الخيارات التي تواجه المالكي كما قلنا لا تقل مرارة عن تلك التي تواجه القائمة العلمانية المدعومة أمريكيا. ولعل أسهل تلك الخيارات أمامه هو النكوص إلى الأصل الطائفي لحزبه وأيديولوجيته والاقتناع بما سيحصل عليه من النسخة الجديدة من المحاصصة الطائفية، وهنا ستسهل أميركا هذا الخيار بأن تدفع قائمة الحكيم وعلاوي والكردستاني إلى القبول بدور محدود له مقابل شروط لن تكون "بطولية" في جميع الأحوال.

الخيار الثاني، وهو الذي يمكننا وصفه بالخيار الممتنع بسبب تعقيدات الوضع العام والصراعات الداخلية في قائمة المالكي ذاتها، وفي حزبه الخاص، بين تيار وطني مناهض بعمق للطائفية يمثله صادق الركابي وشيروان الوائلي وآخرون، وتيار آخر ذي نزوع و بواعث طائفية صريحة يقوده عبد الحليم الزهيري وطارق نجم العبد الله وخضير الخزاعي وهو تيار يضغط حاليا من أجل تحالف شيعي يدخل البرلمان كقوة مندمجة أو موحدة. هذا الخيار الممتنع هو أن يتحالف المالكي مع الكردستاني والقوى العربية السنية التي رفضت الانضواء تحت راية الاحتلال غير المباشر القادم مع علاوي، وقد زار المالكيَّ وفدٌ من هذه القوى مؤلف من المشهداني والعليان والسامرائي عشية الإعلان عن النتائج الانتخابات، إضافة إلى قوى صغيرة أخرى وقوى من المتوقع ان تنسلخ عن قائمة علاوي قريبا. وكما قلنا فهذا الخيار ممتنع لذاته، ولمجموعة أسباب داخلية وعملية.

الخيار الثالث، وهو خيار ممنوع أمريكيا، وحتى إقليميا، ولكنه ليس مستحيلا بل يحتاج إلى جرأة وقدرة على قراءة الأحداث والقوى السياسية وطبيعة المرحلة والأهداف الآنية للاحتلال في طوره الجديد. إنه خيار يقوم على تبني قائمة المالكي والقوى المشابهة لها والتي ستلتحق بها، ولكنها غير قادرة على تشكيل الحكومة، تبنيها لسياسة معارضة في البرلمان وخارجه ، تكون وطنية التوجهات مناهضة للاحتلال والطائفية تطالب الانسحاب الفوري لقواته ورسم برنامج سياسي جديد يسحب البساط من تحت أقدام القوى الطائفية والعلمانية المتحالفة مع الاحتلال، ويقوم هذا البرنامج على مشروع إصلاحات سياسية واضحة ومصالحة اجتماعية وسياسية ترفض الاجتثاث ولكنها في الوقت نفسه تجرم وتحرم التعامل مع الصداميين الصرحاء المدافعين عن جرائمه بحق الشعب طوال فترة حكم النظام السابق على ألا يجري تعميم هذا التحريم والتجريم على عموم البعثيين.

هذا الخيار هو الأقرب إلى التوجهات الشعبية المناهضة للاحتلال والطائفية والتي شوَّشها تلكؤ المالكي من جهة والشعارات العلمانية البراقة لعلاوي فجاءت نتائج الانتخابات بهذا الشكل المشوش وليس بأي شكل آخر.إنه خيار ممنوع أمريكيا كما قلنا ولكن أميركا ليست اللاعب الوحيد في العراق فثمة شعب العراق أيضا.

* كاتب عراقي /الأخبار