 |
-
العلامة المرجع فضل الله وتساؤلات حول المرأة
تساؤلات حول المـرأة
المرأة في أوضاعها المختلفة وشؤونها المتعددة، مدار بحث وجدال، وقد عالج الإسلام كل ما يتعلق بقضاياها معالجة جذرية لبناء مجتمع إنساني متكامل.
بهذا الشأن أجاب سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله عن جملة من القضايا التي تتناول مكانة المرأة الإنسانية.
* هل هناك تعاليم وضعها الإسلام سواء في القرآن أم سنّة الرسول(ص) وسنّة الأئمة عليهم السلام، بخصوص المكان الذي يسكنه الزوجان بعد زواجهما، علماً أن التقاليد والعرف يختلفان عن التعاليم الإسلامية في هذا المجال؟
* هل تعتبرون الأسرة عند الشيعة هي أسرة ذكورية ما دام الذكر، أي الزوج، هو رب الأسرة وهو الذي يكنّى الأطفال بكنيته؟
* هل هناك حالات يكنّى بها الأطفال بكنية الأم؟
* هل صحيح أنه في الإسلام يحصل الأبناء على الإرث من طريق والدهم أكثر مما يحصلون عليه من طريق أمهم؟
* هل يسمح الإسلام للمرأة أن تكون قاضية أو رئيسة دولة؟
* ما هو رأي سماحتكم تجاه ما يُثار في الغرب حول وضع المرأة في الإسلام، من قضايا كمسألة أن المرأة ترث نصف ما يرث أخوها، كما أن وضعها عند الطلاق هو أضعف من وضع الرجل، وأن الزوج هو المطالب بالنفقة على الأسرة وليس الزوجة، وأن الجهاد واجب على الرجل وليس على المرأة؟
ـ يرتكز إن النظام الإسلامي للأسرة على قاعدة أن العقد هو شريعة المتعاقدين وهو الذي يحكم الزوجين بكل بنوده والتزاماته، باعتباره يمثل الإرادة المشتركة الحرّة لكل منهما. ومن بين هذه الالتزامات التي يلتقي عليها المتعاقدان، أن يعيش الزوجان معاً في البيت الذي يتحمل الزوج تهيئة مكانه بالمستوى الذي يكفل للزوجة الشروط الإنسانية لحياتها فيه، مما تعرفه الزوجة عند إجراء العقد الذي تلتزم مضمونه، ولكن للزوجة الحق أن تشترط على الزوج ضمن العقد، السكنى معها في بلدها أو في بيتها الشخصي أو في بيت أهلها أو في بلد آخر، فإذا وافق الزوج على الشرط، فيجب عليه الالتزام به، انطلاقاً من الحديث الشريف: "المؤمنون عند شروطهم".
ـ الأسرة في الإسلام ليست ذكورية بالمطلق، بل هي مشتركة بينهما بحسب الالتزام العقدي، بما في ذلك الشروط التي يفرضها أحدهما على الآخر، بل إن الأسرة تمثل نظاماً يملك فيه الطرفان الحرية في تأكيد إرادتهما من خلال الالتزام العقدي، الذي يمارسانه بحريتهما الإنسانية.
ـ أما الانتساب إلى الأب، فهو مسألة اجتماعية تنطلق من التقاليد التاريخية، وليست أمراً شرعياً، وربما نجد في بعض المفردات في التاريخ بعض حالات الانتساب إلى الأم، كما ينقل عن محمد بن الإمام علي(ع) أنه اشتهر باسم محمد بن الحنفية، "وهي أمه"، ولذلك فلا مانع من ناحية إسلامية أن ينتسب الإنسان إلى أمه إذا تغيّر العرف العام.
ـ أما الإرث، فإن الأبناء يحصلون على الإرث من جهة الأب إذا كان إرثهم منه أو من إخوتهم من جهته، كما يحصلون على الإرث من جهة الأم في الحالات المماثلة.
ـأما القضاء، فإن المشهور بين الفقهاء أن المرأة لا تكون قاضية، ولكن المسألة بدأت تثير الجدل من الناحية الفقهية حول مشروعية ذلك. وكذلك الأمر بالنسبة إلى رئاسة الدولة.
وربما يعلل البعض ذلك بغلبة الجانب العاطفي للمرأة، الذي قد يترك تأثيراً سلبياً في قراراتها في عالم القضاء أو الرئاسة، فكان هذا الحكم الشرعي ـ في اجتهاد القائلين به ـ احتياطاً للعدالة وللناس، لا انتقاصاً من المرأة، وهناك البعض ممن يناقش هذه الفكرة.
ـأما مسألة الإرث، فإن الإسلام قد أعفاها من الناحية المالية فيما يترتب من الحقوق في مقابل ما أخذه منها. فالمهر لا تكلف بدفعه بل يدفعه الرجل، كما أنها لا تكلَّف في الإنفاق على نفسها وعلى زوجها وعلى الأولاد وعلى بيت الزوجية بينما كلف الرجل بذلك كله. ولكنها إذا قامت بذلك، فإنها تقوم به من باب المشاركة الطوعية على أساس العطاء المنطلق من القيمة الروحية الإنسانية لا من باب الفرض القانوني... وهكذا أعفاها الإسلام من بعض الضرائب المادية، كما في دية قتل الخطأ ونحو ذلك، ما قد يجعل حصة النساء أكثر من حصة الرجال.
ـ أما في مسألة إنفاق الرجل على زوجته، فهذا يمثل تكريماً للمرأة وتخفيفاً عنها، لأن المرأة الأم قد تخضع لبعض الأوضاع المترتبة على معاناة الأمومة ومسؤولياتها. ذلك أن أمومة المرأة في جسدها، بينما أبوّة الرجل خارجة عن الجسد من حيث المعاناة، الأمر الذي قد يمنعها من القيام بالمسؤوليات الإنتاجية من ناحية عملية. ولذلك رأينا أن الأم تمنح إجازة طويلة رعاية لما تعانيه. ولكن من الممكن أن يتفق الزوجان على الاشتراك في الإنفاق على البيت الزوجي على أساس المودّة والرحمة والعطاء المتبادل.
ـ أما في حالة الطلاق، فإن الإسلام جعل للمرأة الحق في الطلاق إذا اشترطت الوكالة عن الزوج في طلاق نفسها منه مطلقاً، أو في بعض الحالات في العقد، وهي وكالة غير قابلة للعزل، ما يوحي أن الإسلام لم يغلق الباب على المرأة الزوجة في اختيار الطلاق على أساس هذا الشرط.
ـ أما الحديث عن أن الإسلام جعل المرأة أقل من الرجل، فهو حديث غير دقيق، بل إن المرأة مساوية للرجل في القيمة الإنسانية وفي حركة المسؤولية وفي الحقوق والواجبات، ولكن على قاعدة توزيع الأدوار بحسب طبيعة الأوضاع المتنوعة في الجانب النفسي والحركي والجسدي... ونحن نعرف أن الإسلام لم يرد من المرأة أن تعيش أنوثتها بعيداً من العلاقة الزوجية، كما يريد من الرجل أن يعيش ذكوريته في هذا الجانب من الناحية الجنسية، ويريد للمرأة ـ كما للرجل ـ أن تنطلق في الواقع العام كإنسانة تملك العقل والإرادة والقيمة العلمية والفكرية والعملية، بحيث لا تثير الجانب الجنسي، بل الجانب الإنساني في علاقاتها الاجتماعية، وجعل لها الحق في المشاركة في النشاط الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، كما هو الرجل، وجعل لها الحق ـ إلى جانب ذلك في الأخذ بالجانب الأمني والعسكري ـ في الجهاد طواعيةً واختياراً، ولم يمنعها عنه ولم يفرضه عليها، إلا في الحالات الضرورية الطارئة عندما تتعرض الأمة إلى الخطر من العدوّ، وقد كان النبي محمد(ص) يخرج النساء معه في الحرب ليداوين الجرحى ويسقين العطشى، كنموذج من نماذج المشاركة النسائية في أعمال الجهاد...
ماهو تعليقك؟
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |