رشحت لذلك أربع عواصم هى :جاكرتا والرياض وأنقرة والقاهرة
هيكل: السعودية رفضت استقبال خطاب أوباما
الكاتب بسيوني الوكيل
الاثنين, 08 يونيو 2009
كشف الصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل أن حوارا واسعا دار فى واشنطن لاختيار المنبر الذى توجه منه رسالة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى العالم الإسلامي، ورشحت لذلك أربع عواصم هى جاكرتا والرياض وأنقرة والقاهرة.
وأوضح هيكل في مقابلة أجرتها معه صحيفة الشروق الجديد المستقلة وتنشر نصها بداية الاثنين أنه تم استبعاد الأولى لبعدها ولم ترغب السعودية في الثانية، وبقيت القاهرة وأنقرة.
وأضافت الصحيفة نقلا عن هيكل أن اختيار القاهرة ووجه بأربعة اعتراضات، لم توضحها، الأمر الذى أبقى على الخيار الأخير. ولذلك ذهب الرئيس الأمريكى إلى تركيا، وألقى خطابه أمام البرلمان باعتباره ممثلا للشعب وبدأه بمخاطبة رئيسه ورئيس الحكومة، ولكن لأن رسالته لم تصل من العاصمة التركية، فقد نشأت الحاجة إلى تكرار إعلان السياسات من القاهرة والتجاوز عن التحفظات السابقة التى برز صداها فى النص الذى وجهه أوباما.
ولاحظ هيكل أن الرئيس الأمريكى لم يوجه خطابه إلى أحد فى مصر، ولم يذكر رئيس الدولة التى استضافته وهذا يدل على أننا أمام حملة علاقات عامة، كما لاحظ فى هذا السياق أن مصر التاريخية وليست مصر المعاصرة ظلت فى خلفية زيارته طول الوقت.
وأوضح هيكل: البعض فهم خطأ أن أوباما جاء لكى يعلن سياسات جديدة. وهذا غير صحيح، لأنه لو أراد أن يتحدث عن تغيير فى السياسات لذهب إلى الكونغرس الذى يصنع فيه القرار السياسى وليس إلى جامعة القاهرة، معتبرا اختيار أوباما رئيسا للولايات المتحدة يعبر عن الأزمة التى تعانى منها بلاده نتيجة الفشل الذريع الذى منيت به الإدارة السابقة.
وأشار هيكل إلى أن أوباما نجح فى إحداث التأثير الذى أراده، ولم يتزحزح قيد أنملة عن الموقف الأمريكى من إسرائيل، حين وصف علاقات البلدين بأنها ثابتة ولن تتغير. وأكد فى كلامه الاعتراف بإبادة ستة ملايين يهودى فى المحرقة النازية وهو الرقم المشكوك فيه، الذى رفض بابا الفاتيكان الإشارة إليه فى زيارته الأخيرة للقدس.
وكشف محمد حسنين هيكل الكاتب الصحفي الشهير أن كثرة استشهاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالآيات القرآنية في خطابه الذي ألقاه من القاهرة جاء بناء على نصيحة عدد من المستشرقين حتى يكون مؤثرا في نفوس المسلمين، مشيرا إلى أن 40 خبيرا بينهم هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق شاركوا في إعداد الخطاب.
وقال هيكل في حوار نشرته صحيفة "الشروق" المصرية اليوم الإثنين: "لفت نظري استخدامه (أوباما) للآيات القرآنية.. أنا أعلم أنه طلب نصح أشخاص ورأي عدد من المستشرقين الذين نصحوه بزيادة نسبة الآيات".
واستطرد هيكل، منتقدا ما اعتبره سذاجة في تلقي الخطاب بقوله: "أعرف هذا ونحن نسمعه يردد الآيات ونصيح (الله) ونصفق".
وتضمن خطاب أوباما الذي وجهه الخميس الماضي من جامعة القاهرة إلى العالم الإسلامي لفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الجانبين، استشهادا بعدد من الآيات القرآنية مثل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119]، وقوله تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة:32].
وأشار هيكل إلى أن "هذا الخطاب اطلع عليه وأبدى الرأي فيه من 38 إلى 42 خبيرا وأهمهم هنري كيسنجر وطلب من كل واحد منهم أن يضيف ما يعجب السامعين.. أي أنهم سئلوا: ماذا ترى أن يقوله الرئيس؟ وهذا ليس كلاما من عندي بل نشرته نيويورك تايمز (صحيفة أمريكية)".
دبلوماسية عامة
وانطلاقا من المعطيات السابقة، اعتبر هيكل أن خطاب أوباما لا يعلن عن تغيير في السياسات الأمريكية تجاه المسلمين وإنما يرمي لتغيير في التعبير فقط.
وقال هيكل: "إن البعض فهم خطأ أن أوباما جاء لكي يعلن سياسات جديدة، وهذا غير صحيح؛ لأنه لو أراد أن يتحدث عن تغيير فى السياسات لذهب إلى الكونجرس، الذى يصنع فيه القرار السياسي وليس إلى جامعة القاهرة".
ولاحظ هيكل أن الرئيس الأمريكى لم يوجه خطابه إلى أحد فى مصر، ولم يذكر رئيس الدولة التى استضافته "وهذا يدل على أننا أمام حملة علاقات عامة ويسمونها في هذه الأيام دبلوماسية عامة".
ونبه إلى أن محادثات أوباما مع الرئيس المصري حسني مبارك لم تستغرق سوى عشرين دقيقة، وهى مدة لا تسمح بمناقشة قضايا الشرق الأوسط، مستنكرا ما تردد إعلاميا عن إجرائه مباحثات مع مبارك حول قضايا المنطقة.
وعن أثر الخطاب على المستمعين قال هيكل: إن أوباما نجح في إحداث التأثير الذى أراده، ولم يتزحزح قيد أنملة عن الموقف الأمريكى من إسرائيل، حين وصف علاقات البلدين بأنها ثابتة ولن تتغير، وأكد فى كلامه الاعتراف بإبادة ستة ملايين يهودي في المحرقة النازية وهو الرقم المشكوك فيه، الذى رفض بابا الفاتيكان (بنديكت السادس عشر) الإشارة إليه فى زيارته الأخيرة للقدس.
مهرجان الترويج الثالث
وفيما يخص الأجواء التي استُقبِل فيها الرئيس أوباما في القاهرة، فقد وصفها هيكل بـ"مهرجان الترويج الثالث للسياسة الأمريكية"، معتبرا أن المهرجان الأول تمثل فى زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون للقاهرة فى السبعينيات التى أعقبها تحول جذري في التوجهات والسياسات المصرية.
ورأى أن المهرجان الثاني تمثل في مؤتمر مدريد عام 1991، برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب والذي كان المقصود منه التغطية على تدمير العراق في حرب الخليج الثانية.
وعاد هيكل للقول: "نعيش الآن أجواء الترويج الثالث الموجهة إلى دول الاعتدال"، مشيرا إلى أن خطاب أوباما أطلق فى توقيت إجراء الانتخابات اللبنانية وقبل الانتخابات الإيرانية.
أزمة أمريكية
وفي توضيح لجذور السياية الأمريكية الحالية اعتبر الكاتب الصحفي الشهير أن اختيار أوباما للرئاسة يعبر عن الأزمة التى تعاني منها الولايات المتحدة، نتيجة الفشل الذريع الذى منيت به الإدارة السابقة.
وقال: إن المؤسسة التي اختارته وقدمته كانت واعية بعمق تلك الأزمة، وحريصة على أن تقدم رمزا جديدا بشعار جديد، وليس في ذلك ما يعيب لأن الحكومات تعبر عن مصالح مجتمعاتها.
وواصل: "وهذه المصالح لا تترك لأهواء السياسيين، وإنما تحددها المؤسسات صاحبة القوة الحقيقية في كل مجتمع، وهي التي تتخير الشخص الذي يكون أفضل تعبيرا عنها، وهذا الدور يقوم به الرئيس أوباما الآن بامتياز واقتدار، مستثمرا في ذلك مواهبه وجاذبيته الطاغية".