 |
-
محطة أخيرة ساطع نور الدين -جريدة السفير
محطة أخيرة
ساطع نور الدين
هذه المرة، وفقت وزارة الخارجية البريطانية أكثر من المرة السابقة، في أيلول الماضي عندما أصدرت تقريراً أحيط بالكثير من الدعاية والإثارة، عن أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق، وتبيّن على الفور أنه نص يتميّز بالكثير من التلفيق والمبالغة.. وضاع في اليوم التالي لنشره من دون أن يترك أي أثر في النقاش الدائر حول الحرب.
هذه المرة، وبرغم الترجمة العربية الرديئة والوثائق والمعطيات القديمة بعض الشيء والناقصة طبعاً، فإنه يمكن اعتبار التقرير الذي أصدرته الخارجية البريطانية بالأمس عن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، جديراً بالقراءة أولاً، وبالحفظ تالياً كمستند يضاف إلى سجل حكم الرئيس العراقي صدام حسين، عندما يحين موعد محاكمته من أي جهة كانت.
إصدار التقرير أمس تحديداً ليس منزهاً عن الغرض. فهو إحدى أدوات الحرب الحالية على العراق ومبرراتها، ويأتي في سياق حملة أميركية استؤنفت مؤخراً عندما توقع الرئيس الأميركي جورج بوش للرئيس العراقي مصيراً مشابهاً لمصير الدكتاتور الروماني نيقولاي تشاوشيسكو.. بعدما كانت الإدارة الأميركية قد التزمت لفترة بنصيحة وزير خارجيتها كولن باول، بسحب فكرة تغيير النظام في بغداد من التداول!
وأمام مثل هذا التقرير، يمكن اتهام لندن وواشنطن بالخبث أو النفاق أو المؤامرة، لكن أحداً لا يستطيع التشكيك بأي من الوقائع الواردة فيه، التي لا تعدو كونها نماذج وأمثلة عابرة مما يحفل به سجل النظام العراقي، والتي يعرفها أهل المنطقة بدقة وشمولية وتفصيل أكثر ممّا يعرضها البريطانيون اليوم.
توقيت الصدور مثير للشبهة، لأن معظم الوقائع الواردة في التقرير جرت عندما كان صدام متفرغاً للبطش والقمع الداخلي، وعلى مرأى ومسمع من حلفائه في لندن وواشنطن، بحسب الدلائل الأميركية التي كشفت مؤخراً على سبيل المثال أن الخبراء الأميركيين كانوا يرشدونه في معاركه مع إيران في الجنوب، برغم معرفة إدارتهم بأنه نفذ مذبحة بحق الأكراد في الشمال.
التقرير دليل إدانة لا يرقى إليه الشك، ولا يحتمل الاستئناف.. وهو مؤشر على أن الأميركيين والبريطانيين يبنون قضية جدية ضد صدام، قد تنتهي به في المحكمة مع زميله اليوغوسلافي ميلوسيفيتش، برغم أنها ستصطدم بالخطاب العربي التقليدي، الذي يبدي حرصاً ليس له معنى على السيادة والاستقلال والقرار الوطني الحر، ويفترض أن تغيير النظام في بغداد هو مسؤولية الشعب العراقي.. أو من يبقى منه!
http://www.assafir.com/iso/today/signature/59.html
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |