 |
-
مرجعية الميدان .... المرجعية المُؤسسة الناطقة الرشيدة المباركة
بسم الله الرحمن الرحيم
(( هيهات أن يجلس الخميني ساكتا وهو يرى تجاوزات أتباع الشيطان والمشركين على أتباع الإسلام المحمدي الأصيل .. الويل لنا .. الويل للعلماء الساكتين ، الويل للنجف الساكتة .. الويل لطهران الساكتة ، الويل لمشهد الساكتة .. الويل لنا .. هل يكفي أن نتردد على قبر امير المؤمنين عليه السلام ونكتفي بالتضرع بالدعاء ؟! ))
:::: الإمام الخميني قدس سره :::: راجع كراس (( أبتاه .. يا حامل راية الإسلام))
- إلى المرجع الثائر الذي اقتحم الممنوع وتحدى الموت ، وواجه أشرس طاغوت عرفته الدنيا في القرن العشرين .
- إلى العالم العامل الذي أنطق الساكتين ، وأسكت الناطقين الخائفين ، وسخر من ادعياء الدين ، وعلماء الإستخارة ومراجع الحقوق .
- إلى الثار الشهيد الذي وضع النقاط على الحروف وفرق بين المرجعية الناطقة والمرجعية الساكتة ، ولم يتردد أن يرتدي كفنه ، ويقول أنها رصاصة واحدة استعداد للقتل وسعيا للموت وحبا للقاء الله .
- إلى المرجع القائد الذي نازل المجرمين في بغداد في جمعة حمراء حركت الشارع الإسلامي العراقي بجماهير مليونية لم يشهد لها تاريخ التشيع نظيرا على إمتداد العصور والأزمان ، لاسيما وانها جاءت تحت حراب طاغوت لعين كطاغية العراق .
- إلى العالم الرباني الذي أحب الناس وأحبه الناس وجعلهم يفرقون بين العالم القاعد والعالم القائد .
- إلى روح هذا المرجع العظيم ونجليه الشهيدين الخالدين وأرواح آلاف الشهداء الذين استشهدوا على خطه ومنهجه وبين يديه .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::
كما انجبت المؤسسة الدينية (( الحوزة العلمية)) زعماء شهداء استرخصوا أرواحهم ودماءهم في سبيل الدين والأمة والوطن ، أنجبت أيضا قادة وثوارا علموا الدنيا سبل المواجهة والنزال ضد الجبابرة والطواغيت وأعداء الدين .
فما أحلى أن تجتمع الزعامة والشهادة في هذه المؤسسة الخالدة ، وما أروع المفكر حينما يصير شهيدا وما أعظمه حين يكون قائدا ورائدا أيضا ، ولكن وفي الوقت نفسه ما أقبحه حين يكون مهرجا أو بوقا ، وما أتعس حظه حين يكون متفرجا أو ساكتا ، أو تاجرا دجالا ....
وإذا ما تحول المفكر بوقا استوى الفكر عندها والحذاء
إننا ، وفي هذا العرض السريع لزعماء وشهداء هذه المؤسسة الربانية ، لسنا بصدد إحصاء أعداد الشهداء والقادة والثوار الذين أنجبتهم لأنهم بالمئات ، وإنما بصدد الإشارة إلى بعض ما تعلمناه من أبرز عظمائهم في العقدين الأخيرين من عمر الإسلام العزيز ثورة وصحوة ودولة ..
ولئن كان الرائد الشهيد والمفكر العظيم السيد محمد باقر الصدر قدس سره قد قاد مرحلة التأسيس لهذه الصحوة وترك لنا مصطلح المرجعية الرشيدة أو المرجعية الصالحة ، قبال الفاسدة وغير الرشيدة ، فإن رائد الثورة ومؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني العظيم ، ترك لنا هو الآخر مصطلحات وشعارات ما ألفناها من قبل ، يشير بعضها إلى الإستضعاف والإستكبار ، وبعضها إلى ثقافة الإستشهاد وولاية الفقيه ، وبعضها إلى العلماء الربانيين مقابل وعاظ السلاطين ، وإلى الإسلام الأمريكي مقابل الإسلام المحمدي الأصيل ، وكذلك مراجع الهداية والنور الذين اقتبسوا نورهم من مشكاة ابراهيم الخليل وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين قبال بعض بعض الروحانيين الأفاعي المزيفين المبرقعين بالقدسية من علماء الحيض والنفاس الذين بعضهم أسوأ من الشمر - على حد تعبيراته رضوان الله عليه ....
أما رائد التصحيح ، وزعيم التجديد - الثائر الشهيد الصدر الثاني فانه أطلق شعار المرجعية الناطقة قبال المرجعية الساكتة أو السكوتية - حسب تعبيره - منددا بمن أسماهم مراجع قبض الحقوق ممن لا يجيدون شيئا - كما ذكرنا - سوى مهمة قبض الحقوق هذه ، ويحسبون انهم وحدهم حراس العقيدة وسدنة الدين وأسوار الشريعة .
وكما ندد الصدر الأول بالمرجعية غير الرشيدة وحملها مسؤولية الإفلاس والإبتعاد عن الأمة والتقصير حين قال قولته الشهيرة : (( لماذا تعيش الحوزة العلمية في هذا البلد - أي العراق - مئات السنين ثم بعد هذا يظهر إفلاسها في نفس البلد الذي تعيش فيه ، وإذا بأبناء البلد أو بعض أبناء هذا البلد يظهرون بمظهر الأعداء والحاقدين والمتربصين بهذه الحوزة .... )) ثم يتساءل بمرارة : (( ألا تكون هذه جريمتنا قبل أن تكون جريمتهم ، وان هذه مسؤوليتنا قبل أن تكون مسؤوليتهم )) - راجع كراس المحنة للشهيد الإمام السيد محمد باقر الصدر قدس سره
نقول ، كما ندد الصدر الأول بالمرجعية غير الرشيدة ، ندد الصدر الثاني بالمرجعية الساكتة أو الأنانية حيث قال : (( المهم في المرجع الإتجاه نحو الغعدالة الإجتماعية وإنصاف الناس من نفسه وإدراك المصالح العامة .. ولكن الأنانية في المرجعية هي العنصر الغالب مع الأسف جيلا بعد جيل .. )) ثم يناشد الناس لاتباع صاحب الاتجاه التضحوي المنصف قائلا : (( اتبعوا شخصا له اتجاه بذل النفس والنفيس في سبيل الدين الحنيف )) وبعد أن يؤكد طبعا : (( أن هناك اتجاهين في الحوزة العلمية والمرجعية : اتجاه المرجعية الناطقة ، واتجاه المرجعية الساكتة ولا يوجد أي عذر لسكوتها سوى أنها تخاف من الموت فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .... )) ويضيف : (( لا بد من الالتفات إلى موقف الحوزة السكوتية والسلبية في موقفها .... أسألوهم عن صمتهم الذي هو كصمت القبور .... وكان أفضل ما فعله بعضهم هو السكوت والإعتذار ، والبعض الآخر أخذ بالطعن .... )) .
بعدها يروح رضوان الله عليه يتكلم بمرارة عن موقف هذه المرجعية وكيف أنه يتحفظ على (( شرح بعض القصص - كما قال - خارج الخطوط الحمر )) ولكنه يندد بتفسيرها للفتنة قائلا : (( فلا حاجة اليوم إلى التقية المكثفة حيث قالت جماعة من الحوزة ان إقامة صلاة الجمعة فتنة ، إنما الفتنة هم الذين أوقعوها بعدنم حضورهم ، وانهم - بموقفهم هذا - قد نصروا أعداء الدين من حيث يعلمون أولا يعلمون .. )) .
إلى أن يقول متألما متبرما ناقما : (( لقد عرف الناس ان عددا كبيرا من الحوزويين هم غير ما كانوا يتصورونه عنهم ، وفهم الناس - أيضا - أن الأسلوب القديم عند بعض الحوزويين قائم على القصور والتقصير .... فإذا كثر الفساد في المجتمع فعلى العالم أن يظهر علمه وإلا فعليه لعنة الله ، ولكن الواقع الذي يعيشه بعض المنتسبين إلى الحوزة العلمية هو غير ذلك ، اذ قال بعضهم عندنا أمور أربعة : الإستخارة والدرس وصلاة الجماعة وقبض الحقوق وأهمها في نظرهم - والكلام كله للمرجع الشهيد - قبض الحقوق التي يجب أن تصرف لقضاء حاجات المحتاجين ولكنهم لا يصرفونها كذلك إلا قليلا منها .. )) .
ويبدو من استعراض سريع لتاريخ الحوزة العلمية وأنانيات بعض رجالها وحسدهم وتحجرهم وضيق أفقهم - حسب أقوال فقهاء عظام من هذه الحوزة - ان معظم الثوار والمصلحين والمجددين والشهداء في هذا الكيان الخالد ، انما دفعوا ثمن تحركهم ووعيهم وتصديهم ونطقهم جرعات قاسية من السم والمرارة الأولم - قال الإمام الخميني قدس سره في هذا السياق : (( ان الطعنات التي تلقاها أبوكم العجوز من هؤلاء المتحجرين لم يتلق مثلها .... فبالأمس قال المزيفون ، المبرقعون بالقدسية الفاقدو الاحساس ، ان الدين مفصول عن السياسة وان الكفاح ضد الشاه حرام .... فأهدروا بسكوتهم وتحجرهم شرف الإسلام وقصموا ظهر الرسول ، ولم يكن عنوان الولاية لهم إلا التكسب والعيش )) - وكأن القدر كتب عليهم ألا يكونوا عظماء أو بالأحرى لا تعرف عظمتهم إلا بعد موتهم أو استشهادهم . فذاك هبة الدين الشهرستاني الذي قيل فيه ما قيل ، ومثله المظفر وكاشف الغطاء ومحسن الأمين ، وهكذا محمد جواد مغنية والمطهري والبهشتي ، ومثله صدوقي والمدني والخميني والصدر الأول وكثيرون غيرهم .... وأخيرا وليس آخرا ، شهيدنا العظيم الصدر الثاني الذي باتت مظلوميته أكثر فجيعة من شهادته ، خاصة وان الذين قتلوه بالألسن لم يتورعوا عن المشاركة في الفواتح المقامة على روحه في وقت ما زالت ألسنتهم تقطر دما من مهاجمته والتعريض به والتشكيك بنواياه وخططه ومشاريعه ووكلائه ومحبيه ....
ويبدو أن سر هذا التعريض أو التسقيط هو افتراق منهجين وتقاطع رؤيتين وتدافع اتجاهين أو اجتهادين في نفس هذه الحوزة الكريمة :
منهج يريد التغيير والحركة والقيام والجهاد ، وآخر يدير الدعة والإسترخاء والقعود ، والعمل السياسي الهادىء الوديع ....
منهج يحرض على الثورة والمواجهة والدم ، وآخر يحرض على تحاشي ((الفتنة)) وإيثار الأمن والطمأنينة والسلام .. كما هو شأن الذهن الفقهي في تفسير الفتنة والوحدة والامة ، أي عدم التدخل والدخول مع السلاطين إلا بعد (( حرز الأثر والأمن من الضرر ) - كما يقولون - ....
منهج يريد الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتخلي عن التقية المكثفة ، وآخر يؤمن بالتقية ولكنه يكثفها لحد التخلي حتى عن الانتصار لمرجع ثائر وقف أمام طاغية زمانه وحرك الملايين في الشارع العراقي غضبا وصحوة وثورة - يستدل أصحاب مذهب التقية المكثفة بقول الإمام الصادق عليه السلام (( التقية ديني ودين آبائي وأجدادي )) ويتناسون قوله الآخر (( وأيم والله لو دعيتم لتنصرونا ، قلتم لا نفعل ، انما نتقي ، ولكانت التقية أحب إليكم من آبائكم وأمهاتكم ، ولو قد قام القائم ما احتاج الى مساءلتكم عن ذلك ، ولأقام في كثير منكم من أهل النفاق حد الله )) / راجع وسائل الشيعة 1، 483 - ....
وباختصار شديد منهج يريد الثورة والإصلاح والتغيير ، وآخر ، تحت غطاء التقية هذه ، يكاد يلغي فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويوصلها إلى الصفر .
يبدو أن مرجعنا المظلوم الشهيد ، يعتبر من أصحاب المنهج الحركي التغيير الثائر الإصلاحي ، ومن أوائل المبادرين في النأي بعيدا عن التقية المكثفة هذه ، فدخل في بحر الأمة وقاد سفيتنها في بحر متلاطم وأيام عاصفة ، حتى طلع علينا وعلى الحوزة والمرجعية بشيء جديد لم نألفه أو تألفه أو يألفه الناس ، وهو صلاة الجمعة وخطبتها السياسية العبادية ، او الإجتماعية العبادية - حسب تعبيره - تحاشيا طبعا من الإصطدام المباشر مع مجرم متفرعن كصدام لا يريد ادخال الدين في السياسة أو السياسة في الدين فتصدى قدس سره لمشاكل الأمة وأثار حسها الديني ومكنونها المذهبي في موج بشري هادر وصلت بعض أرقامه في بعض صلوات الجمع والمناسبات الدينية الى الملايين .
ولعل أفضل ما يمكن إثارته أو تلخيصه في هذا التصدي الشجاع هو تفوق هذا المرجع العظيم وتوفيقه في خلق قاعدة جماهيرية عريضة تجاوزت دائرة الحزب والنخبة ، منفتحا على الجمهور والأمة ، مؤمنا بإرادتها في زعزعة عرش الطاغوت ....
نعم استحضر السيد الشهيد هذا الهم وأعد له عدته فارتضى أن يطرح نفسه أو يُطرح مرجعا للتقليد في ظروف سياسية عصيبة ومعقدة ، مبيتا هذا الهدف الكبير في صدره ، عاقدا عزمه على استثمار الفرصة وإعاد صلاة الجمعة إلى عالم الفكر والحركة ، وكل ذلك لتحريك الهمم وتنوير الأمة وإذكاء غضبها المقدس لمواجهة الطاغوت الذي اهلك العباد ودمر البلاد وعاث في الأرض الفساد .
تقدم هذا المرجع الكبير بخطاب مفهوم ولهجة تعبوية غير مألوفة ، متجاوزا مرحلة الخطاب المكتوب ، والاستفتاء الجاهز ، والجواب ((الفقهي)) الغامض إلى مرحلة الخطاب المسموع واللهجة الواضحة والجواب الصريح ، فغرق في بحر الأمة وغرقت فيه ، وعشقها وعشقته ، وراح يهتف معها وهي تردد معه وبإيقاع صوتي متبادل بين صوت المرجع ودوي الجمهور
هذه هذه حوزتنا هذه هذه عزتنا
هي هي قائدنا هي هي أملنا
لينتقل بعد ذلك مباشرة ، أي بعد الخطاب التعبوي إلى الخطاب الفكري والمفاهيمي ويقول : (( لعل الله تعالى يوفقنا لإيجاد مرجعية منفتحة ، تحمل هموم الناس وتحمل أعباء ومشاكل المسلمين وتخاطب الشارع مباشرة .... )) .
فكان قدس سره مرجعا وخطيبا ، ومفتيا وقائدا ، وباحثا ورادودا .
كان بحق مرجع الميدان ورجل المرحلة ..
من كتاب ::: الصدر الثاني الشاهد والشهيد :::
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |