله شهادة الدكتوراة من بريطانيا في عام 1968 عاد إلى بغداد. وعن ذلك قال، "كنت أستاذا مشاركا للاقتصاد الإنمائي بجامعة بغداد وأنا في السادسة والعشرين – ثم شغلت عدة مناصب في الحكومة بما فيها مدير مكتب الإحصاء ومحافظ البنك المركزي. وفي عام 1976 ترأست المؤسسة العراقية، وهي برنامج مساعدات التنمية العراقية، الذي كان يمارس نشاطه في مناطق تمتد من أميركا الجنوبية إلى إفريقيا والبلاد العربية. ويوضح ذلك قائلا "لقد كانت لدينا برامج مهمة في أفغانستان في تلك السنوات.

"حينما أفكر في تلك السنوات، 1968 – 1978، أرى أنها كانت أفضل عشر سنوات. فقد كانت هناك أعداد كبيرة من الحرفيين ذوي المواهب (العاملين ببغداد).

كنا شبابا تواقين إلى تنفيذ أحلامنا. كنت في السادسة والثلاثين حينما أصبحت محافظ البنك المركزي. وإذا كانت لدينا شكوك في تلك السنوات المبكرة حيال صدام حسين، فقد كنا نعتقد أنه سيصلح نفسه. فقد كان من جيلنا، وهو اكبر مني بسنتين فقط."

في عام 1978، دعت الأمم المتحدة الشيخلي ليرأس المكتب العربي للبرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة، ومقره نيويورك. وبعد ذلك بعدة سنوات قال السيد الشيخلي " بدأت المضايقات" ومنع من القيام بدوره السابق في بغداد فيما بدأ صدام حسين يتخذ إجراءات واسعة النطاق ضد أفراد معينين وأقاربهم، اعتبر آراءهم منشقة سياسيا.

ويعتقد الشيخلي أنه أصبح هدفا للنظام ردا على الأنشطة السياسة لابن عمه، وهو وزير سابق كان قد سجن في أوائل الثمانينات وقتل بعد ذلك ببغداد. وفي عام 1983 قرر الشيخلي الانضمام إلى مؤسسة فكر دولية مرتبطة بكلية سانت جون بجامعة اكسفورد بدلا من العودة إلى بغداد. وقد أشار إلى ذلك قائلا "في سانت جون كنا من بين أوائل من تفحص التطورات المالية والتجارية التي أطلق عليها الآن اسم ’النظام الاقتصادي الجديد’".

ويوضح الشيخلي انه وزملاءه العراقيي المولد لم يسمحوا لمهاراتهم الاقتصادية "بأن تصدأ." ويقول "يتحدث الناس عن الشتات العراقي كما لو كنا عاطلين من العمل. كان الاقتصاديون أمثالي، على النقيض من ذلك، يعملون في الوكالات التابعة للأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية. كما كنا مستشارين في عدة دول عربية. علاوة على أن كثيرا منا ممن اجتمعوا هنا بواشنطن لهم خبرة واسعة النطاق في تلك المؤسسات الدولية التي تستطيع مساعدة العراق في دخول الاقتصاد العالمي الجديد.

ولكن ما الذي يتوقع ان يجده الدكتور الشيخلي إذا قدر له أن يستأنف مهام منصبه كرئيس للبنك المركزي العراقي؟ يجيب قائلا، "الفوضى لأن البنك المركزي لم يعد يؤدي دوره التنظيمي في الاقتصاد. فهو لا ينظم أسعار الصرف أو أسعار الفائدة؛ فهذه القرارات يتحكم فيها نظام الحكم. والحقيقة أن صدام و ولديه يسيطرون على دور الطباعة وهم يطبعون كثيرا من النقود.

وقال الشيخلي وهو يتذكر ديناميكية رجال الأعمال العراقيين، " أعتقد أن الحرفيين لا يزالون موجودين في العراق ولكنهم بحاجة إلى تجميع قواهم. فالنظام الحالي لا يقدم إلا مكافآت قليلة – ليست هناك وظائف ولا حوافز، وانما غلاء معيشة يسحق النمو الاقتصادي الحقيقي.

وسئل الشيخلي عن ادعاء العراق بأن عقوبات الأمم المتحدة دمرت الاقتصاد العراقي فقال إنه يعتقد أن هذا الادعاء سياسي. "فعندما تركت البنك المركزي في عام 1976 كان لدى الدولة فائض يبلغ 40 ألف مليون دولار. وبحلول عام 1990، في نهاية حرب الخليج الأولى مع إيران، بلغت ديون العراق 42 ألف مليون دولار. وسبب أداء الاقتصاد الإيراني بشكل افضل ( من أداء الاقتصاد العراقي) بعد الحرب هو أن إيران حدت من نفقاتها في بداية الحرب. لكن صدام رأى أنه يستطيع إغراق السوق الاستهلاكية في الوقت ذاته الذي يخوض فيه الحرب." وشدد الشيخلي على الآثار الموهنة للاقتصاد الناتجة عن قرار العراق عدم بيع البترول من 1990-1996، وما أعقبه من توقف الإنتاج بدوافع سياسية. وقال إنه نتيجة لذلك لم تتم خدمة ديون العراق العامة والتجارية منذ اثني عشر عاما مما أدى إلى ارتفاعها إلى 130 ألف مليون دولار.

وكانت ديون العراق واحدة من عدة قضايا بحثها خبراء الاقتصاد العراقيون الذين اجتمعوا بواشنطن من 6-7 آب/أغسطس. وهؤلاء يشكلون "فريق عمل المالية العامة" وهو واحد مما يزيد على اثني عشر فريق عمل من الخبراء الذين اجتمعوا في إطار مشروع وزارة الخارجية الأميركية حول "مستقبل العراق."

ويأمل الفريق في أن تساعد توصياته حكومة جديدة في العراق في جعل الاقتصاد العراقي منسجما مع الأسواق العالمية وتشجيع تنمية القطاع الخاص. والمهمة التي أناطوا بها أنفسهم هي دراسة ثلاثة مجالات ذات أهمية حيوية لمستقبل الاقتصاد العراقي ووضع تقارير عنها. وسيتولى فريق من خبراء الاقتصاد وضع تقييم شامل لحالة الاقتصاد العراقي الراهنة. بينما يتفحص فريق ثان حاجة العراق وقدرته على التفاعل مع المؤسسات الاقتصادية الدولية المهمة. وسيضع فريق ثالث المقترحات الاقتصادية المرجح أن تضمن الاستقرار والتنمية في الفترة الحرجة التي تعقب تغيير النظام في العراق.

وسئل الشيخلي عما إذا كانت توصياتهم ستنشر فقال، " إننا نضع هذه التقارير لأنفسنا أولا. لكنني أتوقع أن نستخدم توصياتنا وتقاريرنا لتثقيف السياسيين الذين هم جميعا بحاجة إلى فهم الواقع حتى يتمكنوا من العمل بفعالية بعد تغيير النظام في العراق. فبغير أساس اقتصادي راسخ تستند أليه القرارات، يجازف المرء في الوقوع في حلقة مفرغة."

وقال الشيخلي أنه باق في واشنطن للتشاور مع أعضاء المؤتمر الوطني العراقي (المتحالف معه) ومع خمسة أحزاب عراقية أخرى معارضة عقدت اجتماعات مع كبار أعضاء حكومة الرئيس بوش في 9 آب/أغسطس. واعتبر ذلك فرصة مهمة جدا للالتقاء كأحزاب معارضة والاشتراك معا في إجراء حوار مع الحكومة الأميركية حول مستقبل العراق.

http://usinfo.state.gov/arabic/iraq/0814ireco.htm