أعتقد أن الحركة الاسلامية في العراق لم تفشل بعد مع وجود ارهاصات ودلالات قد تكون بداية الفشل , ولكنها لم تفشل بعد .
وللأخت المحترمة بنت العراق أقول أن الحركة الاسلامية في العراق وتحديداً التي أسسها السيد الشهيد الصدر وأرسى قواعدها وحمل رسالتها نخب من العلماء والكوادر والمثقفين من أبناء العراقيين , اعتلوا المشانق من أجلها وسُجنوا وشُردوا ليس المقصود منها الوصول الى الحكم بالمعنى المنصبي .. الحركة الاسلامية وبشكل خاص (الدعوة الاسلامية) هي حركة تغييرية وليست اصلاحية بمعنى أنها تعمل على تغيير الواقع الى واقع اسلامي أصيل , نعم اذا تغير هذا الواقع فالنتيجة المنطقية أن تكون حكومة اسلامية تعمل لاعلاء كلمة لا اله الا الله في الأرض وتحقق العدالة والمساواة والسعادة لأبناء الشعب ايمانا بأن الاسلام يمكنه قيادة الحياة وبأفضل وجه ويعطي لكل حق حقه وأن هذه الرسالة هي رحمة للعالمين .. فالنجاح والفشل برأيي لا يمكن تقييمه على أساس وصول الى سلطة أو حكم بقدر ماهو التوجه الاسلامي الواعي الذي حصل نتيجة هذا العمل وهذه الدماء .. وفي هذا المضمار النجاح موجود بنسبة كبيرة وكبيرة جدا اذا ما عملنا مقارنة بين بداية تأسيس هذه الحركة الاسلامية ومرورا بالستينات والسبيعينات وصولا الى الوقت المعاصر والعراق اليوم يرفل بالحس الاسلامي والشارع اسلامي بشكله العام ولهذا نرى تكالب القوم على العراق .. الدعوة الاسلامية ليست حزبا سياسيا بحتا يبحث عن عدد المقاعد في البرلمان أو تشكيلة الوزارة إنما هي (الدعوة الاسلامية) رسالة جاء بها الرسول محمد (ص) والحركة الاسلامية التي أسسها الصدر الشهيد حزب لهذه الرسالة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله .. هذه هي الحركة الاسلامية في العراق وما يطرأ هنا وهناك لا توضع الا في خانة التكتيتك وما متى ما رأيتم أنه تحول الى ستراتيجية فاحكموا عليها بالفشل الذريع والانحدار الرهيب ..
أما المقارنة مع حزب الله في لبنان فالأمر مختلف وهناك أسباب كثيرة منها أنهم في لبنان يواجهون محتلا وعدوا صهيونيا لا خلاف عليه , بينما نحن ابتلينا سابقا بصدام الذي يراه البعض عبد الله المؤمن وآخر حامي حمى العرب وهكذا وابتلينا اليوم بعدو محتل يراه البعض مخلص ومنقذ وآخر يراه فاتح ومعمر وبنَّاء وهكذا .. فالحركة الاسلامية في العراق ميدانها معقد جداً على المستوى العراقي العام وعلى المستوى الشيعي الخاص . ومنها أيضا ما أشرتم اليه كون التنوع المرجعي عند الشيعة فمنهم من يرى أن العمل الحركي السياسي عملا منحرفا وباطلا بينما يرى آخرون عكس ذلك , وبين هذا وذاك الاختلاف والخلاف لا شك يؤثر على المسيرة ووقت الوصول الى النتائج والأهداف المرجوة .
والحديث طويل ولكني أنهي تعقيبي بالقول أن الشهيد عباس الموسوي كان ابنا للحركة الاسلامية التي أسسها الصدر وكذا السيد حسن نصر الله والشيخ نعيم قاسم وقبلهم صبحي الطفيلي وآخرون وقبل الجميع السيد فضل الله وهو سفير الصدر الشهيد الى لبنان وكذلك وجود السيد موسى الصدر .. في مثل هكذا شخصيات تؤسس لعمل اسلامي في بلد منفتح أشد الانفتاح ولكون الشيعة أقلية هناك تكون عوامل النجاح أكثر حظا من بلد بيئة نجفية أو كربلائية أو جنوبية في العراق منغلقة أشد الانغلاق منقسمة ومتقاطعة بين هذا المرجع الذي يرى الصدر الأول وهابيا أو أمريكيا أو سنيا وبين من يرى الصدر الثاني عميلا لصدام وهكذا تفاوت وانقسام مريع لا شك أن يلقي بظلاله على العمل الاسلامي العظيم الذي أرسى قواعده الصدر الشهيد .
وأخيرا , أرى أن علينا أن نفهم أن حمل رسالة الحركة الاسلامية الواعية في العراق هو واجب أن نؤديه الى أبنائنا وهم الى أحفادهم كما سلمه لنا الصدر الشهيد والشهداء الابرار حملة هذا الفكر وأن لا يكون همنا الأول والأخير التغيير الاجتماعي الذي نرنو اليه .
إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم