 |
-
نص تقرير بعثة الامم المتحدة لتقصي الحقائق في العراق !! ..
"المستقبل" تنشر التقرير الكامل لبعثة الأمم المتحدة تقصي الحقائق في العراق:
تخوف من ترسّخ النزعة الطائفية وتأييد ضمني لعقد مؤتمر وطني
المستقبل - الاربعاء 25 شباط 2004 - العدد 1531 - شؤون عربية و دولية - صفحة 12
بغداد ـ عصام العامري
حذر تقرير بعثة تقصي الحقائق الى العراق حصلت "المستقبل" على نسخة كاملة منه، من ترسخ النزعة الطائفية، منبها الى "شعور بالخطورة التاريخية للحال الراهنة" لدى الطائفة السنية والنخبة العلمانية اللتين "تعتقدان أنهما تشهدان تحولا حاسما في ميزان القوى سيجعلهما في موضع الخسارة في إطار الترتيبات السياسية الجديدة".
هذا ابرز ما جاء في تقرير الاخضر الإبراهيمي الذي رأس بعثة تقصي الحقائق الى العراق بين السادس والثالث عشر من شباط الجاري.
وحذر التقرير من انه "إذا لم تتمكن العناصر الفاعلة، سواء العراقية أو غير العراقية، من التصدي العاجل للمسائل الأشد إلحاحا، بما في ذلك الوضع الأمني، فإن التوترات الكامنة يمكن أن تغذي الامكانات القائمة لإثارة النزاع المدني والعنف"، داعيا الجميع الى "العمل بدأب لمنع تصعيد العنف بين الطوائف المختلفة والإسهام في العملية البطيئة الشاقة لبناء الثقة وخلق القوة الدافعة لتعاون متواصل".
ويبدو ان التقرير ايد فكرة مطالبة بعض العراقيين للامم المتحدة بالنظر جديا في فكرة عقد مؤتمر وطني.
وفي ما يأتي النص الكامل لتقرير الاخضر الإبراهيمي:
أولا ـ مقدمة :
1 ـ أوفد الأمين العام إلى العراق بعثة لتقصي الحقائق من 6 إلى 13 شباط 2004. وجاءت هذه المبادرة متابعة للاجتماع الذي عقد في نيويورك في 19 كانون الثاني 2004 مع مجلس الحكم العراقي وسلطة التحالف الموقتة، واستجابة لطلب الطرفين، فضلا عن طلب كثير من المنظمات والشخصيات العراقية، بينها آية الله علي السيستاني، وهو من رجال الدين الشيعة الكبار.
2 ـ كان على رأس بعثة تقصي الحقائق وكيل الأمين العام الأخضر الإبراهيمي، المستشار الخاص للأمين العام، وضمت سبعة أعضاء بينهم خبراء في الشؤون الانتخابية من إدارة الشؤون السياسية (انظر تكوين لجنة تقصي الحقائق التذييل الأول).
3 ـ اجتمعت البعثة خلال زيارتها للعراق، مع عدد كبير جدا من العراقيين، ومنهم زعماء سياسيون (سواء من الممثلين في مجلس الحكم أو من الموجودين حاليا خارج العملية السياسية) وزعماء دينيون وزعماء قبائل، ومنظمات غير حكومية ومجموعات نسائية ورابطات مهنية ومنظمات لحقوق الإنسان، وصحافيون، وأكاديميون. كما اجتمعت البعثة مع مجلس الحكم والسفير بول بريمر رئيس سلطة التحالف الموقتة، والسفير سير جيريمي غرينستوك، ممثل المملكة المتحدة الخاص للعراق.
وفي عمّان، اجتمعت البعثة مع الممثل الخاص الموقت للأمين العام روس ماونتن وبعدد من أعضاء فريقه. كما حضر وفد من الأمم المتحدة يضم كلا من السفير الإبراهيمي وروس ماونتن وجمال بنعُمر اجتماع وزراء خارجية البلدان المجاورة للعراق (الكويت 14 ـ 15 شباط 2004)
4 ـ تود بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق أن تعرب عن تقديرها لما لقيت من ترحيب من العراقيين جميعا ولما أبدوه من استعداد للاجتماع بالفريق وللوقت الذي كرسوه لمناقشة الأفكار والخيارات المتعلقة بأفضل سبيل للتقدم في العراق. كما تود البعثة أن تعرب عن شكرها لمجلس الحكم ولسلطة التحالف الموقتة على حسن الضيافة وعلى ما قدماه من دعم للبعثة في ما يتعلق بالتنقل والإقامة والأمن.
الأسباب الأمنية:
5 ـ لم تمكّن القيود الأمنية البعثة من السفر خارج بغداد بالقدر الذي كانت ترغب فيه. والواقع أن الاتصال بالعراقيين وتنظيم الاجتماعات معهم، حتى في العاصمة، كان يمثل تحديا للأسباب الأمنية نفسها. ومع ذلك، تمكن الفريق من تبيان آراء قطاع واسع من العراقيين. كما تمكن الجانب التقني من البعثة من إجراء نقاشات مسهبة مع فرق من الخبراء والأكاديميين العراقيين وأعضاء الأحزاب السياسية العراقية ممن اضطلع ببحوث حول جدوى إجراء الانتخابات في ظل الأحوال الراهنة.
6 ـ على أساس هذه المناقشات الواسعة، تمكنت البعثة من التوصل إلى فهم للبيئة السياسية والتطورات السياسية الأخيرة المتعلقة بالنقاش الجاري حول انتقال الحكم، وتشكيل رأي حول المسائل المحددة التي طُلب من البعثة دراستها. وعلى مختلف جوانب الطيف السياسي والاجتماعي، كان هناك إجماع يكاد يكون تاما على وجوب عمل الأمم المتحدة كميسّر لهذه العملية، بحيث تقدم المساعدة التقنية عند الحاجة إليها وتساعد على تشكيل توافق آراء حول المسائل المختلفة المطروحة للنقاش.
ثانيا _ الحال الراهنة في العراق:
7 ـ دلّل الهجومان المدمران على قوات الشرطة والأمن العراقية، اللذان حصلا أثناء زيارتنا، على أن التمرد مستمر في تهديد أمن جميع العراقيين. ولا يُعرف الكثير عن الجهات خلف هذه الهجمات، لكنها على ما يبدو مصممة على تعطيل أي خطط لإعادة بناء عراق يسوده الاستقرار والسلام. ومع ذلك، بدأنا في ملاحظة أوائل نشاط سياسي حزبي من شأنه أن يؤدي إلى تفاعلات جديدة بين النخب السياسية والطوائف المختلفة. ومن الواضح تماما أن الوضع الأمني مرتبط بصورة لا تنفصل عن التطورات السياسية.
8 ـ هناك مؤشرات كثيرة تدل على تزايد تجزؤ الطبقة السياسية. فالنزعة الطائفية آخذة في الترسخ كما أن التعارض السياسي بين الطوائف المختلفة أصبح أكثر قطبية، وهذا كله في سياق عملية سياسية لا تزال مقتصرة على عدد ضئيل من العناصر الفاعلة التي تتباين صدقيتها. ويجري هذا التنافس على مستوى النخبة على خلفية من البطالة المتفشية على أوسع نطاق خصوصا بين الشباب الذكور. كذلك تحدث كثير من المشاركين في الاجتماعات عن تزايد الغضب وخيبة الأمل. ومع هذا كله، وبسبب حجم الأخطار التي تتهدد البلاد، يبقى العراق مكانا مفعما بالحياة مليئا بالأفكار والجدل السياسي. وقد تلقينا من العراقيين العديد من المقترحات والأفكار التي تراوح بين إعادة نظام الحكم الملكي كحل للأزمة، وعقد مؤتمر لزعماء القبائل بهدف تشكيل حكومة، وتنظيم مؤتمر وطني أو طاولة مستديرة وطنية لوضع اتفاق بين أهم العناصر الفاعلة، وتشكيل حكومة مؤقتة من الفنيين التكنوقراطيين تكون محدودة السلطات.
موقف السنة والشيعة :
9 ـ على أن هناك أيضا شعورا بالخطورة التاريخية للحالة الراهنة. وتوجد تصورات في الطائفة السنيّة وفي النخبة العلمانية بأنهما تشهدان تحولا حاسما في ميزان القوى سيجعلهما في موضع الخسارة في إطار الترتيبات السياسية الجديدة التي يجري العمل على وضعها. ويراود كثير من طائفة الشيعة شعور بالمسؤولية عن تفادي تكرار أحداث عام 1922 التي يعتبرونها بداية لتجريدهم من سلطتهم واضطهادهم. وهم مصممون على تصحيح هذا الوضع وتأمين تحرير طائفة الشيعة سياسيا. ويدرك آخرون من الطائفة الكردية أن الأكراد حققوا عددا من المكاسب خلال عقد الثمانينات وبعد حرب الخليج الأولى لكنهم يتخوفون من أن الترتيبات الجديدة ستكون على حساب ما يتمتعون به حاليا. وفي الوقت نفسه، تشعر فئات الأقليات أن من شأن نظام قائم على حكم الأكثرية أن يعرضها لوضع غير مؤات إطلاقا، فيما يساور القلق المجموعات النسائية من أن ما حققته من مكاسب في ظل النظام العلماني السابق يتعرض الآن للتهديد جراء نظام جديد تسيطر عليه أحزاب دينية الأساس. ومن المؤشرات على ذلك القرار الذي اتخذه مجلس الحكم العراقي في كانون الاول 2003 والقاضي إبطال قانون الأحوال المدنية وإخضاع قانون الأسرة لاختصاص الكيانات الدينية. ومع أن هذا القرار لم يتحول إلى قانون فإن النساء يعتبرنه نذير شؤم بما هو قادم.
10 ـ هذه التطورات كلها إنما تخلق في وقت واحد التوقعات والمخاوف والتوترات وانعدام الثقة. وهناك ما يدعو الى الأمل أن التفاعلات السياسية في العراق يمكن أن تتحول إلى قوة دافعة لبناء توافق آراء حول نظام جديد لحكم شامل لجميع الفئات يلبي مطامح التحرر السياسي والتمكين، على أن يقدم في الوقت نفسه ضمانات هيمنة الأكثرية على العمليات السياسية وأن يحمي حقوق الأقليات وفئات الهويات الأخرى في إطار كيان وطني. ولكن إذا لم تتمكن العناصر الفاعلة، سواء العراقية أو غير العراقية، من التصدي العاجل للمسائل الأشد إلحاحا، بما في ذلك الوضع الأمني، فإن التوترات الكامنة يمكن أن تغذي الامكانات القائمة فعلا لإثارة النزاع المدني والعنف. ويتعين على الجميع أن يعملوا بدأب لمنع تصعيد العنف بين الطوائف المختلفة والإسهام في العملية البطيئة الشاقة لبناء الثقة ولخلق القوة الدافعة لتعاون متواصل.
ثالثا ـ اتفاق 15 تشرين الثاني وعملية انتقال الحكم :
11 ـ تقف الحال السياسية في العراق على مفترق طرق آخر. ففي 15 تشرين الثاني 2003 وقّعت سلطة التحالف الموقتة ومجلس الحكم على اتفاق حول العملية السياسية الرامية إلى تعجيل وتأثر نقل السيادة من سلطة التحالف المؤقتة إلى إدارة عراقية بحلول نهاية حزيران 2004 وقد شكلت التطورات السياسية التي نشأت عن هذا الاتفاق السياق الذي أوفدت فيه بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق.
12 ـ وحدد اتفاق 15 تشرين الثاني الشروط المؤدية إلى حلّ سلطة التحالف الموقتة إلى تولي السلطة من جانب جمعية انتقالية جديدة وحكومة موقتة. غير أن شخصيات عراقية رئيسية، بينها أعضاء في مجلس الحكم نفسه، وعددا من الفئات السياسية والدينية أعربوا عن معارضتهم لاتباع نموذج المجمعات المحلية المقترح أساسا لاختيار أعضاء الجمعية الانتقالية. وطالب كثيرون، ومنهم آية الله السيستاني بإجراء انتخابات عامة مباشرة وتحدثوا عن امكان تنظيم انتخابات تتمتع بقدر معقول من الصدقية قبل 30 حزيران 2004.
13 ـ مع أن شرعية وقانونية اتفاق 15 تشرين الثاني كانت موضع التشكيك لدى كثير من العراقيين، فإنه من الجدير بالذكر أن معظم العراقيين الذين استشارتهم البعثة أكدوا أن الاتفاق يلبي رغبات الشعب العراقي في عملية انتقالية سريعة تؤدي إلى إقامة حكومة موقتة واستعادة العراق سيادته وحلّ سلطة التحالف الموقتة. وأُعرب عن تحفظات قوية إزاء بعض الأحكام الواردة في الاتفاق. على أن النقاش استُقطب حول مسألة الانتخابات مما ولّد توترات حادّة لا بد من التصدي لها قبل التمكن من الدخول في مناقشة هادفة حول المسائل الموضوعية ذات الأهمية القصوى التي لا تزال عالقة.
عشرات الأسئلة :
14 ـ يدخل في عداد هذه القضايا أسئلة مثل: ما الذي يتعين أن يتضمنه القانون الأساسي الذي يجري العمل حاليا على صياغته؟ ما المؤسسات التي ينبغي إنشاؤها خلال الفترة البينية؟ ما الصيغة الاتحادية التي ينبغي اعتمادها ومتى ينبغي أن يتم ذلك؟ ما السلطات التي ينبغي أن تتمتع بها الحكومة الموقتة بعد 30 حزيران 2004؟ ما العلاقات التي ينبغي أن تقوم بين الجمعية الوطنية المنصوص عليها في الاتفاق وبين الجمعية الدستورية التي ستنتخب في اذار 2005؟ ما وضع قوات التحالف بعد 30 حزيران 2004؟ . وليست هذه إلا قلّة من عشرات الأسئلة التي لا يمكن تناولها بصورة سليمة إلا بعد بت مسألة الانتخابات.
الهيكل السياسي :
15 ـ مع ذلك، فإن الاتفاق يتضمن تفاصيل محددة تنص على أحكام رئيسة في القانون الأساسي وتلزم مشرعي المستقبل. وتحديدا، سيقوم مجلس الحكم بصياغة القانون الأساسي على أساس "تشاور وثيق" مع سلطة التحالف الموقتة. وبموجب اتفاق 15 تشرين الثاني، ينبغي أن يتضمن القانون الأساسي "نطاق وهيكل الإدارة الانتقالية العراقية المتمتعة بالسيادة"، كما أن ما يتفق عليه مجلس الحكم وسلطة التحالف الموقتة "لا يمكن أن يعدّل". كذلك، فإن القانون الأساسي سيحدد يهيئات الهيكل الوطني" و"العملية التي يتم بموجبها اختيار الأشخاص لعضوية تلك الهيئات" و"المعايير المحددة للمرشحين" وهي هيئات يمكن أن تتضمن أعضاء مجلس الحكم. وسيتم عمليا وضع مشروع دستور موقت كما سيتم إقراره من قبل مجلس الحكم مع سلطة التحالف الموقتة. وقد لاحظ بعض العراقيين أن مجلس الحكم يتمتع بسلطة تحديد هيكل الهيئات السياسة الوطنية وسيكون هناك تضارب مصالح واضح إذا كان أعضاء المجلس هم أنفسهم الذين يضعون معايير مشاركتهم في هذه المؤسسات التي ستنشأ في المستقبل.
16 ـ إضافة الى ذلك، يشير الاتفاق إلى دولة عراقية فيدرالية وتحديد السلطات التي تمارسها الكيانات المركزية والكيانات المحلية والفصل بين هذه السلطات، كما يتطرق إلى شرعة للحقوق تشير أيضا إلى الهيئة التشريعية وآلية للمراجعة القضائية وموعد لانتهاء الصلاحية، وكلها مسائل لم تُناقش ولم يُتفق عليها لا على مستوى الشعب العراقي ولا على مستوى ممثليه المنتخبين. وعلى الرغم من أن الاتفاق يقول ان الجدول الزمني سيحدد في القانون الأساسي، فإن الاتفاق نفسه يحدد مواعيد أساسية في العملية، بحيث يتم إقرار القانون الأساسي بحلول 28 شباط 2004، وإجراء انتخابات الجمعية الانتقالية بحلول 31 ايار 2004، والاعتراف بهذه الجمعية وحلّ سلطة التحالف المؤقتة بحلول 30 حزيران 2004، وإجراء انتخابات المؤتمر الدستوري بحلول 15 اذار 2005، وإجراء انتخابات الحكومة الوطنية بحلول موعد نهائي هو 31 كانون الاول 2005.
الترتيبات الأمنية الثنائية:
17 ـ كما يتضمن الاتفاق جزءا حول ترتيبات أمنية غير محددة تعطي "حرية تصرف كبيرة" لقوات التحالف لأغراض توفير الأمن. ومما له أهمية كبرى أن هذا الجزء من الاتفاق يلزم الحكومة الموقتة التي ستقام في المستقبل باتفاقات غير معروفة بعد بين سلطة التحالف المؤقتة ومجلس الحكم. وقد شدد معظم العراقيين الذين تم لقاؤهم أثناء البعثة على أنه لا يمكن إلا لحكومة انتقالية شرعية أو حكومة منتخبة أن توافق على أي ترتيبات أمنية ثنائية مع التحالف. وهم يعتبرون أن أي اتفاق خلاف ذلك إنما هو اتفاق غير مشروع ويوحي بأن عملية التوصل إلى اتفاقات أمنية لن تكون خاضعة لا للشفافية ولا للمساءلة.
18 ـ يخصص الاتفاق اهتماما كبيرا بإقامة جمعية وطنية انتقالية، وهي هيئة تشريعية، ستُنقل إليها سيادة العراق. أما بالنسبة للحكومة الموقتة، فإن أعضاء الجمعية الوطنية ينتخبون فرعا تنفيذيا كما يعينون الوزراء. ولا توجد أي تفاصيل حول عملية اختيار رئيس لهذه السلطة التنفيذية أو حول ولايتها، ولا يوجد انتخاب مباشر لأعضاء هذه الجمعية الوطنية الانتقالية. فهم سينتخبون من قبل "مجمع محلي للاختيار على مستوى المحافظات" بحيث تمثل كل محافظة على أساس نسبتها المئوية من سكان العراق. أما اختيار المرشحين للمجمع فسيجري تنظيمه والموافقة عليه من جانب لجان تنظيمية تضم أفرادا يعينهم مجلس الحكم والمجالس الإقليمية والمحلية.
19 ـ يعترض العراقيون المعارضون لهذه الخطة على أساس أن هذه المجالس الإقليمية والمحلية إنما أنشأها ويدعمها قادة التحالف العسكريون وعلى أساس أن أعضاء مجلس الحكم، مع أن من المفترض أن المجلس نفسه سيُحل، سيكون من حقهم أن يُنتخبوا لعضوية الجمعية على الرغم من أنهم هم الذين يحددون معايير الانتخاب. ويحذّر كثير من العراقيين الذين حاورتهم البعثة من أنه بحلول اذار 2005 ستكون هناك جمعيتان منعقدتان على أساس هذا الاتفاق: الأولى تشريعية وطنية "منتقاة" والثانية دستورية منتخبة، وستعمل الجمعيتان في وقت واحد وبصورة متوازية مما يخلق إمكان نزاع سياسي.
20 ـ الجدير بالذكر أن أصول المأزق السياسي الراهن إنما بدأت في حزيران 2003 في الخلاف على عملية صياغة دستور البلاد من جانب مؤتمر دستوري "تختار أعضاؤه" سلطة التحالف الموقتة، مما أدى إلى إصدار آية الله السيستاني فتوى تطالب بجمعية تأسيسية منتخبة لوضع دستور للبلاد.
رابعا ـ ملاحظات أساسية:
21 ـ كما ورد أعلاه، وصل الخلاف إلى طريق مسدود في ما يتعلق بمسألة إجراء انتخابات مباشرة أو انتهاج عملية نموذج المجمعات، وهي العملية التي يصفها الاتفاق. وفي نهاية المناقشة المطولة التي أجرتها البعثة على الصعيدين السياسي والتقني كان هناك توافق آراء آخذ في التشكل في العراق أن من الصعب للغاية بل ومن المحفوف بالمخاطر أن يُحاول تنظيم انتخابات عامة قبل 30 حزيران 2004، كما كان هناك توافق آراء مماثل مفاده أن نظام المجمعات المحلية بصيغته المطروحة حاليا ليس خيارا ممكنا. وقد قبلت سلطة التحالف الموقتة نفسها فكرة أنه من غير العملي أن يُحاول تطبيق هذا النظام الدخيل كليا بالنسبة للعراقيين. ويتعين العمل على وضع خيارات أخرى واتباعها ولكن هذا لا يمكن أن يتحقق إلا على يد العراقيين أنفسهم من خلال الحوار وبناء توافق الآراء.
22 ـ من نافل القول إن أحدا لا ينكر أهمية الانتخابات. فأولا، يعتبر حق الإنسان في المشاركة في حكم بلده حقا أساسيا من حقوق الإنسان. وهذا الحق معلن ومضمون بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو معترف به في كثير من المعاهدات والإعلانات الأخرى. وتسلم البلدان والشعوب في مختلف أنحاء العالم بأن الانتخابات الحرة النزيهة تعتبر معْلما مهما في عملية إشاعة الديموقراطية وأداة هامة لتجسيد إرادة الشعب التي هي أساس سلطة الحكم نفسها.
لماذا التشريعية الموقتة؟ :
23 ـ ثانيا، هناك الآن توافق في الآراء بين جميع العراقيين على أن الانتخابات خطوة مهمة على الطريق الطويل نحو إقامة حكم ديموقراطي على أساس سيادة القانون. فالانتخابات في حد ذاتها لا تشكل ديموقراطية. فهي ليست غاية ولكنها خطوة، وإن كانت خطوة مهمة وأساسية، على الطريق نحو عراق موحد يسوده السلام والاستقرار. وقد كُرست مناقشات كثيرة لمسألة إنشاء جمعية تشريعية موقتة. والحقيقة أن كثيرا من العراقيين قد تساءلوا عما إذا كان إنشاء جمعية تشريعية في حد ذاته ضروريا خلال فترة انتقال قصيرة. أليس من الأبسط والأكثر فاعلية تكوين توافق بشأن إنشاء حكومة إدارية موقتة ذات سلطات واضحة محدودة تهيئ البلد لانتخابات حرة نزيهة، وتدير شؤونه خلال الفترة الانتقالية والعملية التي يتم فيها إنشاء هذه الحكومة؟
انتخابات نهاية 2004:
24 ـ كما ذُكر في التقرير التقني التفصيلي الوارد في التذييل الثاني لهذا التقرير، تحتاج الانتخابات إلى فترة زمنية للتحضير مدتها نحو ثمانية أشهر على أقل تقدير بعد الانتهاء من وضع الإطار القانوني. وإذا ما بدأ العمل فورا وتم التوصل إلى التوافق السياسي اللازم بسرعة معقولة، فسيكون من الممكن إجراء انتخابات بحلول نهاية عام 2004. وفي ضوء ذلك، هل سيكون من الضروري انتخاب جمعية دستورية بعد ذلك بشهرين أو ثلاثة؟ إن أغلب العراقيين الذين قابلتهم البعثة يرون بحزم أن جمعية واحدة يمكن أن تعمل جيدا كجمعية تشريعية وجمعية دستورية. ولن يتأثر بذلك الإطار الزمني المحدد للانتهاء من وضع الدستور.
25 ـ أعرب كثيرون ممن شملهم الحوار عن الحاجة إلى طرح أفكار جديدة من أجل القيام بعملية انتقالية أشمل وأكثر شفافية لإنشاء حكومة وحدة وطنية موقتة. وفي هذا السياق، أكد الكثير من العراقيين أيضا على وجوب أن تستند هذه الحكومة إلى قاعدة عريضة لا إلى نظام الحصص، أي أن تكون حكومة تتألف بالدرجة الأولى، في الوضع الأمثل، من الفنيين (التكنوقراط) الأكفاء.
المجلس ادارة موقتة :
26 ـ هناك أفكار كثيرة أخرى مطروحة. وقد عرضت بعض الاقتراحات مفادها تمديد فترة بقاء مجلس الحكم الموجود حاليا لكي يعمل كإدارة موقتة بين 30 حزيران 2004 وموعد إجراء الانتخابات الوطنية، أو أن يتم توسيع عضويته (150 إلى 200 عضو) للعمل كهيئة تشريعية انتقالية تنتخب الحكومة الموقتة. وحض بعض العراقيين الأمم المتحدة على النظر بجدية في فكرة عقد مؤتمر وطني وهي فكرة جاءت داخل العراق من شخصيات عراقية محترمة. وهم يرون أنه من طريق دعوة مندوبين من أنحاء المجتمع العراقي يمكن للمؤتمر الوطني أن يوفّر وسائل أكثر شرعية لإقامة حكومة انتقالية. وهم يسلمون بأن ذلك لن يكون ديموقراطيا تماما ولكنهم يرون مع ذلك أنه سيكون شاملا للجميع وقائما على المشاركة. وسيتطلب الأمر وضع معايير ونظام داخلي بشأن من سيشترك في المؤتمر، لكن المؤتمر الوطني يدعو للاشتراك فيه في العادة الأطراف السياسية والاجتماعية من كل شاكلة ويعمل على أساس الشفافية الديموقراطية. وتنبثق عن المؤتمر مجموعة مبادئ (ليست دستورا) تنظم فترة الانتقال كما يتم التوصل منه إلى اتفاق بشأن حكومة وحدة وطنية موقتة.
27 ـ رأى آخرون أن المؤتمر الوطني يمكن أن يكون منتدى لتعديل مشروع القانون الأساسي والموافقة عليه. وذكر البعض أن من المتصور، رهنا بالنظام الداخلي لهذا المؤتمر وكيفية إدارة أعماله، أن يتحول إلى جمعية وطنية موقتة في وقت لاحق.
28 ـ رأى بعض العراقيين أنه يمكن للأمم المتحدة أن تيسر عملية بناء توافق يفضي إلى اتفاق على عقد مؤتمر وطني وعندئذٍ يمكنها عقد المؤتمر. وفضّل آخرون منتدى أصغر أو اجتماع طاولة مستديرة يتألف من المجموعات السياسية والمهنية والدينية الرئيسية وغيرها من مجموعات الهويات الأخرى التي تمثل التنوع الكامل للمجتمع العراقي وتكوين توافق بشأن إنشاء سلطة انتقالية لإدارة عملية الانتقال بعد 30 حزيران مع التركيز على نحو خاص على عمليتي الانتخابات ووضع الدستور. ووفقا لهذا الرأي، يمكن لاجتماع الطاولة المستديرة أن يتمخض عنه ترتيبات موقتة موثوق بها تؤكد على حماية حقوق الإنسان وعلى القيام بعملية لوضع الدستور قائمة على المشاركة.
29 ـ أكد كثير من العراقيين الحاجة العاجلة إلى تقديم مبادرات جديدة لإعادة بناء الثقة، وتشجيع المشاركة الشاملة واستكشاف خيارات جديدة. وأكد آخرون أن المخرج من هذا المأزق هو أن تعمل الأمم المتحدة في شراكة مع العراقيين وسلطة التحالف الموقتة وجيران العراق، من أجل مساعدة العراقيين على تكوين توافق بشأن إطار سياسي يتمخض عنه "خارطة طريق" لانتقال الحكم ويساعد على إقامة حكومة انتقالية ويحقق الغاية من ذلك كله.
http://www.almustaqbal.com/stories.a...=5&IssueID=364
خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
nmyours@gmail.com
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |