تابعت موقع الوسط كغيره من المواقع العراقية وكنت شاهداً صامتاً على صعوده السريع وهبوطه
الأسرع وعلى موته السريري قبل عدة أشهر وعلى محاولات إنعاشه البائسة بنشر أخبار أو مقالات ذات طابع مثير دون جدوى.
رفع الوسط شعار (الشعب من حقه أن يعرف) وظل يشكو من تعرضه لضغوط وتخريب ولا أدري لماذا هو دون غيره فأغلب المواقع العراقية الأخرى تنشر من النقد والأخبار أضعاف ما فعل الوسط ولم نسمع منهم شكوى ولم يتعرضوا للتخريب.
وعندما كسدت البضاعة ومات الموقع جاءت محاولة إنقاذه. فنزع الموقع كما الأفعى جلده القديم بالكامل واستبدله بجلد جديد ذا ملمس ناعم رقيق فالوسط الذي ظل يزعم الحياد والوسطية وتمثيل الحقيقة (حين كان أبعد ما يكون عنها)، قرر أن ينصب نفسه (طريقاً للدعوة) و(لساناً لحال الدعاة). وأقول نصب نفسه لأن حزب الدعوة لم يطلب منه ذلك وصاحب الموقع غادر الحزب قبل زمن طويل غير مأسوف عليه.
وحين فشلت تلك المحاولة غاب الموقع فترة طويلة قبل أن تدب فيه الحياة بصورة مشبوهة وبشعار براق جديد (الكلمة لكل الناس).
يبدو أن صاحب الموقع يهوى انشاء المواقع الفاشلة كما يهوى البعض جمع الطوابع، فقد سبق وأنشأ موقع أفكار ثم الملف ثم الوسط (نسخة 1) ثم الوسط العراقي ثم الوسط (نسخة 2) ثم لارسا نيوز ثم الوسط (آخر نسخة). وما لا أعرفه قد يكون أكثر.
إن القاسم المشترك لهذه المواقع هو العداء لحزب الدعوة بصورة أو بأخرى. فقد سجل لموقع أفكار (بعد أن انسحب منه الشيخ عبد الحليم الزهيري) أنه كان السباق للترويج لانفصال الجعفري عن حزب الدعوة في الوقت الذي كان مازال فيه رئيساً للوزراء.
وها هو الوسط في آخر صوره القبيحة يسير على ذات الطريق التي لن تؤدي به إلا إلى الهاوية، وكعادته فقد امتاز بكثرة الأخبار الخاصة التي تبين خطأ أغلبها أن لم نقل كلها. فقد أكد مثلاً أن الائتلافين (الوطني ودولة القانون) سيندمجان بعد زيارة لاريجاني وهو ما لم يحدث، وزعم أن دولة القانون اتفق مع شركة سويدية لإدارة حملته الانتخابية وهو خبر عار عن الصحة، وزعم أن شخصيات من الدعوة وغيرهم ستنسحب من دولة القانون وتنضم للوطني والذي حصل هو العكس. وزعم أن مكتب المالكي تلقى عمولة مليار دولار في صفقة معسكر الرشيد وهو خبر كاذب ينسجم مع الحملة الاعلامية التسقيطية لممولي الموقع الجدد فديدنهم التسقيط وغيرها الكثير.
إلا أن أسوأ ما في الوسط أن يلجأ إلى المتاجرة بمعاناة صديق له، وأسوأ منها أن الخبر الذي ذكره جانب الحقيقة في الكثير من جوانبه، ولا أدري إن كان صديقه يقبل أن يزج به في أخبار الوسط بتلك الصورة!!!
لن أدخل في مهاترات مع الموقع وصويحبه فهذا أكثر ما يتمناه ويطلبه، ولكنني أستشرف المستقبل وليتذكر القراء الأفاضل ذلك، فمحاولة الانقاذ هذه فاشلة كسابقاتها فالناس تكره المنافق المتملق وتمقت المتلون المتغير.
ذكرتني حكاية الموقع بمطلع سورة المنافقين ثم بأبيات من قصيدة كعب بن زهير (بانت سعاد) يقول فيها:
فما تدوم على حـال تكــون بها *****كما تلون في أثوابها الغول
ولا تمسـك بالعهـد الذي زعمـت***** إلا كما يمسك الماء الغرابيل
فلا يغرنك ما منـت ومـا وعـدت***** إن الأماني والأحلام تضليل
كانت مواعيد عرقـوب لهــا مثلاً***** وما مواعيدها إلا الأباطيل
نوري خلف
norikhalaf_(at)_hotmail.com