واشنطن ترفض عودة المفتشين وتتقدم بمشروع القرار لمجلس الامن.. والكونغرس يصوت باغلبية كبيرة على قرار الحرب


رفضت الولايات المتحدة بشدة الاتفاق على عودة المفتشين للعراق وقدمت مشروعها المشترك مع بريطانيا لمجلس، واصرت على عدم ذهابهم للعراق بدون القرار. وتوقع زعيم الاغلبية الديمقراطية في الكونغرس ان يحصل القرار الذي يريده بوش على اغلبية كبيرة. ودعا صدام حسين الولايات المتحدة لتغيير سياستها.
مشروع القرار
قدمت الولايات المتحدة مشروع قرار صارم إلى الأمم المتحدة يخول استخدام القوة ضد العراق وقد يؤجل بدء عمليات التفتيش عن الأسلحة إلى أن تعلن بغداد ما لديها من أي أسلحة للدمار الشامل.
ومشروع القرار الذي يقع في أربع صفحات يعكف على مناقشته الآن الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الدولي الذين يتمتعون بحق النقض (الفيتو) وهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. وقدم المشروع رسميا إلى المجلس المؤلف من 15 عضوا.
ومشروع القرار الأميركي قد يؤجل بدء عمليات الأمم المتحدة للتفتيش عن الأسلحة في العراق لعدة أسابيع بعد منتصف أكتوبر تشرين الأول وهو الموعد الذي اقترحه كبير مفتشى الأمم المتحدة للأسلحة هانز بليكس.
ويقول المشروع الذي تسانده بريطانيا إنه يتعين على العراق أن يقدم في غضون 37 يوما من تبني القرار إعلانا كاملا بشأن جميع برامجه لتطوير الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية والصواريخ ذاتية الدفع. ويتعين تقديم هذا الإعلان "في وقت سابق على بدء عمليات التفتيش."
وتوقع بليكس في ختام يومين من المفاوضات مع خبراء أسلحة عراقيين في فيينا يوم الثلاثاء أن يرسل طليعة فريق من المفتشين إلى بغداد في غضون نحو أسبوعين.
لكن وزير الخارجية الاميركي كولن باول اعلن ان المفتشين ا لا يمكنهم الذهاب الى العراق بدون قرار جديد من مجلس الامن الدولي.
وقال خلال مؤتمر صحافي ان المفتشين "لا يمكنهم بكل بساطة العودة (الى العراق) بموجب النظام القديم لعمليات التفتيش".
واضاف ان واشنطن ستواصل العمل على اصدار "قرار جديد قاس وقوي" حول نزع اسلحة العراق ينص على "النتائج" التي يخشى ان يتعرض لها العراق في حال عدم التزامه.
وادلى باول بهذا التصريح بعد الاعلان في فيينا عن توصل الامم المتحدة والعراق بعد يومين من المحادثات، الى اتفاق على ترتيبات عودة مفتشي نزع الاسلحة الى العراق الذين سيكون بامكانهم زيارة جميع المواقع.
وكان مسؤول اميركي كبير في وزارة الخارجية قال في وقت سابق "سنقوم بكل ما هو ممكن لكي يحصل (هانس) بليكس على تعليمات مجلس الامن وعلى تفويض لانجاز عمله قبل ان يرحل".
وتابع "وفي حال لم تتم الامور حسب الطريقة المناسبة سنتحرك بشكل يتيح عرقلة" هذه العودة بانتظار اعتماد قرار جديد.
وردا على سؤال حول كيفية تصرف الولايات المتحدة لتحقيق ذلك قال "نملك بعض التاثير داخل مجلس الامن".
الكونغرس
في هذه الاثناء، توقع زعيم الاغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ الاميركي توم داشلي ان يحصل القرار الذي يريده البيت الابيض حول العراق على اغلبية كبيرة من الحزبين خلال التصويت عليه في الكونغرس.
وقال "اعتقد اننا اذا واصلنا التفاوض بنية سليمة فان الارادة موجودة لدينا للتصويت باغلبية كبيرة من الحزبين على قرار نهائي" حول العراق.
واضاف السناتور داشلي، عن ولاية داكوتا الجنوبية، "لكننا لم نصل بعد الى هذا الحد وقد لا نتوصل الى ذلك ولكن الامور ستتضح اكثر خلال 24 ساعة". وادلى داشلي بهذا التصريح عشية اجتماع سيعقد في البيت الابيض بين الرئيس جورج بوش والمسؤولين الثلاثة الكبار الديموقراطيين والجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب.
واشاد داشلي بالاقتراح المضاد الذي قدمه السناتور الجمهوري ريتشارد لوغار (انديانا، وسط غرب) والسناتور الديموقراطي جوزف بيدين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ والذي يشدد على مقاربة متعددة الاطراف حول العراق ويشجع بوش على استنفاد جميع الوسائل الدبلوماسية قبل اللجوء الى القوة من اجل نزع اسلحة العراق.
ومن جهة اخرى، اعلن زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ترنت لوت ان تصويتا سيجري مبدئيا خلال الاسبوع المقبل وقبل نهاية الدورة البرلمانية لفصل الخريف يوم الجمعة في 11 تشرين الاول/اكتوبر.
بريطانيا
وتبعت بريطانيا اميركا واعلن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين العراق والامم المتحدة "ليس بديلا" عن "قرار جديد اكثر قوة من مجلس الامن الدولي" ترغب بريطانيا باستصداره.
وقد اتفقت الامم المتحدة والعراق اليوم الثلاثاء في فيينا على ترتيبات عودة مفتشي نزع الاسلحة الى العراق دون انتظار قرار جديد من الامم المتحدة كما ترغب لندن وواشنطن.
وقال سترو في بيان نشر امس "اني ارحب بالعمل الذي قام به هانس بليكس (رئيس المفتشين الدوليين) وزملائه وانتظر بفارغ الصبر التقرير الذي سيرفعه الى مجلس الامن. ومع ذلك، فان عمله ليس بديلا للاولوية الكبرى التي نعلقها على استصدار قرار جديد اكثر قوة من مجلس الامن" الدولي.
وذكرت وزارة الخارجية البريطانية ان بليكس ورئيس الوفد العراقي عامر السعدي، مستشار الرئيس العراقي صدام حسين، سيرفعان تقريرا الى الامم المتحدة بعد غد الخميس.
واضافت الوزارة "لن نعلق بشكل مفصل قبل سماع تقريرهما بالكامل. ان موقفنا معروف، سنواصل التأكيد على ضرورة قيام المفتشين بعملهم في العراق دون اية عوائق".
واوضح بليكس "في ما يتعلق بالوصول الى المواقع، لقد تم التوضيح ان كل المواقع مفتوحة امامهم فورا بدون شروط او قيود" لكنه ذكر بان ترتيبات الوصول الى القصور الرئاسية محددة ضمن مذكرة اتفاق وقعت عام 1998.
واضاف سترو في بيانه "ليس لاي شخص ادنى شك بان اي مبادرة من قبل العراق هي نتيجة الضغط الذي مارسته الامم المتحدة والتهديد الجدي (باسعمال) القوة".
كندا تحذر
من ناحيتها، شددت كندا معارضتها لأي هجوم أميركي منفرد على العراق قائلة إنها ليس لديها أي نية لأن تسير مغمضة العينين خلف واشنطن في تحرك قد يزعزع الاستقرار في مناطق واسعة من العالم.
وكندا حليف تقليدي وثيق للولايات المتحدة ولكنها تخشى أن ضربة أميركية وقائية إلى العراق قد تلحق ضررا شديدا بالأمم المتحدة وهي حجز الزاوية في السياسة الخارجية لأوتاوا.
وقال وزير الخارجية الكندي بيل جراهام إن كندا تؤيد بشكل كامل قرار الرئيس الأميركي جورج بوش الذهاب بقضيته ضد العراق إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يعكف على وضع قرار جديد بشأن عودة مفتشي الأسلحة.
وأوضح بوش أن واشنطن ستتحرك بمفردها إذا اقتضى الأمر لتدمير أسلحة الدمار الشامل التي يقول إنها لدى بغداد. ودأبت أوتاوا على معارضة هذه الفكرة قائلة إن التعامل مع العراق يتعين أن يكون عن طريق الأمم المتحدة.
وفي أشد لهجة يستخدمها وزير كندي منذ تفجر الأزمة قال جراهام أثناء مناقشة خاصة للبرلمان بشأن العراق إن هجوما أميركيا بدون تفويض من الأمم المتحدة لن يكون له أي شرعية بمقتضى القانون الدولي "كما انه يخاطر بزعزعة استقرار النظام العالمي ومن المحتمل ان يدمر مصداقية الامم المتحدة نفسها."
وصفق اعضاء البرلمان الكندي لجراهام وهو يقول "مثلما قال الرئيس (الاميركي الاسبق فرانلكين) روزفلت ذات مرة فان الحرب عدوى. وفي رأيي فانه ليس هناك مكان ينطبق عليه هذا القول اكثر من هذه المنطقة المضطربة من العالم".
وقال جراهام انه اذا قامت واشنطن بعمل منفرد فانها قد تزعزع الاستقرار في الشرق الاوسط وباكستان وافغانستان والهند وماليزيا فضلا عن تعريض امن اسرائيل للخطر.
والهدف الاهم بالنسبة لكندا هو عودة مفتشي الامم المتحدة للاسلحة الى العراق ورحب جراهام بقرار بغداد السماح باستئناف عملية التفتيش قائلا ان العراق ليس امامه خيار سوى التخلي عن اسلحته للدمار الشامل.
واضاف قائلا "هناك من يزعمون ان تغيير النظام هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق تلك الغاية. اذا رفض العراق التعاون فانه قد يتضح انهم على حق."
"لكن مسؤوليتنا امام الكنديين وامام المجتمع الدولي ومستقبل سيادة القانون الدولي هو ان نتأكد من اننا استنفدنا كافة الخيارات الاخرى".
وقال وزير الدفاع الكندي جون مكالوم اثناء المناقشة البرلمانية انه اذا اقتضت الضرورة فان كندا مستعدة لتقديم ما سماه "مساهمة مهمة" في قوة عسكرية دولية.
واضاف قائلا "من الواضح ان الجهود الدبلوماسية تفشل احيانا في تحقيق نتائج وعندئذ يصبح العمل العسكري ضروريا. لهذا يجب الا يظن احد ان كندا ستتردد في تقديم دعم عسكري اذا ارتأت الحكومة ان هذا ضروري".
صدام
وفي بغداد، دعا الرئيس العراقي صدام حسين امس الولايات المتحدة الاميركية الى تغيير سياستها الخارجية تجاه العراق خصوصا والعالم عموما مؤكدا انها "لن تنجح في النتيجة النهائية مهما كانت قوتها عندما تضع نفسها في مواجهة العالم كله".
ونقلت قناة العراق الفضائية عن الرئيس صدام حسين قوله خلال ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء "امام اميركا طريقان اما الاستمرار في طريقها هذا او ان تجيب عن السؤال الذي وجهته عدة شخصيات اميركية: لماذا اصبحنا مكروهين من العالم؟".
ورأى ان "مصلحة الشعب الاميركي تكمن في تعامله تعاملا سلميا مع شعوب العالم لتتوسع مصلحته الاقتصادية وتستقر وتزدهر مصلحته التجارية وبالتالي يحقق الاستقرار والازدهار".
وتساءل الرئيس صدام حسين "ما معنى اعتماد قانون جديد يشكل عقيدة عسكرية جديدة تقوم على اعتماد الضربات الوقائية على اساس حسابات تجريها هي وليس على فعل يقوم به الاخرون سوى وضع العالم كمتهم وتحدد اميركا بنفسها الاتهام وتحدد العقوبة وتوقيتها وطريقتها".
واكد ان "الشعب الاميركي ليس له مصلحة في ذلك ولكن الكيان الصهيوني هو الذي له مصلحة فيه".
واشار الى ان "اسرائيل تعد الوطن العربي كله مجالها الحيوي اضافة الى ما يحيط بالعرب من مسلمين بينما تعد اميركا العالم كله مجالا حيويا في نظريتها" مشيرا الى ان "هذه نظرية تخلق لنفسها الكثير من الاعداء والكثير من المعارضين".
واوضح ان "العراق وافق على عودة المفتشين الا ان طبول الحرب استمرت باعلى اصواتها".
واعتبر ان "السياسة الاميركية الان بالاضافة الى نوياها الشريرة تجاه امتنا والعراق تحاول ان تنوب عن الصهيونية في الاعلام والسياسة لتغطية افعال الصهيونية وجرائمها في فلسطين".