 |
-
” التايفوئيد “يفتك بأهالي مدينة الصدر
”الصباح“ في مدينة الصدر
http://www.alsabaah.com/20040717/research/index.htm
كريم الشامي
الصدر هذه المدينة مترامية الاطراف يخرج اهلها منذ الغبش ليحصلوا على قوتهم اليومي.. اطلق عليها المنافقون اسم مدينة صدام ولم تحصل من صدام ونظامه الدموي غير المقابر الجماعية وتشريد الآلاف من ابناء هذه المدينة الجريحة..
راهن عليها النظام السابق وازلامه .. فقدمت اول ضحية لحربه المجنونة ضد ايران وخرج منها اول قاطع لما سمي بالجيش الشعبي .. وسجل الصليب الاحمر اول اسير في سجلاته منها .. وقدمت الآلاف من المفقودين خلال الحرب المتهورة في الخليج الاولى والثانية..
مدينة كتب عليها القدر ان تكون ضحية لسياسة العنجهية والعدوان.. بيوتها تشبه قبور الاحياء .. ولكنها بقيت وفية لاهلها ولكل الطيبين من بلادي .. ناضلت .. وجاهدت وقدمت الآلاف من الشهداء على درب المسيرة الجهادية .. وها هي اليوم قد تحررت من سلاسل العبودية التي كبلها بها نظام القتلة.. ولكنها لم تتحرر بعد من الفقر والمرض .. ثلاثة ملايين نسمة .. تعادل في مساحتها وكثافتها السكانية محافظتين من العراق .. ولكنها تفتقر الى الخدمات.. الصحية والبلدية والتعليمية .. وكل ما ينسجم مع ادمية الانسان .. انها مدينة الصدر .. كما سماها شعبها.. واهلها.. وناسهاالان .. تيمنا باسم الشهيد الصدر .. “الصباح” تجولت فيها وسجلت بالكلمة والكاميرا ما تعيشه هذه المدينة في جانب واحد من جوانب الخدمات الا وهو الجانب الصحي .
ومع الدكتور الاخصائي قاسم صدام مذخور مدير مستشفى الامام علي(عليه السلام) في مدينة الصدر بدأنا اذ قال:
جميع المستشفيات في بغداد تعطلت بالكامل ولم يبق في هذه المدينة ابان الاحداث ومنذ 9 نيسان 2003 ، الا مستشفانا هذه ، وكنا نستقبل المرضى والمصابين من شتى انحاء بغداد، حتى اننا استقبلنا طفلا مصابا من اهالي الزعفرانية ، جاء به ذووه الى هذه المستشفى على الرغم من ان مستشفيات كثيرة تقع في المنطقة التي تفصل بين مستشفانا ومنطقة المصاب،وهذا يعني بوضوح اننا بقينا نقوم بواجباتنا الطبية في هذه المستشفى فقط واذكر اننا قمنا بمعالجة 140 جريحا في ساعة واحدة فقط وكنا نعمل ليل نهار، والطريف ان احد الاطباء نام اثناء قيامه بعمله.
ورغم محافظتنا على المستشفى بمعاونة اهل المدينة وخاصة رجال الدين الافاضل، فان مستشفانا لم يحظ بالتفات الجهات المختصة لاعادة تاهيله بما ينسجم والدور الذي قدمه ويقدمه لرقعة سكانية كبيرة جدا. في الوقت الذي جرى فيه اعادة تاهيل معظم المستشفيات التي تعطلت عن العمل. ولابد من الاشارة هنا الى ان عددآ من الجمعيات الانسانية وجمعيات طبية اجنبية قد زارت مستشفانا واطلعت عليه وادركت حاجته الى الكثير من الجوانب المهمة وعلى كل الاصعدة التقنية واعدت تقارير في هذه الجوانب كلها.ووعدتنا بتقديم معونات عاجلة لهذه المستشفى، غير انها ذهبت ولم نراها بعد ذلك ولم تقم باي عمل من شانه المساعدة في تاهيل هذه المستشفى.
جناح الكلية لايعمل
اثناء تجوالنا دخلنا جناح الكلية في المستشفى، كان هناك موظف واحد، هو الممرض الجامعي، كريم كاظم، الذي قال للصباح، بان جناح الكلية لايعمل، ولما تساءلنا عن السبب، اضاف قائلا: بانه واثناء سقوط النظام و في الايام الاولى،نقلت اسّرة هذا الجناح وبعض من كوادره الى قسم الطوارئ. بسبب من الضغط الكبير على هذا القسم في وقتها، ولم تعد تلك الاسّرة حتى الان. ونحن اليوم لانستطيع تقديم الخدمات المطلوبة في هذا الجناح المهم، وكل ما نفعله تحويل المريض الذي يراجعنا الى مستشفيات اخرى.
في قسم الطوارىء
وقبل ان نلتقي مسؤول قسم الطوارئ تجولنا في ردهاته، ولم يكن هناك اكثر من”15 “ سريرا غير ان عددا من الراقدين اشاروا الى ان الكادر الطبي في هذا القسم يقومون بعملهم بشكل مرضٍ، وعدوا بعض السلبيات امرآ طبيعيا بسبب الظروف الصعبة الان..
عدنا الى مسؤول هذا القسم، وكان في نيتنا ان نسأل عن اسرة جناح الكلية ولماذا لم يقم القسم باعادتها الى جناح الكلية، ولكن السيد مسؤول الطوارئ، رفض الاجابة على اي سؤال، وقال: بانه ليس مخولا بالاجابة عن اسئلتنا، وانه يجب ان نذهب الى مدير المستشفى، وهنا تذكرت على الفور مبدا تدفق المعلومات. ثم عرضت على السيد مسؤول قسم الطوارئ كتاب وزارة الصحة المرقم 7796 في 29 / 3 / 2004. والخاص باستقبال الصحفيين، غير ان مسؤول القسم لم يقتنع ايضا.
مطبقة من اعدادية التمريض تجري تخطيطا للقلب
في الطابق الثالث، الذي يضم اكثر من ثلاثين سريرا لمرضى مصابين بامراض مختلفة، وعندما دخلنا اول ردهة، وجدنا امرأة شابة ترتدي الصدرية الطبية،التفتت الينا،وطلبت منا الخروج فوراً،لكنها عدلت عن ذلك عندما علمت بأنني صحفي ولديّ تخويل من مدير المستشفى بزيارة هذه الردهات..كانت تجري تخطيطاً لقلب احد المرضى،ولما سألتها عما اذا كانت طبيبة،اجابت،نورة ماجد،كلا،انا لست طبيبة،انا طالبة من اعدادية التمريض،واقوم الآن بالتطبيق،سألتها،وهل اوصى الطبيب المختص باجراء هذا التخطيط؟
فقالت : نعم.!
العجيب ان المرضى قد وضعوا جنباً الى جنب في الردهة الواحدة رغم اختلاف الامراض التي كانوا يعانون منها،فالمصاب بالسكر الى جانب المصاب بالتهاب الكبد الفايروسي،وهؤلاء الى جانب المصاب بالتايفوئيد،وغيرها..ليس لنا سوى التساؤل : كيف يمكن ان يوضع المرضى بهذه الطريقة.الا يعني هذا التسبب بانتقال المرض من شخص الى آخر بالاضافة الى ما يعانيه هو؟
ضغط وخلل
حدثنا احد الاطباء،الذي طلب الاشارة الى اسمه بالحروف الاولى فقط،هو الدكتور”ا.ع.ك “ الذي قال : هناك خلل كبير جداً في مجال توفير الخدمات لكل مريض في هذه المستشفى.وهذا الخلل ناتج عن الضغط اللامعقول على هذه المستشفى اذ ان المقاييس الطبية العالمية التي يجب الالتزام بها،ليست موجودة هنا مطلقاً فمثلاً ان المريض الواحد يجب ان يعطى”15 “ دقيقة للفحص فقط ليتمكن الطبيب من تشخيص المرض الذي يعاني منه على الاقل،فاذا علمنا ان مستشفانا تستقبل يومياً اكثر من”2000 “ حالة مرضية،والعدد الهائل من المرضى يجعل الطبيب يتجنب تطبيق هذا القياس، لأنه اذا قمنا بضرب 15 دقيقة بـ” 2000 “ حالة تتطلب الفحص، فهذا يعني ان هناك 3000 ساعة فحص، وهذا امر مستحيل ، ولهذا يحدث هذا الخلل الذي يؤدي الى عدم أنسياب الخدمات الطبية لكل فرد وكما يجب، هذا اضافة الى ان هناك نقصا حادا في الادوية فضلا عن وجود نقص في الاجهزة الطبية المطلوبة والمتطورة.
فقد جرى تخصيص” 15 “ جهاز اعطاء لكل” 300 “ مريض، وهذا وفي ظل ظروف صحية سيئة للغاية، يجعلنا نضطر الى ، نقل جهاز الاعطاء من مريض لاخر ، وهذا خطأ طبي كارثي ، فنقل جهاز الاعطاء من مريض لاخر يعني بوضوح نقل الامراض فيما بين المرضى مثال ذلك ، انه في ردهة واحدة ، تم نقل جهاز الاعطاء من امرأة مصابة بالتهاب الكبد الفايروسي الى الاخريات ، فانتقل هذا المرض الخطير اليهن جميعا ، وهذا يعطي نتائج معاكسة تماما ، بحيث يتعرض المريض الى الاصابة بامراض اخرى بدلا من حصوله على الشفاء وربما تكون الاصابة اخطر من المرض الذي كان يعاني منه، وانا اخشى ان يتسبب ذلك بازدياد الاصابات بمرض” الايدز “ فقد يكون احد المرضى مصابا بهذا المرض دون ان نعلم ذلك، وهنا اؤكد ان يكون في كل مستشفى مركز لفحص المراجعين والتأكد من عدم اصابتهم بهذا المرض الفتاك.
وردا على سؤال عما اذا كان للدولة دور ما في مواجهة هذه المشاكل الطبية الخطرة ، اجاب الدكتور” إ، ع،ك “ بقوله:
ـ الدولة لم تفعل شيئا حتى الان ، واعتقد بانها لن تفعل شيئا في المدى المنظور ،ربما بسبب الظروف المعقدة التي يعرفها الجميع ، وبهذه المناسبة ، لابد من الاشارة الى موضوع الامن ، فنحن هنا نعاني من انعدام الامن ، وهذا مؤشر سلبي آخر على مستوى الاداء الطبي
كارثة التايفوئيد
معظم المرضى الراقدين في هذه المستشفى يعانون من الاصابة بالتايفوئيد،ويقول السيد فلاح حسن من ذوي المهن الصحية:ان الراقدين في المستشفى من المصابين بالتايفوئيد ليسوا مقياسا دقيقاً لعدد المصابين بهذا المرض في مدينة الصدر. فهناك مثلاً عائلة مكونة من خمسة اشخاص اصيبوا جميعهم بالتايفوئيد، وهنا لا بد من التأكيد على ان تدخل جهات اخرى من وزارة الصحة، اصبح امراً ضرورياً لمواجهة هذه الكارثة، اذ ان مستشفى واحدة فقط لا تستطيع ان تنفقذ عدداً غفيراً من الناس ما لم تكن هناك اجراءات على مستوى عالٍ وتأخذ على عاتقها معالجة الموضوع، ويرى السيد فالح جلوب، معاون طبي، ان السبب الرئيس وراء الاصابة بالتايفوئيد مياه الشرب، فهي ليست صالحة مطلقا للاستهلاك اذ ان شبكة المياه وبعد هذا الزمن الطويل من تأسيسها تعرضت لكسور عديدة وفي اماكن مختلفة من المدينة وخاصة في القطاعات”74-75-76-79-43-32-71 “ وغيرها،مما ادى الى اندماجها مع مياه الصرف.
واذا لم تتم معالجة هذا الموضوع بالذات، فأني اعتقد بأن الجانب الطبي لن يستطيع وحدة الوقوف في وجه هذه الكارثة الخطيرة.
شعبة الاحصاء
السيدان، كاظم عبدالهادي، واحمد محسن، الموظفان في وحدة الاحصاء، قالا بوضوح:
نحن نعتقد بأن الكلام لا يفيد كثيراً، والعمل الجاد والحقيقي والفوري من شأنه وحده الوقوف بوجه” التايفوئيد “ الذي يفتك بأهالي مدينة الصدر، واكدوا على ان معالجة مياه الشرب والسيطرة على انابيب صرف المياه الثقيلة وبشكل فوري، وحده القادر على تقليل الاصابة بهذا المرض ليتمكن الطب من جانبه السيطرة عليه والحد من انتشاره.
وقالا:انه قد اصيب خلال شهر واحد فقط”430 “ مواطناً بالتايفوئيد، منهم”199 “ من الذكور،و”231 “ من الاناث. غير ان هذا العدد هو ما تم تسجيله رسمياً ولا شك ان هناك اعدادا مماثلة ان لم نقل مضاعفة لهذا الشهر.
عودة لا بد منها
حملنا كل هذه المشكلات وعدنا الى مدير المستشفى.الذي علق عليها بقوله: يجب ان نعلم بأن الامراض في العراق بشكل عام تزداد انتشاراً، بسبب التلوث البيئي الخطير الذي يحتاج فعلاً الى وقفة وطنية يتم فيها تعاون الجميع من اجل التخلص او الاثار السلبية الكبيرة..وفيما يتعلق بسؤالكم حول وجود اشخاص يشكون من امراض مختلفة في ردهة واحدة فهذا امر طبيعي، لان ذلك يخضع لعملية فحص المريض والتأكد من المرض الذي يعاني منه، وحين ذاك يتم عزله في قاعة مخصصة لهذا الغرض.خاصة وان بعض هذه الامراض ليس من السهل تشخيصها وربما تحتاج الى زرع للتأكد منها.
اما ما يتعلق بالادوية والمستلزمات الطبية فاقول نعم. نحن في هذه المستشفى نعاني من شحة شديدة فمثلا نحن نزود بمواد طبية تخصص لتغطية 60 يوما وهي في الحقيقة لا تغطي اكثر من عشرة ايام فقط.
مستشفانا تعاني من مشاكل كثيرة يجب ان تحل عاجلاً لتستطيع ان تقوم بدور فعال في مواجهة الاصابات المختلفة بالامراض ومن اهم هذه المشاكل ان المستشفى تعاني من شحة في المياه، فنحن نحتاج الى”2000 “ لتر يومياً، ولا نحصل الا على نسبة 15 % من هذا الرقم..
والامر نفسه ينطبق على الكهرباء، فنحن مشمولون بالقطع المبرمج اسوة بالجميع، ولدينا محولتان فقط، وهاتان المحولتان قديمتان تتعرضان لاعطال مختلفة، وهذا امر خطر بالحقيقة لانه يؤثر مباشرة على المرضى من جهة، ومن جهة اخرى يؤثر على الاداء الطبي وعلى جميع الاصعدة..كذلك نحتاج الى اجهزة طبية مختلفة وخاصة اجهزة”المونيترات “ التي تساعدنا على مراقبة المريض ونحتاج ايضا الى حاضنات للاطفال. كذلك فأن جهاز السكرين عاطل” جهاز تصوير الاشعة “.خاصة وان المستشفى يقدم خدماته لاكثر من مليوني شخص واعتقد ان هذا العدد الكبير يحتاج الى كوادر ومعدات، فضلاً عن توسيع المستشفى نفسها فلا يوجد مثلاً في الطابق الثالث الذي يعد طابقاً مهماً اكثر من ثلاثين سريراً فقط.
ونذكر هنا ان مستشفانا استقبلت عده اصابات بمرض الايدز،واجرينا عمليتين ناجحتين لاثنين من المصابين بهذا المرض الخطير.
========================
موضوع خطير لا بد من العمل الجاد لتسليط الضوء عليه وتقديم المساعدة الممكنه
هل هناك أي إقتراح عملي؟
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |